لقدت سرَدَت لنا القصص الكثير من العِبَر .. إذ كانت تضمّ من الحكم مازال الكثير منّا يأخذ بها ويجعلها تعضيداً لكلامه ،، وقد اشتهر العرب بالأمثال ، حتى إن الآية الكريمة تقول (كذلك يضرب الله للناس أمثالهم) !!
فحكمةٌ بليغةٌ ، وذات مغزىً بليغ ، هي قصة مثالنا لهذه الحياة .
قيلَ أن لقمان الحكيم ، كان قد إشتهر وذاع صيته في شتى مجالات الحكمة وقد سُمّي لقمان الحكيم ، وأظنه (أنا شخصياً) هو نفسه العبد الصالح لقمان بن عاد (كما وردت في بعض الروايات)، والذي ورد ذكره في الكثير من الأساطير العربية القديمة (الميثولوجيا) وحكاوي شعوبها ، وهي ليست المجوسلوجيا !! .. فأولئك ما ورد منهم أبداً ، إلاّ الشر ! : )
نعم ..
فلقد قيل أن لقمان الحكيم كان قد تشاطر عليه رجل إسمه (كمّون) قد بلَغَ من العلم لابأس به ، وقد بلغَ كرهه للقمان كونه صار عنده قاعدة شعبية قوية وتأييد جماهيري واسع ، فصار يتحدّى لقمان الحكيم للتخلّص منه ومن قاعدته !!
جاء ذات يوم ( كمّون) ، وقال للقمانَ الحكيم :
- يا لقمان سأصنعُ سُمّا وأسقيكَ به ،، وتصنَعَ سُمّاً وتسقينني به !! ولنرى أيُّنا أبرَعَ من الآخر ، وأيُّنا أقوى سُمّا ؟؟
ما كان من لقمان إلاّ الموافقة ، لأنه على يقين من أنه الأبرع لِما كانَ لديه من علم ودراية يمكّنانه من الوثوق بعلمه وبإعتداد وإيمان قويين ثابتين .
- قال موافق يا كمّون ، لكَ ما طلبت !
- فسارع (كمّون) بالقول ، سأبدأ أنا أولاً.!!
- قال لقمان ، لكَ ما طلبت ، أيضا !
ذهب كمّون لبيته ، وأحضر السمّ في اليوم التالي ، وأعطاه للقمانَ ، فشربه لقمان سريعاً ، ثم ذهب كمّون لبيته ينتظر النتيجة لفعل السم الذي صنعه بأخبثِ الطرق حتى لا يتمكن لقمان من إيجاد الترياق المضاد له .
ثم تقول الحكاية ، أن لقمان نزع ملابسه ، ثم قام بتجريح جسمه من أماكن عدّة ، ثم طلى جسمه بالدبس ، أو العسل ، ثم خرج إلى العراء وألقى بنفسه عند (مزبلة أوساخ) ـ أجلّكم الله ـ ليتجمّع الذباب والحشرات على جسمه المطلي العسل !!
فامتصت الحشرات والذباب من جسم لقمان كمية من الدم كافية لإستبداله بدم جديد !! وبهذه الطريقة الحكيمة قد عالج التسمم بواسطة التجريح (الحجامة) و(الدبس) هنا يُعتبر طعم للذباب !! كي يجذبه ، ثم ليقوم بإمتصاص دمه المُسمّم ، والذي هو أشهى عند الذباب من طعم العسل !
فلبث لقمان مُلقىً هناك ماشاء الله أن يلبث ، ثم تململَ بعد حين ، فقام صحيحاً مُعافى ، ورجع إلى بيته ،، والتزم الصمت!
سَمِعَ (كمّون) بخبر نجاة (لقمان الحكيم) من الضربة السُمّية التي وجهها إلى كامل الأراضي اللقمانية !!
يوم ، يومين ، إسبوع وإسبوعين !! .... ولقمانَ مُعتكفٌ ببيته كعادتهِ ، يشتغلُ بأموره المٌعتادة !
بلغَ الإنتظار قرابة الشهر وكمّون يتلضّى على نار مُحرقة !! ، فبلغَ بهِ الحنق إلى أن جاءَ إلى لقمان ..!!
- وطرق بابه ليقول له (ها ؟؟ ... متى تسقيني السم ؟) .
- أجابه لقمان بكل برود أعصاب ، أسقيكَ ، أسقيكَ يا كمّون!! .. أي سأسقيكَ فلا تستعجل ! ولقمان يهز رأسه بهدوء ، إشارة منه بالإيجاب ، وإن أمركَ جداً سهل وأن الطبخة قريبة : )
رجع كمّون بين الفرح والترح!! ينتظر ذلك اليوم ، ليفهم!! ، ليُحظّر!! ، وأين ستكون ضربة السم المُخصصة ؟ .. للقلب ؟ .. للأعصاب ؟ .. للمُخ ؟ ... فضاقت ثم احتارت به الأفكار والظنون !
مكث فترة ، ثم جاء للقمان وطرق بابه !!
- أيا لقمان ؟؟ ... متى تسقيني ؟ ... متى تسقيني يالقمان ؟؟ !!
- أجابه : أسقيك ياكمّون ،،، لا تستعجل ! ويهزّ رأسه إيجاباً .
- كمّون : يا لقمان أنت توعدني وتخلف ،، فمتى يكون موعدك ؟
- لقمان : أسقيك يا كمّون .....(كالعادة : )
وهكذا قد بلغت المرات الكثيرة بـكمّون ، حتى بلغت روحه وخرجت من الخوف والرعب والترقّب وعدم تصوّر الخلطة ، بل وأين ستكون الضربة ،، فلقد مات كمّون من الهم والنكد ...........(رجاءاً بدون ضحك)
للأمانة الميثولجية والفلوجية ، أنا هنا أقهقه ضحكاً ، وفرحتُ بموت كمّون بهذه الطريقة البشعة !!
وهكذا وبكل حنكة وحكمة استطاع لقمان الحكيم أن يقتل كمّون الذي تجرأ بعلميته التي بهرته فقتله هماً وقلقاً وذهب عقله رعبا !! وذهب علمه حسرات ، دون أن ينفعه ، أو حتى يستخدمه !
((يَحْسَـبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ))
وستفسح لها الآفاق نائيةً ! ... فاضرب بها الأهداف غضبانا
أو قد تحمل أجوائنا حُمماً ... نقذف بها العادينَ تغلي ونيرانا
ويلك يا كمّونَ من يوم غدٍ ... إن زُلزِلَ الكوكبُ المحزون إيذانا
تعصفُ كالبرق كأنها لضىً ... دمارٌ يهزُّ عرش إبليسَ بركانا
لا ترجفي يا أمتي وابشري ... فالقادم الآتي أنباءاً .. وألحانا
هكذا ينتهي كمّون !
وهكذا ينتهي الصبر بالظفر
ممّا قرأته ..