في عهد اوباما انهالت الأسلحة الأميركية على المالكي لتقوية حكمه مع ان واشنطن تعرف انه رجل ايران في العراق ، وانه ينتهج نهجا طائفيا دمر وحدة البلد وشعبه ، وبدل ان يضغط اوباما على المالكي طوال كل هذه السنوات من اجل خلق توازن في بناء الجيش وفي العملية السياسية ينهي تهميش السنة واضطهادهم ، راح يغرقه بالسلاح المتطور حتى نفش ريشه وتمادى في الصلف والغطرسة والغرور .
هذا الكرم الحاتمي بالسلاح الذي انتهجه اوباما في العراق قابله نهج احكام الحصار على الجيش الحر في سوريا بمنع تزويده او تصدير اي سلاح نوعي له يساعده في حربه المزدوجة ضد براميل النظام وضد داعش في الرقة وحلب ودير الزور ، وذلك بحجة (الخوف ) من أن يقع بعض هذا السلاح بيد الدولة الاسلامية والقاعدة الخ . وعندما قدمت الولايات المتحدة في الأشهر الاخيرة عددا قليلا من صواريخ تاو المضادة للدروع الى احد الفصائل المنتقاة من الجيش الحر ، وهي حركة حزم ، تم تطبيق شروط تعجيزية صارمة عليها ، مثل تصوير الصاروخ عندما يطلق وغير ذلك من أفكار ألعاب الفيديو الاستخبارية !!. حتى ان من امتلك هذه الصواريخ بات يفضل عدم استخدامها حتى لا يخالف الشروط الأميركية .
المحصلة النهائية لهذا النهج في التسليح ، الذي اختطه اوباما في العراق وسوريا ، هو الفشل الذريع والمخزي بعد ان جاء بعكس النتائج المتوخاة . فسلاح اوباما المتطور ، من مئات عربات الهمر العسكرية الغالية الثمن الى المدافع والدبابات والمضادات و الصواريخ واطنان العتاد تسلمته داعش ( بورقته ) ، جديدا براقا وبكميات هائلة من قواعد وفرق المالكي العسكرية المنهارة والمهزومة !!. وهكذا تحول اوباما وإدارته الى اكبر مصدر أسلحة الى داعش لتستخدمها في بسط سيطرتها على نصف مساحة العراق وثلث مساحة سوريا وبذلك تحولت سياسة اوباما بحرمان الجيش الحر من السلاح النوعي وبمنح المالكي كل أسباب القوة بحجة ( الحرب على الارهاب ) وحظر وصول السلاح الى داعش ، تحولت الى ( مساندة للإرهاب ) وتزويد داعش بسلاح أمريكي ما كانت لتتصور حدوثه في ربيع أحلامها .
ومن المضحكات ان يخرج الناطق باسم حكومة اوباما بتصريح في الأسبوع الماضي يطالب فيه الجيش الحر بالتصدي لداعش في دير الزور والرقة ، وهو الجيش الذي لا يملك غير الكلاشنكوف وغير ما غنم من مستودعات جيش الأسد ، هذا فيما كانت داعش تقيم عرضا عسكريا ضخما في الرقة بما غنمته من السلاح الأميركي المتطور في العراق .
باختصار ، كل قراءة للأحداث المفاجئة والمتسارعه في المنطقة تجبر اي مراقب لها على استخلاص عدة دروس منها : 1- ان ما يجري بالمنطقة من انهيارات وكوارث هو بالأساس نتيجة مباشرة لقرارات البيت الأبيض ( السابقة واللاحقة ) الهوجاء والرعناء التي قوضت الامن والاستقرار في المنطقة وألحقت أضرارا كارثية بالشعبين العراقي والسوري كما ألحقت الضرر بالأمريكيين انفسهم الذين خسروا الاف الأرواح والأموال والعتاد تحت زعم ( الحرب على الارهاب ) واذا بهم يخلقون ( بحروبهم وسياساتهم ) البيئة المثالية لنمو وانتشار الارهاب . 2-اما الدرس الأهم من تخبط واشنطن وحصاد سياساتها هو ان من يعتمد عليها من الانظمة انما يسند ظهره الى حائط منهار لأن من لا يعرف الصلاح لنفسه لا يمكن ان يوفره للآخرين ، واذا كان كيسنجر قد قال من قبل ان ( الدول العظمى لا تُقدم على الانتحار العسكري والسياسي من اجل حلفائها ) فالتجارب اثبتت ان أمريكا هي كذلك بالفعل لا تنتحر لكنها لا تكترث وهي ترى حلفاؤها ينتحرون او ينحرون .
اما الدرس ( الجوهرة ) فأمان اي نظام لا يتم بسلاح أمريكا او غيرها مهما عظُم ( انظروا المالكي ومن سبقه من حكام العرب ) . أمان اي نظام هو بتواصله مع شعبه ، وبالتفاف شعبه حوله ( اقصد مواطنيه وليس منافقيه ) وغير ذلك سواليف حصيده .
المصدر صحيفة المقر:http://www.maqar.com/?id=60113&&head...A7%D8%B9%D8%B4