بطولات المفحطين
هل نعتبر هذا سبباً في سلوكك طريق التفحيط؟
طبعاً، تخيل أنك مع زملائك في المدرسة أو الحارة ثم تسمعهم يروون بطولات المفحط الفلاني ويمجدون أفعاله ويعتبرونها بطلاً ، ألا تتمنى أن تكون مثله أو أفضل منه؟! ومن الأمور التي أثرت علي أيضا حبي لأفلام مطاردات السيارات ، فقد كنت أتابع فيلم السيارة السوداء ، وكانت تذهلني حركتهم المدبلجة ، لكننا نخاطر بأروحنا وطبقناها حقيقة.
ومع التمرس بالتفحيط يكون للمفحط جمهور يشجعه ويدعمه ، مثل جماهير كرة القدم فتجد بعض الأندية ضعيفة ولا تحقق بطولات ومع ذلك فلها جمهورها ، والمفحطون كذلك ، كل مفحط له جمهور يجعلون منه نجماً وينساقون خلفه ، ولا يمكنونه من ترك التفحيط.
ومشكلة الجماهير صعبة حتى على الفنانون والممثلون يعانون منها ، فما إن تفكر في الاعتزال ، حتى تفاجأ بالجمهور يقول " إلى من تتركنا؟" وآخرين يقولون "أهذه آخرة النجومية؟ تتركها بهذه السهولة؟" ويستمرون بترديد عبارات تثني العزيمة عن التوبة ، بل يبث كلامهم فينا الحماسة فنتمنى أن نكون أفضل من غيرنا.
وأذكر أنني كنت أذهب وحدي في الليل إلى أحد شوارع التفحيط ، وأتعلم حركات تفحيط بالسيارة لأفاجئ المفحط الذي يتحداني في اليوم التالي بأن لدي حركات بالسيارة لا يعرفها غيري.
التعلم.. مشكلة
تقول أنك بدأت احتراف التفحيط وأنت في الصف الأول المتوسط ، ألم يكن يشغلك أمر التعلم والمستقبل؟
لم يكن لدينا اهتمام بالتعلم ، ولكن ذلك ليس السبب الرئيسي ، لأنني أعرف طلاباَ متفوقين يمارسون التفحيط ، بل إن أحد كبار المفحطين المعروفين كان يعمل مرشداً طلابياً في إحدى المدارس!!
شريط فيديو
والدتك رحمها الله كيف علمت بأنك مفحط؟
علمت والدتي لأول مرة حين دخلت المنزل ومعي شريط فيديو صوره الزملاء لي وأنا أقوم بالتفيحط ، وفي أثناء متابعتي للشريط ،لأراجع حركاتي التي قمت بها ، وأصوب أخطاء التفحيط ، شاهدت والدتي الشريط وشاهدت صورتي وأنا أقوم بالتفحيط ، ناهيك عن الجيران الذين أخبروها ، لكن لم تكن تعلم عن عواقب التفحيط وحقيقته ، وللأسف في مجتمعنا كثير من الناس يحاولون التعامي عن أخطاء أبنائهم ، ويتظاهرون بعدم معرفة ما يقومون به ، كل ذلك بسبب الخوف من المجتمع والخوف من كلام الناس ، وكم من عائلة تشكو من إدمان أحد أبنائها أو انحرافه ، ولا يجرئ الأب أن يأخذ ابنه للعلاج أو أن يصارح ابنه ليصحح خطأه ، بل إن أحد الأباء يطلب من ابنه عدم شرب الخمر في البلاد ، ويطلب منه السفر للخارج إذا أراد ذلك ، كل ذلك بسبب الخوف من ضغوط المجتمع وضغوط القبيلة ، ومجتمعنا يهيئ الطريق للانحراف ، بسبب الخوف من أن يدري فلان أو غيره وهذا من أكبر الأخطاء فالاعتراف بالخطأ نصف الحل ، ولا يمكن أن يبدأ طريق الإصلاح إلا بالمكاشفة.
عقوبات غير رادعة
هل هناك عقوبات تعرضت لها بسبب التفحيط؟
للأسف عقوبات التفحيط إلى الآن غير رادعة ، فلا توجد الجدية في سحب رخصة قيادة المفحط ، أو السجن.
