بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة للجميع
أتحدث اليوم عن شخصية ليست بالمشهورهـ
وليست بذات التواجد الاعلام.
ولم يخط قلمها صفحات الورق في الكتب والجرائد
اتحدث اليوم عن شخصية بسيطة ربما هي متواجده في كل بيت وكل مدينة وكل وسط وكل دولة
شخصية رسمت في ذاتي ولذات الاخرين كل كتب الاحترام وارق معاني الكلمات واجمل مشاعر الانسانية
شخصية اثرت بحياتي وحياة كل من خالطها وعاش معها
انا هنا ليست بوق اعلامي لشخص او اريد المدح بهذا الشخص او النفاق
ولكن ما اجمل ان يوجد في بيوتنا امثال هؤلاء وهم ان شاء الله موجودين في كل بيت ولكن نتمنى ان تبقى هذه الشخصية في حياتنا مدى العمر ومدى الحياة
لكي تكون صورة حية وواقعيه من الجمال ومعنى ان يعيش الانسان حياته
هذا محور حديثي يجب ان نكون جزء او مثل او افضل من هذه الشخصية مع انه يحز على قلبي ان اقول افضل لاني لا اجد في نظري وفي قلبي وعيني من هو افضل منه ولكن هذا شعور انساني وجداني تتحدث به كل نفس
ولكن هي مجرد للعبره والحياة عبر يجب ان نعيشها وان لا نخفيها خلف صدورنا ونجعلها ذكريات
حديثي اليوم عن ( جدي ) نعم جدي الذي عشت معه سن الطفولتي والحمدلله الذي جعلني اعش معه سن البلوغ وسن العقل والتدبر
ذالك الرجل الذي اشاهده صورة لا مثيل لها ولكن انا متأكد وعلى يقين ان هناك من هم مثله وافضل منه ان شاء الله وهذا ما ادعوا الله واتمناه
جدي الذي عشت مع سن الطفوله وريعان الشباب كان هو الرجل المتواجد في حياتي بحكم غياب والدي للعمل لفترات ربما تكون طويلة ولكن هي فترات غياب مهما فسرنها يبقى للغياب مكانه ...
كان جدي رجل يحدثنا دائما على امور مهمه وكان مايقوله دائما لنا ( الصلاة الصلاة الصلاة لا خير في ناس تركوا الصلاة )
حث بصورة الرجولة وان صلاتك هي رجولتك وهي حياتك وهي مملكتك وهي كيانك
كان جدي دائما مايقول لنا لا خير بالنفس التي يدخلها النفاق ولا خير بالنفس التي تضمر الحقد والحسد لغيرها او حتى لنفسها
كان جدي غير متعلم ولكن رأيت في حياته كل شهادات العالم والتخصصات
كان يقول اذا ضاقت عليك النفس اقرأ قران ربك واستعن بالله
كنت في ايام الثانوية اجده بجواري دائما مع انه لا يعلم القراءه ولا الكتابة الا قراءت القران وكأنما يحفظ صورة او حافظاً له بالاساس منذ الصغر
كان يحثنا بالعلم ويقول علم لا يفيد النفس والناس مثل النخيل الخرب الذي لا يظهر مكنونه الحقيقي
كان جدي كثير الصمت قليل الكلام كان حينما ينطق احد فيه روح تشعلني بالحماس
كان يقول لا تجد في مجالس الاشرار والرجال الذي حديثه في الناس فهؤلاء لا خير فيهم واعلم ان حديثهم كان عن غيرك فسوف يأتي يوم تكون انت حديثهم
كان جدي يقول لنا لا تكثر المكوث خارج البيت لحكمه ربما اليوم شعرت بها
وكان جدي يقول لي دائما علم اولادك حينما يأتون بعبادة ربهم اولاً وراقب حياتهم تراك مسؤول عنهم وبيسئلك ربك عنهم فراعي حق الله فيهم لكي يراعوا حق الله فيك ...
كان مجلسنا في نظري مجلس معطر بل هي الحقيقة فكنت اشاهد اصحاب جدي من انفس البشر بل اشبه بقطع الالماس كان له اختيار فيهم واختيار ليس كأي اختيار
وكنت دائما حينما اكون في المجلس في انتظار اصحابه يقول لي اسمع يا ولدي لسانك لسانك لسانك لسانك حافظ عليه في كل مجلس تدخله وفي كل كلام تقوله لسانك لسانك مكان احترامك ومكان بغض الناس وكرههم لك
وكان يقول لا تظهر عيوب الناس للناس حتى لاخوك ولا تضحك على الحال فترا دوام الحال من المحال
كان دائما ينتظرنا في ايام الدراسة على فترت الغداء مهما تأخرنا ويسعد كثيراً حينما نكون جميعاً على صحن واحد نتحدث ونأكل بما جرى في يومناً
وكان يسمع ويسمع ويسمع منا جميعا
ولا تنتهي وجبة غداء او عشاء او فطور الا ان يشير بأصبعه على النعمه التي امامه ويقول صنوها صنوها ترا النعمه زواله وكان حريص على ان لا يبقى بالطبق شئ لكي لا يرمى ولهذا كان يذهب به الى مكان تتجمع به الطيور والقطط ويضعه هناك ...
