هل نحن في الخطأ ؟
مقال رائع من جريدة الإقتصادية
نجيب الزامل - 11/08/1427هـ
- عندما تجد أن أشياء تحدث، وكان يجب ألا تحدث فهناك خطأ؟
- عندما يُهان السعودي في أكثر من مكان، خاصة في المطارات واستصدار التأشيرات، والظلم الواضح في تطبيق العدالة في الخارج، فهناك خطأ.
- عندما يكون الفرد مهما جدا عند حكومة أي دولة لدرجة أنها مستعدة أن تحرك كل طاقاتها الإعلامية والاقتصادية والسياسة، من أجل مساعدة وإغاثة وتحرير وتخليص مواطن واحد من مواطنيها في دولة أخرى، ونحن لا نستطيع ذلك، أو أنهم لا يحققون لنا ذلك، فهناك خطأ.
- إن كانت مدننا تقل نظافة وتفتقر صيانة كل يوم فهناك خطأ.
- إن ذهبت لكل مدن الخليج من الكويت إلى صلالة ووجدت أنها أنظف وأرتب وأنظم من مدننا (السابقة لها في التاريخ والتنظيم) فهناك خطأ.
- إن صار في أكثر من منطقة تقدما واضحا في المناطق الحرة والتطبيقات المرنة والقوة الإغرائية لجلب الأموال إليها، ولم نستطع نحن أن نفعل ذلك وبالوتيرة نفسها، إن لم تكن أفضل، فهناك خطأ.
- إن صرنا نريد أن نطبق أي شيء بسرعة وعجلة ونصفق لأي قرار من مسؤول دون بحث العواقب، ولا وضع أدوات لقياس قوة تطبيق وفعالية ونجاح القرار، فهناك خطأ.
- إن صار في كل حي في البحرين جامعة، وفي كل منعطف في الدوحة القطرية جامعة، وتوقف إمارة مثل الشارقة كل مقدراتها لتكون بيئة جامعية بالكامل، ثم تمتلئ هذه الجامعات بتلاميذ وتلميذات سعوديات، وبأموال سعودية (طبيعي!) فهناك خطأ.
- إن كانت الصيانة في شوارع الكويت وجاراتها وفي البحرين وفي أبو ظبي وفي مسقط قائمة بجدولة مقننة، ولا تجد أن الصيانة شيئا معتبرا في شوارعنا، فهناك خطأ.
- متى ما كان على مسافرة سعودية أو مسافر سعودي عن طريق البر، أن يضغط على نفسه وهو في حاجة لتلبية النداء الحيوي الطبيعي للتخلص من إفرازات العمل الحيوي داخله حتى يصل أو تصل إلى أقرب دورة مياه في الطريق الإماراتي، لأن دورات المياه في الطرق البرية هناك بمنتهى النظافة ووفرة التموين، بينما دورات المياه على طرقنا تعافها السائمة، فهناك خطـأ.
- إن كانت عندنا أكبر شركة بترول في العالم، ولا تخصص صناديق لدعم العمل الإنساني الخيري، كما تفعل مؤسسة عائلية هي مؤسسة جيت وزوجته للعمل الإنساني في كل الأرض، فهناك خطأ.
- إن كانت تجهيزاتنا الأساسية خصوصا الطاقة الكهربائية لا تستطيع أن تواكب التوسع المخطط له، الذي نحلم به فتحترق فيوزاتها من أول خطوة توسع فهناك خطأ.
- إن كثرت الأخطاء الطبية، وكثر النقص في أدوية مستشفياتنا العامة، وضاعت الأنظمة الصحية بين المهنة التجارية والمعنى الإنساني للطب فهناك خطأ.
- إن تهالكت مدارسنا، وتساقطت أبوابها، ومضى عليها الزمن عقودا طوالا دون فحص وقائي واحد، فهناك خطأ.
- إن صارت الفصول الدراسية تغص بالطلبة بأكثر من المعدل المطلوب علميا وعالميا بكثير، فهناك خطأ.
- إن زادت دورة الريال المفقودة إنتاجيا في الأسهم والإيرادات والتراكم في البنوك فهناك خطأ.
- عندما نخاف الصراحة، ونتجنب المكاشفة، ويكثر التزلف والنفاق وتغميض العيون والقلوب والضمائر عن الفساد وقلة الاكتراث وغياب الوازع، ويكون البحث عن المجد الشخصي مباركا من الناس، فهناك خطأ!
- عندما يكون لنا خط في الشمال والشرق يربطنا مع دول مجاورة ومتروك بلا تطوير ويكون مصيدة للموت، فهناك خطأ.
- عندما تموت الطبيعة، ويتلوث الهواء، ويكثر ردم المخلفات الخطرة وننثر السموم، فهناك خطأ.
- عندما نقلل فرص تطور الأعمال بوضع اللوم كله على جانب واحد من قطاعات الأمة ثم نذهب لنتغدى وننام.. فهناك خطأ.
- عندما تشيب فجأة مدينة مثل جدة، كان المفروض أن نباهي بها العالم فهناك خطأ.
- عندما تمر الطائرات فوق رؤوسنا وفي مجالنا الجوي ومعبأة بالركاب السعوديين أو المقيمين في البلاد من مطارات أخرى، فهناك خطأ.
- عندما يتوقف التطور في موانئنا وتزدهر في دبي والكويت وقطر والبحرين بعد أن كانت من أفضل موانئ آسيا، فهناك خطأ.
- عندما تدور الأموال وتتفاقم الثروات بالطرق الضيقة وبالقوة المباشرة، وتمتنع بذات النسبة والقوة عن بقية الناس فهناك خطأ.
- إن كنا لا نقيس تطورنا مقارنة بالآخرين، ونقتصر على الإشادات الرسمية والصحافية المنشـّاة أو المطلوب منها أن تفعل كنشرة رسمية باهتة فهناك خطأ.
- عندما يزيد الدخل من البترول، ويقف مئات من طالبي الوظيفة أمام طلب لوظيفة متواضعة واحدة، فهناك خطأ.
- عندما تغيب الموضوعية، والاختيار العادل للمناصب المهمة المتعلقة بتطوير قدرات الأمة، وتغيب الحكمة، وتغيب الشجاعة والمصارحة والنصيحة الخالصة فهناك خطأ.
- من يعلم بكل ذلك.. ثم يكمل حياته وكأن الأمور في مسارها الطبيعي.. فهنا أكبر الأخطاء.
.. إن لم يظهر هذا المقال فهناك خطأ، وإن خرج المقال أرجو ألا يكون قد خرج عن طريق الخطأ!