مكانة يوسف عليه السلام وأخلاقه التى جعلته على خزائن الأرض
لقدمن الله على يوسف عليه السلام بمنن كثيرة جعلته موضع تقديرمن كل المحيطين
به ومن أهم وأجل هذة المنن :
حب أبيه له ، فقد كان يوسف أثير عند أبيه مقربا اليه أكثر من سائر اخوته ،يخصه بقسط كبيرمن الرعاية والحب، وذلك ما بينته آيات القرآن الكريم قال تعالى :
"لقدكان فى يوسف اخوتهءايات للسائلين اذ قالوا ليوسف وأخوه أحب الىأبينا
منا ونحن عصبة ان أبانا لفى ضلال مبين " " يوسف 7- 8" .
ان يعقوب عليه السلام أدرك مكانةيوسف عليه السلام وماينتظره من المجد عندما
قص رؤياه ، وهذا ما بينه القرآن فى قوله :
"اذ قال يوسف لأبيه ياأبي انى رأيت أحدعشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين قال يابنى لاتقصص رؤياك علىاخوتك فيكيدوالك كيداان الشيطان للانسان عدومبين وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل ابراهيم واسحق ان ربك عليم حكيم "
" يوسف 4-6 "وهذا يدل علىأن الله عزوجل قدأعديوسف لأمور عظام.يقول الرازى " يعنى وكمااجتباك بمثل هذةالرؤياالعظيمةالدالة على شرف وعز وكبر شأن كذلك يجتبيك لأمور عظام ، وقال آخرون:المراد منه اعلاء الدرجة وتعظيم المرتبة " وفى معنى قوله تعالى:" ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب "يفسر البعض اتمام النعمة ههنا بسعادات الدنيا ، وسعادات الآخرة .
أماسعادات الدنيافالاكثارمن الأولادوالخدم والأتباع والتوسع فى المال والجاه والحشم واجلاله فى قلوب الخلق وحسن السناء والحمد ، وأما سعادات الآخرة : فالعلوم الكثيرةوالأخلاق الفاضلة والاستغراق فى معرفة الله تعالى،وقول آخر ان المراد من قوله تعالى"ويتم نعمته عليك" خلاصه من المحن،ويكون وجه التشبيه فى ذلك بابراهيم واسحق عليهماالسلام هوانعام الله تعالى علىابراهيم بانجائه من النار وعلى ابنه اسحق بتخليصه من الذبح . وأجل نعمة باعتبارها النعمة الجامعة لكل النعم وهى النعمة التامة فى حق البشر هى نعمة النبوة .
اذا كان يعقوب عليه السلام قد عرف مكانة يوسف فان كبير مصر الذى اشتراه قد
عرف أيضامكانته فأوصىباكرامه وحسن رعايته وقدمكن الله له فىالأرض قال تعالى:
"وقال الذىاشتراه من مصر لامرأته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا
وكذلك مكناليوسف فىالارض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن
أكثر الناس لا يعلمون " " 21 سورة يوسف " .
يقول صاحب الكشاف : " أكرمى مثواه " اجعلى منزله ومقامه عندنا كريما :
أى حسنا مريضا بديل قوله – انه ربى أحسن مثواى – والمراد تفقديه بالاحسان
وتعهديه بحسن الملكة حتى تكون نفسه طيبة فى صحبتنا ساكنة فى كنفنا " عسى
أن ينفعنا"لعله اذاتدرب وراض الأمور وفهم مجاربهانستظهربه على بعض ما نحن بسبيله فينفعنافيه بكفايته وأمانته،أو نتبناه ونقيمه مقام الولد ، وكان قطفير عقيما لا يولد له ، وقد نغرس فيه الرشد فقال كذلك " مكنا " له :
أىكما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز، كذلك مكنا له فى أرض مصر وجعلناه ملكا
يتصرف فيها بأمره ونهيه"ولنعلمه تأويل الأحاديث" كان ذلك الاتجاه والتمكين لأن غرضنا ليس الا ما تحمد عاقبته من علم وعمل " والله غالب على أمره " على أمرنفسه لا يمنع عما يشاء ولا ينازع ما يريد ويقضى ،أو على أمر يوسف يدبره لا يكله الى غيره،قدأراد اخوته به ماأرادوا ولم يكن الا ماأراد الله ودبره ،
"ولكن أكثر الناس لا يعلمون" أى الأمر كله بيد الله ، والأشد ثمانى عشرة سنة وعشرون وثلاث وثلاثون وأربعون وقيل أقصاه سنتان وستون"وحكما"حكمةوهو العلم بالعمل واجتناب مايجهل فيه،وقيل حكمابين الناس وفقها"وكذلك نجزىالمحسنين"
تنبيه على أنه كان محسنا فىعمله متقيافى عنفوان بأمره،وأن الله أتاه الحكم والعلم جزاء على احسانه " .