كان يقول صلاة الفجر من لا يصليها مافيه خير صلوها صلوها صلوها
كان حريص على تدليل جميع من حوله وكنت الفتاة في عائلتنا تسعده وتضحكه ويسعد بها وايضا لا ينساها من النصيحة وكان يحذر والدتي وعماتي وكل اقاربنا من الحديث واللسان فكان الاب الناصح لنا والمرشد
كان حريص ان نختار من اصدقائنا الافضل وان نحترم ما دونهم ونقدرمهم ولكن لا نرتبط بهم كثيراً
كان دائما يقولنا اذا رزقكم الله بالذرية لا تنسون تعلمونهم واحرصوا عليهم وعلموهم امور دينهم وانصحوهم
بحياته لم يمد يده على احدنا مهما كان يغضب منا وخاصة ايام الطفولة
كان يحمل بداخلة الهيبة والمكانة والاحترام والوقار مع بساطته
لا اريد ان اطيل اكثر لاني لن انتهي ..
وكانت النقطة الحزينه في حياتي هي لحظات احتضاره فكانت ايام شديده علينا كعائلة كامله وكمن يحبه ومن حوله من الجيران والاصدقاء
كنت اجلس بجواره في لحظاته الاخيره وهو مبتسم رغم شدت المه وصعوبته ويقول لي يا ولدي لا تحزن علي كثير انا والحمدلله ان شاء الله ارضيت ربي في حياتي والحمدلله ماعندي شئ اليوم اندم عليه فلا تحزن كثيراً تراني ما احب الحزن حتى لو كان على اعز الناس لك
كان يقول لنا انا اشوف ان حياتي اصبحت توشك على نهايتها وانا ولله الحمدلله انعم الله علي بالصحة والعافية طول 80 سنة هل راح ازعل واسخط علشان ايام تعبت فيها انا خذيت من الدنيا ان شاء الله خيرها ولكن ابيكم تاخذون هذا الخير بعدي
وتحسبون ليومكم هذا تعرفون ان النفس مهما طال فيها العمر لها يوم ترجع فيه ويحاسبها ربها بخيرها وشرها
رغم ألمه واحتضاره كان في غاية الرضا والسرور
وقبل وفاتة بثلاث ساعات وكان الوقت في صباح يوم الجمعة قال ابي اشوف فلان وفلان وفلان وكانوا هؤلاء من اصحابة الخاصين جدا والاعزاء لقلبه وذهبت انا واخي واحضرناهم
وبدأ الحديث بينه وبينهم عن الايام الخوالي وبدأ يتذكر معهم اصحابه الذين توفاهم الله كانت تلك اللحظات لحظات دموع من والدي واعمامي واصحابه
كان الجميع يشعر بأن هناك امر سوف يحدث ولكن تركوا له الحديث يتذكر اصحابه
وحينما اذن لصلاة الجمعة الاذان الاول قال الحمدلله الذي اسمعني اذان الجمعه يلا نروح نتوضئ ونصلي ولما ذهب الاصحاب وبدأ والدي يقضة من فراشه وذهب معه لتوضئ وتوضئ وجلس في المجلس كعادته ينتظر البخور ودهن العود من والدتي لكي تعده كالعاده
كانت تلك اخر لحظات دقائق حياته فحينما ذهبت احضر البخور ودهن العود وجدت ابي قد غمره البكاء وهو يقول راح الغالي راح الغالي راح الغالي
فعلا رحل الغالي الذي كان نور هذا المنزل رحل الغالي فعلا جملة صادقة خرجت من فم والدي راح الغالي
ليس حديثي هذا للمشاعر والاحاسيس واستقطابها
ولكن حديثي هذا هل سوف نكون نحن مثل هذا الجيل الذي رحل وقدوه لابنائنا كما كان هو قدوه لي ولغيري
هل سوف نجد في حياتنا اليوم امثال هؤلاء بالتأكيد يوجد من هو افضل من جدي في كل منزل ولكن هل سوف نقبل على ان تذهب هذه الثروة وتندثر وتكون مجرد تراث
ونقول لابنائنا اليوم نحن اصبحنا عاجزين ان نكون قدوه صالحه لكم
لقد اشقتنا الدنيا بينما هم كانوا اكثر شقاء منا فيها هذه الدنيا
هل سوف نقول لهم اعذرونا لا نستطيع ان نكون قدوه فالاغاني والمسلسلات اخذتنا عنكم
هل سوف نقول لهم اعذرونا ليس لدينا وقت فالاستراحات والدواوين تشغلنا عنكم
هل اصبحنا مجرد محيط من الاكل والشرب واللاباس لابنائنا
هل سوف نرحل عن هذه الدنيا ونحن لم نترك لابنائنا وجيلنا قدوه حسنة
نحن لا نريد قصص الفرسان وقصص الابطال
نريد جيل يفتخر بجيل اخذ بيده جيل يكون قدوه وناصح ومعلم له
هذا هو خلاصة حديثي هل سوف يأتي يوم لا يجد ابنائنا قدوه لهم فينا
اعتذر كثيراً عن الاطالة ولكن فعلا نريد ان نكون رجال ونساء قدوه حسنة لابنائنا ....
ولكم كل التحايا والتقدير