[frame="1 98"]أتشرف بأن تطلعوا على مقالي الأسبوعي في جريدة الشرق كل يوم اثنين في ص 13 ( الرأي )
وعنوانه لهذا اليوم : ( سراقة الخفجي )
يقول علماء الإدارة ومنظروها بأن المشكلة يمكن حلها بوسائل وطرق مختلفة، وأن المعضلة لا حل لها، بل يجب التعايش معها، وما أخشاه أن مشكلة نقص المياه في الخفجي قد باتت معضلة في نظر المسؤولين عنها، وأنهم يعملون تحت هذا التأثير النفسي والعقلي، وأن على السكان أن يتعايشوا معها، فالمسؤولون لم يقدموا حلا عمليا مناسبا لها، بل أصبحت المشكلة تتدحرج ككرة الثلج – التي لم نرها إلا عبر شاشات التلفاز – وتزداد حجما، وتزداد خطورة، فأهالي المحافظة يعانون – منذ سنوات – معاناة شديدة، ويلقون مشقة كبيرة، وتعرضوا لخسائر مادية كبيرة لتلبية اشتراطات مصلحة المياه عدا المشقة النفسية والبدنية، وهدر أوقاتهم؛ للحصول على كمية قليلة من الماء – في ظل إجراءات إدارية وتنظيمية بدائية عقيمة – وتتكرر معاناتهم بشكل دائم، ووصلت بكثير منهم إلى التذمر الشديد حيث أصبح تأمين كمية المياه لمنازلهم هما يوميا مستمرا ومؤرقا.
لقد بدأ تشغيل محطة تحلية المياه عام 1406هـ، وكانت في بدايتة إنتاجها ملبية للحاجة، ولأن المدينة كانت – ولا تزال – في حالة نمو دائم ، لم تعد المحطة قادرة على الوفاء باحتياجاتها من الماء حيث اتسعت رقعتها، وازداد سكانها بشكل لافت للنظر، وتقادم العمر الافتراضي للمحطة مما جعلها تخضع للصيانة المتكررة بسبب تعرضها للأعطال من ناحية إضافة إلى طاقتها الإنتاجية – المحدودة أصلا – من ناحية أخرى، فألزمت مصلحة المياه المواطنين باشتراطات تسببت لهم بضرر كبير، وأهدرت أموالهم؛ للمساهمة في الأفكار والحلول التي تفتقت عنها عقول مسؤوليها، التي كان أولها ضرورة وضع خزانات أرضية، ومضخات لرفع المياه منها إلى الخزانات العلوية حيث عمدت المصلحة إلى خفض قوة ضخ المياه من الخزان العام للمدينة، فالتزم المواطنون – بحسن نية – بذلك الإجراء، رغم ما كلفهم من مبالغ مالية كبيرة – وأنعشت هذه الخطوة نشاط محلات تجارية بعينها بحكم اختصاصها – لعدة شهور – ودرت على أصحابها أرباحا كبيرة، وانتفع فنيو السّباكة الذين استغلوا الناس استغلالا ظاهرا في غياب أية رقابة على نشاطهم من الجهات المختصة بشؤونهم، إنها أموال لو طلب من المواطنين التبرع بها لساهمت في بناء محطة تحلية تدعم المحطة القائمة، وقد تكررت أزمات المياه أثناء فترات الصيانة الدورية لمحطة التحلية أو الطارئة نتيجة أعطال مفاجئة كانت تستمر لأسابيع عديدة، وتظهر في كل مرة عدم وجود خطة طوارئ مناسبة لدى المسؤولين في محطة التحلية أو مصلحة المياه لمواجهة مثل هذه الظروف، وليس سرا أن غياب التنسيق بين الجهتين هو ما يزيد من صعوبة الوصول إلى حلول مناسبة، ويحدث إرباكا وإشغالا للسكان للحصول على كمية مناسبة من الماء تفي باحتياجاتهم الأساسية، وبسبب ذلك ظهر أصحاب الصهاريج المستغلون لحاجة الأهالي للماء فأخذوا يبيعونه على القادرين بمبالغ كبيرة، ولم تتدخل مصلحة المياه التي تغذي تلك الصهاريج بالمياه لحماية السكان من الاستغلال المستمر، بينما يضل أولئك المحتاجون – وهم كثيرون – للوقف ساعات طويلة تحت أشعة الشمس في طوابير طويلة للحصول على 500 لتر من الماء من خلال مكتب مصلحة المياه؛ لتفي باحتياجهم لمدة يومين كاملين، وتتم هذه العملية الشاقة دون تنظيم مناسب؛ بسبب عدم وجود آلية عمل دقيقة، وغياب المسؤولين في المصلحة عن المتابعة والإشراف، وهي ظروف تصل بالمواطنين إلى التذمر من سوء التنظيم.
لا يصل الماء في بعض الأيام – مطلقا – إلى أجزاء من الأحياء، ويصل شحيحا – أحيانا – لفترة لا تتجاوز الساعتين أو الثلاث، فيستنفر السكان كل جهودهم في سباق محموم لسحبه من أنابيب الشبكة التي لا ترفعها بقوة دفعها المحددة إلى مستوى الرصيف، ولا تفلح كل وسائلهم – رغم شرائهم مضخات كبيرة – مما يضطرهم للوقوف هذه الساعات، وكانت المعاناة شديدة في هذا الصيف وبخاصة في شهر رمضان.
لقد بدأ السكان بالعودة – بعد تصرم أيام الإجازة الصيفية – إلى مدينتهم، وستفتح المدارس أبوابها في الأسبوع القادم، وهو أمر يتطلب توفير كمية أكبر من المياه؛ لمواجهة ذلك الضغط، وقد عانت بعض المدارس من نقص المياه في العام الدراسي الماضي – فلا يمكن تخيل مدرسة بلا ماء – فالماء هو شريان الحياة، ونقصه يشكل خطرا كبيرا على حياة الناس، ويؤثر تأثيرا سلبيا على شؤون حياتهم المختلفة.
يتحدث بعض المسؤولين – همسا – أن كمية كبيرة من المياه يتم فقدها من خلال أنبوب النقل الرئيس بين محطة التحلية وخزان المياه، عدا ما يتم فقده عبر شبكة التوزيع من خلال الخطوط الرئيسة، والخطوط الفرعية داخل الأحياء.
همسة: قال خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – عبارته السامية : «لا عذر لأحد فالمال موجود»، وهي عبارة تُحرج كل مقصرٍ في أداء مسؤوليته التي أسندت إليه!
من خلال الرابط التالي :
http://www.alsharq.net.sa/2012/08/27/457814[/frame]