من انتفاضة الحجارة في الضفة المحتلة الى انتفاضة الصواريخ في قطاع غزة المحررة حدث امور كثيرة ، اولها الانقسام الفلسطيني الذي استثمرته اسرائيل حتى آخر دقيقة ، واشترت به المزيد من الوقت لتنفيذ مشروعها الاستيطاني والتهويدي ، بهدف جعل اقامة دولة فلسطينية عملية مستحيلة.
واذا كانت السلطة الفلسطينية لا تمتلك الشرعية التمثيلية الشعبية الفلسطينية كاملة ، كذلك حركة حماس لا تمتلك المرجعية الشعبية الفلسطينية كاملة ايضا . ومن الواجب ان نشير الى ان السلطة تملك خيار الحل السلمي عبر مفاوضات عبثية ، اما حماس فقد اختارت خيار المقاومة وما يحمله من قسوة المواجهة .
امام هذا المشهد المحزن اسغلت اسرائيل هشاشة الواقع العربي المزري والخزي ، حيث لم تعد اللغة واحدة ولا الموقف السياسي واحد ولا العدو واحد ، فقامت اسرائيل بوقف ونسف الخيار الاول واوقفت المفاوضات وانهت بذلك مسار العملية السلمية ، وبالمقابل قامت بضربتها التالية المتمثلة بشن العدوان الوحشي الدامي على قطاع غزة بهدف تعطيل وانهاء الخيار الفلسطيني الاخر ، وبالتالي الاجهاز على التوافق الفلسطيني الذي تحقق عبر المصالحة الوطنية بين حركتي فتح وحماس ، من اجل ان تظل اسرائيل تزعم بعدم وجود طرف فلسطيني يمثل الشعب الفلسطيني في مفاوضات السلام المزعوم .
وفي عدوانها البحري والبري والجوي تحاول اسرائيل اجبار المقاومة على الموافقة على الشروط الاسرائيلية ، وقد اعتمدت خطة التدمير الممنهج للمنازل ، كما قامت بقصف المدارس والمزارع والمستشفيات بزعم انها مخازن اسلحة ، اضافة الى استخدام التدمير الكامل للاحياء السكنية وتحويل القطاع الى ارض محروقة ، تمهيدا لاجتياح القطاع بريا ، رغم انها تعلم ان عصر رفع الرايات البيضاء قد انتهى ، وان القوة الغازية التي بلغ عددها حوالي 74 ألف جندي ستواجه مقاومة ضارية غير مسبوقة .
وصمود حي الشجاعية ، حي الشجعان ، ومقاومة سكانه هي خير مثال على بسالة المقاومة وقدرة اهل غزة على الصبر والصمود رغم عمليات التدمير والقتل المتواصلة ، ورغم سقوط هذا العدد والكم من الشهداء والجرحى والمهجرين في شطري حي الشجاعية الذي يسكنه اكثر من 100 الف مواطن .
غزة تدافع عن كرامتها وحريتها وعن صياغة مستقبل الشعب الفلسطيني بكامله . هو اسلوب الشعوب الحية بالدفاع عن بقائها ، حيث قيمة الانسان بمدى دفاعه عن وطنه ومدى تضحيته من اجل شعبه.
نحن نفتخر بصمود غزة ، ونتباهى ببسالة المقاومة ولكن غزة تقدم جسدها من اجل عزتها ، وتفتح شرايينها كي يغرق الاعداء بدمها ، وهم الذين يكرهونها ويخشونها ، وتمنوا يوما احراقها او اغراقها في البحر الذي لا يشبه البحار المستسلمة للعاصفة.
ما يحدث اليوم في غزة يؤكد ان غزة ليست خرافة ولا اسطورة ، ولا مدينة آتية من كوكب آخر ، فهي الحقيقة ، وهي الواقع الذي يجسد الحق والعدل وصرخة الدم ، وارادة الشعب الصابر الصامد في مواجهة الظلم والظلام ونكران الاخوة .
المصدر صحيفة المقر:http://www.maqar.com/?id=61388&&head...D8%B2%D8%A9..-