إذا أراد الرئيس بوش أن يكون الوسيط والحَكم في الحرب الشرق-أوسطية اللانهائية، فلن يكون أمامه أي خيار سوى التحرك، قريباً، باتجاه المركز...
يعود رئيس الحكومة، أريئيل شارون، من المهجر، اليوم، منتصرًا ومكللاً بأكاليل الغار. فهو لا يزال يتلقى دعم جورج بوش، وفق ما تفيد به تقارير الصحفيين. وحسب ما يقوله رجال شارون والمراسلون، بات جورج بوش ينفذ كل ما يقوله شارون. وباستثناء كلمة هنا وجملة هناك، يبدو أن هناك اتفاقـًا مطلقـًا بينهما. (هل شاهدت كيف ربت الرئيس بوش على كتف شارون تعبيرًا عن الصداقة، بل عن الحب؟ وهل سمعت الكلمات الودية التي قالها شارون لبوش، عندما اختلطت أوراق الخطاب بين يديه؟ لقد كان المشهد رائعًا!).
لم يسبق لـ"أكبر صديق لإسرائيل" في أمريكا أن بدا بهذه العظمة.
أولاً: من المهم ومن المناسب والمطلوب أن يقف الرئيس الأمريكي إلى جانب دولة اسرائيل؛ لأن الاحتمال الثاني، أي وقوفه ضدها، هو أسوأ من كل النواحي.
ثانيًا: يعرف كل سياسي أنه في السياسة، بشكل عام، لا وجود للعبة "المجموع صفر"، أي أن أكبر صديق لي هو عدوك المطلق. فالولايات المتحدة الأميركية تقوم، اليوم، بدور الوسيط في الصراع غير المنتهي في الشرق الأوسط، وإذا أرادت، وأراد الرئيس، أن يكونا الوسيط والحَكم في هذه الحرب اللانهائية، فلن يكون أمام بوش، واشنطن أو الولايات المتحدة أي خيار آخر سوى التحرك، قريباً، باتجاه المركز، نحو موقع الوساطة والحكم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
عندما يتحرك الرئيس من النقطة المتطرفة التي يتواجد فيها الآن ("أكبر صديق لإسرائيل")، إلى نقطة الوسط، ستعتبر جهات كثيرة هذه الخطوة بمثابة خيانة لإسرائيل. وفي هذه الأثناء، لا تبدو الأمور كذلك (اليد التي تربت على الكتف، والملاحظة الودية)، لكن كلما مرت الأيام والليالي، وحتى لو مرت الانتخابات الأمريكية بسلام، توجب علينا أن نتوقع وقوف بوش في موقع الحَكم الموضوعي الحيادي، ليحسم الحكم ويتخذ قرارًا. وعندها، كما يبدو، سيتذكر الكثير من الناس تلك اليد المربتة على الكتف، وتلك الملاحظة الودية. سيدي الحَكم، يا سعادة القاضي، هذه هي الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة.
(15:31 , 31/07/2003)
إيتان هـَبـِر
صحفي وكان سابقاً مدير مكتب رئيس الحكومة الراحل، يتسحاق رابين