[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهمية العلم في حياة المرأة المسلمة
بقلم:الدكتور إبراهيم بن ناصر الحمود
كانت المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تتلقى العلم الشرعي منه عليه الصلاة والسلام، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخصص للنساء يوماً يعظهن فيه ويعلمهن أمور دينهن، وكانت النساء تسألنه صلى الله عليه وسلم عما يخفى عليهن من أحكام كما حصل من امرأة أبي سفيان حين قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وبنيّ أفآخذ من ماله بغير علمه؟.. إلخ. وكالتي سألت: هل على النساء من جهاد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة).. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
وبعض النساء تأتي إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم لتسأل عائشة رضي الله عنها؛ فهي أكثر أمهات المؤمنين رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعهد إليها في شرح المراد من حديثه للنساء اللاتي يتحرجن من سؤاله عن مسائلهن الخاصة كالتي سألته عن غسلها من الحيض.
وكان النساء يشهدن الصلاة مع الجماعة من أجل التعلم في المسجد، وخصص الرسول صلى الله عليه وسلم لهن باباً في المسجد يعرف بباب النساء، وقد روى البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين).
والواجب على المرأة أن تتعلم كل ما يتعلق بأحكام العبادات لتعبد الله على بصيرة؛ فإن ذلك من العلم الضروري، وما عداه من العلوم فهو إما من فروض الكفاية أو من المستحبات. وقد ورد حث المرأة على التعلم في قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (34) سورة الأحزاب.
والمرأة المتعلمة لها حق الاجتهاد كالرجل إذا توافرت فيها شروطه، وقد تفوق بعض النساء الرجال في التحصيل العلمي، والواقع يشهد لذلك في الوقت الحاضر، فليس التفوق العلمي حصراً على الرجال، والمرأة المتعلمة لها حق الإفتاء إذا سئلت وهي تعلم الحكم الشرعي، فقد ورد النهي عن كتمان العلم وهو عام في الرجال والنساء، كما أن القول على الله بغير علم لا يجوز سواء كان القائل رجلاً أم امرأة، بل الأولى للمرأة أن تكون على قدر كبير من العلم والمعرفة في الأحكام الخاصة بفقه المرأة ليسهل تفقه غيرها من النساء.
فقد تستحي المرأة من سؤال الرجل عن الأمور الخاصة بها، فوجود النساء المتعلمات الفقيهات يسهم في إفتاء النساء خاصة كما كانت عائشة رضي الله عنها تفتي النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكما كانت أم الدرداء رضي الله عنها الفقيهة الزاهدة فقد وصفت بالفقه والعلم والفَهْم.والدراسات الأكاديمية المنهجية خير معين لفقه المرأة، وهذا لا يعني الاقتصار عليها، فالمرأة التي ترغب التفقه في الدين عليها أن تكثر من القراءة في كتب الفقهاء القديمة والحديثة وتتعلم أسباب الخلاف وطرق الاستدلال وأسلوب المناقشة العلمية وأسباب الترجيح بين الأقوال في المسائل الخلافية وتجمع بين علم الأصول وعلم الفقه فأحدهما لا يستغني عن الآخر.
وكما ذكرنا سابقاً فمن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم المتعلمات الفقيهات: عائشة رضي الله عنها، أم الدرداء، وأم سلمة.. ومنهن من برز في علوم القرآن والحديث والفقه، فقد ذكر ابن خلكان في كتابه (وفيات الأعيان) ان نفيسة بنت الحسن ت 208هـ كانت تتخذ مجلساً للتعليم في مصر حضره الإمام الشافعي رحمه الله.
وهكذا في العصور السابقة والحاضرة، فالمرأة لها دور كبير في التعلم والتعليم والتأليف، وعصرنا الحاضر يزخر بالعديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في العلوم الشرعية لعدد كبير من الطالبات، فالتفوق موجود في الرجل والمرأة، لكن يكثر في الرجال في العلوم الشرعية خاصة لكثرة المنتسبين منهم لهذا النوع من التعليم بخلاف النساء فإقبالهن على العلوم التربوية والمهنية أكثر، لا سيما ان الرجل يعد ويؤهل ليكون قاضياً بخلاف المرأة، كما أن المرأة بموجب دورها في الأسرة قد لا تجد الوقت الكافي للتخصص العلمي بخلاف الرجل.