ورحم الله الملك فيصل فهو القائل " تمكنا من القضاء على كل شيء إلا الواسطة" فقضية الواسطة ورفع سماعة التلفون لمكالمة مسؤول من الناس أمر يصعب القضاء عليه ، فكم من مفحط خرج من قضايا كبيرة بسبب الواسطة حتى إن الناس أصبحوا يعلمون أن المفحط الفلاني (وراءه ظهر قوي).
التوقيف والحل
هل السجن (التوقيف) مكان يعين المفحط على التوبة ويعالج مشكلة التفحيط؟
بعض المفحطين يفرح بدخول السجن ليكتب كلمة تذكارية على جدار السجن ، ويفتخر بها ، فالسجن مكان يجمع (شلة) المفحطين ، بل يقيم علاقات بينهم ، ويعتبره بعضهم مكاناً آمناً للنوم والأكل ، ويؤدي أيضاً إلى التخطيط لعمل جرائم بعد الخروج من السجن ، فمجتمع السجن يزيد الطين بلة.
هواية أم رياضة
بماذا تعرف التفحيط؟ أهو رياضة أم هواية أم له أهداف أخرى؟
كل إنسان له مفهوم في التـفحيط فبعضهم يعتبره هواية ، وأخرون يعتبرونه رياضة ، وآخرون لهم أهداف أخرى ، إلا أنهم جميعاً يتفقون على أنه إدمان مثل إدمان الانترنت أو غيرها من العادات السيئة ، وقد يستخدم لأغراض خبيثة لاصطياد معينين.
وسيلة جذب
هل نفهم من ذلك أن التفحيط أمام المدارس وفي أوساط الشبا وسيلة لاصطياد أحداث معينين؟
التفحيط أكبر وسيلة لجذب الانتباه ، لأن المراهقين تجذبهم حركات المفحطين وتمنون لو تربطهم بهم علاقة أو أنهم يركبون معهم ليتفاخروا أمام زملائهم بأنهم يعرفون المفحط الفلاني ، ومن ثم يختار المفحط الشخص الذي يتشوق لمعرفته ويذهب به إلى أي مكان ويقيم معه علاقات عشق محرم ، بل إن بعض صغار السن يتمنى لو أن المفحط الفلاني يحبه ويعشقه ولا تسأل عما يترتب على ذلك ، بل إنه يفتخر بين أقرانه الصغار بأن المفحط المشهور يعشقه فتجده إذا ركب معه المفحط فتجده يخرج رأسه استعراضاًً بذلك ، وقد يقود السيارة والمفحط بجانبه ليظهر لزملائه مدى تعلق المفحط به.
كيف تـقوّم مجتمع المفحطين من الناحية الأخلاقية؟ وهل هناك علاقة بين التفحيط والمخدرات وسرقة السيارات؟؟
لاشك أن مجتمعهم هو منبع الشر نفسه ، الذي يوفر لهم الفراغ والانحراف ، ففيه تأتي الأفكار الإجرامية ، من سرقة سيارات إلى خطف وقضايا (عمل قوم لوط) ، حسب جلستهم سواء كانت في شارع تفحيط أو في شقة مفروشة أو استراحة ، فالشباب الفارغون يقفون في الشوارع ويرون سيارات جديدة تقف أمام المحلات التجارية أو أمام المنازل ، فيتبادر إلى أذهانهم أنهم بالأمس فحطوا بالشارع الفلاني ، واليوم يريدون سيارة ليفحطون بشارع آخر.
مجتمع مخدرات
وماذا عن المخدرات في مجتمع المفحطين؟
حتى لا أكون جائراً بالحكم ، فإن نسبة 80% من المفحطين يكونون تحت تأثير المخدر ، وقد كنا في السابق نعرفهم ، ففلان يفحط وهو سكران ، وآخر لا يفحط إلا إذا تعاطى الحبوب ، بل أتذكر أن واحداً منهم كان يقول أنا مستعد لتحدي (فلان) بشرط أن يكون بوضع طبيعي غير سكران أو متعاط للحبوب المنشطة ، بل من وسائل الانتحار الجماعي الآن أن يسرف الشباب في شرب المسكر ، ثم يقودون السيارات بسرعة جنونية في أحد الشوارع ليرتطموا في جدار أو شاحنة ، وينتحروا جميعاً ، وهذه الطريقة معروفة وتدور في أوساط المفحطين.
نوادي التفحيط
ماذا عن نوادي التفحيط والراليات التي تقام الآن؟ هل تعتقد أنها ستحد من ظاهرة التفحيط؟
سبق أن سُئلت عنها في (إحدى القنوات) ، و أنا أرى أنها لن تحد من هذه الظاهرة ، وقد استشارتني بعض اللجان المسؤولة هل سيقلل ذلك من ظاهرة التفحيط الدهس أمام المدارس؟ وأوضحت أن ذلك سيخفف ، لكن الأولى بتر ذلك ، وعدم فتح المجال بأي حال من الأحوال أمام المفحطين ، وأعتقد أن الشباب غير المؤهلين للمشاركة في مثل هذه النوادي سيتمنون المشاركة فيها ، ويذهبون لتعلم التفحيط والسعي للمشاركة في مثل هذه المسابقات ، وهناك أمر آخر هو أن الكثير من المفحطين لديه أهداف معينة للتفحيط ، فهو يقصد التفحيط في شوارع معينة ، ومدارس معينة ، ولأشخاص معينين ، وهذه النوادي تفسد عليهم أهدافهم.
الجمهور أيضاً
إذا كان مجتمع المفحطين مجتمع شر ، فهل الجمهور مجتمع شر أيضاً؟
لا تستطيع الحكم عليهم ، فالكثير ممن يراقب التفحيط أناس عاديون لكن دفعهم حب الاستطلاع ، وبعضهم يأتي ليرى حادثاً شنيعاً على الطبيعة ، فأحد المفحطين تعرض لحادث ، زكان ينزف في الشارع ، فاجتمع العشرات من الشباب حوله ، ولم يسعفه أي شخص ، بل تحلقوا حوله ليصوروه بالجوالات ، كل واحد منهم يتمنى السبق.
استبانة مدرسية
أحد المدرسين قام بعمل استبانة حول طموحات طلاب الصف ، ويقول المدرس إنه فوجئ بأن ثلثي طلاب الفصل يتمنون أن يكونوا مفحطين مشهورين ، ما السبب يا ترى؟
هؤلاء طلاب طيبون ، تعلق الشباب الصغار بالتفحيط أمر لا يمكن وصفه ، تعلقهم عجيب جداً ، الكل منهم يتمنى أن يكون مفحطاً ، أو أن يتعرف بمفحط إلى درجة أن هناك حركات يقوم بها المفحط ، تنتشر بين الطلاب ، وعلى سبيل المثال ، كان هناك أحد المفحطين ، له طريقة معينة في لبس الطاقية وانتشرت طريقته هذه بين الشباب ، وأذكر أن بعض المفحطين كان إذا فحط ولوح بيده أمام الشباب المجتمعين ، ظهرت له عشرات الأيادي كلها تلوح له ، فمثل هذه الأمور البسيطة يقلدها الشباب ، وذلك له أسباب ،
أولها : عدم توعية الشباب بما يترتب على التفحيط من نهايات مأساوية ومنها استغلال صغر السن الصبي في أمور خبيثة.
الثاني:غياب الأب عن أبنائه ولو وجدانياً ، فقليل من الآباء يجلس مع أبنائه لحل مشكلاتهم وتفهم أمورهم ، وإذا جلس الابن مع والده ، تجد أن الأب يسكت ابنه ، ولا يريد منه الحديث أمام الناس ، فهذا الأمر يبني الكثير من الحواجز بين الأب والأبناء ، فإذا غابت العلاقة بين الأب والأبناء فمن الطبيعي أن ينحرف الابن لعدم وجود التوجيه السليم.
وهناك نقطة مهمة سأذكرها بصراحة في السابق كانت الدوريات لا يقودها إلا وكيل رقيب فما فوق ، أما الآن فهناك عناصر أمن صغار السن يقودون الدوريات وليس لهم خبرة في المطاردة وقد يكون بعضهم من أشهر المفحطين بالأمس!!
أفلام التفحيط
من يشاهد أفلام التفحيط المنتشرة بالجوالات وغيرها على مواقع الانترنت يجد أن غالبية السيارات المستخدمة لذلك سيارات جديدة ، من الذي يؤمن لهم ذلك؟
المفحطون لهم جماهيرهم ، بعض الشباب يطلب من المفحط أن يفحط بسيارته لكي تشتهر في الحي ، وآخرون بالإيجار.
