بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم الانفتاح على الحضارات الأخرى:
لا مانع من الانتفاع من علوم الحضارات الأخرى شرعاً، وقد وردت قصص كثيرة في العهد الذهبي للدولة الإسلامية في الأخذ من الإختراعات العلمية لغير المسلمين، من ذلك حفر الخندق في غزوة الأحزاب، وتدوين الدواوين في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثم بعد ذلك ظهرت حركة الترجمة في عهد الدولة العباسية إلا أن في الدولة العباسية لم تكن هناك ضوابط في الترجمة، فترجمت جميع الكتب بدون مراعاة لمدى توافقها مع العقيدة الإسلامية، فترجمت كتب فلاسفة اليونان ومناطقتهم حتى وقع الناس في مشابهة عقائد الوثنية.
ولذلك لابد من التأكد من عدم مخالفة الإسلام عند الإنفتاح على الحضارات الأخرى.
- الأخذ بالإعتبار أصول هذه العلوم (علوم الطاقة):
علينا أن نعرف بأن كل إنسان عندما يتكلم بأسلوب أدبي، أو أسلوب علمي متأدب فإنه ولابد يخلط معه ثقافته الخاصة به، وأعني بثقافته : نمط حياته الإجتماعي، العادات والتقاليد في بلاده، ديناته. فهو وإن لم يقصد إدراج معتقداته في كلامه، ولذلك تجد بعض الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا من علماء اليهود ككعب الأحبار كان يتكلم بقصص من التوراة لا تتعارض مع الإسلام.
ولذلك فإن هذه العلوم قد نشأت في بلاد وثنية (بوذية - هندوسية - غيرها) فإن الدارس المتعمق يجد في ثنايا كلام المؤسسين لهذه العلوم عبارات لها علاقة بالديانات التي ينتمون إليها، حتى وإن لم يقصدوا إدخال المعتقدات في الموضوع، لأن الأمر علمي بحت.
ونحن باعتبار أننا لانتبع تلك الديانات علينا التنبه لمثل تلك العبارات، ولانكون مقلدين في عبارات قد تخدش في صفاء عقيدتنا البيضاء النقية.
ولذلك تجد الماستر ديفد إف. فنيس في كتابه (الريكي للمبتدئين) يقول : « إن تاكاتا حرفت في قصة اكتشاف أوسوي للريكي بما يتناسب مع العقلية الغربية؛ ولولا ذلك لاتهمت وقتها بالوثنية ». فإذا كان يقول « وثنية » فماذا نقول نحن ؟!
- التعامل بعقلانية مع ما يحصل من الأمور، وعدم المبالغة في تصديق كل ما يقال:
في كل يوم نسمع وقوع غرائب تحصل لممارسي علوم الطاقة، ومن أغرب هذه الأمور أن خاتماً من حديد أو نحاس كان في يد تاكاتا بعد سنوات من استعمال الريكي تحول إلى خاتم من ذهب وهو بيدها!
وآخر يزعم أنه بالطاقة يستطيع تشغيل سيارته وهو في غرفة النوم!
والكثير الكثير من القصص التي لايصدقها الصبي الصغير فضلاً عن العاقل، فينبغي العلم بأن علوم الطاقة حق وهي موجودة في الكون إلا أن ذلك لايعني أن نعتقد أن الطاقة كفيلة بكل شيء،
فلابد من التعامل بعقلانية مع هذه الأمور.
وأعتقد أن من المبالغات أنك تسمع بين الفينة والأخرى طاقة الحروف وطاقة الملابس وطاقة...
نعم لكل جسم في الكون ذبذبات ترددية وطاقة إلا أنه ينبغي معرفة ما هو القدر الكافي من الطاقة التي أنتفع بها في العلاج أو نحوه، فأنا أتفق مع الجميع على وجود الطاقة في كل شي لكن ما مدى قوة هذه الطاقة؟ وهل هي نافعة؟ ما مدى استمراريتها؟ كل هذه التساؤلات يجب أن يحرر العقل في التعامل معها بمنطقية وعقلانية.
- لكل علم من العلوم تجاره:
هذه الحقيقة المؤسفة التي لابد أن نقتنع بها، وهي أن لكل علم من العلوم تجار مستربحين من وراء ترويج منتجاتهم لكسب أعلى عائد بيعي لهم، فلذلك تجد مثلاً في الريكي هناك شموع الريكي، موسيقى الريكي، ألعاب، قمصان (T-Shirt)، أكواب للشرب، علاقات مفاتيح، حلق للأذن، وكل ما يخطر ببالك أن يباع فقط ضع عليه كلمة ريكي بالياباني وبعه بأغلى الأثمان.
وكذلك في اليوغا تجد هناك العديد من الأمور التي تباع لاستفادة التجارية فقط، ولم يسمع عنها اليوغيين القدامى.
بل حتى تأليف الكتب في الريكي، كثيراً ما تجد الكتب تتطابق في المعلومات؛ فكأنها نسخت من بعضها البعض. كل ذلك فقط للتجارة.
ومن أساليب التجارة أيضاً المبالغة في أسعار بيع المنتجات، فبعض الكتب تجد أسعارها مبالغ فيها جداً مثلاً كتاب جديد عن الريكي (190 صفحة) يباع بـ(45$)!
- حقيقة الطاقة:
هل الطاقة موجودة؟ هل نستخدمها بتلقائية أم لابد من تعلمها من معلم؟
في الحقيقة أن الطاقة موجودة في الواقع، فإن أنكرتها أنا أو أنت لن تتغير هذه الحقيقة، وأننا نستفيد منها بتلقائية ودون قصد فالله تبارك وتعالى لحكمة جعل المغناطيس في باطن الأرض ولم يخلقه عبثاً، وهو مصدر رئيسي من مصادر الطاقة الكونية، كذلك الشمس والأشعة الكهرومغناطيسية التي تصدر عنها لم يخلقها الله عبثاً، ولم تكن فقط لإضاءة الأرض، فالله قادر على إضاءة الأرض بدون هذا الجرم السماوي الضخم.
ونحن نرى تأثر الكواكب بعضها ببعض بسبب ما يحصل بين مراكزها من تجاذب وتنافر، ودوران مستمر حول بعضها البعض في نظام بديع لايختل ( كل في فلك يسبحون).
وعليه فإذا كانت هذه الأفلاك العظيمة تتأثر ببعضها البعض؛ فما بالكم بهذا الكائن الضعيف (الإنسان) ألا يتأثر بها؟!
نجد صعوبة كبيرة في اقناع منكري الطاقة بالكلام فقط.. من أسبوع كنت جالساً مع أحد الأحبة وكان يعتقد بأن الطاقة نوع من الشعوذة فبسطت يدي الشمال وقلت له ضع يدك على يدي وباطن كفك للسماء ففعل - وهو متيقن بأن هذه خرافات - ثم جعلت أمرر يدي اليمنى فوقها بارتفاع ( 15 سم) فشعر بالطاقة، واستمتع بها، فقال لي: هل من الممكن أن أغمض عيني لأستشعرها بتركيز أكثر؟ قلت له: بالتأكيد.
ولما ههمت بنزع يدي طلب مني أن أنزعها، وقال لي أريد أن أتعلم الطاقة.
أقول لكل منكر للطاقة : ستؤمن به عندما تراه.
- أمور يجب الحذر منها :
أ - ألفاظ غريبة لاتعرف معانيها:
تأتينا العديد من العلوم الشرقية القديمة والجديدة بأسماء لانعرفها ولاندري معانيها، بل تردد بعض الكلمات والحركات بنفس الأسلوب الذي نقلت به هذه العلوم بدون أن نعي معانيها، والإنسان الذكي، صاحب العقل الراجح تأبى عليه نفسه أن يردد كلمات لايعلم معناها، والأشنع من ذلك أن يجد من المدربين الجهلاء الجبناء في الطرح من يقرب الأمر من الإسلام، ويبدأ يؤصل الأصول الشرعية لها، ويجعلها من الدين، بل من سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، من ذلك زعم أحد المدبين العرب بأن الريكي هي نفسها كلمة الرقية التي في ديننا!!
