حكاية الموناليــزا
حكاية الموناليــزا
لوحة " موناليزا " ( مقاس 77×53 سم) للفنان " ليوناردو دافانتشي "
من أكثر اللوحات التي أثارت جدلاً على مر تاريخ الفن .
ومع هذا الجدل كانت الكثير من الروايات حول هذه اللوحة تتخذ طابع المبالغة
وفي أحيان كثيرة طابع الغموض .
ولا شك بأن هذه اللوحة تكتنز الكثير من الألغاز والأسرار ,
غير أن القصة الحقيقية لولادتها - ليست كما يزعم – لا تزال مجهولة
فماذا تقول القصة الحقيقية ؟
هذه اللوحة تم رسمها بمقاس كبير على لوح خشبي من شجر الحور ( من
فصيلة الصفصاف , الذي يتواجد كثيراً في بلدان شمال وشرق البحر
الأبيض المتوسط ) . وهي تعتبر من أشهر أعمال الفنان " دافانتشي "
ولكن ليس من أكثرها أهمية .
في البداية كانت اللوحة أكبر مما هي عليه حالياً , فقد كان يحيط بالشخصية
المرسومة عمودين من الجهة اليمنى ومن الجهة اليسرى وقد تم
إقتطاعهما من اللوحة لأسباب غير معروفة حتى الآن .
ومن أجل هذا ليس من السهل التحقق من أن " موناليزا " كانت تجلس على " تراس " المنزل , عند رسمها . كذلك تنبغي الأشارة الى أن الكثير من التفاصيل في هذه اللوحة قد إختفت بسبب التلفيات التي أصابها بها الزمن , وأن جزءاً
من شخصية " موناليزا قد أعيد رسمه تماماً .
غير أن الخصائص الأساسية لهذه اللوحة الشهيرة لا تزال موجودة, وهي تتجلى في تلك الخلفية الضبابية ( وهذا التكنيك يسمى بالأيطالية " Fumato " ويعرفه ا
الفنانون الذين درسوا الفن ) .
أما الشخصية " موناليزا " فهي مرسومة بطريقة رائعة وطبيعية وعلى الأخص ضحكتها التي يطلق عليها النقاد " الضحكة المنومة " ( بكسر الواو من التنويم المغناطيسي ) .
الحكاية تقول أن " فرانسيسكو دي بارتولوميو دي زانوبي ديل جيوكوندو "
وهو واحد من عائلات النبلاء في " فلورنسا " كان قد طلب من الفنان "
دافانتشي " لوحة شخصية ( Portrait ) لزوجته الثالثة " ليزا دي
أنطونيو ماريا دي نولدو جيرارديني " .
" دافانتشي " بدأ العمل على هذه اللوحة عام 1503 , حيث كانت " مونا
ليزا " في سن الرابعة والعشرين .وإستمر العمل على هذه اللوحة طيلة
أربع سنوات . وعندما غادر " دافانتشي " مدينة " فلورنسا " عام 1507
, لم يبع اللوحة لطالبها ولكنه إحتفظ بها لنفسه .
البعض يفكر أن الفنان لم يسلم اللوحة لأنها لم تكن منتهية , والبعض الآخر يعتقد أن الفنان أحب هذه اللوحة كثيراً وفضل الأحتفاظ بها .في عام 1516 , عندما وصل " دافانتشي " الى فرنسا كانت هذه اللوحة من بين حقائبه التي حملها معه .
وفي فرنسا باعها الى الملك " فرنسيس الأول " الذي إشتراها لقصره في
منطقة " أمبواز " . ثم إنتقلت اللوحة الة منطقة " فونتينبلو " ثم الى "
باريس " ومن بعدها إستقرت في قصر " فرساي " بين مجموعة الملك "
لويس الرابع عشر " .
بعد الثورة الفرنسية , وجدت اللوحة طريقها الى متحف " اللوفر " . غير أن " نابليون بونابارت " إستعادها وطلب تعليقها في غرفة نومه . وعندما حوكم " نابليون " تم إعادة اللوحة الى " اللوفر " في باريس .
في 21 أغسطس 1911 سرق رجل إيطالي اللوحة من متحف " اللوفر " وأعادها الى إيطاليا . حيث بقيت هناك مخفية قرابة السنتين , حيث ظهرت فيما بعد في " فلورنسا " .
وبعد أنتقالها بين عدة معارض , أعيدت الى باريس . في عام 1956 جرت محاولة إتلاف اللوحة بواسطة الأسيد من قبل شخص وصف بالهوس , وقد أتلف الأسيد النصف الأسفل من اللوحة , غير أنها عادت الى طبيعتها بعد عمليات ترميم
إستغرقت بضع سنوات .
بين عامي 1960-1970 " موناليزا " عرضت في " نيويورك " و " طوكيو " و " موسكو " .
اليوم لوحة " الموناليزا " موجودة في متحف " اللوفر " خلف حاجز زجاجي مطاد للكسر والرصاص , وقد أتخذ قراراً بمنعها من السفر لأسباب عديدة في مقدمتها
الخوف من التلف أو الفقدان لأي ظرف كان
ليوناردو دافنشى (1452-1519)
وكانت أغرب دراسة جرت حول الموناليزا تلك التى قام بها مجموعة من علماء التشريح وتوصلوا فيها إلى أن الموناليزا كانت تعانى من آلام فى يدها أو شبهة شلل بها نظراً لوضع الجسم والذراع وحالة الاتكاء الذى ظهرت به فى اللوحة
ظلت الموناليزا وستبقى محيرة وملهمة للفنانين فقد كتب عنها وحولها آلاف القصائد الشعرية وألفت أوبرا كاملة باسمها "أوبرا الموناليزا"
يقول عنها الشاعر الأيرلندى إدوارد دودن:
"أيتها العرافة، عرفينى بنفسك
حتى لا أيأس من معرفتك كل اليأس
وأظل انتظر الساعات، وأبدد روحى
يا سراً متناهى الروعة
لا تحيرى الوجدان أكثر مما تفعلين
حتى لا أكره طغيانك الرقيق"
وعن ابتسامتها يقول الشاعر التشيكى ياروسلاف فرشليكى:
"ابتسامة مفعمة بسحر السر
فيهما الحنان والجمال ...
أتراها تغوى ضحيتها
أم تهلل لانتصارها.."
وعن عينيها ويديها يقول الشاعر الألمانى برونو ستيفان شيرر:
"ينبثق بريق العينين ... من الأعماق الذهبية
نبع الأبدية
ويغطى الشعر قناع ... امرأة وعروس وبتول
واليد ترتاح على اليد
تتنفس فى حر الظهر ... أفراح الورد
والبسمة فوق الشفة ... وفوق الخد"