وتدريس المرأة للرجل إن دعت إليه الحاجة فلا بأس به مع اعتبار الضوابط الشرعية لذلك، كما ان الرجال يدرسون للنساء بواسطة الدوائر المغلقة في الجامعات، فقد كان الامام الشافعي - رحمه الله - يحضر دروس (نفيسة بنت الحسن) وسمع عليها الحديث، وقد ورد أن الحافظ بن عساكر روى الحديث عن أكثر من ثمانين امرأة، ويقول الشيخ (خلاف) في كتابه (علم أصول الفقه) (إن عدد من عرفوا من الصحابة بالافتاء مائة ونيف وثلاثون ما بين رجل وامرأة) والدليل على ذلك عموم الأدلة الدالة على طلب العلم والتعلم فهي تشمل الرجل والمرأة.وهذا يكون حسب الحاجة، فالرجل يعلم والمرأة تعلم كل في مجال تخصصه وفي المكان الذي يناسبه، فإن كان التدريس لطلاب فالرجل مقدم، وان كان التدريس لطالبات فالمرأة مقدمة، ولا ينظر إلى التفوق العلمي، فإن تلك الاعتبارات أولى إلا في حال ما إذا كان التفاضل بين رجلين أو امرأتين فيكون التفوق العلمي فاصلاً بينهما.
وعلى الزوج دور كبير في تفقه زوجته الملازمة للمنزل، فإن كان متعلماً فعليه واجب تعليمها بنفسه وهذا من الاحسان إليها، وان كان غير متعلم مكنها من وسائل التعليم المختلفة كقراءة كتاب أو سماع شريط أو حلقات علمية في وسائل الاعلام المختلفة.
ويمكنه أيضاً ان يحضر لها معلمة في المنزل تعلمها أمور دينها فالطرق في ذلك متعددة ولن يجد الزوج صعوبة في ذلك ما دامت الرغبة موجودة. أما حضور الندوات أو الالتحاق بالجامعات مع الرجال الأجانب فله منعها من ذلك لما يترتب عليه من المفاسد بسبب الاختلاط. ومجالات التعليم للمرأة مهيأة، فهناك ندوات خاصة بالنساء، وهناك مراكز للتعليم خاصة بالطالبات، وهناك مكتبات خاصة بالنساء فليس هناك ما يدعو إلى حضور محافل الرجال لطلب العلم الشرعي فإن دعت الضرورة لذلك فلا بأس مع مراعاة الضوابط الشرعية كمنع الاختلاط والتزام الحجاب الشرعي، ويمكنها التعلم عن طريق الدوائر المغلقة فتتمكن من السماع دون اختلاط بالرجال.
وللوسائل الحديثة دور في التعليم للرجل والمرأة من خلال البرامج العلمية الهادفة والمقالات العلمية في مختلف العلوم.. فمن أحسن استخدام الانترنت ففيه منفعة لما يحويه من علوم وثقافات بطرق سهلة ميسرة، وكذا الحاسب الآلي وما اشتمل عليه من شرائط تضم أمهات الكتب النافعة في العلوم الشرعية يمكن الاستفادة منها دون عناء أو مشقة.. لكن لا ينبغي الاقتصار على تلك الوسائل فهي غير كافية لأن تكون المرأة فقيهة فلا بد للفقه من التضلع في العلم على يد من أوتي حظاً من العلم الشرعي رجلاً كان أو امرأة، فالمرأة تسأل عما أشكل عليها عالماً فقيهاً تستفيد من علمه وخبرته في هذا المجال وليكن ذلك بواسطة وسائل الاتصال الميسرة في الوقت الحاضر، وكذا سماع البرامج الدينية من الاذاعة أو التلفاز له دور كبير في فقه المرأة.
والأثر ظاهر على حياة المرأة العلمية والعملية، فالمرأة المتعلمة الفقيهة ينعكس أثر ذلك على زوجها وأطفالها وبيتها وأخلاقها وتعاملها مع الآخرين، فهي مسؤولة عن رعيتها، فعليها واجب التربية والتعليم لأولادها تعلمهم أحكام الطهارة والصلاة والصوم وسائر العبادات التي يقدرون عليها ولو كانوا صغاراً حتى يعتادوها ويألفوها فيما بعد عند سن البلوغ.
والإقبال على تخصص الفقه من النساء في الجامعات كثير - والحمد لله - ويؤكد هذا الرجوع لاحصاءات مراكز تعليم الطالبات في الجامعات السعودية خاصة جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية التي تعنى بهذا التخصص في المرحلة الجامعية ومرحلة الدراسات العليا ومنهن من حصل على الماجستير والدكتوراه في الفقه بتميز.
ويوجد في الداخل كليات خاصة بالنساء كما في جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية، فهناك قسم الشريعة وقسم أصول الدين وقسم الدعوة وكل قسم يمثل كلية مستقلة، وكذا في تعليم البنات بوزارة التربية والتعليم فهناك قسم الدراسات الإسلامية في عدد من الكليات التابعة لها.. ولا مانع من اقتراح ما فيه مصلحة إذا دعت الحاجة إلى ذلك مستقبلاً.[/align]
[align=center]________________________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,[/align]