الفكر الثوري هو أحد الأسباب الرئيسية في وضعنا الراهن المأساوي من وجهة نظري و لذلك أركز عليه في مقالاتي و هنا أود أن أركز على اخطر صفة في هذا الفكر و هي غرس العزة و العظمة الجوفاء الآثمة في نفوس أصحابه
فترى أصحاب هذا الفكر لديهم عزة جوفاء وغرور كبير تجعلهم ينظرون باستعلاء و دونية إلى الآخرين
و عندما تقترب من هؤلاء و تتعرف عليهم عن قرب و تحاورهم تكتشف أمرهم فتجدهم فقراء في الفكر و المعرفة و الثقافة و ضيقي الأفق و يظنوا نفسهم اكبر علماء و مثقفي عصرهم فيحاوروا الأطباء في طبهم و المهندسين في هندستهم و علماء الشريعة في شريعتهم و الساسة في سياستهم و الاقتصاديون في اقتصادهم ويقيم جميع فئات المجتمع على اختلاف طبقاتهم و كل هذا بكلام عام و كلمة من هنا و كلمة من هناك وبتناقض و بلا أدلة و بلا براهيين
و لكنهم يجيدوا فن كيل التهم و التكفير و القذف و السب و الشتم فارخص شئ عندهم هو الكلام و حياة الإنسان و كرامته
ولذلك لا يجيدون فن الحوار فإذا حاورتهم و سقت لهم الأدلة و الحجج الواقعية المحسوسة العلمية و المنطقية فيبهتوا ويصعقوا بها
فتراهم يفروا إلى جحر كيل التهم و السب و الشتم خوفاً على أفكارهم الهشة من أن تدكها قوة الحجة فتذرها قاعاً صفصفا و يلتجئوا إلى شماعتهم المعروفة فلسطين إسرائيل أمريكا و يحتموا بشعاراتهم الرنانة
و لذلك أي تقارب بين بعضهم أو بين الآخرين لا يدوم طويلا فاغلب محاولات الوحدة و التقارب السابقة بين هذه الدول فشلت بسبب هذه الصفة فالكل رأس و كل طرف يحاول أن يهيمن و يسيطر على الطرف الآخر
فإذاً النفخة و العزة الجوفاء الآثمة و التي يعبر عنها بنزعة (أنا) اخطر صفة في الفكر الثوري لأنها تشكل حاجز سميك و سد منيع و عقبة كبرى في وجه أي تقارب و أي مشروع وحدوي بين الدول العربية
و لأن هذه الصفة تقف عقبة كبرى في وجه أي تغيير ايجابي لأن صاحبها لا يشعر بالحاجة إلى الازدياد من العلم و الثقافة وإذا طلبه فيطلبه من اجل الجدال وإذا قرأ فيقرأ قراءة الناقد لا قراءة المستفيد فتراه لا يجيد فن الحوار و لكنه يجيد فن تتبع العثرات و الزلات