بسم الله الرحمن الرحيم
جميل أن يعيش الإنسان من أجل هم يحمله ...ويسعى لتحقيقه ... لكن الهموم تختلف وتتنوع ... بحسب أفكار الناس وأهوائهم ...!
وقد نحمل أكثر من هم في آن واحد ... ربما نقدم هموم الدنيا على الآخرة ... ونجعل هم دخول الجنة الهم الثالث أو الرابع ... الكثير منا همه الاول هو شراء بيت ... أو الزواج ... أو الوظيفة ...!
لكن قليل من الناس ... من همه الاول الدعوة الى الله ... أو الشهادة في سبيل الله ... أو مساعدة فقراء المسلمين ...!
عندما قلبت افكاري ورجعت بالذاكرة الى الوراء ... أبحث عن هذه النماذج في وقتنا المعاصر ... تذكرت أخونا صلاح الشمري رحمه الله ...!
صلاح كما عرفناه وعرفه الكثير من حوله ... كان همه الاول الدعوة الى الله ... نحسبه والله حسبيه ... عرفنا ذلك من أقواله وافعاله ونهايته ... مضى على رحيله سنوات ... لكن بقيت آثار همته تبعث الحماس في قلوب محبيه ... للسير على طريقه في الدعوة الى الله ...!
كان شخصا عاميا لكن لم يكن شخصا عاديا ... ضحى بوظيفته من أجل الدعوة ...!
جائني ذات مرة في مكتبي مع أحد الاخوان ... فطلبت لهم الشاي ورحبت بهم ...انتظرت منهم أن يطلبوا مني أي خدمة ... فبادرني صلاح بطلب لم أكن أتوقعه ... لم يأتي لطلب شفاعة أو طلب خدمة ... بل جاء داعية الى الله ... جاء يناصحني ويدعوني أن اسلك طريق الدعوة ... لم أتوقع يوما من الايام أن يأتيني أحد وانا في العمل خصيصا ليكلمني هذا الكلام ... مع أن عملي لايختص بالدعوة لا من قريب ولابعيد ...!
جائني الكثير في البيت وكلمني كثيرا في المساجد عن فضل الدعوة وهموم المسلمين ... لكن أن ياتيك أحد في عملك ويذكرك عن احوال المسلمين وهم الدعوة ... ربما يكون هذا من النادر ...!
وبعد فترة طلب مني بعض الاصدقاء مرافقتهم الى احدى الدول الخليجية في رحله دعوية لهم ...لم امانع وقررت السفر معهم ... وهناك تعرفت على دكتور من الاخوة المصريين ... فسألني في أي مدينة اسكن ... فلما عرفته بمدينتي ... قال اتعرف صلاح ... قلت نعم ... قال هذا رجل عجيب في الدعوة واثنى عليه بكلام جميل ...!
مرت الأيام والشهور واخونا لايزال يعمل كخلية النحل ... لايترك بيت في مدينته الا دخله وذكر اهله بالله ...!
وفي يوم من الايام قرر حبيبنا صلاح... ان يخرج الى مدينة حفر الباطن مع الاخ هندي الهاجري في مهمه دعوية ... وبينما هم مسافرون ...اذا بهم يتعرضون لحادث أليم يصاب فيه اخونا هندي الهاجري ... ويرحل اخونا صلاح بروحه الى ربه ... تسبقه همته وحماسه الصادق ...!
ويبقى جسده في الارض لانراه ... لكن تبقى لنا ذكراهـ الجميله وهمته العالية ...التي اصبحت مضرباً للمثل ونموذج من نماذج الدعاة الى الخير ...!
بقلم
أبو أنس الدغيلبي