[align=center]
هل عقل الذبابة أذكى أم أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة – سبحان الخالق- ؟
لو أن ذبابة طارت في سرداب ثم وجدت الطريق يتفرع إلى طريقين واحد به ضوء و الآخر مظلم فغالباً ما ستتجه إلى الضوء .
و لو أننا صممنا ريبوتا ليمشي في ذاك السرداب و تفرع الطريق عليه فيمكن أن نضع له خلية استشعار ضوئي و نبرمجه ليتجه إلى الطريق الذي فيه ضوء.
لكن المشكلة هنا لو أننا فرضنا أن الطريقين فيهما ضوء بنفس نسبة التساوي و لا ترجيح .
فالذبابة هاهنا تتردد و قد تمكث برهة تفكر أي الطريقين تأخذ
لكن أنظمة الذكاء الصناعي تعتمد على البرمجة الشرطية فلو أنها ترددت لأقل من لحظة لسقطت في حلقة دائرية لا نهاية لها و توقفت الآلة عن العمل(!)
قد يتم معالجة ذلك برمجيا في هذه الحالة لنجعل الريبوت يختار عشوائيا بلا تفكير فإنه آلة لا تفكر و لا تفهم و لا تعقل و لكن إذا تصورنا مجابهته لكل متغيرات و عوارض الحياة فسيكون من المستحيل برمجته لمجابهة العالم بمثل مهارة الذباب
لكن الذبابة تفهم و تتعايش و تتواصل و تتأقم و تفكر
سبحان من خلق الذباب و لا نعرف كيف يفكر
ثم ما حجم عقل الذبابة و كيف يحوي هذا الكم من الأنظمة و المعلومات التي تتيح له السعي على رزقه و بناء أعشاشه بل و التواصل مع فصيلته و التزاوج و البناء و البيض و رعاية الأطفال (!)
ثم ما هذه الأنظمة الكيماوية و الميكانيكية و العصبية و العضلية المعقدة في غذائه و بنائه و هضمه بل و لسانه الذي يخرجه و يدخله دائما كأنه يغيظك و يستفزك ثم لا تستطيع أن تمسكه
فما أعجب أنظمة إبصاره و آلات طيرانه و رشاقة أرجله و اتساق أرجله و مرونة مفاصله
يقول العلماء إن للذباب ستة أعين مركبة كل عين مكونة من آلاف العدسات السداسية. وتوجد في عيون ذبابة المنزل نحو 4,000 عدسة، تعمل كلّ عدسة مــنها بشكل منفصل، بحيث لا توجد عدستان في نفس الاتجاه. ويبدو أنه يتم تقسيم الجسم الذي تشاهده الذبابة إلى أجزاء صغيرة. ولعل ذلك ما يفسر أنها سريعة الملاحظة لأية حركة.
و قد ذكرت مجموعة بحثية في الولايات المتحدة الأمريكية أن مقدرة الذبابة على تفادي الضربات تعود لدماغها سريع التصرف والمقدرة على التخطيط مسبقاً. وأظهر تسجيل فيديو عالي السرعة أن الذبابة تتعرف على المصدر الذي يأتي منه الخطر وتعد لمسار الهروب. و صور الباحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا مجموعة من محاولات إصابة الذباب، حيث اكتشفوا أن الذبابة تضع نفسها في موضع "ما قبل الطيران" بسرعة كبيرة خلال جزء من عشرة أجزاء من الثانية من تعرفها على الشخص الذي يستهدفها. فسبحان الذي أعطى للذبابة هذه القدرات.
تتعجب لو علمت أن الذبابة تضرب أجنحتها بسرعة عالية جداً حوالي (200-400) ضربة كل ثانية.
وتتحكم فيها أزواج من العضلات القابضة و الباسطة التي تعمل في تبادل و اتساق عجيب يفسر هذه الحركة السريعة جدا
إنه رقم كبير جدا أعجز عقول العلماء في تفسير ميكانيكية حركته إنها تتحرك ببهلوانية و انسيابية عالية جدا جدا لا يمكن تخيلها في آلة مصنوعة مهما بلغ تعقيدها.
و إن إبداع خلق الذبابة و جناحيها و كفاءة طيرانها يفسر قدرتها على الطيران عموديا و دائريا بل و إلى الوراء
وعلى الرغم من أن البشر قد نجحوا في إنشاء نموذج لطائرة صغيرة بحجم عصفور، فلم يقم أحد بعد ببناء طائرة بحجم ذبابة قادرة على الطيران بنفس الطريقة.
و باءت كل المحاولات بفشل زريع لإنتاج ريبوت في حجم الذبابة ليصلوا لإنتاج ريبوت عاجز حتى عن أداء واحد على عشرة من قدرة الذباب في المحاورة و الطيران و منها محاولات البروفيسور ( رونالد فيرينغ ) أستاذ الهندسة الإلكترونية في جامعة كاليفورنيا التي تعد من أفضل المحاولات و أكثرها إثباتا للعجز أمام قدرة الذباب على الطيران فقط..
إن لِلِزُوجة الهواء أهمية كبيرة في مثل هذه الأحجام الصغيرة، لكونها تخمد أنواع التدفقات الهوائية التي تُبقي الطائرات الكبيرة محلقة عاليا. و إن وزن و حجم الحشرة نسبة إلى جناحها الضعيف الصغير يعد لغزا أعجز العلماء عن تطبيقه فقد واجه العلماء صعوبة كبيرة في تفسير الديناميكيات الهوائية للكيفية التي تولد بها الحشرات القوى اللازمة لبقائها محلِّقة في الأعالي.
حتى أنه قيل أن بعض علماء الهندسة الذين عكفوا على تفسير طيران النحل ميكانيكيا و رياضيا وجدوا أن حساباتهم الرياضية عن لزوجة الهواء و الجاذبية و وزن النحلة نسبة إلى وزن و حجم جناحها تؤكد أن طيرانها أمر معجز و غير مستطاع وفق قوانين الميكانيكا و الرياضيات .
حتى تحولت هذه الحكاية إلي سخرية في المثل الشعبي الذي يروى عن العلم و يقول
«أحد العلماء "أثبت" أن النحلة الطنانة لا تستطيع الطيران»
و يكفي لك أن تعلم أن أكثر أنظمة الطيران حداثة و تعقيدا المستخدمة في طائرات البوينج 747 ومقاتلات الشبح يعتمد في تصاميمها ووظائفها على مبادئ الحالة المستقرة steady-state principles؛ بمعنى أن تدفق الهواء حول أجنحتها والقوى المتولدة الناتجة من هذا التدفق تبقى ثابتة مع الزمن. أما الحشرات فيكمن في أن أجنحتها أن تخفق flaps وتدور rotate بسرعات عالية جدا في الثانية الواحدة . ويخلق نموذج التدفق الهوائي هذا قوى ديناميكية هوائية أعجزت الرياضيين و علماء الهندسة و الميكانيكا تفسيرها
و قد اكتشف العلماء أن النهايات السطحية والأوردة الموجودة على الأجنحة بها شعيرات حساسة جداً مما يسهل عليها تحديد اتجاه الهواء والضغوط الميكانيكية عند القلاع وتنبسط عند الهبوط،
إن عجائب جناح الذبابة فقط لا تنقضي .
فإن الأعجب من كل الذي مضى أن الله جل و علا جعل في جناحي الذباب الداء و الداء.
فإذا وقعت الذبابة في إناء أحد فالأمر المنطقي الذي يأتي على الذهن للوهلة الأولى أن غمس الذباب في الشراب سيؤدي إلى تلوثه و الزيادة من أعداد الجراثيم فيه ، و لكن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لا ينطق عن الهوى يخبرنا بعكس ذلك تماما ً،
قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – في الحديث الذي رواه البخاري : )) إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ، ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء(( .
و هذا ما تؤكده النتائج المخبرية الحديثة (!) ، حيث تؤكد أن الذباب إذا سقط ثم طار فان أعداد الجراثيم تبدأ بالازدياد نتيجة الانقسام و التكاثر، بينما إذا غمس ثم رفع فان أعداد الجراثيم لا تزداد و لا حتى تبقى كما هي ، بل تبدأ بالتناقص ،
إن حقا أحقر أنواع الذباب لأية يعجز العقل البشري عن فك أكثر ألغازها بأحدث وسائل علم اليوم
فقولي لي بربكم ما العملية التي تجرى في عقل ذبابة حين تعجب ذبابة ذكر بأخرى أنثى و يسعى لها دون أخرى رآها
ثم كيف تبدي الأنثى القبول بل كيف تتردد أتقبل هذا الذكر أم ذاك مع كثرة الخاطبين
إنها تفكر و تتردد و أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تفهم و لا تفكر و لا تتردد
إنها تشعر و تتأثر و تتعارف و تتكاثر و تنموا و تكبر و تحيا و تموت و تأكل و تشرب
و أكثر أنظمة الحاسب حداثة و تعقيدا لا تفعل شيء من ذلك
إن أنظمة تخزين هذا الكم من البيانات و استدعائها و إداراتها في مساحة لا تتعدى ملي ميكرون في رأس ذبابة لأمر يعجز العقل عن فهمه فضلا عن تقليده
إذا علمتم أن وزن دماغ الذبابة يبلغ واحد من مليون جزء من الغرام ! و هو يعمل بأعلى كفاءة ،
بل إن كل خلية واحدة في الذبابة تحمل قاعدة بيانات عملاقة تسمى DNA لا يعرف البشر واحد على مليون من أسرارها
ثم كيف تم بناء هذه الشيفرة الوراثية بهذا الإحكام و التدبير في حجم صغير جدا جدا جدا لا تراه أي ميكروسكوبات ضوئية في العالم
و في الذبابة إضافة إلى هذا الدماغ المذهل جملة من الغدد التي لها وظائف غاية في الدقة ،
و العجيب كذلك أن علماء اكتشفوا أن للذباب ذاكرة ، كما أن لها قدرات مذهلة في تصنيع المضادات الحيوية و مقاومة السموم .
