السلام عليكم ورحكة الله وبركاته
هنا نكمل الجزء الثاني والاخير ...من أعمال ثوابها كقيلم الليل ؟؟
(5) قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في الليل
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : (مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) ([1]) .
قال النووي رحمه الله تعالى : قِيل : مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَام اللَّيْل ، وَقِيلَ :.
: مِنْ الشَّيْطَان, وَقِيلَ : مِنْ الآفَات, وَيَحْتَمِل مِنْ الْجَمِيع اهـ ([1]) .
وأيَّد ابن حجر رحمه الله تعالى هذا الرأي قائلا : وَعَلَى هَذَا فَأَقُول : يَجُوز أَنْ يُرَاد جَمِيع مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَم ، وَالْوَجْه الأَوَّل ورد صَرِيحًا مِنْ طَرِيق عَاصِم عَنْ عَلْقَمَة عَنْ أَبِي مَسْعُود رَفَعَهُ : "مَنْ قَرَأَ خَاتِمَة الْبَقَرَة أَجْزَأَتْ عَنْهُ قِيَام لَيْلَة" اهـ ([1]) .
إن قراءة هاتين الآيتين أمر سهل جدا ومعظم الناس يحفظونهما ولله الحمد ، فحري بالمسلم المحافظة على قراءتها كل ليلة ، ولا ينبغي الاقتصار على ذلك لسهولته وترك بقية الأعمال الأخرى التي ثوابها كقيام الليل ؛ لأن المؤمن هدفه جمع أكبر قدر ممكن من الحسنات ، كما أنه لا يدري أي العمل سيُقبل منه .
(6) حسن الخلق
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ) .
قال أبو الطيب محمد شمس الدين آبادي رحمه الله تعالى : وَإِنَّمَا أُعْطِيَ صَاحِب الْخُلُق الْحَسَن هَذَا الْفَضْل الْعَظِيم ؛ لِأَنَّ الصَّائِم وَالْمُصَلِّي فِي اللَّيْل يُجَاهِدَانِ أَنْفُسهمَا فِي مُخَالَفَة حَظّهمَا , وَأَمَّا مَنْ يُحْسِن خُلُقه مَعَ النَّاس مَعَ تَبَايُن طَبَائِعهمْ وَأَخْلَاقهمْ ، فَكَأَنَّهُ يُجَاهِد نُفُوسًا كَثِيرَة ، فَأَدْرَكَ مَا أَدْرَكَهُ الصَّائِم الْقَائِم فَاسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَة ، بَلْ رُبَّمَا زَادَ اهـ ([1]) .
وحسن الخلق يكون بتحسين المعاملة مع الناس وكف الأذى عنهم.
وصاحب الخلق الحسن من أحب الناس إلى رسول الله r وأقربهم إليه مجلسا يوم القيامة ، روى لنا ذلك جابر t أن رسول الله r قال : (إن من أحبكم إلي ، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ؛ أحاسنكم أخلاقا) ....وسيجعل الله عز وجل لصاحب الخلق الحسن
قصرا في أعلى الجنة ؛ لعظم ثوابه وتكريما له ..
(7) السعي في خدمة الأرملة والمسكين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ ؛ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ)
ويمكن أن تكسب هذا الثواب الجزيل ، لو سعيت في خدمة فقير ، فقدمت أوراقه لجمعية خيرية مثلا ليدرسوا حالته ويعطوه حاجته .
كما يمكن أن تكسب هذا الثواب العظيم ، لو سعيت في خدمة أرملة ، وهي التي مات عنها زوجها ، فتقضي حوائجها ، وهذا ليس بالأمر العسير ، لأنك لو فتشت في أهل قرابتك ستجد البعض ممن مات عنها زوجها من عمة أو خالة أو جدة ، فبخدمتها وشراء حاجياتها تكسب ثواب الجهاد أو قيام الليل .
(8) المحافظة على بعض آداب الجمعة
عن أوْس بْن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ t قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ ، وَدَنَا مِنْ الإِمَامِ ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ ؛ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) .
فخطوة واحدة إلى الجمعة ممن أدى هذه الآداب لا يعدل ثوابها قيام ليلة أو أسبوع أو شهر ، وإنما يعدل سنة كاملة ، فتأمل في عظم هذا الثواب .
وهذه الآداب تتمثل في الاغتسال ليوم الجمعة والتبكير والمشي إليها ، والدنو من الإمام ، وعدم الابتعاد إلى الصفوف الأخيرة ، وحسن الاستماع للخطبة ، وعدم العبث واللغو .
(9) رباط يوم وليلة في سبيل الله عز وجل
روى سلمان الفارسي t قال : سمعت رسول الله r يقول : (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه ، وأمِنَ الفتَّان) ، والفتَّان هو فتنة القبر .
(10) أن تنوي قيام الليل قبل النوم
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ t ، يرفعه إلى النبي rقَالَ : (مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى ، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ) ([1]) .
أرأيت أهمية النية وأنها تجري مجرى العمل ؟ لذلك ندرك خطورة من ينام وهو لا ينوي أداء صلاة الفجر في وقتها ، وإنما تراه يضبط المنبه على وقت العمل أو المدرسة ، فهذا إنسان مصر على ارتكاب كبيرة من الكبائر ، فلو مات عليها ساءت خاتمته عياذا بالله .
أما من نوى قيام الفجر وبذل أسباب ذلك ثم لم يقم ، فلا لوم عليه ؛ لأنه ليس في النوم تفريط ، وإنما التفريط في اليقظة .
(11) أن تُعلِّم غيرك الأعمال التي ثوابها كقيام الليل
فإن تعليمك الناس للأعمال التي ثوابها كقيام الليل وسيلة أخرى تنال بها ثواب قيام الليل ، فالدال على الخير كفاعله ، فكن داعية خير وانشر هذه المعلومات تكسب ثوابا بعدد من تعلم منك وعَمِلَ به .
...انتهى واتمنى لكم النفع والفائدة
دعواتكم ...
المصدر صيد الفوائد