الحلقه الثامنه عشر
أغلقت الخط وأكملت قيادتي لسيارة
وسألت نفسي ياترى ماهي المفاجأة التي تعدها لي هذه السيدة...؟
ثم سريعاً خطر (قلت بكرة حنشوف المية تكدب الغطاس...)
ياااه لماذا أنا متشائم إلى هذا الحد...؟
لماذا أ تفكيري متسرع دائماً...؟!
انتبهت على صوت خالتي تقول :مارأيكم لوجلسنا تحت هذه الشجرة الكبيرة....؟
باستغراب نظرت إليها فقد كنت سأختارها لولم تقم باختيارها...!
أوقفت سيارتي في جانب الشجرة
وفي الجانب الآخر أخدنا نتسابق في إنزال الأغراض نحن والصغار...
قمت بتثبيت الرواق بمساعدة الصغيرة جواهر
و أثناء ذلك قامت خالتي بإشعال النار
وملأت الإبريق بالماء ووضعته بقرب النار...
بدأت خالتي تخرج الأغراض تباعاً
سألتها : ماذا سوف يكون غداءنا اليوم...؟
فضحكت وقالت:انتظر...انتظر سترى مايعجبك...
قلت: ومالو...ننتظر...ننتظر...!
التفت إلي برهومي وصحت به :برهومي انتبه لملابسك لاتتسخ بالطين...!
قالت خالتي:اتركهم على راحتهم....
لقد ألبستهم ملابس لاخوف عليها أن تتسخ وهذه فرصة لهم أن يلعبوا كيفما شاءوا
فطريقتي مع أولادي إذا خرجنا في نزهة ألا أمنعهم من اللعب أبداً...
فهذه فرصة لهم لكي يخرجوا ما بداخلهم من طاقة
وأستغرب ممن يخرج مع أولاده لكي يروح عنهم ثم يضيق عليهم بتعليماته وأوامره لا تجلس هنا..ولا تجلس هنا...!
قلت ضاحكاً: بصراحة ليس لدي تجربة مع الصغار فنحن لم ننقسم إلى ثلاثة أشخاص بعد...
فضحكت وقالت : الله يرزقك الذرية الصالحة....
بدأت أنظر إليها وهي تعد القهوة والشاي وكنت بالكاد أستطيع إخفاء إعجابي بشخصيتها...ثم قلت في نفسي (ليت النفوس تتبدل)
ناولتني فنجان القهوة وقالت:
تصدق كثير من الأشياء لانعرف قيمتها إلا بعد أن نفقدها...!
قلت مستغرباً....
غريب كلامك يا خالتي....ماذا تقصدين بكلامك...
قالت: أبداً كلامي عام لكل جوانب الحياة
فتجد الإنسان يقضي نصف حياته الأول في التفكير في القسم الثاني...وعندما يتقدم به العمر ويصبح في النصف الثاني من حياته يقضيه في التأسف والتحسر على القسم الأول من حياته...!!
قلت: لكن هذه طبيعة الحياة ولا مفر من الوقوع فيها ومهما حاولنا تجنب ذلك فلن نفلح...
وهذه طبيعة الإنسان لايتعلم من أخطاءه إلا بعد أن يدفع ثمناً غالياً...
قالت خالتي :لكن في الحديث الشريف ذكر بأن السعيد من اتعظ بغيره...ولابد للإنسان أن يتعلم من كل موقف يمر به
سواء كان الموقف لصالحه أم ضده...
غيرت خالتي مجرى الحديث قائلة : هل تريد أن نتغدى بعد الصلاة أم قبلها...
قلت : نتغدى بعد الصلاة أفضل...
ثم بدأت تشرع في إعداد الغداء وهي تقول سيكون الغداء
(برياني دجاج)..!!
قلت مستغرباً...برياني دجاج...معقولة...!!
أنسيت بأننا في البر....أنا أتوقع إن كبسة الدجاج كثيرة علينا...برياني حسب ما أظن يحتاج طريقة خاصة في الإعداد...!!
قالت: كل شيء بالترتيب سيكون أمره سهلاً...!!
قلت وأنا أهم بالوقوف:
على حسب...لكن أنتم أبخص.....أنتم أبخص...
تركت خالتي تعد الغداء
ومشيت قليلاً حتى وقفت بقرب الأطفال وهم يلعبون وأمعنت النظر فيهم قليلاً ثم إلتفتُ إلى خالتي في الخلف
وللحظة تخيلت أن هذه هي عائلتي
ياااه ماأجملنا من عائلة...لكن (أخخ بس) لوكانت حقيقة...!
أخذتني قدماي بعيداً عن مكانهم أماعقلي فبقي يحوم بقربهم....!!
لم يمض وقت طويل حتى
انتبهت على صوت خالتي وهي تلقي بالسلام علي
رددت عليها السلام..
ثم أشارت بيدها وقالت: مارأيك لوجلسنا قليلاً هنا...
قلت انتظري...انتظري...سآتي لك بسجادة لكي تجلسي عليها..
قالت وهي تهم بالجلوس على الأرض: لاتتعب نفسك..لاتتعب نفسك لن أجلس إلا على الأرض...فكلنا من التراب وسنصير اليه....
قلت :كماتريدين...كماتريدين...!!
قالت بعد أن أطالت النظر في عيني : سعد ألاتلاحظ بأنك تغيرت....أصبحت تسرح كثيراً بتفكيرك...بل حتى إنني أسمعك أحيانا تحادث نفسك بصوت مسموع....كما سمعتك قبل قليل...عسى ماشر ياسعد!!