في معنى التجويد ، وفيه فصول الفصل الأول في التجويد و التحقيق و الترتيل
أما التجويد فهو مصدر من جود تجويدا إذا أتى بالقراءة مجودة الألفاظ ، بر الفصل الثاني في معنى قوله تعالى : " ورتل القرآن ترتيلاً
سئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن هذه الآية ، فقال : الترتيل هو تجويد الحروف ، ومعرفة الوقوف . وروى ابن جريج ، عن مجاهد ، أنه قال : أي ترسل فيه ترسلاً . وروى جبير عن الضحاك : أي أنبذه حرفاً حرفاً . وروى مقسم عن ابن عباس : أي بينه تبيينا . وقال علماؤنا : أي تلبث في قراءته ، وأفصل الحرف من الحرف الذي بعده ، ولا تستعجل فتدخل بعض الحروف في بعض . ولم يقتصر - سبحانه وتعالى - على الأمر بالفعل حتى أكده بمصدره ، تعظيما لشأنه ، وترغيبا في ثوابه . وقال تعالى ورتلناه ترتيلاً أي أنزلناه على الترسل ، وهو المكث ، وهو ضد العجلة ، وقال تعالى : وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث أي على ترسل
يئة من الجور في النطق بها . ومعناه انتهاء الغاية في إتقانه ، وبلوغ النهاية في تحسينه ، ولهذا يقال جود فلان في كذا إذا فعل ذلك جيداً ، والاسم منه الجودة . فالتجويد هو حلية التلاوة ، وزينة القراءة ، و هو إعطاء الحروف حقوقها ، وترتيبها مراتبها ، ورد الحرف إلى مخرجه و أصله ، وإلحاقه بنظيره وشكله ، وإشباع لفظه ، وتلطيف النطق به ، على حال صيغته وهيئته ، من غير إسراف ولا تعسف ، ولا إفراط ولا تكلف ، قال الداني : ليس بين التجويد وتركه إلا رياضة لمن تدبره بفكه . وأما التحقيق فهو مصدر من حقق تحقيقاً ، إذا أتى بالشيء على حقه ،وجانب الباطل فيه ، والعرب تقول : بلغت حقيقة هذا الأمر ، أي بلغت يقين شأنه ، والاسم منه الحق . ومعناه أن يؤتى بالشيء على حقه ، من غير زيادة فيه ولا نقصان منه . وأما الترتيل فهو مصدر من رتل فلان كلامه ، إذا أتبع بعضه بعضاً على مكث ، والاسم منه الرتل ، والعرب تقول : ثغر رتل ، إذا كان مفرقاً لم يركب بعضه بعضاً ، قال صاحب العين : رتلت الكلام تمهلت فيه . وقال الأصمعي : في الأسنان الرتل ، وهو أن يكون بين الأسنان الفرج ، لايركب بعضها بعضاً . وحده : ترتيب الحروف على حقها في تلاوتها ، بتلبث فيها .