الثالثة ظهر كل يوم، هي ساعة الذروة التي يواجه فيها عامل المطعم محمد فضل الرحمن طوابير السعوديين باختلاف فئاتهم الاجتماعية ومستوياتهم المعيشية الذين يفضلون طلبا واحدا لا تتعدى قيمته في المتوسط (10) ريالات.
«دجاج مع الأرز»، هو الطلب الوحيد المدرج في قائمة مطاعم البخاري (الكبسة)، ولكن بمنظور طهي مستورد من أفغانستان. وهو ما يعتبره عبد الله الحازمي، أحد رواد المطعم، غزوا غذائيا حميدا مقارنة بالغزو الآخر من الأكلات الاجنبية التي ألغت الكثير من مفاهيم الأكل الجماعي وعززت الفردية. ويستطرد الحازمي، وهو طالب دراسات عليا، قائلا إن طلبه المتكرر لوجبة البخاري يأتي لاعتبارات، أهمها أن هذه الوجبة تمثل رأي الاغلبية من رفاقه الذين يقتسم وإياهم شقة من غرفتين في نفس العمارة التي يقع فيها المطعم.
فيصل الشهري وبندر الشهري، صديقان تبدو علامات الالتزام ظاهرة عليهما من خلال زيهمها، الذي أخذ طابع الملتزمين كما تعارف عليه في السعودية، قالا إنهما يفضلان وجبة البخاري لأنها وجبة معلومة لديهما ولا تشكل لهما حرجا كما يحدث في بعض المطاعم التي تصدمهم فيها قائمة الأكل التي لا يعرفان شيئا عن أسمائها. ويضيف فيصل، أن السلبية الأبرز في وجبة البخاري أنها متطابقة في الطعم لدرجة أن الشخص لا يفرق بين وجبة في مطعم بخاري في الرياض أو في الدمام أو جدة وكأنها غرفت من قدر واحد، حسب تعبيره.
ويفضل المحسنون وفاعلو الخير وجبة البخاري كوجبة رسمية يقدمونها في خيمات (افطار صائم) باعتبارها تحقق الهدف الشرعي من الصدقة المتمثل في سعر وجبة كاملة من الأرز البخاري.
غير أن سيدات المنازل لا يفضلن هذه الوجبة كونها برأي بعض السيدات وجبة دسمة تتعارض مع برامج التخسيس وكذلك لتشكيكهم في أن الطهاة لا يراعون مستويات النظافة الصحية الكاملة التي عادة ما تحرص عليها السيدات، وهو ما يفسر غياب خدمات التوصيل في تلك المطاعم لندرة الطلب العائلي عليها.
وانتشرت مطاعم البخاري في الشارع السعودي بشكل واضح بسبب العائد الجيد الذي تحققه والشعبية العالية التي تعمل عليها سواء في تخصيص جلسات عربية داخل المطاعم او تقديم الوجبة نفسها بشكل يقترب كثيرا من طريقة تقديم الوجبة في معظم البيوت السعودية، وهو الأمر الذي دفع بعض شركات المرطبات للدخول في صراع محموم للفوز بعقود احتكارية لتلك المطاعم من خلال تقديم عروض مادية وعينية. إلا أن الصراع حسم أخيرا لصالح احدى الشركات في ظل دعوات المقاطعة التي طالت اسماء محددة من الشركات العالمية.
وكان أحد المستثمرين في مجال المطاعم البخارية قد اختار اسما لمطعمه هو «مائدة البخاري». إلا أنه عاد ورضخ لضغوط بعض المحتسبين الذين رأوا في الامر إهانة لشخصية اسلامية رفيعة رغم وجود اسماء مطاعم بخارية كمطعم «مكة» و«المدينة» او «الحرمين».
:p
:love