رمضان وحب القلوب للقرآن
إنَّ من نعم الله - جل وعلا - علينا في هذا الشهر، ومن محض فضله أننا نجد في أنفسنا ميلاً، وشغفاً لتلاوة كتاب الله، وهذا الميل يختلف باختلاف وتفاوت درجات العباد في القيام بحقوق الصيام، فمن الناس من يقوم بهذا التكليف حق القيام، ومنهم من يقوم به ويلابسه نوع من التقصير، ومواقعة المعاصي، فهو يخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وعلى حسب درجات العباد وكمالهم في أداء هذه الشعيرة يكون الميل للكتاب، فمقلٌ ومستكثرٌ.
إنَّ هذا الميل القلبي الذي يدفعنا لتلاوة القرءان، يذكرنا بالمأثور عن عثمان بن عفان عثمان وحذيفة بن اليمان، رضي الله عنهما: "لو طهُرَت قلوبُنا ما شبعت من كلام الله".
إنَّ الربط بين هذا الأثر، وبين تلك الرغبة التي نجدها في نفوسنا من ميل لقراءة القران، يدلنا على أن الصوم يحقق لنا في هذه الأيام نوعاً من طهارة القلب تتفاوت بتفاوت درجات الصائمين، وعلى حسب كمال العبد في تعبده بالصوم تحدث له هذه الطهارة.
ومما يدل على حدوث هذا الأثر المبارك، وهذه والطهارة القلبية، أنه صلى الله عليه وسلم قال: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر". [أخرجه احمد والنسائي].
وقيل في معنى (وَحَرَ الصَّدْرِ): غِشُّه ووَساوِسُه.
وقيل: الحِقْد والغَيْظ.
وقيل: العَداوَة.
وقيل: أشدّ الغَضَب.
ومن هنا نعلم أن الصوم يعد وسيلة مهمة من وسائل تطهير القلوب، وتزكية النفوس، ويعد رباطاً وثيقاً، ودافعا قوياً يدعونا للورود على حوض القرآن الوافي، والشرب من معينه الصافي.
إذا تقرر هذا، ثم وقر في نفوسنا أنَّ الصيام طريق للارتباط بالكتاب العزيز، فإنَّ هذا يدعونا لنجعله ديدناً لنا في بقية أشهر السنة من أجل أن يكفل لنا دوام الارتباط بربنا - جل وعلا - فإن أشرف أنواع الارتباط به - سبحانه وتعالى- أن نتلوا كتابه، ونتدبر معانيه، ونعمل بما دلت عليه آياته، ونحث الناس لامتثالها، والعمل بما فيها.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.