ميزان نمو التعداد النسواني . . . . !!
{ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً } النساء 3 .
ميزانُ الله في التعدد .. ميزانُ ليس كمثله شيء .. ميزانٌ شرطه العدل وإن تعددت أكفه ؛ فإن أردته بكف فهو لك .. وإن أردته بكفين فهو لك .. وإن أردته بثلاثة أكفف فهو لك .. وإن أردته بأربعة أكفف فهو لك ..!!
سمة التعدد في الزوجات لم تستجد على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل جاء منذ العهد القديم زواج يعقوب عليه السلام بامرأتين ، وأكثر داود عليه السلام من النساء ، وكان لسليمان عليه السلام ألف امرأة ، وأرسلت سارة جاريتها هاجر إلى إبراهيم عليه السلام لتلد إسماعيل عليه السلام ..!
حسبي من الشروع في هذا الموضوع خصوصية التعدد في الدين الإسلامي .. وليس الدعوة إليه !!
ولعل سيل الأفكار التي تجري في عقلي حول هذا الموضوع لا تهدأ إلا إذا نام ، وانتقل من عالم اليقظة إلى عالم الأحلام ؛
لذا قمت بتدوين تلك الأفكار التي سيظنها البعض للوهلة الأولى إعلانات لقبول التعدد :
أولاً : نجد المقولة الدارجة على ألسنة النساء : " الرجال لا أمان لهم " ؛ فإن هذه المقولة لم تؤدلج إلا عندما كانت رغبة الرجال أكثر من النساء في أن يكون لهم أكثر من شريك واحد حسب دراسة أجريت على أكثر من 16 ألف شخص !
ثانياً : عند سؤال أكثر من " امرأة عانس " : أتفضلن بقاءكن عوانساً أم الزواج من رجل متزوج ؟
فأتت إجاباتهن على تفضيل الزواج من رجل متزوج من أن يتجرعن مرارة العنوسة !
ثالثاً : يقول العالم الإنجليزي هربرت سبنسر في كتاب أصول علم الاجتماع : " إن الأمم الموحدة للزوجات تفنى أمام الأمم المعددة للزوجات " ! فإن الحروب عندما تنشب بين الأمم – بإرادة أو غير إرادة منهم – فإن الخاسر الأكبر في تلك الأمم هو في عدد رجالها ؛
ومن هنا فإن من نشبت بهم أظفار المنية وامتطتهم رُمِّلت نساؤهم وبقيْنَ بلا أزواج .. وتنفسَّت الصعداء من نجا زوجها من براثن الحرب وأوزارها ؛ وبهذا الفارق يرسم المجتمع لوحته الذي يظهر فيها مؤشر المواليد منخفص بسبب كثرة العرض وقلة الطلب !
رابعاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أشراط الساعة أن يقل العلم ، ويظهر الجهل ، ويظهر الزنا ، وتكثر النساء ، ويقل الرجال ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " حديث صحيح !
فمن أين سيأتي معدل الفارق الذي يظهر في الحديث الصحيح بين كثرة النساء وقلة الرجال ؟
إنها بسبب كثرة الفتن والحروب التي يذهب فيها الكثير من الرجال ، " حتى يكون لخمسين امرأة " من بنات وأخوات وشبههن من القريبات " القيم الواحد " الذي يلتجئن إليه ويستغثن به ليقوم بأمورهن !
ثم يأتي السؤال الآخر : ما النتيجة الحتمية التي سيوصلنا إليه هذا الفارق من حيث الحياة الاجتماعية ؟
هذا ما جاء في الحديث الشريف – فما أبلغه مَن أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم حيث قدَّم النتائج وذيَّل الأسباب ! – حيث إن زيادة عدد النساء بلا أزواج مدعاة لظهور الزنا ، وانتشار الفسق والفجور والفاقة ؛ ومن هنا سيظهر الجهل لأن التفكير الغريزي المسيطر يطغى على التفكير العلمي والإبداعي ومن هنا يقل العلم !
فلا شك أن إباحة تعدد الزوجات – للقادرين عليه – علاج لكل ما تقدم !
إن لوقفات أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقاريره لما يستخرج منها العلم في باطن علم في باطن أنهار تنهل من ينابيع تزخر بالعلم ، وفوق كل ذي علم عليم !
فهل ستجتاح هذه المفارقة على منطقة دون أخرى ؟ أم أنها ستكتسح جميع الأقطار بلا هوادة ؟
هذا الحديث لم يروه عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا صحابي واحد .. هو أنس بن مالك رضي الله عنه .. فقد قال عند روايته للحديث : " لأحدثنكم حديثاً لا يحدثكم به أحد بعدي أو غيري " !
قال هذا لأهل البصرة ، وكان آخر من مات فيها من الصحابة ؛ ولعل مراده أنه كان وحده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدَّث به ؛ وغلب على ظنه أنه صلى الله عليه وسلم لم يحدِّث به ثانية .. والله تعالى أعلم !!
حسبنا من هذا أن أنسَ رضي الله عنه لم يحدِّث به سوى أهل البصرة !!
إذاً فهل توافق ذلك مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم - وهو يومئ بيدهـ نحو المشرق - " ألا إن الفتنة ها هنا ألا إن الفتنة هاهنا ، من حيث يطلع قرنا الشيطان " ..؟!