هذا الموضوع يطول لذلك سأفرد له موضوع خاص لأنه طويل وفيه تفريعات ليأتي متكاملاً بإذن الله تعالى. لكن على الأقل يتنبه الإنسان إلى ما يقول ولايتلقى العلوم تلقي الأطفال في الكتاتيب.
ب - رموز الريكي:
كثر الكلام عن رموز الريكي، وتنازع المعلمين في أهمية الرموز ومدى فاعليتهافي العلاج، فهناك من يقول بأنها إستغاثة بغير الله تعالى، ومنهم من يقوم بأنها مجرد روابط المعالج والطاقةلاغير، وهناك من يذهب إلى لزوم استخدامها، وأن من لايستخدمها فإنه أصلاً بالريكي، الغريب بالأمر أن الغربيين ما زالوا يبحثون عن معاني الرموز، وبين يدي الآن كتاب بعنوان:
(The Reiki Symbols - Ongoing Research) إلا أن التجارب الواقعية تقول بأن العديد من الأشخاص استطاعوا العلاج بفاعلية بدون استخدام الرموز، وأن هناك العديد من المدارس العلاجية في الطاقة لايوجد بها أصلاً رموز، بل أن تلك المدارس العلاجية أقوى تأثيراًَ من الريكي في العلاج، وتعتبر أكثر عمقاً، وتعليمها أصعب، وعليه فالأفضل والأحوط للإنسان أن يمتنع عن استخدام الرموز التي في القلب منها شيء، خاصة ونحن لانعلم معاني الكلمات، ولماذا وضعت، ولا أعتقد أن من يقول (أن للأشكال طاقة) ينطبق على هذا الأمر.
جـ - الاعتقاد بولاية المؤسسين لهذه العلوم:
ومن الأمور الخطيرة في هذا الباب اعتقاد ولاية وصلاح وصفاء المؤسسين، وهذه أمر أسمعه من محبي هذه العلوم ومحبي مؤسسيها، لابد أن نعرف عزيزي القارئ بأن الله تعالى قد قسم الناس إلى مؤمن وكافر، فمن كان من أهل الإيمان فحقيق به أن يحصل على محبة الله تعالى له إن كان من أهل الصلاح، وكلما ازداد في التقرب إلى الله تعالى زادت ولايته ومحبة الله تعالى له، وكلما نقصت نقص من ولايته بقدر ما نقص من إيمانه، ولا تتحصل الولاية في التأمل وجلسات اليوغا، ولا الانقطاع عن الناس في الفلوات، أو في أعالي الجبال انتظاراً لتحقق ولاية الله (الإستنارة).
فينبغي التعامل بعقلانية مع هذه القصص التي تقترب من الأساطير بأسلوب طرحها على المتدربين. بل مما نسب للدكتور ميكاو أوسوي أنه قد علم وقت وفاته، وأنه كان راضياً عن ذلك التوقيت لأنه شعر بأن مهمته على الأرض انتهت، وكذلك قيل أنه حصل لهياشي.
- هل الطاقة مذهب عقدي، أم نظام حيوي عام؟
من كل ما سبق يتبين أن الطاقة نظام حيوي عام، وأنها خلق من خلق الله تعالى، وأنها تبدأ بالانسان منذ التقاء المائين بين الرجل والمرأة، وليس لها أي علاقة بدين من الأديان، لكن هناك بعض الأشخاص الذين أن يلحقوها بالأديان كما سبق بيانه.
وبإذن الله تعالى سيكون لنا وقفة أخرى في مبحث مهم آخر في ماهية الطاقة على الحقيقة ومتى تبدأ علاقتها بالانسان ومصادرها الداخلية والخارجية، وأقوال علماء المسلمين المتقدمين كالغزالي وابن سينا وابن القيم عنها.
للفائدة