[
كثير منَّا من عَمَر الشهر بالصيام والقيام، وأكثر من قراءة القرآن، وتصدَّق ووصل رحمه، وأحسن وأجاد.
بيد أن الكارثة والطامَّة والداهية أن تُحرق كلّ هذه الإنجازات عقب إعلان العيد مباشرة، حيث يعود التائبون العابدون إلى سابق عهدهم، وينتقلون من مراتب الإحسان إلى دركات الإساءة، عياذًا بالله.
فالذين عفّت أعينهم وأسماعهم عن الحرام، وقصرت هممهم عن الفحش والطغيان أسرعوا الخُطا إلى طاعة الشيطان، وأهواء النفس الأمارة بالسوء، فأطلقوا العنان لجوارحهم وحواسهم تعبُّ من كلِّ ممنوع ومحرَّم.
ذكر المفسرون في تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92]، أن عجوزًا في مكة كانت تغزل الصوف في أول النهار، حتى إذا أوشكت على إتمام غزلها آخر النهار نقضت غزلها وأفسدته، ثم عادت إلى الغزل والنقض مرة أخرى، وهكذا كان دأبها وشأنها أبدًا.
فحذَّر الله من خلال هذه الآية المؤمنين من التشبُّه بصنيع هذه المرأة، وذلك بإفساد أعمالهم الصالحة بأعمال سيئة تنقضها، وتذهب بركتها.
ونحن هنا نعظ أنفسنا وإخواننا بموعظة الله، ونحذِّر من نقض الصيام والقيام والقراءة والإحسان بالفحش والبغي والظلم والإساءة، ولكننا نهتبل فرصة الإحسان الرمضاني إلى إحسان أبدي، ويكون صيام الست من شوال آية مندوبة، وبرهانًا عمليًّا على صدق نوايانا وسيرنا إلى الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم