بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي/ أخواني
من عادة التجار أن يقوموا في نهاية العام بجرد حساباتهم.
وفي نهاية هذا العام…أدعو نفسي وإياكم إلى وقفة محاسبة…
فإن وجدنا في أعمالنا خيرا، حمدنا الله تعالى وطلبنا منه المزيد من التوفيق إلى فعل الخير.
وإن وجدنا غير ذلك تبنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا، وعاهدناه على أن يكون عامنا الذي نستقبله خيرا من عامنا الذي نودعه.
أخي/ أختي:
العمر ليس ألعوبة بين يديك…بل هو فرصة، لأن تتقرب فيه إلى الله عز وجل وتتزود لآخرتك،
قال الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ابنَ آدم: أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود منى فإني لا أعود إلى يوم القيامة...
إخوتي - أخواتي:
دورة من أدوار الفلك انصرمت، وعام من أعوام حياتنا انقضى ومضى، وهكذا الدنيا.. ما هذه الدنيا إلا أحلام نائم وخيال زائل.
فالعاقل من اتخذها مزرعة للآخرة، وجعلها قنطرة عبور للحياة الباقية. فها هو ذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستقبل محرابه قابضاً على لحيته وقد أرخى الليل ستوره، وغارت نجومه، يتململ تململ العليل، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا إليَّ تعرضتِ، أم إليَّ تشوفتِ؟ قد - طلقتك - ثلاثا لا رجعة لي فيكِ، فعمركِ قصير، وشأنكِ ****، وخطركِ كبير، آهٍ من قلة الزاد، وبعد السفر، ومشقة الطريق.
نعم لقد أوشك العام الهجري 1432 على الانقضاء، والرحيل إلى ربه، يحمل صحائف أعمالنا، وبعد قليل تختم أيامه وشهوره، فلا تفتح إلى يوم القيامة.
يا ترى هل حاسبنا أنفسنا، وندمنا على ما مضى وتبنا إلى الله، هل عاهدنا الله أن نكون في العام المقبل خيرا من العام المدبر،
قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تصل!!
وقال أبو الدرداء: إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك.
من عرف حق الوقت، فقد أدرك قيمة الحياة، فالوقت هو الحياة، وحينما ينقضي عام من حياتنا، ويدخل عام جديد، فإنه لا بد وقفة محاسبة طويلة.
نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تأتي ساعة الحساب.
لا بد من وقفة محاسبة: نندم فيها على ما ارتكبنا من أخطاء.
لا بد من وقفة محاسبة: نستقبل فيها العثرات.
لا بد من وقفة محاسبة: ننهض فيها ونستدرك ما فات.
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)).
ويقول عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية".
كان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة"
منقول دمتم بخير