بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما يقبل فصل الصيف، وتشتد الحرارة، يبدأ الناس يعانون من حره، وسخونة أجوائه، فنجدهم يحاولون تخفيف إحساسهم بشدة الحرارة بتخفيف ملابسهم، أو بالانتقال إلى المصايف،إتقاء لأذى هذا الحر,وانتقالهم لأماكن أخرى داخل بلادهم أو خارجها،من أجل الاصطياف,وبالنظر في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على أن يكون شعارنا خلال تلك الإجازة,العودة إلى الله تعالى، وتجديد الصلة والعلاقة معه، وحساب النفس ومُساءلتها، والاقتراب أكثر من الله تعالى,إن كلاّ من شدة الحر وشدة البرد آية من آيات,الله تعالى، فبعض الأماكن حار مما يذكر بلهيب النار، أو البارد كالشتاء، مما يذكر بزمهريرها، أو المعتدل كفصل الربيع، مما يذكر بنعيم أهل الجنة، وما أعده الله تعالى لأهلها من متاع,قال النبي صلى الله عليه وسلم(- اشتكت النار إلى ربها . فقالت : يا رب ! أكل بعضي بعضا . فأذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ونفس في الصيف . فهو أشد ما تجدون من الحر . وأشد ما تجدون من الزمهرير
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 617
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفي الحديث الصحيح,إذا اشتد الحر فأبرِدوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم, ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ,فأبردوا عن الصلاة, أي, أخروا صلاة الظهر إلى حين يبرد النهار وتنكسر شدة الحر,لأن حر الدنيا لا يساوي شيئا بجانب حر جهنم، فينبغي لمن لا صبر له على حر الشمس في الدنيا أن يجتنب من الأعمال ما يتوجب صاحبه به دخول النار، فإنه لا قوة لأحد عليها ولا صبر,قال الله تعالى (قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ
)ويكفي لتِبيان مدى شدة حرارة جهنم تقريب الإنسان إصبعه من نار ضعيفة، ولو مجرد لهب عود ثقاب، ليتبين مدى حجم عذاب جهنم, أعاذنا الله تعالى منه,قال النبي صلى الله عليه وسلم(إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم ، وقد ضربت بالبحر مرتين ، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن كثير - المصدر: نهاية البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 2/122
خلاصة حكم المحدث: على شرط الصحيحين
)وقال تعالى واصفا النار(كلا إنها لظى نزاعة للشوَى )تنزع الجلد واللحم عن العظم,وكان الصحابة ,رضي الله عنهم ,يتفننون في طاعة ربهم،ومحاولة الاقتراب منه، فابتكروا ما سُمي (بظمأ الهواجر)، وهو الإكثار من الصوم في شدة الحر، باعتباره مما يُضاعف ثوابه من الطاعات، لما فيه من الظمأ والعطش في اليوم شديد الحرارة،بل كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يتأسف عند موته على ما فاته من ظمأ الهواجر، وكذلك غيره من السلف,وكان أبو الدرداء, يقول , صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور,وهكذا، كان الصحابة, رضي الله تعالى عنهم, يصومون اليوم الحار ليوم أشد حراّ، وذلك من عُلو همتهم، ومبادرتهم أيامهم بالصيام، كما كانوا يعطشون لله من أجل أن يرويهم الله تعالى يوم القيامة,فلما صبر الصائمون لله تعالى في الحر على شدة العطش والظمأ ,أفرد لهم سبحانه وتعالى باباّ من أبواب الجنة، وهو باب الريان، من دخله شرب وارتوى، ومن شرب لم يظمأ بعدها أبداّ، فإذا دخلوا أُغلق على من بعدهم فلا يدخل منه غيرهم,
حفظنا الله تعالى من حر الدنيا وحر الاّخره.