و للذباب طريقة عجيبة معجزة في تناوله لطعامه فقد أثبتت الدراسات و الأبحاث الحديثة أن الذباب يقوم بعمل عملية هضم خارجي للطعام ، فباقي الكائنات تهضم الطعام في البداية هضما ًميكانيكيا ًبتقطيعه إلى قطع أصغر دون إحداث أي تغيير على التركيب الكيميائي للطعام ، ثم تدخله الى جوفها لتتم عملية الهضم الكيميائي ، أما عند الذبابة فإنها تقوم بعملية الهضم الكيميائي خارج الجسم فهي تفرز لعابها بواسطة أنبوب على الطعام ، و تعمل العصارات الهاضمة الموجودة في اللعاب على تحويل مكونات المادة المراد التغذية عليها من مواد معقدة التركيب – مثل المواد الكربوهيدراتية – إلى مواد بسيطة التركيب ، ثم تدخل هذه المواد المهضومة خارجياً إلى داخل الجسم عبر الأنبوب لتسير في الدورة الدموية إلى جميع الخلايا ،يقول ربنا جل و علا (( و إن يسلبهم الذباب شيئا ًلا يستنقذوه (
يكفي لتعلم تعقيد هذا المخلوق الضعيف و عجز البشرية عن الإحاطة بعلمه فضلا عن خلقه أن نقول إن عدد الأبحاث التي ألفت حول الذباب يبلغ أكثر من عشرة آلاف بحث ، لتملأ مئات الموسوعات و لا يزال يقول العلماء : إننا لا نزال نجهل الكثير عن هذا المخلوق العجيب .
قال الله تعالى: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73(.
يبدأ قول الله تعالى بالنداء العام (( يا أيها الناس )) ، و يعلن لهم أنهم أمام مثل عام يضرب ، لا حالة خاصة و لا مناسبة حاضرة (( ضرب مثل فاستمعوا له )) ... هذا المثل يضع قاعدة و يقرر حقيقة (( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ًو لو اجتمعوا له )) ... كل من تدعون من دون الله من أصنام و أوثان ، و من أشخاص و قيم و أوضاع ، و من أمور تستنصرون بها من دون الله و تستعينون بقوتها و تطلبون منها النصر و الجاه ... كلهم (( لن يخلقوا ذبابا ًو لو اجتمعوا له)) . . .
تظهر هذه الآية مدى عجز الناس و كل الأمور التي يعتبرونها ذات قيمة من آلهة و قيم و علوم تجريبية و غيرها ، فالله سبحانه و تعالى يتحداهم بالإتيان بمثل هذا المخلوق الذي لا قيمة له ، و مع ذلك يعجزون كل العجز ، لم يتحداهم الله بخلق فيل أو حوت إنما هي ذبابة فقط لا غير! وتمر الأزمان و العصور و تكون النتيجة دوما ًهي عجز الناس و فشلهم في هذا التحدي ...
و لا عجب في هذا فان المعجزة في الذباب هي ذات المعجزة في غيرها من المخلوقات ، إنها معجزة الحياة ، و لكن لماذا اختار الله عز و جل الذباب بالذات لضرب المثل به دون سواه من المخلوقات الأخرى ؟ السبب الرئيسي يظهر بوضوح و هو إظهار مدى عجز الناس و ضعفهم لأن العجز عن خلق الذباب الحقير الصغير يلقي في النفس الشعور بالضعف أكثر مما يلقيه العجز عن خلق الجمل أو الفيل ،
و في عصرنا الحاضر يظهر سبب رئيسي آخر و هو التصميم المذهل لهذه الذبابة ... فقد وجد العلماء أن تركيب الذباب معقد جداً ، ويستخدم تقنيات معقدة في طيرانه وحياته ، ولذلك فهم يعترفون اليوم أنه ليس باستطاعتهم حتى تقليد الذباب في طيرانه المتطور على الرغم من التطور التكنولوجي
بل التحدي أكبر من ذلك كما جاء في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُق كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّة فَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَة "
و الله المستعان و عليه التكلان و هو حسبنا و نعم الوكيل
ـ ـ ـ منقووووول ـ ـ ـ
[/align]