قال النبى -
صلى الله عليه وسلم- لأصحابه ذات يوم"
يأتي عليكم أويس بن عامر
مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ،
كان به برص فبَرَأ منه إلا موضعَ درهم
له والدةٌ هو بـها بـرٌّ ،
لو أقسم على الله لأبره ،
ياعمر إذا رأيته فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "
"فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم:
أفيكم أويس بن عامر
حتى أتى على أويس رضي الله عنه،
فقال له: أنت أويس بن عامر؟
قال: نعم.
قال: من مراد ثم من قرن؟
قال: نعم.
قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟
قال: نعم.
قال: لك والدة؟
قال: نعم.
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن
كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم
له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره،
فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل،
فاستغفر لي،
فاستغفر له،
فقال له عمر: أين تريد؟
قال: الكوفة.
قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟
قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي .."
فيا أحبابي ..
ما نال هذه المنزله أويس بن عامر رضي الله عنه -أنه لو أقسم على الله لأبره- إلا ببره بوالدته رضي الله عنه .
كم دعاء دعوت الله فلم يستجب لك ؟ لماذا لم يستجب لك ؟
لعلك عاقً لوالديك ,
لعلك رفعت صوتك يوم من الأيام على أحدهما .
وهذا أحد العلماء ، وهو كَهْمَس بن الحسن الحنفي البصري .
وكان رحمه الله بـرّاً بأمه ، فلما ماتت حج ، وأقام بمكة حتى مات .
فماذا بلغ من بِـرِّه ؟
قيل : إنه أراد قتل عقرب فدخلت في جحر ، فأدخل أصابعه خلفها فضربته ، فقيل له . قال : خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي تلدغها !
تلقّى لسعة العقرب بدلاً من أمـه !
ومن أجل ذلك بكى الشعراء أمهاتهم
بكى الشعراء آبائهم لِمَا كانوا يرجون من بِرِّهم والإحسانِ إليهم ،
ومن أجمل من رثى وبكى والديه الشاعر عمر بـهاء الدين الأميري ،
وما قالَه في والدَيْه :
أبتي وأمي موئلي ومَنـاري*بكما اعتزازي في الورى وفَخَاري
يا شعلتين منيرتين أضـاءتا*قلبي الفَتِيَّ بأبـهجِ الأنــوارِ
يا مقلتينِ من الكرى قد فَرّتا*سهراً عليّ مخافـةَ الأكــدار
ما كنت أحسَبُ قبل تـركِ*حِماكُما أني أحبُّكما بذا المقـدار
وقال في شأن أمِّه :
أنتِ التي داريتِني فَنَمَوتُ في*أحضان عطفِكِ خاليَ الأكدار
أنتِ التي أنشدتِني لحنَ الوفا*وسهرتِ من أجلي إلى الأسحار
أنتِ التي قبّلتِني وبَسَمتِ لي*وضممتِني وأنا الصغير العاري
أنت التي لقَّنتِني آي الهدى*والحبَّ والإحسانِ واسمَ الباري
أرشدتِنِي ونصحتِني ومنعتِني*وعدلتِ بي عن منهج الأشرار
ولما ماتتْ أمُّه بكاها ورثاها ، فلامُه بعضُ أصحابه ، فقال :
يا صحبُ لا تعذلوني في البكاء وقدْ*فقدتُ أمي ، فقلبي ليس من حجرِ
قلبي قـد انتزعت منه حشاشتُـه*في فجأةٍ ، والردى لونٌ من القدرِ
ودّعتُها قبل شهـرٍ في ارتقابِ غدِ*اللقيا وعِشنا معاً بالروحِ في سفري
وعدتُ في لهفةٍ حرّى لأصحبَهـا*فما لها لا تُناديني : هلا عُمـري
ولا تمـدُّ يـداً نحـوي تُعانِقني*ولا تُساءل عما جـدَّ من خَبري
وهذا أحد السلف لما ماتت أمه بكى قالوا ما يبكيك وأنت أنت؟
قال باب من أبواب الجنة أغلق عني
فأبكي لأجله .
فيا أحبابي ..
لنراجع أنفسنا مع والدينا ..
قبل أن يأتي يوم نتمنى فيه رؤيتهم ولا نراهم .