الشرك في توحيد الألوهية
قال ابن تيمية: "فأما الشرك في الإلهية فهو أن يجعل لله نداً ـ أي: مثلاً ـ في عبادته أو محبته أو خوفه أو رجائه أو إنابته، فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، قال تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:48]، وهذا هو الذي قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب لأنهم أشركوا في الإلهية، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبّ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ} الآية [البقرة:165]، وقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الآية [الزمر:3]، وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَـاهاً واحِداً إِنَّ هَـاذَا لَشَىْء عُجَابٌ} [ص:5]، وقال تعالى: {أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق:24]، إلى قوله: {الَّذِى جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهاً ءاخَرَ فَأَلْقِيَـاهُ فِى الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [ق:26]".
وقال المقريزي: "فالشرك في الإلهية والعبادة هو الغالب على أهل الإشراك، وهو شرك عبّاد الأصنام، وعبّاد الملائكة، وعبّاد الجن، وعبّاد المشايخ والصالحين الأحياء والأموات، الذين قالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، ويشفعوا لنا عنده، وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قربٌ وكرامة، كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفى لمن يخدم أعوان الملك وأقاربه وخاصته. والكتب الإلهية كلها من أوّلها إلى آخرها تبطل هذا المذهب وتردّه، وتقبِّح أهله، وتنصّ على أنهم أعداء الله تعالى، وجميع الرسل صلوات الله عليهم متفقون على ذلك من أوّلهم إلى آخرهم، وما أهلك الله تعالى من أهلك من الأمم إلا بسبب هذا الشرك ومن أجله".