"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"فيظلمون تعنى يبخسون والمعنى ومن يصنع من الحسنات من رجل أو امرأة وهو مصدق بحكم الله فأولئك يسكنون الحديقة ولا يبخسون حقا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل من الصالحات والمراد من يفعل من الحسنات وهو مؤمن أى مصدق بالوحى فهم يدخلون الجنة والمراد يسكنون فى النعيم سواء كان العامل ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهذا يعنى أن دخول الجنة يحتاج إلى الإيمان والعمل الصالح معا وليس مجرد القول وهم لا يظلمون نقيرا أى لا يبخسون حقا أى كما قال بسورة النساء"ولا يظلمون فتيلا"فالنقير هو الفتيل هو الحق أى الشىء.
"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا"المعنى ومن أفضل حكما ممن أخلص نفسه لحكم الله وهو مصلح أى أطاع دين إبراهيم(ص) وجعل الله إبراهيم(ص) رسولا ،يبين الله للمؤمنين أن الأحسن دينا وهو الأفضل حكما هو الذى أسلم وجهه لله وهو محسن والمراد الذى أخلص نفسه لله وهو مؤمن وبألفاظ أخرى الذى جند نفسه لطاعة حكم الله وهو مصدق بوحى الله ويفسر الله ذلك بأنه الذى اتبع ملة إبراهيم(ص) حنيفا أى الذى أطاع دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن الأفضل دينا هو المتبع لدين الإسلام دين إبراهيم (ص)ويبين له أنه اتخذ إبراهيم(ص)خليلا والمراد أنه اختار إبراهيم(ص)رسولا إلى الناس والخطاب للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله بكل شىء محيطا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فما فى السموات والأرض هو ملك الله وقوله "وكان الله بكل شىء محيطا"يفسره بقوله بسورة النساء"إن الله كان بكل شىء عليما"فمحيطا تعنى عليما والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله بكل أمر عليما،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للمؤمنين.
"ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما"يفسر قوله"وأن تقوموا لليتامى بالقسط" قوله تعالى بسورة البقرة"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى "فالقيام بالقسط هو الإحسان وقوله"وما تفعلوا من خير"يفسره قوله بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"فتفعلوا تعنى تقدموا وقوله "فإن الله كان به عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فعليما تعنى محيطا والمعنى ويسألونك عن حكم الله فى الإناث قل الله يجيبكم فيهن وما يقرأ عليكم فى الوحى فى فاقدات الأباء من الإناث اللاتى لا تعطوهن ما فرض الله لهن وتريدون أن تتزوجوهن والصغار من الأطفال وأن ترعوا فاقدى الأباء بالعدل وما تعملوا من نفع فإن الله كان به خبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن أحكام الإسلام فى النساء وهن الإناث وطلب منه أن يقول للمسلمين :الله يفتيكم فيهن والمراد الله يجيبكم فى أحكامهن ،وما يتلى عليكم فى يتامى النساء والمراد والذى يبلغ لكم فى فاقدات الأباء من النساء وهو قوله بأول السورة"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "وهن اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن أى اللاتى لا تعطوهن الذى فرض الله لهن من أموال الأباء ولا المهر عندما ترغبون أن تنكحوهن أى عندما تريدون أن تتزوجوهن والمستضعفين من الولدان والمراد والصغار من الصبيان الذين لا تعطوهن أموال الأباء والمكتوب فى القرآن عنهم هو قوله بسورة النساء"وأتوا اليتامى أموالهم "ويقول:وأن تقوموا لليتامى بالقسط والمراد وأن تربوا فاقدى الأباء بالعدل وهذا يعنى وجوب رعاية الأوصياء لليتامى بالعدل ،ويقول وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما والمراد وما تصنعوا من عمل صالح فإن الله كان به خبيرا وسيثيبكم عليه والخطاب للنبى (ص) ومنه للمؤمنين.
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسر قوله "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا"قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"فالصلح هو التراضى بالتنازل عن جزء من الفريضة وقوله "وإن تحسنوا وتتقوا "يفسره قوله بسورة آل عمران"وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم"فتحسنوا تعنى تؤمنوا وقوله "فإن الله كان بما تعملون خبيرا "يفسره قوله بسورة يونس"والله عليم بما يفعلون"فتعملون تعنى يفعلون وعليم تفسره خبير والمعنى وإن زوجة خشت من زوجها نفورا أى بعدا فلا عقاب عليهما أن يتفقا بينهما اتفاقا والاتفاق أفضل وأعلنت الأنفس البخل وإن تؤمنوا وتطيعوا فإن الله كان بالذى تفعلون عليما،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن المرأة وهى الزوجة إذا خافت أى خشت من بعلها وهو زوجها التالى :
النشوز وهو الإعراض والمراد النفور أى إرادة الطلاق فعليها أن تسعى لتعقد بينهما صلحا والمراد أن عليها أن تسعى ليعقدا بينهما اتفاقا حتى لا يحدث الطلاق ويبين لهما أن لا جناح عليهما أى لا عقاب عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والمراد أن يتفقا بينهما اتفاقا ينص على تنازل الزوجة عن بعض مهرها فى مقابل بقائها زوجة له والصلح خير والمراد والاتفاق نفع لهما وساعته تحضر الأنفس الشح والمراد وساعته تظهر النفوس البخل فى التنازل من قبل الزوجة أو فى امتناع الزوج عن قبول الجزء المتنازل عنه فقط ،ويبين لهم أنهم إن يحسنوا أى يصلحوا أى يؤمنوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان بما تعملون خبيرا والمراد فإن الله كان بالذى تفعلون عليما وسيثيبكم عليه بالجنة والخطاب للمؤمنين والمؤمنات .
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"يفسر قوله"وإن تصلحوا وتتقوا" قوله تعالى بنفس السورة"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصلحوا تعنى تحسنوا والمعنى ولن تقدروا أن تقسطوا بين الزوجات ولو أردتم فلا تتركوا كل الترك فتتركوها كالمرفوعة وإن تحسنوا أى تطيعوا حكم الله فإن الله كان نافعا مفيدا لكم وإن ينفصلا يعطى الله كلا من رزقه وكان الله غنيا قاضيا، يبين الله للمؤمنين أنهم لا يستطيعون أى لا يقدرون على فعل التالى:العدل بين النساء والمراد المساواة بين الزوجات فى الحقوق حتى ولو حرصوا أى أرادوا العدل وهذا يعنى أن العدل بين الزوجات أمر مستحيل ،وينهى الله المؤمنين عن أن يميلوا كل الميل والمراد أن يتركوا إحدى الزوجات تركا كليا حتى لا يذروها كالمعلقة والمراد حتى لا يجعلوها كالمرفوعة التى ليست متزوجة وليست عزباء وإنما مجرد زوجة أمام الناس وإن كانت فعليا ليست زوجة وهذا يعنى أن العدل المطلوب بين الزوجات هو العدل الجزئى بمعنى أن لا يترك الزوج زوجته دون إعطائها حقوقها فى الجماع بحيث لا يحرم بعضهن منه حرمانا تاما ويبين لهم أنهم إن يصلحوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان غفورا رحيما والمراد فإن الله كان نافعا مفيدا لمن يطيعه برحمته ويبين لهم أنهم إن يتفرقا والمراد إن ينفصلا بالطلاق فسيغنى كلا من سعته والمراد فسيعطى الطليقين من رزقه وهو غناه ويبين لهم أنه واسع أى غنى يرزق العباد وهو حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله غنيا حميدا"المعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض ولقد أمرنا الذين أعطوا الوحى سابقا وأنتم أن اعبدوا الله وإن تشركوا فإن لله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله واسعا شكورا،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه ما فى السموات والأرض والمراد أنه له الحكم فى مخلوقات الكون ويبين لهم أنه وصاهم أى أمرهم هم والذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى قبل عهد محمد(ص) أن اتقوا الله أى اعبدوا أى أطيعوا حكم الله وإن تكفروا أى وإن تعصوا حكم الله فإن لله ما فى السموات والأرض والمراد فإن الله يملك مخلوقات الكون والمراد أنه غنى عن عبادتهم لأنه لا يستفيد بها ويبين لهم أنه غنى أى واسع الملك حميد أى شاكر لمن يعبده برحمته له.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فلله تعنى أنها ملكه وقوله"وكفى بالله وكيلا"يفسره قوله بسورة النساء"وكفى بالله وليا"فوكيلا تعنى وليا والمعنى وله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكفى بالله وليا،يبين الله للناس أنه يملك الذى فى السموات والذى فى الأرض من المخلوقات وهو الوكيل أى الولى أى الناصر الحافظ لمن يطيعه والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بأخرين وكان الله على ذلك قديرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء"وقوله بسورة فاطر"ويأت بخلق جديد"فيأت تعنى يستخلف وآخرين تعنى خلق جديد والمعنى إن يرد يتوفاكم أيها الخلق ويخلق غيركم وكان الله لذلك فاعلا،يبين الله للناس وهم الخلق أنه إن يشأ يذهبهم والمراد إن يرد يهلكهم ويأت بآخرين أى ويخلق ناس غيركم يكونوا خلفاء لكم فى الأرض وكان الله على ذلك قديرا والمراد وكان الله للإهلاك والخلق فاعلا .
"من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"من كان يرد حرث الدنيا نؤته منها"فثواب تعنى حرث وقوله بسورة النحل"لنبئونهم فى الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر"فثواب الدنيا هو الحسنة وثواب الأخرة هو الأجر وقوله"وكان الله سميعا بصيرا"يفسره قوله بسورة الحجرات"إن الله عليم خبير"فالسميع البصير هو العليم الخبير والمعنى من كان يحب متاع الأولى نعطه منها فلدى الله نصر الأولى والقيامة وكان الله عليما خبيرا ،يبين الله للناس أنه من يريد ثواب الدنيا والمراد إنه من يحب متاع الحياة الأولى يعطه منه عليه أن يعلم أن الله عنده والمراد لديه بأمره ثواب الدنيا والأخرة وهو نصر الدنيا وهى حكمها بحكم الله ونصر القيامة وهو الجنة ويبين لهم أنه سميع بصير أى عليم خبير بكل شىء وسيحاسب عليه.
"يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين وإن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وأن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" يفسر قوله"فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا" قوله تعالى بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فالهوى هو خطوات الشيطان وقوله"فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بما يعملون محيطا"فخبيرا تعنى محيطا والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله كونوا شاهدين بالعدل حاكمين لله ولو على ذواتكم أو الأبوين والأقارب وإن يكن مستكفيا أو محتاجا فالله أحق بهما فلا تطيعوا الظلم كى لا تنحرفوا وإن ترفضوا أى تكذبوا فإن الله كان بما تفعلون عليما،يطالب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله أن يكونوا قوامين بالقسط والمراد أن يكونوا حاكمين بالعدل شهداء لله أى مقرين معترفين لله حتى لو كان الإقرار على أنفسهم أو على الوالدين وهم الأبوين أو على الأقربين وهم الأقارب وهذا يعنى أن القاضى أو الشاهد يجب عليه أن يحكم أو يشهد على نفسه أو على والديه أو على أقاربه بالحق فليس فى الإسلام ما يسمى التنحى عن الحكم أو الشهادة فى أى قضية حتى ولو كان المتهم هو القاضى نفسه أو الشاهد أو والديه أو أقاربه ،ويبين لهم أن المتهم لو كان غنيا أى مستكفى غير محتاج أو فقيرا أى محتاجا فالله أولى بهما والمراد فالله أحق بشهادة العدل فيهما وهذا يعنى أن الغنى والفقر لا يؤثران على الحكم أو الشهادة ،ويطلب الله منهم ألا يتبعوا الهوى والمراد ألا يطيعوا حكم الكفر فى أنفسهم حتى يعدلوا أى كى يقسطوا فى الشهادة والحكم،ويبين لهم أنهم إن يلووا أى يعرضوا أى يعصوا العدل أى يرفضوا الحق ويأتوا الباطل فإن الله خبير بما يعملون والمراد فإن الله عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين
"يا أيها الذين أمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر قوله"امنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله" قوله تعالى بسورة محمد(ص)"وأمنوا بما نزل على محمد"فرسوله هو محمد(ص) وقوله "ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء" ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "فضل ضلالا بعيدا تعنى خسر خسرانا مبينا والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله صدقوا بحكم الله ونبيه(ص)أى الوحى الذى أوحى إلى نبيه(ص) والوحى الذى أوحى من قبل ومن يكذب بالله وملائكته ووحيه ومبعوثيه ويوم القيامة فقد خسر خسرانا عظيما،يطلب الله من الذين أمنوا وهم الذين صدقوا بحكم الله أن يؤمنوا بالله ورسوله أى أن يصدقوا بحكم الله وفسره بأنه الكتاب المنزل على رسوله(ص)والمراد الوحى الموحى به لمحمد(ص)والكتاب الذى أنزل من قبل والمراد والوحى الذى أوحى من قبل وجود محمد(ص)،ويبين لهم أن من يكفر أى يكذب بالله والمراد أن يكذب بوحدانية الله وملائكته وكتبه وهى وحيه المنزل على رسله ورسله(ص)هم الأنبياء(ص)واليوم الأخر وهو يوم البعث فقد ضل ضلالا بعيدا أى خسر خسرانا عظيما حيث يدخله الله النار.
"إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا" يفسر قوله"لم يكن الله ليغفر لهم " قوله تعالى بسورة آل عمران"لن تقبل توبتهم "فعدم غفران الله لهم هو عدم قبول توبتهم وقوله"لم يكن الله ليغفر لهم أو يهديهم سبيلا "يفسره قوله بسورة النساء"لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم "فالسبيل هو طريق جهنم و المعنى إن الذين صدقوا ثم كذبوا ثم صدقوا ثم كذبوا ثم داوموا كذبا لم يكن الله ليعفوا عنهم أى لا يرشدهم طريق الجنة ،يبين الله أن الذين أمنوا أى صدقوا الوحى ثم كفروا أى كذبوا به ثم أمنوا أى صدقوا ثم كفروا أى كذبوا مرة أخرى ثم ازدادوا كفرا والمراد ثم استمروا فى تكذيبهم لم يكن الله ليغفر لهم أى لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم وفسره بأنه لن يهديهم السبيل والمراد لن يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا"يفسر قوله"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما" قوله تعالى بسورة الليل"فأنذرتكم نارا تلظى"فبشر تعنى أنذر والعذاب الأليم هو النار وقوله "فإن العزة لله جميعا "يفسره قوله بسورة البقرة"إن القوة لله جميعا"فالعزة هى القوة والمعنى وأخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عقابا شديدا الذين يجعلون المكذبين بحكم الله أنصار من سوى المصدقين بحكم الله أيريدون منهم القوة؟فإن القوة لله كلها ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يبشر المنافقين والمراد أن يخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عذابا أليما والمراد لهم عقابا مهينا والمنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين والمراد الذين يجعلون المكذبين لوحى الله أنصار لهم من سوى المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله والسبب أنهم يبتغون عندهم العزة والمراد أنهم يريدون منهم القوة التى تسلطهم على الخلق ويبين الله لهم أن ليس عند الكفار قوة لأن العزة وهى القوة كلها لله يعطيها لمن يريد من عباده .
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره"فسماع الكفر بآيات الله هو الخوض فى الآيات وعدم القعود معهم يعنى الإعراض عنهم والمعنى وقد أوحى لكم فى الوحى أن إذا علمتم أحكام الله يكذب بها أى يسخر منها فلا تجلسوا معهم حتى يتحدثوا فى أمر غيره إنكم إذا إخوانهم إن الله حاشر المذبذبين بين الإسلام والكفر والمكذبين بحكم الله فى النار كلهم،يبين الله للمؤمنين أنه نزل عليهم فى الكتاب والمراد قد أوحى لهم فى الوحى الحكم التالى :أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها والمراد أن إذا عرفتم أحكام الله يكذب به وفسر هذا بأنها يستهزىء بها أى يسخر منها فلا تقعدوا معهم والمراد فلا تجلسوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره والمراد حتى يتحدثوا فى موضوع أخر غير تكذيب أحكام الله وهذا يعنى حرمة القعود مع الكفار إذا كذبوا حكم من أحكام الله ويبين لهم أنهم إن قعدوا معهم أثناء التكذيب فهم مثلهم أى شبههم والمراد إخوان لهم فى الكفر ويبين لهم أنه جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا والمراد مدخل المذبذبين والمكذبين فى النار كلهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينهم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"يفسر قوله"فإن كان لكم فتح من الله" قوله تعالى بسورة النساء"ولئن أصابكم فضل من الله"فالفتح هو الفضل والمعنى الذين ينتظرون بكم فإن كان لكم نصر من الله قالوا ألم نصبح ناصريكم وإن كان للمكذبين غنيمة قالوا ألم نحميكم أى نبعد عنكم أذى المصدقين فالله يفصل بينكم يوم البعث ولن يعطى الله للمكذبين على المصدقين فضلا،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين هم الذين يتربصون بهم والمراد الذين يترقبون ما يحدث لهم فإن كان لهم فتح أى نصر من عند الله فإنهم يقولون لهم:ألم نكن معكم ؟والمراد ألم نكن ناصرين لكم؟والغرض من القول هو أن يعطيهم المسلمين بعض الغنائم لمناصرتهم إياهم كما زعموا وإذا كان للكافرين وهم المكذبين بحكم الله نصيب أى حظ من الغنائم قالوا لهم ألم نستحوذ عليكم وفسروه بقولهم نمنعكم من المؤمنين والمراد ألم نحميكم أى نبعد عنكم أذى المؤمنين؟ والغرض من القول هو أن يأخذوا بعض الغنائم من الكفار بزعم أنهم أنصارهم الذين ساعدوهم على النصر وهذا يعنى أنهم يلعبون على الجانبين فالهدف هو جمع المتاع من أى جانب دون عمل حقيقى ويبين الله لنا أنه يحكم بينهم يوم القيامة والمراد يفصل بين الناس فى يوم البعث وهو لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا والمراد لن يعطى المكذبين فضلا على المصدقين أى لن يجعلهم فوقهم يوم القيامة .
"إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة النساء"فلا يؤمنون إلا قليلا"فيذكرون تعنى يؤمنون والمعنى إن المذبذبين ين الإسلام والكفر يخونون الله وهو ماكر بهم وإذا سعوا إلى الطاعة سعوا خاملين يداهنون المسلمين ولا يطيعون الله إلا قليلا،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين وهم المذبذبين بين الكفر والإسلام يخادعون الله والمراد يظنون أنهم يمكرون أى يلحقون الأذى بدين الله ولكن الحادث هو أن الله خادعهم أى ملحق بهم الأذى هم وحدهم ،ويبين له أنهم إذا قاموا للصلاة والمراد إذا سعوا إلى طاعة حكم الله قاموا كسالى والمراد سعوا خاملين أى مكذبين للحكم والسبب فى طاعتهم أنهم يراءون الناس أى يرضون المسلمين فقط وهم لا يذكرون الله إلا قليلا والمراد لا يطيعون حكم الله إلا مرات قليلة العدد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة المجادلة"ما هم منكم ولا منهم"فهؤلاء تعنى منكم وتعنى منهم وقوله "ومن يضلل فلن تجد له سبيلا"يفسره قوله بسورة الرعد"ومن يضلل الله فما له من هاد"فالسبيل هو الهادى والمعنى متحركين بين ذلك لا إلى المسلمين ينتمون ولا إلى الكفار ينتمون ومن يبعد الله عن دينه فلن تلق له منقذا من العذاب،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين مذبذبين أى مترددين بين المسلمين والكفار فهم لا ينتمون إلى هؤلاء المسلمين ولا ينتمون إلى هؤلاء الكافرين وهذا يعنى أن المنافقين جماعة تعمل بمفردها لصالحها حسب رأيها ،ويبين له أن من يضلل الله فلن يجد له سبيلا والمراد من يبعد الله عن الحق لن يلق له المسلم منجيا من عذاب الله.
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا"يفسر قوله"لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين" قوله بسورة الممتحنة"لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء"فالكافرين هم العدو والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تجعلوا المكذبين لحكم الله أنصار لكم من سوى المصدقين الأخرين أتحبون أن توجبوا لله عليكم عقابا شديدا؟ يطلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ألا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين والمراد ألا يجعلوا المكذبين لله أنصار لهم من سوى المصدقين الآخرين يستعينون بهم ويسألهم الله:أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا والمراد هل تحبون أن تفرضوا لله عليكم عذابا أليما؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن تولى الكفار من دون المسلمين الآخرين عمل يوجب لهم من الله إدخالهم النار والخطاب للمؤمنين.
"إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا"المعنى إن المذبذبين بين الكفر والإسلام فى المكان الأسوأ من جهنم ولن تلق لهم منقذا منها،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار والمراد فى المقام الأشد عذابا فى جهنم وهو أكبر درجات النار وليس لهم هناك نصيرا أى منجيا من العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما"المعنى المنافقين فى النار إلا الذين أنابوا لدين الله أى أحسنوا إسلامهم أى احتموا بطاعة حكم الله أى أسلموا أنفسهم لطاعة حكم الله فأولئك من المصدقين وسوف يدخل الله المصدقين بحكمه جنة كبرى ،يبين الله لنبيه(ص) أن المنافقين فى النار إلا الذين تابوا أى عادوا لطاعة حكم الله وفسرهم بأنهم الذين أصلحوا أى أحسنوا العمل طاعة لحكم الله وفسرهم بأنهم الذين اعتصموا بالله والمراد الذين احتموا بطاعة حكم الله من عذابه وفسرهم بأنهم أخلصوا أنفسهم لله والمراد أسلموا أنفسهم لطاعة حكم الله فهم مع المؤمنين والمراد يدخلون الجنة مع المسلمين ،ويبين له أنه سوف يؤت المؤمنين أجرا عظيما والمراد سوف يسكن المصدقين بحكمه جنة كبرى.
"ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم وكان الله شاكرا عليما"المعنى ما يصنع الله بعقابكم إن أطعتم حكمه وصدقتم به وكان الله حميدا خبيرا،يسأل الله الناس:ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم والمراد ماذا يستفيد الله من عقابكم إن اتبعتم حكمه وصدقتم به؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لا يعذب من شكره فى الآخرة أى أطاع حكمه وأمن أى صدق بحكمه وإنما يثيبه بالجنة وهو شاكر أى حامد أى مثيب أى راحم للمطيع المصدق بحكمه عليم أى خبير بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب للناس.
"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"وإذا قلتم فاعدلوا"فالقول لابد أن يكون عادلا أى حسب ما قاله الله والعدل هنا قول السوء للظالم وقوله "وكان الله سميعا عليما "يفسره قوله بسورة لقمان"إن الله عليم خبير"فالسميع تعنى الخبير والمعنى لا يبيح الله الإعلان بالقبيح من الكلام إلا من نقص حقه وكان الله خبيرا عارفا بكل شىء،يبين الله للمؤمنين أن الجهر بالسوء من القول والمراد أن إظهار القبيح من الكلام وهو الذم غير محبوب من الله أى محرم إلا فى حالة من ظلم أى من جار الأخر على حقه ومن ثم لا عقاب على الذام المظلوم مهما قال من شتائم يعاقب عليها بحكم الشتم أى الذم ويبين لهم أنه سميع عليم أى محيط خبير بكل أمر ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا"المعنى إن تظهروا صالحا أو تكتموه أى تبعدوا عن باطل فإن الله كان رحيما فاعلا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يبدوا خيرا أو يخفوه والمراد إن يعلنوا صالحا من العمل أو يكتموه عن الغير وفسر هذا بأنهم يعفون عن سوء أى يبعدون عن كفر ومن ثم يعملون الحق فالله عفو أى رحيم أى نافع لهم وهو قدير أى فاعل لما يريد من الرحمة هنا .
"إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة المجادلة "أعد الله لهم عذابا شديدا"فمهينا تعنى شديدا والمعنى إن الذين يكذبون بكتاب الله ومبعوثيه ويحبون أن يميزوا بين الله ومبعوثيه ويقولون نصدق ببعض ونكذب ببعض ويحبون أن يجعلوا بين ذلك دينا أولئك هم المكذبون بحكمى صدقا وجهزنا للمكذبين عقابا أليما،يبين الله لنا أن الذين يكفرون بالله ورسله والمراد الذين يكذبون بكتاب الله مصداق لقوله تعالى بسورة غافر"الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا"وأنبياء الله(ص) ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله والمراد ويحبون أن يميزوا بين الله ورسله(ص)ويقولون نؤمن ببعض أى أن نصدق بوجود الله ونكفر ببعض أى ونكذب برسله وهذا يعنى أنهم يريدون الإعتراف بوجود الله ولكنهم لا يريدون الإعتراف بالرسل لأنهم أتوا بحكم الله الذى يكذبونه وهذا يسمح لهم بعمل ما يروق لهم بدعوى أنهم مصدقون بالله ولكنه تكذيب بالله لأن من يصدق بالله يصدق برسله(ص)وهم بقولهم هذا يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا والمراد يحبون أن يشرعوا بين الإيمان بوجود الله وتكذيب كتبه المنزلة على رسله(ص)دينا يسيرون عليه ويبين لنا أن هؤلاء هم الكافرون حقا أى المكذبون صدقا بالجميع أو بالبعض ويبين لنا أنه أعتد للكافرين عذابا مهينا والمراد أنه جهز للمكذبين بالكل وبالبعض عقابا شديدا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين أمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"وأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم "فيؤتيهم تعنى يوفيهم والمعنى والذين صدقوا بحكم الله وأنبيائه ولم يميزوا بين أحد منهم سوف يعطيهم ثوابهم وكان الله عفوا نافعا،يبين الله لنا أن الذين أمنوا بالله ورسله والمراد الذين صدقوا بوجود الله وحكمه المنزل على مبعوثيه ولم يفرقوا بين أحد منهم والمراد ولم يميزوا بين الله ورسله(ص)فى التصديق فصدقوا بالكل أولئك سوف يؤتيهم أجورهم والمراد سوف يدخلهم الجنات وكان الله غفور رحيما أى نافعا مفيدا لهم بالجنات.
"يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وأتينا موسى سلطانا مبينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"ولقد أتينا موسى الكتاب"فالسلطان هو الكتاب والمعنى يطالبك أصحاب الوحى السابق أن تسقط عليهم قرطاسا من السحاب فقد طالبوا موسى بأعظم من هذا فقالوا أشهدنا الله عيانا فأهلكتهم الرجفة بكفرهم ثم عبدوا العجل من بعد ما أتتهم البراهين وغفرنا لهم ذلك وأوحينا لموسى حكما عظيما،يبين الله لنبيه(ص)أن أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق يسألونه أى يطالبونه بالتالى: أن ينزل عليهم كتابا من السماء والمراد أن يسقط عليهم قرطاسا أى ورقا من السحاب مكتوب فيه وحى من الله برسوليته ويبين له أنهم إن كانوا طلبوا هذه المعجزة منه فقد سألوا أى طلبوا من موسى (ص) أكبر من ذلك أى طلبا أعظم من ذلك حيث قالوا أرنا الله جهرة والمراد أشهدنا الله عيانا فهم طلبوا رؤية الله بالعين المجردة فكانت النتيجة هى أن أخذتهم الصاعقة بظلمهم والمراد أن أماتتهم الزلزلة بسبب كفرهم وإخبار الله لنبيه(ص)بهذا يعنى أنهم لن يؤمنوا وإنما هم يلاعبونه لإجهاده وصرفه عن عمل ما فيه صالح المسلمين ،ويبين له أنهم اتخذوا العجل والمراد عبدوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات أى من بعد ما أتتهم البراهين على خطأ عملهم فعفا الله عنهم والمراد فغفر الله لهم ذلك ،ويبين له أنه أتى موسى(ص)سلطانا مبينا والمراد أوحى لموسى(ص) حكما عظيما والخطاب وما بعده للنبى(ص) وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده .
"ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا فى السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا"يفسر قوله"ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم" قوله تعالى بسورة الأعراف"وإذ نتقنا الجبل فوقهم"فالطور هو الجبل ورفعنا تعنى نتقنا وقوله"وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا"يفسره قوله بسورة الأعراف"وإذا قيل لهم اسكنوا هذه القرية"فالباب هو القرية وادخلوا تعنى اسكنوا والمعنى وحملنا عليهم الجبل بعهدهم وقلنا لهم اسكنوا البلد طائعين وقلنا لهم لا تعملوا فى السبت وفرضنا عليهم عهدا عظيما،يبين الله لرسوله(ص) أنه رفع الطور فوق القوم والمراد وضع جبل الطور على رءوس بنى إسرائيل بميثاقهم أى لأخذ العهد بعبادة الله عليهم فعصوا الميثاق،وقال لهم :ادخلوا الباب سجدا والمراد اسكنوا الأرض المقدسة طائعين لأمر الله بالجهاد فعصوا الأمر،وقال لهم :لا تعدوا فى السبت أى لا تعملوا فى يوم السبت فعملوا فيه،وأخذ عليهم ميثاقا غليظا والمراد وفرض الله عليهم عهدا عظيما فعصوه .
"فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا"المعنى فبالذى نكثوا عهدهم أى تكذيبهم بأحكام الله وذبحهم الرسل دون جرم ارتكبوه وقولهم نفوسنا محجوبة عن العهد لهم النار،لقد ختم الله على نفوسهم بتكذيبهم فلا يصدقون إلا قليلا ،يبين الله لرسوله(ص)أن القوم لهم النار لنقضهم ميثاقهم أى مخالفتهم عهد الله معهم وفسره بأنهم كفروا بآيات الله والمراد كذبوا بأحكام الله فالعهد هو أحكام الله ومن تكذيبهم قتلهم الأنبياء بغير حق والمراد ذبحهم الرسل(ص)دون جريمة ارتكبوها تبيح ذبحهم وقولهم قلوبنا غلف والمراد نفوسنا ممنوعة عن طاعة العهد،ويبين الله أنه طبع على قلوبهم أى ختم على نفوسهم والمراد جعل بينهم وبين الإسلام حاجزا هو حب الكفر ومن ثم لا يؤمنون إلا قليلا والمراد فلا يصدقون إلا نادرا.
"وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما "المعنى وبتكذيبهم ومنه نسبتهم لمريم(ص)افتراء كبيرا وقولهم إنا ذبحنا المسيح عيسى ابن مريم(ص)مبعوث الله وما ذبحوه وما علقوه ولكن مثل لهم وإن الذين تنازعوا فى أمره فى ريب منه ما لهم به من معرفة سوى طاعة الهوى وما ذبحوه حقا لقد أخذه الله عنده وكان الله قويا قاضيا،يبين الله لنبيه(ص)أنه جهز النار لبنى إسرائيل الكفار بسبب هو كفرهم أى تكذيبهم للحق ومنه قولهم على مريم (ص) بهتانا عظيما والمراد حديثهم عن مريم(ص)زورا كبيرا وهو اتهامها بالزنى فى قولهم بسورة مريم"لقد جئت شيئا فريا"ومن كفرهم قولهم :إنا قتلنا أى ذبحنا المسيح عيسى ابن مريم(ص)رسول أى مبعوث الله وهذا القول تحدى منهم لله بإعترافهم أنه رسول الله،ويبين له أنهم ما قتلوه وما صلبوه والمراد ما ذبحوه وما علقوه بعد القتل على الصليب والحقيقة هى أنه شبه لهم أى مثل لهم والمراد اختلط عليهم أمره حيث قتلوا وعلقوا شبيه له فى الجسم ،ويبين له أن الذين اختلفوا فيه وهم الذين كذبوا برسالته فى شك منه أى فى ارتياب من عملهم هل قتلوا عيسى (ص)أم لا وهذا يعنى أن المقتول لم يكن عيسى(ص)وإنما شخص شبيه به وهم ليس لهم به من علم إلا اتباع الظن والمراد ليس لهم بأمر عيسى(ص)من معرفة سوى طاعة الهوى الضال ويكرر الله له أنهم ما قتلوه يقينا والمراد ما ذبحوه حقيقة وإنما رفعه إليه والمرد توفاه الله فأخذه فى الجنة ويبين له أنه عزيز أى قوى ينتقم من الكفار حكيم أى قاضى يقضى بالحق.
"وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا"المعنى وإن من أصحاب الوحى إلا ليصدقون به قبل وفاته ويوم البعث يصبح عليهم معترفا ،يبين الله لنبيه(ص)أن من أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى من اليهود من يؤمنون أى يصدقون برسولية عيسى(ص)قبل موته أى وفاته وهم النصارى أى الحواريين ويوم القيامة وهو يوم البعث يكون عليهم شهيدا والمراد يصبح لهم مقرا بإيمانهم به.
"فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما"المعنى فبكفر من الذين هادوا منعنا عليهم نافعات أبيحت لهم وبردهم عن دين الله كثيرا وأكلهم الزيادة وقد زجروا عنها وأخذهم أملاك البشر بالزور وجهزنا للمكذبين منهم عقابا مهينا،يبين الله لنبيه(ص)أن بسبب ظلم أى كفر الذين هادوا ومنه صدهم عن سبيل الله كثيرا والمراد وردهم الناس عن دين الله دوما ومن كفرهم أخذهم الربا أى واستباحتهم أخذ الزيادة على الدين وقد نهوا عنه أى وقد زجروا عن أخذه ومن كفرهم أكلهم أموال الناس بالباطل والمراد أخذهم أملاك البشر بالزور حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم والمراد منعنا عليهم نافعات أبيحت لهم وهى المذكورة فى قوله بسورة الأنعام"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم "ويبين له أنه أعد للكافرين منهم عذابا أليما والمراد جهز للمكذبين من اليهود عقابا شديدا .
"لكن الراسخون فى العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الأخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم"فمنهم تعنى أهل الكتاب والإيمان بالله هو الإيمان بالمنزل كله وقوله "سنؤتيهم أجرا عظيما "يفسره قوله بسورة النساء"سندخلهم جنات"فسنؤتيهم تعنى سندخلهم وأجرا تعنى جنات والمعنى لكن الثابتون فى المعرفة من أهل الكتاب والمصدقون يصدقون بالذى أوحى إليك وبالذى أوحى من قبلك والمطيعين للدين أى المتبعين للحكم والمصدقون بحكم الله ويوم البعث أولئك سندخلهم جنات كبرى،يبين الله لنبيه(ص)أن الراسخون فى العلم وهم الثابتون على طاعة وحى الله من أهل الكتاب والمؤمنون أى والمصدقون وهم المسلمون يؤمنون أى يصدقون بالتالى ما أنزل أى الذى أوحى لك يا محمد(ص)وما أنزل أى والذى أوحى من قبل وجودك وفسرهم الله بأنهم المقيمين الصلاة وهم المتبعين لحكم الدين وفسرهم بأنهم المؤتون الزكاة وهم المطيعين للدين المطهر لهم من الذنوب وفسرهم بأنهم المؤمنون وهم المصدقون بالله والمراد حكم الله واليوم الأخر وهو يوم البعث والله سيؤتيهم أجرا عظيما والمراد سيدخلهم جنات كبيرة والخطاب وما بعده للنبى(ص) وما بعده .
"إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وأتينا داود زبورا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة النمل"ولقد أتينا داود وسليمان علما"فزبورا تعنى علما والمعنى إنا ألقينا لك حكما كما ألقينا حكما إلى نوح والرسل من بعد وفاته وألقينا حكما إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان عليهم الصلاة والسلام وألقينا لداود (ص) حكما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى له والمراد ألقى له حكما مثل ما أوحى أى ما ألقى حكما لنوح والنبيين وهم الرسل(ص)من بعد وفاته وأوحى أى ألقى حكما إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وهم أولاد يعقوب وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان عليهم الصلاة والسلام وأتى أى ألقى لداود(ص)زبورا أى حكما والمراد كتاب يحكم به بين الناس .
"ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما"المعنى وأنبياء قد حكينا لك عنهم من قبل وأنبياء لم نحكى لك عنهم وأوحى الله لموسى وحيا،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى حكما للرسل أى للأنبياء الذين منهم من قص عليه والمراد حكى له عنهم ومنهم من لم يقص أى لم يحكى له عنهم ،ويبين له أنه كلم موسى تكليما والمراد وأوحى الله لموسى(ص)وحيا هو التوراة مصداق لقوله تعالى بسورة طه"فاستمع لما يوحى".
"رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما"المعنى أنبياء مفرحين ومخوفين لئلا يصبح للخلق على الله برهان بعد الأنبياء وكان الله قويا قاضيا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل الرسل وهم الأنبياء(ص)لجميع الأقوام مبشرين أى مخبرين أى منذرين أى مبلغين للوحى وهو حكم الله والسبب فى إبلاغهم حكم الله هو ألا يكون للناس حجة على الله والمراد ألا يصبح للخلق برهان عند الله ينقذهم من العذاب بعد إبلاغ الرسل(ص)حكم الله لهم ويبين له أنه عزيز أى قوى ينصر من يطيعه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل والخطاب للنبى(ص)وهو محذوف أوله معناه وقد أرسلنا وما بعده خطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده.
"لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا "المعنى لكن الله يقر بما أوحى لك أوحاه بحكمه والملائكة يقرون وحسبنا الله مقرا،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس إذا كانوا يكذبون بالوحى فإن الله يشهد بما أنزل والمراد يقر بالذى أوحى لك أنزله بعلمه والمراد أوحاه بحكمه وهذا يعنى أن الله يعترف أن القرآن مصدره هو الله والملائكة يشهدون أى يقرون بأن القرآن من عند الله ،ويبين له أنه كفاه أى حسبه الله شهيدا أى مقرا بأن القرآن من عنده .
"إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا"يفسر الجزء الأخير قوله بنفس السورة"فقد خسر خسرانا مبينا"فضل تعنى خسر وضلالا بعيدا تعنى خسرانا بعيدا والمعنى إن الذين كذبوا حكم الله أى وردوا عن دين الله قد خسروا خسرانا عظيما،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا وهم الذين عصوا حكم الله وهم الذين صدوا عن سبيل الله أى ردوا عن دين الله بشتى الوسائل قد ضلوا ضلالا بعيدا والمراد قد خسروا خسرانا كبيرا حيث يدخلهم الله النار.
"إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا"المعنى إن الذين كذبوا حكم الله أى عصوه لم يكن الله ليتوب عليهم أى لا يرشدهم سبيلا إلا سبيل النار باقين فيها دوما وكان ذلك على الله هينا،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا وفسرهم بأنهم الذين ظلموا مصداق لقوله تعالى بسورة البقرة"والكافرون هم الظالمون"والمراد إن الذين كذبوا الوحى أى عصوا الوحى لم يكن الله ليغفر لهم أى لم يكن ليتوب عليهم وفى هذا قال بسورة آل عمران"لن تقبل توبتهم"والمراد أن الله لن يترك عقاب ذنوبهم وفسر هذا فى الآية بأنه لا يهديهم طريقا إلا طريق جهنم والمراد لا يسيرهم فى درب إلا الدرب المؤدى للنار فى الأخرة وهم خالدين أى ماكثين فيها أبدا أى دائما كما بقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"ويبين له أن ذلك كان على الله يسيرا أى هين .
"يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فأمنوا خير لكم وإن تكفروا فإن لله ما فى السموات والأرض وكان الله عليما حكيما"المعنى يا أيها الخلق قد أتاكم النبى بالعدل من إلهكم فصدقوا أفضل لكم وإن تكذبوا فإن لله ملك الذى فى السموات والأرض وكان الله خبيرا قاضيا،يخاطب الله الناس وهم الإنس والجن فيقول:قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم والمراد قد أتاكم محمد(ص)بالحكم العادل من عند إلهكم فأمنوا خيرا لكم والمراد فصدقوا به أنفع لكم فى الدنيا والقيامة وإن تكفروا أى وإن تكذبوا به فإن لله ملك الذى فى السموات والأرض والمراد أن الله غنى عن تصديقهم فهو لا يستفيد منه شيئا وإنما هم الذين يستفيدون وهو عليم أى خبير بكل شىء ويحاسب عليه وهو حكيم أى قاضى يحكم بالعدل فلا يظلم أحدا والخطاب للمؤمنين .
"يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم فأمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا"المعنى يا أصحاب الوحى لا تنسبوا إلىً حكمكم أى لا تنسبوا إلى الله إلا العدل ،إنما المسيح ولد مريم(ص)مبعوث الله ورحمة أعطاها لمريم(ص)فصدقوا بحكم الله ومبعوثيه ولا تقولوا :ثلاثة آلهة امتنعوا أفضل لكم ،إنما الله رب واحد الطاعة له كيف يصبح له ابن وله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وحسبنا الله ناصرا،يخاطب الله أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق فيقول:لا تغلوا فى دينكم والمراد لا تنسبوا إلى وحيكم سوى الحق وفسره بقوله لا تقولوا على الله إلا الحق والمراد لا تنسبوا إلى الله سوى العدل وهو أن المسيح ابن مريم والكلمة هنا هى للتأكيد على أنه ولد مريم(ص) وحدها وهو رسول أى مبعوث الله لبنى إسرائيل وكلمة ألقاها لمريم والمراد ورحمة أعطاها الله لمريم(ص)مصداق لقوله بسورة مريم"ورحمة منا "ويقول لهم:لا تقولوا ثلاثة والمراد ثلاثة آلهة هم الله والمسيح(ص)ومريم (ص) وأحيانا بدلا من مريم(ص) الروح القدس وأحيانا بدلا من الله مريم(ص)ويقول لهم انتهوا أى امتنعوا عن تصديق هذا القول وقوله فهو خير لكم أى أفضل ثواب لكم ،ويقول:إنما الله إله واحد أى رب واحد لا ثانى له سبحانه أى الطاعة لحكمه أن يكون له ولد والمراد كيف يصبح له ابن وله ما أى الذى فى السموات وما أى الذى فى الأرض؟ والغرض من القول هو إخبارهم استحالة وجود ولد لله لعدم حاجته له لأنه يملك كل شىء،ويبين لهم أنه كفى به وكيلا أى ناصرا أى وليا للمؤمنين والخطاب وما بعده لأهل الكتاب.
"لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون من دون الله وليا ولا نصيرا"المعنى لن يرفض المسيح(ص)أن يصبح مطيعا لله ولا الملائكة المعظمون ومن يستكبر عن طاعته أى يرفض اتباعه فسيبعثهم عنده كلهم فأما الذين صدقوا حكمه وفعلوا الحسنات فيدخلهم جناتهم أى يعطيهم من رزقه وأما الذين رفضوا طاعته أى أبوا اتباعه فيعاقبهم عقابا شديدا ولا يلقون لهم من سوى الله منقذا أى منجيا،يبين الله لأهل الكتاب أن المسيح(ص)لن يستنكف أى يستكبر أى يرفض أن يكون أى يصبح عبدا أى مطيعا لحكم الله والملائكة المقربون وهم المعظمون لا يرفضون أن يكونوا عبيدا لله،ويبين لهم أن من يستنكف عن عبادته وفسره بأن من يستكبر أى أن من يعرض عن طاعة حكم الله فسيحشرهم إليه جميعا والمراد سيبعثهم عنده فى أرض الآخرة فأما الذين أمنوا أى صدقوا حكمه وعملوا الصالحات أى وفعلوا الطاعات له فيوفيهم أجورهم والمراد يسكنهم جناتهم التى أخبرهم بها وفسر هذا بأنه يزيدهم من فضله والمراد يعطيهم من رزقه وهو رحمته وأما الذين استنكفوا أى استكبروا أى عصوا حكم الله فيعذبهم عذابا أليما والمراد يعاقبهم عقابا عظيما حيث يدخلهم النار فلا يجدون لهم وليا أى نصيرا والمراد لا يلقون فى الآخرة منقذا لهم أى منجيا من النار.
"يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا"يفسر قوله "قد جاءكم برهان من ربكم" قوله تعالى بسورة الأنعام"قد جاءكم بينة من ربكم"فالبرهان هو البينة وقوله "وأنزلنا إليكم نورا مبينا "يفسره قوله بسورة الأنبياء"لقد أنزلنا إليكم كتابا"فنورا تعنى كتابا والمعنى يا أيها الخلق قد أتاكم حكم من إلهكم أى أوحينا لكم كتابا عظيما،يبين الله للناس وهم الإنس والجن أنهم قد جاءهم برهان من ربهم وفسره بأنه أنزل لهم نور مبين والمراد قد أوحى لهم وحى من خالقهم أى أوحى لهم كتاب عظيم يجب طاعته والخطاب للناس وما بعده .
"فأما الذين أمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما" يفسر قوله "واعتصموا به" قوله تعالى بسورة آل عمران"واعتصموا بحبل الله"فبه يعنى حبل الله وهو دينه وقوله "فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل"يفسره قوله بسورة النساء"سندخلهم جنات"فرحمة أى فضل الله هى الجنات والمعنى فأما الذين صدقوا حكم الله واحتموا بطاعة حكم الله فسيسكنهم فى جنات لديه أى نعيم أى يثيبهم ثوابا سليما،يبين الله للناس أن الذين أمنوا وهم الذين صدقوا وحى الله واعتصموا به والمراد واحتموا بطاعة وحى الله من عذابه سيدخلهم فى رحمة منه أى فضل والمراد سيسكنهم جنات عنده أى نعيم مقيم لديه وفسر هذا بأنه يهديهم إليه صراطا مستقيما والمراد يرحمهم منه رحمة عادلة.
"يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شىء عليم"المعنى يسألونك يا محمد(ص)قل الله يجيبكم فى العقيم إن إنسان مات ليس له عيال وله أخت فلها نصف الذى فات من المال وهو يأخذ مالها كله إن لم يكن لها عيال فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان من الذى فات من المال وإن كانوا جماعة ذكورا وإناثا فللولد قدر نصيب البنتين يفصل الله لكم كى لا تكفروا والله بكل أمر خبير ،يبين الله للنبى(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن الكلالة ويطلب منه أن يقول لهم:الله يفتيكم أى يجيبكم عن سؤالكم عن ميراث الكلالة وهو إن امرؤ هلك ليس له ولد والمراد إن مسلم توفى وليس عنده عيال بنين أو بنات ولا أبوين وله أخت واحدة فلها نصف ما ترك والمراد فلها نصف الذى فات الميت من المال وأما إذا كانت الأخت هى الميتة فالأخ يرث أى يملك مالها كله إن لم يكن لها ولد أى عيال وأما إذا كانتا اثنتين فلهما الثلثان كل واحدة ثلث ما ترك أى من الذى فات الميت وأما إن كانوا إخوة رجالا ونساء أى إن كانوا جماعة ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين والمراد للولد قدر نصيب البنتين ،ويبين الله لنا أن نضل والمراد ويفصل الله لنا الأحكام كى لا ننحرف عن الحق وهو بكل شىء عليم والمراد وهو بكل أمر خبير ويحاسب عليه والخطاب للنبى (ص)ومنه للمؤمنين