الشيطان يوماً وأغراه بجاريه لرجل من الأنصار فخلا بها عن أعين الناس - وكان
الشيطان ثالثهما- فلم يزل يزين كلا منهما لصاحبه حتى وقعا في الزنا , فلما فرغ
ماعز من جرمه تخلى عنه الشيطان .. فبكى
وحاسب نفسه ولامها .. وخاف من عذاب الله وضاقت عليه حياته وأحاطت به خطيئته
حتى أحرق الذنب قلبه .. فجاء إلى طبيب القلوب ووقف بين يديه وصاح من حر ما يجد
وقال : يارسول الله إن الأبعد قد زنا .. فطهرني !!فأعرض عنه النبي صلى الله
عليه وسلم ... فجاء من شقه الآخر فقال : يا رسول الله زنيت .. فطهرني
.فقال صلى الله عليه وسلم : ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه .. فرجع غير
بعيد فلم يطق صبراً .. فعاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله
طهرني .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويحك إرجع .. فاستغفر الله
وتب إليه ..قال : فرجع غير بعيد ..ثم جاء فقال : يا رسول الله طهرني ..
فصاح به النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ويلك.. وما يدريك ما الزنا ؟.. ثم
أمر به فطرد ... وأخرج .. ثم أتاه الثانية .. فقال : يا رسول الله زنيت
.. فطهرني .. فقال صلى الله عليه وسلم : ويلك .. وما يدريك ما الزنا ؟
وأمر به فطرد وأخرج .. ثم أتاه .. وأتاه فلما أكثر عليه .. سأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم قومه : أبه جنون ؟.. قالوا يا رسول الله .. ما علمنا به
بأساً .. فقال : اشرب خمراً ؟ فقام رجل فاستنكهه وشمه فلم يجد منه ريح خمر
.. فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أتدري ما الزنا ؟ قال : نعم
... أتيت من إمرأة حراماً, مثل ما يأتي الرجل من إمرأته حلالاً .. فقال صلى
الله عليه وسلم : فما تريد بهذا القول ؟ قال أريد أن تطهرني .. فقال صلى الله عليه
وسلم : نعم .. فأمر به أن يرجم .. فرجم حتى مات .. رضي الله عنه
..فلما صلوا عليه ودفنوه .. مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على موضعه مع بعض
أصحابه .. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين يقول احدهم لصاحبه : أنظر
إلى هذا الذي ستر الله عليه ولم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلاب .. فسكت النبي
صلى الله عليه وسلم ثم سار ساعة .. حتى مر بجيفة حمار .. قد أحرقته الشمس
حتى إنتفخ وارتفعت رجلاه .. فقال صلى الله عليه وسلم : أين فلان وفلان ؟ قالا
: نحن ذان .. يا رسول الله .. قال : أنزلا .. فكلا من جيفة هذا الحمار
قالا : يانبي الله !!غفر الله لك .. من يأكل من هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم
: ما نلتما من عرض أخيكما آنفاً .. أشد من أكل الميتة .. لقد تاب توبة لو قسمت
على أمة لوسعتهم والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها .