تحياتي الى جميع الاخوة الكرام ... انقل لكم هذا المقال من الصحافة المغربية وامل قراءته بتمعن للوقوف على التردي الاعلامي في صحافة المغرب وكيف انه يسمح لكاتب بالتطاول على الاسلام ونصوص القران والاحاديث النبوية الشريفة ... بينما يمنع الاسلاميين من توضيح ارائهم ويطاردون ويعتقلون في بلد يدعي ملكها بانه من سلالة ال البيت
إذا الموؤودة سئلت...
وزار الحسين نعم، »إذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت«. هي آية قرآنية لا تعنيني أنا وأهل بلدي في شيء ؛ بمعنى أننا نحن شعوب شمال إفريقيا لسنا المخاطَبين (بفتح الطاء) في هذه الآية الكريمة. فالخطاب موجَّه هنا لأقوام غيرنا كانت تعيش في زمان غير زماننا ومكان جغرافي غير مكاننا الشمال-إفريقي. فنحن والحمد لله لم يسجل التاريخ علينا أبدا أننا قتلنا أو وأدنا فلذات أكبادنا الصغيرات تحت الرمال خشية من العار أو ما يشابهه.
فإذا كانت تلك الأقوام الأعرابية الهمجية تمارس سابقا هذا السلوك اللاإنساني في شبه جزيرتهم العربية القاحلة خلال فترة جاهليتهم الأولى، فقد كان أجدادنا بالعكس تماما وفي نفس الفترة التاريخية يحترمون المرأة ويبوؤونها أعلى الدرجات والمراتب الاجتماعية، حيث كانت لنا منذ غابر الأزمان أميرات ومَلِكات بل إلهات نبجّلها ونقدسها دون أدنى عقدة نقص.
هذه العقدة الذكورية Phallocratique الاستعلائية التي لازالت تستبدّ أعراضها المَرضية بنفوس وعقول معظم أهل الخليج الذين لا يرون في المرأة سوى عورة وموضوع متعة وجب استملاكها (استهلاكها) وجعلها تحت تصرف أيمانهم الشبقية. نحن لا نرمي من وراء هذه المقارنة السوسيولوجية سوى معاينة ورصد تلك الاختلافات الجوهرية الصارخة التي تتميز بها الذهنية الحجازية المشرقية من جهة، والعقلية المغاربية الشمال-إفريقية من جهة أخرى. فرغم كل دعوات الوحدة والتوحيد التي لا يملّ أصحابها وزبناؤها من ترديدها على مسامعنا منذ نعومة أظافرنا (الستينيات) لجعلنا نقبل قسرا فكرة الوطن الواحد الأحادي الممتد من الخليج إلى المحيط والخالي من أية شائبة تشوش على وحدته المثالية الطهرانية، أقول رغم هذه الدعوات الطوباوية التي دامت زهاء نصف قرن، فلابد لنا أن نفتح يوما ما أعيننا ونعترف دون خجل أو وجل أن للمشارقة خصائصهم الثقافية الأنتروبولوجية النابعة من بيئتهم الخاصة بهم ولنا نحن المغاربيين بدورنا مميزات سيكولوجية نستمدها باستمرار من محيطنا الجغرافي الشمال-إفريقي المتوسطي... فإذا ركزنا النظر على موضوع المرأة وشخصها بالذات، سيتبين لنا بوضوح وبدون عناء كبير ذلك الفرق الشاسع الذي يفصل بين نظرتين ثقافيتين تقومان على طرفي نقيض فيما يخص اعتبار الأنثى، هذا الكائن الرقيق بطبعه والعظيم في عمقه.
ـ فكيف ينظر الخليجيون إلى نسائهم خصوصا، وإلى المرأة عموما ؟
ـ في أي مكان من العالم كانت تمارس عملية وأد البنات الصغيرات وهن أحياء (!) تحت الرمال ؟ في المغرب، أم في الصين، أم في الحجاز؟
- من هي الأقوام التي تمنع حاليا منعا كليا على النساء أن يسقن السيارة ؟! - ألا يجب أن نفتخر نحن هنا ببناتنا ونسائنا اللواتي نجحن في سياقة السيارة والقطار والباخرة والطائرة ؟
- أعطوني أسماء لبطلات رياضيات خليجيات من أمثال نسائنا الشامخات (نوال المتوكل - نزهة بيدوان وغيرهم...) - كم من امرأة عندهم في برلماناتهم ؟
- اذكروا لي بلدا إسلاميا واحدا شاركت فيه النساء إلى جانب الرجال ونافسنهم في بطولة الفروسية الاحتفالية Fantasia !
نحن على يقين أن هذه التساؤلات وغيرها ستزعج الكثير من هؤلاء الذين اعتادوا أن يقتاتوا من فضلات موائد البترودولار. ولكنه الواقع الصارخ الذي لا ينكره سوى عنيد جحود. إذا كان ينظر إلى المرأة في المشرق الحجازي بهذا الشكل، فما هو يا ترى وضعها في البلدان المغاربية الشمال-إفريقية منذ غابر الأزمان إلى يومنا هذا ؟ للتدليل على مكانة المرأة عندنا عبر كل الحقب التاريخية بشمال إفريقيا، سنبدأ بكلمة »إفريقيا« نفسها أو »Africa« أو »Afrique« لنبحث في معناها وتبيان أصلها ومدلوله. فماذا تعني كلمة »إفريقية« التي صاغها المؤرخون بالعربية نقلا عن اسم (Africa) المتداول عند الروم اللاتينيين آنذاك ؟ ومن أين استمد أهل الروم أنفسهم ذلك الاسم القديم ؟ كلنا نعلم أن (ca) و(que) هما لاحقتان زائدتان تضافان إلى الكلمة الجذر، مثل : Arabica-Arabique / América-Amérique فبإزالة هاتين اللاحقتين سنحصل على الكلمة الجذر، أي الكلمة الأصل وهي (Afri) أو (Ifri). فما هو مدلول هاتين المفردتين اللتين تفصحان عن أصلهما الأمازيغي ؟ »إفري« هو الكهف أو المغارة وجمعه »إفران« الاسم الذي نطلقه على مدينتنا الأطلسية الجميلة. أما »أَفري« فهو اسم يرمز إلى إلهة une déesse كان يعبدها أجدادنا الأمازيغ في غابر الأزمان بشمال إفريقيا. وإذا انتقلنا إلى تونس البلد المغاربي الشقيق، سنكتشف مرة أخرى أن اسم »تونس« ما هو إلا تحريف (وما أكثر الأشياء التي حُرِّفت وشوهت في محيطنا المغاربي) لكلمة »تانيت« التي كانت بدورها ترمز إلى إلهة أخرى كان الأمازيغ يعبدونها ويقدسونها في العصور البدائية الوثنية الأولى. ولا يفوتني هنا أن أسارع -قبل أن يعترض علينا أحدهم من هؤلاء المتأسلمين المتعصبين، ذوي الرؤية الضيقة الاختزالية القاصرة، الذين لا يرون العالم والأشياء إلا انطلاقا من فترة "الفتوحات" الإسلامية، ضاربين عرض الحائط بكل ما سبق من أحداث وبطولات وحضارات عرفتها منطقتنا المغاربية الشمال-إفريقية حول حوض البحر الأبيض المتوسط؛ فيصمّ هؤلاء الجهلاء آذانهم ويحجبون عيونهم وعقولهم عن تلك الحقبة الماقبل-إسلامية معتبرين إياها فترة جاهلية تدخل لديهم ولأتباعهم في دائرة »اللاّمُفكَّر فيه« أو مجال اللاّتاريخ- أقول لا يفوتني هنا أن أسارع إلى التأكيد والإلحاح على أن الذات الحضارية المغاربة أعظم وأعمق بكثير من أن تُختَزل فقط في فترة تاريخية محدودة. لقد تساءل الباحث المغاربي الكبير، محمد أركون، وبكثير من العجب المشوب بالأسى والأسف عن السبب التربوي التعليمي بالأساس الذي يجعل من شباب تونس اليوم لا يعرفون شيئا يذكر عن حضارة قرطاج التي كان يقام لها ويقعد في حوض البحر الأبيض المتوسط وذلك قرونا عديدة قبل ميلاد المسيح !! أليس السبب في ذلك هو الموقف الإيديولوجي السياسي لحكومات دول مابعد الاستقلال في أقطارنا المغاربية التي تبنت وكرّست في برامجها ومناهجها التعليمية نظرة اختزالية ضيقة لا تعترف سوى بالبعد العربي الإسلامي لا غير! تاركة في مناطق الظل والنسيان تلك الأبعاد الأخرى المتجذرة في أعماق كينونة شعوب المنطقة المغاربية وأعني بذلك العمق الإفريقي والمكوّن الأمازيغي والبعد المتوسطي... فلنطرح سؤالا أو سؤالين بسيطين على مواطنينا وقرائنا الأعزاء : ماذا تعرفون عن طارق بن زياد البطل المغربي ؟ فباستثناء فتحه للأندلس وحرقه للقوارب وإلقائه لتلك الخطبة المشهورة (المشكوك فيها) على مسامع رجاله المحاربين الأمازيغ الأميين ؛ تلك الخطبة البلاغية المزركشة المُسْهَبة التي لم نحفظ أو نحتفظ منها -على أي حال- سوى بهذه الشذرة الببغاوية اليتيمة : »البحر من ورائكم والعدو أمامكم«...! فباستثناء هذه المعلومات المختصرة والفقيرة جدا، نجد أنفسنا في نهاية المطاف لا نعرف شيئا يذكر عن بطلنا الوطني المغاربي طارق بن زياد ! أما إذا سألتمونا وسألتم غيرنا من المواطنين المغاربة، كبيرهم وصغيرهم، عن عنتر بن شداد، فستسمعون وتكتشفون العجب العجاب ! سيجيبكم بسهولة كل من سألتموه عن هذا البطل الأسطوري المشرقي العربي، فيخبركم عن اسمه واسم أبيه شداد وقبيلته بني عبس واسم ابنة عمه عبلة واسم أخيه شيبوب ولون حصانه الأدهم، وريما لن يتوانى أحدهم في إسماعكم مقتطفات من أبياته الشعرية الملحمية بنوع من التفخيم الأجوف في نبراته والحماسة الدونكيشوطية في أدائه.. تونسي لا يعرف أن قرطاج مرت من هنا ! ومغربي يعرف كل صغيرة وكبيرة عن عنتر بن شداد ويجهل كل شيء عن طارق بن زياد ! ما رأيكم في هذه المفارقة العجيبة ؟ لقد صدق الأستاذ الباحث، أحمد عصيد، حين قال في إحدى ندواته إن المدارس المغربية تعطي لشبابنا شواهد الجهل بالذات. ولولا صمود وشموخ الأهرام الفرعونية المصرية الشاهدة على عظمة وعبقرية سكان هذه المنطقة الشمال-إفريقية، لصار المصريون هم أيضا عرضة للمسخ والاستلاب. إلا أن هذا الشعب العريق، لا يمكنه بأي حال أن ينسى أو يمحو من ذاكرته شموخ الحضارة الفرعونية وبصماتها الرائعة لا زالت قائمة تطبع بلاد النيل ؛ هذا إن لم تنلها -لا قدر الله- أيادي التتار الجدد (هاجوج وماجوج) الذين لا همَّ لهم سوى التخريب والدمار. لذا يمكننا أن نتحدث عن الاستياء المصري الذي يفتخر أبناؤه بانتمائهم للوطن وذلك بترديدهم لهذه القولة الشعبية المعبرة : »مصر أم الدنيا«. هذا رغم أن مصر الشقيقة تتعرض هذه السنين الأخيرة إلى هجمة ظلامية يسعى خفافيشها إلى ضرب هذا الانتماء الوطني النبيل في الصميم... وعلى ذكر مصر بلاد النيل العظيم، هل يمكن للمرء أن يَغفل عن ذكر اسم تلك الملكات/الإلهات وأشهرهن كليوباترا السابعة التي وقفت بذكائها وجمالها وقوة شخصيتها في وجه يوليوس القيصر، الامبراطور الروماني وجبروته. كليوباترا هاته ليست سوى دليل شاهد على ما نقوله ونسعى لتأكيده : المرأة في شمال إفريقيا كان وسيبقى لها دائما وزنها الكبير. نعم، المرأة كبيرة في أعيننا. وسنوضح نظرتنا الثقافية الوجودية هذه لكل هؤلاء الذين ينتشون بذكوريتهم المَرَضية المهترئة والذين استبدلوا أسماءهم الشخصية الأصلية بألقاب تنمّ عن استبلادهم واستلابهم الثقافي الفظيع (أبو جهل - أبو سيف - أبو قنبلة... !) فالمرأة يا سادة، نسميها نحن الأمازيغ (تَمْغَارْتْ) وهي مؤنث (أَمْغَارْ) الذي نشير به إلى كبير القبيلة، أي ذلك الشخص الذي يحظى بأهمية كبيرة وشأن مهم داخل المجموعة. أمغار أو أمقران أصلها من (إِمْقُّورْ) أي ذلك الإنسان الذي يكبر الآخرين ويفوقهم شأنا وسلطة وجاها. ولم نطلق اسم (تمغارت) على المرأة إلا للتعبير عن تلك المكانة الرقية التي تحظى بها نساؤنا في حياتنا الاجتماعية. تمغارت عندنا هي مركز وجودنا وكينونتنا. وزيادة في توضيح هذا المعطى الأنتروبولوجي السوسيولوجي سنذكركم بعبارة متداولة عندنا غالبا ما نستعملها أو نسمعها في مجالاتنا اليومية دون أن نُعيرها أي اهتمام أو نتوقف عندها لاستجلاء مضمونها البسيط/العميق. وهذه العبارة المستهلكة عندنا في أحاديثنا هي : »أَيْتْمَا، إِسْتْمَا«. ترى ماذا تعني هاتان الكلمتان ؟ (أيت ما) في صيغة المذكر للإشارة إلى إخواني و(إست ما) بصيغة المؤنث بالنسبة لأخَواتي. إخواني إذن هم (أَيْتْ مَا) أي هؤلاء الذين ينتسبون معي إلى أمي، إذ أشترك أنا وإياهم في الانتساب إلى أم واحدة... (كـْ مَا - أُولْتْ مَا - أَيْتْ مَا - إِسْتّْ مَا) هل يمكن بعد هذا كله أن نستمر في التحدث عن أنفسنا بصفتنا شعبا أبيسي Patriarcal ؟! أليس حريا بنا أن نفتح أعيننا جيدا على مكونات وجودنا الثقافي ونراجع منطلقاتنا المعرفية بتشغيل وإعمال ملكاتنا العقلية العملية لتحليل وفهم هذه الأنا أو »النّحن الجماعية« Le moi collectif -التي تزخر بمعطيات وكنوز دفينة لازالت تنتظر من يُدشن عمليات الحفر والتنقيب الأركيولوجي المعرفي لإبرازها وصقلها بغية الاستفادة منها لمعرفة وإدراك وتقوية ذاتنا الجماعية التي يبدو أنها لازالت تختنق وتعاني تحت ضغط طبقات سميكة من الأحكام المفبركة المسبقة وترسبات مساحيق برانية واهية زائفة... من جهة أخرى، فإن من يتمعن في سلوك شعب التوارك Touarégs وطريقة تعاملهم السامي مع النساء سيقف مرة أخرى على هذه الخاصية الاجتماعية الأميسية Matriarcale التي يتميز بها معظم سكان شمال إفريقيا تجاه المرأة. فحسب الأسطورة المُؤسِّسة -Le mythe Fondateur لهذا الشعب الأمازيغي الأبي النبيل، فإن (تين هينان) هي الأم/الإلهة التي أنجبته. (تين هينان) هي الأم الأولى لشعب الطوارق الجنوبي الصامد الذي مازال يصارع من أجل البقاء وسط محيط مليء بالعداء. فالنظام الليبي يريد تعريبه قسرا والحكم الجزائري لا يعترف به أصلا وحكومتا النيجر ومالي تقتلان رجاله وأبناءه قتلا... شعب التوارك هذا لا نسمع عن عملية إبادته الممنهجة شيئا لا في الإعلام الوطني ولا الدولي. شعب الطوارق (إيمُوهاغْ) هو ضحية لمؤامرة الصمت !! لقد قيل لنا إنه لا خير يرجى من قوم ولَّوْا على أنفسهم امرأة ! وقد سمعنا أيضا أن المرأة خُلقت من ضلع أعوج ! كما أرادوا لنا أن نقتنع بأنها المسكينة ناقصة عقل ودين... وأنها كيت وكيت... سوف لن نجيب على هذه المقولات الجاهزة الجامدة المُهينَة لكرامة المرأة (تمغارت) والماحقة لشخصيتها النبيلة، تاركين المجال لذوي وذوات الاختصاص لدحض هذا التراكم المريع من الترّهات الفقهية البالية التي ستبقى دائما وباستمرار حجر عثرة تعيق تقدم وتحرّر شعوبنا المسلمة ما لم نَقُمْ بعملية نقد وتشريح جريء لها. وأُحِيلُ القراء الكرام في هذا الباب إلى الكتاب الهام والشيق الذي نزل إلى الأكشاك هذه الأيام والموسوم بـ (في نقد البخاري) لصاحبته السيدة الأستاذة خديجة البطار، التي أحييها بالمناسبة وأعتبر عملها الجريء الجبار هذا بمثابة دليل واقعي آخر ينضاف إلى كل تلك الأدلة السابقة المذكورة آنفا والتي تصب كلها في اتجاه تأكيد وإثبات هذه الحقيقة المعاشة التي لن نَمَلَّ من العمل على إبرازها والتشييد بها في وجه كل هؤلاء المتأسلمين المتمشرقين. وهذه الحقيقة الموضوعية المعاشة في أقطارنا المغاربية هي : أن نساءنا المغاربيات متميزات شامخات ! (خمسة وخميس عليهم). وأخيرا، أريد أن أحيي أخواتي المناضلات الديمقراطيات المغربيات اللواتي لا يألين جهدا وجرأة في الجهر بالحق والنضال المستميت من أجل إسماع صوت العقل والعدل، لا يهمهن في سبيل تحقيق مسعاهن النبيل نُباح كلاب مسعورة ولا نعيق غربان مذعورة. كما أطلب منهن ومن جميع الحقوقيين الشرفاء أن يفتحوا تحقيقا جريئا فيما جرى سنة ١٩٥٧ غداة الاستقلال عندما أُحدث لأول مرة ما يسمى بمدونة الأحوال الشخصية. فكيف صيغت هذه المدونة وقتذاك ؟ ومن سهر على صياغتها ؟ وما هي الأسس التي اعتُمِدَت في صياغة تلك المدونة ؟ وهل روعيت فيها ثقافتنا وتقاليدنا وأعرافنا المتجذرة في تاريخنا العريق ؟ أم أن واضعي المدونة لم يعملوا سوى على استيراد أدوات وقوالب فقهية جاهزة من العواصم المشرقية (اسطمبول - دمشق - مكة...) ؟ ولقد سبق أن وصف الأستاذ أحمد الدغرني ما وقع إبان فترة الاستقلال بأنه »انقلاب حقوقي« -Coup détat juridique في مسار تشريعنا، حيث حُرمت المرأة من الكثير من حقوقها ومظاهر حريتها التي كانت تخولها لها سابقا الأعراف التقليدية الأمازيغية الموسومة بديمقراطيتها البدائية البسيطة منذ القدم. فإذا كانت المرأة (تمغارت) هي حافظة سرّنا، إذ بواسطتها تستمر الحياة والوجود وتتوارث عبرها تقاليد وأعراف شعوبنا المغاربة، فلا غرابة إذن أن تحظى لدينا هذه الإنسانة النبيلة العريقة بكامل التقدير والتشريف لأننا نعلم أن بقاءنا الثقافي واستمراريتنا الحضارية رهينان بوجود وبقاء (تمغارت) حرة طليقة غير مستَعبَدة لا من طرف إيديولوجيات غربية إباحية استهلاكية تشيّء شخصيتها ولا من طرف رؤية شرقانية فقهية تختزل المرأة في حجاب ونقاب جاعلة منها نسخة باهتة كاريكاتورية للنموذج السعودي أو الأفغاني. وسأختم مقالي هذا بترديد تلك الأغنية الرائعة الخالدة لصوت الكروان المرحومة فايزة أحمد : »ست الحبايب، يا حبيبة حبيبة...«، مع التنبيه أخيرا إلى تلك الخاصية الأنتروبولوجية الأميسية التي تتمظهر بجلاء ووضوح في ذلك الكمّ الهائل من الأغاني المغاربية بالخصوص والمتوسطية عموما التي تمجّد الأمّ وتشيد بنبالتها من خلال أشعار رقيقة وألحان شجية. فطوبى لبناتنا ونسائنا شقائق الرجال وليخسأ مسعى كل كذّاب منافق دجّال .