يقول أحد الإخوة في حج عام 1416هـ كنت مرافقاً لسماحته الشيخ محمد العثيمين وهو يزور الحجاج - كعادته كل سنة - يسلم عليهم ويحدثهم ويجيب على أسئلتهم في مطار الملك عبدالعزيز بجدة, ودخلنا صالة استقبال كان فيها حجاج من جمهورية من الجمهوريات الإسلامية التي كانت تحت الحكم الروسي، وكان أصغرهم سناً قد بلغ الستين ، وليس فيهم من يتكلم العربية ، فسأل الشيخ إن كان معهم مترجم يترجم كلامه إليهم ، فلم نجد إلا شاباً سعودياً كان في استقبالهم يتحدث بلسانهم، فطلبنا منه أن يترجم كلام الشيخ فوافق ، وأخذ الشيخ يتحدث والشاب يترجم ، وفي أثناء حديثه دخل شاب يركض - علمنا فيما بعد أنه مرشد الحملة - وإذا به يتحدث العربية بطلاقة ، وطلب أن يقوم بالترجمة وأخذ مكبر الصوت ، وهو لا يعلم من هو الشيخ حتى فرغ الشيخ من حديثه ثم جاء يسلم ، فقلنا له: هذا الشيخ محمد العثيمين ، وإذا بالشاب ينظر إلى الشيخ باستغراب وقد اتسعت حدقتا عينيه وقال : الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، فاستغربا من معرفته لاسم الشيخ ، وقلنا : نعم . وإذا به يضم الشيخ بذراعيه وأخذت الدموع تنهال من عينيه ، وهو يقول : الشيخ محمد العثيمين ويكرر اسمه فرحاً ، ثم ما لبث أن أخذ مكبر الصوت ، ونادى في أفراد الحملة بكلام لم نفهم منه سوى ترديده لاسم الشيخ ، وكانت المفاجأة أكبر عندما أخذ أصواتهم وهم يرددون اسم الشيخ : الشيخ العثيمين ، وقال الشاب : يا شيخ هؤلاء كلهم طلابك ، هؤلاء كانوا يدرسون كتبك في الأقبية تحت الأرض لما كان تعليم الإسلام عندنا ممنوعاً ، وهم في شوق للسلام عليك ، فهل تأذن لهم ، وأذن لهم الشيخ فأقبلوا يقبلونه ويقبلون رأسه ويديه وهم يبكون ويرددون اسمه ، فكان من أشد المواقف تأثيراً ، وما أعلم من بقي في ذلك المكان إلا وبكى تأثراً بما رأى وسمع .
نسأل الله أن يرحم شيخنا وأن يسكنه فسيح جناته وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه ، وأن يعوض الأمة الإسلامية بعلماء ربانيين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه