اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > :: المنتدى العام ::
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-08-2013, 02:52 PM   رقم المشاركة : 1
محمد القاضي
رائدي ذهبي
الملف الشخصي






 
الحالة
محمد القاضي غير متواجد حالياً

 


 

مرجعية الحوار

مرجعية الحوار

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59].

إنَّ الحوارَ ليس هدفًا بذاته، ولكنَّه وسيلة للوصول إلى غاية يُريدها المتحاوِرون، وما لم تكن للحوار مَرجعية تحكم سيره، وتلزم المتحاورين بالإذعان لمقتضياتِها، يظل الحوار يدور في حلقة مُفرغة، كلما قارب أن ينتهي إلى غاية، بدأ من حيث انتهى؛ لأنَّ الإنسان مجبول على حب الانتصار، وعدم الإذعان، وإعطاء الهزيمة، وفي الحوار البنَّاء ليس هناك منتصر إلا الحقيقة، ولا مهزوم إلاَّ الباطل، أو خلاف الصواب، ولكل من المتحاورين أجره في الوصول إلى الحقيقة، ولهذا قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "ما جادلت أحدًا إلا وأحببت أن يكون الصواب على لسانه"؛ لأنَّ الشافعي طالب للحقيقة ظهرت على يده أو يد محاوره.

والرجوع إلى الحق فضيلة، والميزان الذي به يعرف الحق من الباطل هو المرجعية التي يذعن المتحاورون لحكمها، وقد حدد الإسلام مرجعية الاختلاف؛ فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، فهذه الآية الكريمة بدأت بنداء المؤمنين بصفة حبيبة إلى النفس المسلمة، إنَّها صفةُ الإيمان التي تذكِّر بإنعام الله على المؤمن في الاتِّصاف بها، وتكريمه بها تكريمًا يُؤهله لتوجيه خطاب الله إليه، وهي كذلك تذكِّره بمقتضيات هذه الصفة، فإنَّ هذه الصفة ليست كلمة تجري على اللسان، أو بطاقة أحوال مدنية يأخذها المرءُ، وبها يستحق ما لأصحابها من خصائص ومميزات، بل هي قولٌ وعمل.

وبعد هذا النداء يأمر الله المؤمنين بطاعة الله ورسوله، وذلك أمرٌ يعم الالتزام بأوامر الدين كلها، والوقوف عند حدوده كلها، والامتثال لذلك كله والانقياد له، وعطف بطاعة أولى الأمر، وهم العلماء والأمراء، الذين هم من المسلمين يحكمونهم بشرع الله، ويأمرونهم بما أمر الله به؛ لأنَّ ذلك هو معنى إضافتهم لمن نُودوا في بداية الآية بصفةِ الإيمان، فهم في الحقيقة دُعاة تَحقيق طاعة الله ورسوله، وحُرَّاس أحكام الشريعة، فالأمر بطاعتهم ليس أمرًا مغايرًا لما تقدم من الأمر بطاعة الله ورسوله، وإذا تحققت هذه الأمور الثلاثة: (الاتِّصاف بالإيمان بمعناه العام، وطاعة الله ورسوله بمعناها الأعم، وطاعة أولي الأمر فيما هو راجع إلى تحقيق الإيمان وطاعة الله ورسوله) قَلَّ الخلافُ؛ لأنَّ العامل لا وقت لديه للخلاف والجدال، وإنَّما يكثر الكلام حين يقلُّ العمل، وبعدَ أنْ ضيَّق بذلك دائرةَ الخلاف، أمر بالرد إليه عند التنازُع؛ فقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سُنَّته، فتبين بهذا أن مرجعية المؤمنين عند الاختلاف والتنازع هي كتابُ الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي مرجعية من شأنها أن تحسم الخلاف، وتصل بالحوار إلى نهايته، والمنتصر فيها هو الحق وليس شخصَ فلان ولا علان، وهي التي إذا حكمت وجب، والتسليم لقضائها والرضا به؛ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36].

وفي قوله: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59] تحضيض وحَثٌّ على الأخذ بهذه المرجعية، فإن الإيمان يقتضي الأخذ بها وعدم العدول عنها، فالحائد عنها مُجانب لمقتضى الصفة، التي بها بُدئ النداء، ولأهلها وجِّه الخطاب، ولا شيء أعظمُ في حس المؤمن وأشد عليه من تهديده في نفي صفة الإيمان عنه، أو اتهامه بعدم تحقيقها، ويأتي التذكير باليوم الآخر في هذا المعرض؛ ليأخذ مكانه في هذا السياق، وليكون له دَوْروه التربوي والتوجيهي؛ فإنَّ من يَخاف العرض على ربه في اليوم الآخر، ويرجو ما أعدَّ الله فيه للمحسنين، ويَخشى ما توعد به المسيئين - التزم الإنصاف، وحاسب نفسه على ما يقول، ولم يتفوَّه في حواره وجداله إلاَّ بما يرفع، وتجنب الهمز واللمز والغمز وسوء الظن، والإصرار على الباطل والتكبُّر على الحق، وإن ظهر على يد من هو دونه مكانةً أو منزلة؛ لأنَّ إيمانه باليوم الآخر هو دافعه إلى الحوار لإظهار الحقِّ؛ لا ليشار إليه بالبنان ولو بالباطل؛ {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

د. محمد ولد سيدي عبدالقادر






رد مع اقتباس
قديم 14-08-2013, 04:32 AM   رقم المشاركة : 2
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

الله يعطيك العافيه







التوقيع :










.
.

رد مع اقتباس
قديم 14-08-2013, 07:01 AM   رقم المشاركة : 3
hem
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
hem غير متواجد حالياً

 


 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحوار.. لغة السلام ساعد وطني :: المنتدى العام :: 9 14-08-2013 07:59 AM
طريقة تعود ابنك على الحوار , عود ابنك على الحوار رانيا منتدى الأسرة 7 02-09-2012 07:51 PM
قواعد في الحوار !! ابوحفص :: المنتدى العام :: 4 23-01-2010 11:54 PM
من آداب الحوار السااااري :: المنتدى العام :: 2 17-02-2008 01:39 PM



الساعة الآن 12:17 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت