هذه قصيدة في فضل العلم آداب الطلب وسبل التحصيل عرضتها على أهل العلم فاستحسنوها فأحببت أن أتحفكم بها وأرجو من الإخوة نشرها .
المقدمة
قلبُ المتيمِ دائمُ الخفقانِ = شوقَ اللقا أو خشيةَ الهجرانِ
يا عاشقاً للغيدِ ذا كَلَفٍ بها = متغزِلاً باللحظِ والأجفانِ
أقصرْ فإنَّك ما عرفتَ الحبَّ لم = تدرِ بما تسلو به العينانِ
ما الحبُّ أن تشدو بعشقِ مليحةٍ = تسبي القلوبَ بلحظِها الفتانِ
لو تدريْ قدرَ العلمِ لم تحفلْ بها= ولقيتَها بالصدِّ والشنآنِ
فضل العلم
العلمُ أفضلُ ما سعيتَ لنيلِه = وأجلُّ ما سارتُ له القدمانِ
العلمُ أجملُ زينةٍ وأجلُّ من = تاجِ الملوكِ وحليةِ السلطانِ
لو أن هذا العلمَ صوّرَ صورةً = لتوارَ من ذاك السنا القمرانِ
أو كان شخصاً ناطقاً لرأيتَه = أزرى بكلِّ مليحةٍ وحسانِ
أو كان صوتاً كان أعذبَ نغمةٍ = وسمعتَه من أجملِ الألحانِ
أو كان قوتاً كان أشهى مطعَمٍ = وألذَّ ما قد ذقتَه بلسانِ
العلمُ أغلى ما يدٌ تحوي وما = حازَ امرؤٌ لا يُشرَىْ بالأثمانِ
يكفيك أنَّ اللهَ متصفٌ به = فهو العليمُ وعلمُه ذو شانِ
والرسلَ فضّلَهم كذاك لعلمِهم =واختارَهم لهدايةِ الإنسانِ
بالعلمِ قد خُصَّ الأنامُ وفضِّلوا= وتميَّزوا عن سائرِ الحيوانِ
والعلمُ أفضلُ من تنسكِ ناسكٍ =وعبادةِ الزهادِ والرهبانِ
(قُلْ ربِّ زدني) قد كفى في فضلِه= أنعمْ بفضلٍ جاءَ في القرانِ
والعلمُ أفضلُ قربةٍ بعد الذي فرَضَ الإلهُ فلا تكنْ بالواني
وإذا تناسبتْ الرجالُ فلن ترَىْ = نسباً كعلمٍ يا أخا العرفانِ
والعلمُ منجاةٌ من الفتنِ التي = عصفتْ كعصفِ الموجِ والطوفانِ
والعلمُ في نعمِ الإلهِ أجلُّها = وسبيلُ نيلِ الخيرِ والإحسانِ
والله فرّق بين أهلِ العلمِ والـ = جهلاءِ بانَ الفضلُ بالفرقانِ
واستشهدَ الرحمنُ أهلَ العلمِ مَعْ =أملاكِه بشهادةِ الإيمانِ
قُلْ إنَّ أهلَ العلمِ هم أهلَ النهى=والفهمِ للأمثالِ في القرآنِ
الواقفونَ عن الحدودِ تورعاً = نُضْرُ الوجوهِ مطهرو الأردانِ
وهمُ العدولُ وأهلُ خشيتِه فكمْ= ذرفتْ خشوعاً منهمُ العينانِ
واستغفرتْ لهم الخلائقُ كلُّها = كالنملِ تحت الصخرِ والحيتانِ
ورحيلُ أهلِ العلمِ أعظمُ ثلمةٍ = في الدينِ بل من أعظمِ الخسرانِ
لكنَّ أهلَ العلمِ أحياءٌ وإنْ = قد وسّدوا في اللحدِ والأكفانِ
الوارثون الأنبياءَ فكم سموا = فهمُ ولاةُ الأمرِ في الأوطانِ
رفعَ الإلهُ مقامَهم بين الورى = فمحلُّهم يعلو على الكيوانِ
ولقد أتى نصُّ الحديثِ بأنَّهم = كالبدرِ ليلَ الستِ بعدَ ثمانِ
أمرَ الإلهُ سؤالَهم في كلِّ ما = هو مُشكِلٌ يعصى على الأذهانِ
وهم الدعاةُ إلى الهدى ببصيرةٍ = وهم الألى كالشمسِ في البلدانِ
وإذا وزنتَ مدادَهم بدماءِ من = اُستشهدوا قد طاشَ بالميزانِ
ولقد دعا في نيلِه مستنفراً = في الآيِ أهلَ الفضلِ والإيمانِ
من سارَ في طلبِ العلومِ فإنه = يرقى بسلكِ طريقَه لجنانِ
ذو الفضلِ قُلْ بالعلمِ قد نالَ العلا =وأخو الجهالةِ باءَ بالخسرانِ
وانظرْ إلى الجهلِ المقيتِ لكي ترَىْ =فضلَ التعلُّمِ يا أخا العرفانِ
فالجهلُ داءٌ قاتلٌ وبليةٌ = يكفيك ذمُّ الجهلِ في القرآن