وحسبنا من الحديث إماءة الرسول صلى الله عليه وسلم بيده نحو المشرق .. وأما طلوع قرني الشيطان فالمراد أن الشيطان ينتصب في محاذاة الشمس عند طلوعها ، فتطلع بين جانبي رأسه فإذا سجد عبدة الشمس لها عند الشروق كان السجود له .
فما الذي تحمله تلك الإماءة من تبعات ؟
إن تلك الإماءة ستشمل كل ما دخل تحت نطاق مشرق الحجاز ، ومن تلك الأقطار : قطر العراق ، قطر بلاد فارس ، قطر بلاد المغول قطر بلاد الهند ، قطر بلاد الروس .
فلنقم بقراءة سريعة لمجريات ما حدث لتلك البلاد :
حرب العراق الدائرة الآن ، حروب الأفغان والتوترات الإيرانية ، قنبلتا هيروشيما ونجازاكي الذرية ، سكنى يأجوج ومأجوج ما وراء سد ذي القرنين ، حروب الطوائف والمجاعات التي استبدت على بلاد الهند ، حروب تفكك الاتحاد السوفيتي !
لن أطيل التفصيل أكثر .. فكروا ما يعنيه ذلك !
خامساً : أشار فلاديمير جيرينوفسكي – رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي – إلى أن نحو 300 ألف طفل غير شرعي يولدون سنوياً في روسيا ، وإلى أن عدد النساء يزيد عن عدد الرجال بعشرة ملايين نسمة ، ما يعني أن تعدد الزوجات " أمر ضروري ليس في الشيشان أو القوقاز فقط بل في كل روسيا "!
وبتاريخ 28 / فبراير / 2010 م يأتي الحكم من مجلس النواب الروسي الذي يوافق على هذا النظام ! ويدعو إلى السماح للرجل بتزوج أم طفله " غير الشرعي " من دون فسخ عقد الزواج مع زوجته .
سادساً : أغلب الدول – وإن كانت ذات أغلبية مسلمة – التي تطبق قوانين تمنع تعدد الزوجات تقع في جهة الغرب ومنها : الدول ذات الطوائف المسيحية الكبرى ( الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية ) ، وتركيا ، والبوسنة ، والهرسك ، وتونس .
سابعاً : أكد بعض العلماء من بريطانيا أن تعدد الزوجات هو مفتاح طول العمر !
لا أظنه يطيل العمر بقدر ما هو يطيل الأمم ذات الأقلية الذكورية . . . !
ثامناً : كثرة أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن بدافع شهواني – كما يزعم بعض المستشرقين – والدليل على ذلك أنه تزوج خديجة وهو في عنفوان شبابه – في سن الخامسة والعشرين – ولم يتزوج غيرها إلى أن توفيت وكان عمره إذ ذاك خمسين سنة !
فإذا لم يكن إلى هذا العمر رجل شهوة بل كان رجلاً قانعاً بزوجة واحدة ؛ فهل من العدل أن يقال أنه كان شهوانياً بعد ذلك ؟!
إنما أراد بذلك أن يوجد بينه وبين أصحابه وكبار قومه صلة قوية ، ورابطة متينة بواسطة المصاهرة ؛ لأن ذلك مما يساعده ويشد أزره للدفاع عن مبدئه السامي ، ونشر الدعوة إلى الإسلام !
والمتتبع لسيرته ليدرك أنه صلى الله عليه وسلم لم يذق للراحة طعماً ؛ فلم يكن شغله الشاغل سوى نشر الدعوة والدفاع عن المسلمين .
تاسعاً : لو أبيح للمرأة أن تكون عند زوجين فأكثر لفسد العالم ، وضاعت الأنساب ، وقتل الأزواج بعضهم بعضاً ، وعظمت البلية ، واشتدت الفتنة ، وقامت سوق الحرب على ساق ، فخصص الله هذا الأمر للرجال ؛ لكون المرأة من عادتها أن تكون مخبأة من وراء الخدور ، ومحجوبة في كن بيتها ، وكان مزاجها أبرد من مزاج الرجل ، وحركتها الظاهرة والباطنة أقل من حركته ، وكان الرجل قد أعطي من القوة والحرارة التي هي سلطان الشهوة أكثر مما أعطيته المرأة ، وبُلي بما لم تبل به في السعي في مصالحها ، والدأب في أسباب معيشتها ، وحمايتها ، والدفاع عنها ؛ فإن من يقايس بين تعب الرجال وكدهم وبين عاطفة النساء وغيرتهم لوجد أن حظ الرجال في تحمل التعب أكثر من حظ النساء من تحمل الغيرة ؛ فهذا من كمال عدل الله وحكمته ؛ فإن الله سبحانه شكور حليم ، فشكر لهم ذلك وجبرهم بأن مكنهم مما لم يمكن منه الزوجات .
عاشراً : من الضرورات الشخصية التي تجعل الرجل يعدد رغبته في كثرة النسل ، ومرض الزوجة ، وضعفها فترة الوضع والنفاس ، وشيخوختها ، وعقمها !
وفي نهاية غمار التعدد نقول بأن دائرة التعدد تضيق بمنطق الخشية من عدم العدل " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة "
فبمجرد خوفك من ألا تعدل بين زوجاتكـ مستقبلا يجعلكـ هذا تعدل عن أمر التعدد ، وتصرف النظر عنه ؛ فإن ذلك " أدنى ألا تعولوا " وتجوروا وإن كان الجور يحدث حتى مع الزوجة الموحدة ....!!!
والله تعآلى أعلم ...!!
بقلم ../ عبد الله القرشي ..!!
......