مكاتب التأجير
هل تقصد بذلك أن مكاتب التأجير يعلم أن المستأجر سيفحط بالسيارة ولا يمانع في ذلك؟
نعم ، بل إن بعض المفحطين يأخذون سيارات من مكاتب التأجير مقابل أشياء مختلفة ، وذلك بسبب عدم الاهتمام بأضرار السيارة ، فهي مؤمنة ، والأمر الآخر أن مكاتب التأجير كثيرة جداً، فهم يريدون الزبون بأي طريقة ، للأسف كثير من مكاتب التأجير تؤجر سيارات لشباب صغار يرفض آبائهم إعطاءهم سيارات ، ومكاتب التأجير تؤمن لهم ذلك.
التوبة حاضرة
دعنا الآن نتحدث عن مرحلة التحول لدى الدغيلبي ، في الفترة الأخيرة من أيام التفحيط هل كانت لك نية ورغبة بترك التفحيط ، أم أنك كنت تنوي الاستمرار؟
كان من الصعب عليّ ترك التفحيط والجمهور ، وألقاب وأسماء كان الشباب يعرفونني بها ، والتي حابت من أجلها سنوات قضيتها في التفحيط ، كل تلك الأمور كانت عائقاً أمام تركي للتفحيط ، بل إنني في آخر أيام من فترة التفحيط ، كنت أرى الجمهور المتابع لي في الشوارع ، وكنت أكرههم ، وأقول في نفسي متى يتركني هؤلاء السخفاء؟ وكنت غير راض أبداً عن ذلك.
الموت في لحظة
ألم تكن خائفاً من أن تكون ضحية للتفحيط؟ ألم يكن محتملاً أن تموت في حادث نتيجة التهور؟
كنت اثق في نفسي ثقة عمياء ، وفي قيادتي للسيارة في أثناء التفحيط ، وهذا ما جعلني لا أحسب للموت أي حساب ولو مت .
لم أكن أعلم ما يترتب على الموت وليس ذلك جهلاً مني بالدار الآخرة ، وإنما غفلة وعدم وعي ، وكثير من المواقف المؤثرة مرت بي ولم أفكر بالتوبة وبترك التفحيط ، وأبرز تلك الحوادث وفاة أربعة شباب في حادث أمامي ، إلا أنني لم نكن نتعظ ، بل كنا نفقد الكثير من زملائنا في التفحيط ، وكنا نحيي ذكراهم وبطولاتهم في التفحيط فكنا بعد عام من تاريخ وفاة المفحط نكتب على السيارات ( تفحيط اليوم إحياء لذكرى فلان المفحط).
فتاوى العلماء
إذا كان التفحيط بهذه الخطورة وهذا الشر ، فلماذا لم نسمع فتاوى من العلماء ومحاضرات بنفس القوة التي يتكلمون فيها عن أمور أخرى مثل (الدش) و (الغناء)؟
للأسف أمور الشباب ومشكلاتهم في كثير من الأحيان لا تكون ظاهرة للجميع ، فالناس لا تحكم إلا على ما تراه وتشاهده في المجتمع الذي أمامها ، فكيف تريد من داعية من المسجد إلى المحراب أن يفهم أموراً لايفصح عنها الشباب؟ كثير من العلماء حين نروي لهم بعض القصص لا يصدقون أنها تحصل في مجتمعنا ، بل إن بعضهم رفض الفتوى على كثير من الأمور بأنها أمور لا يمكن أن تحدث في مجتمعنا الملتزم ، وهناك فتاوى حول هذا الأمر لكنها قليلة جداً وغير معروفة ، وأنا بصدد جمع فتاوى طرحتها هيئة كبار العلماء ورسائل عن التفحيط ، أقوم الآن بجمعها ، لأنشرها في كتاب سيصدر بإذن الله بعنوان (القول المحيط في عالم التفحيط).
يوم لا ينسى
صف لنا ذلك اليوم الذي عزمت فيه على التغير؟
أحياناً يتغير الإنسان من موقف واحد ، وأحياناً من عدة مواقف ، فكم من المواقف والمواعظ مرت بي ، لكنني كنت أسوّف. وأذكر أن أحد الدعاة أعطاني شريطاً ووعظني وحذرني من التفحيط وكنت أنوي الاتصال به وسوفت عدة سنوات. ويوم التوبة كنت في السجن ، وكان معي في الغرفة شخص يمني الجنسية محكوم عليه بالاعدام ، وكان يصلي الليل والنهار ، وفيه من الخشوع والبكاء ما جعلني أتأثر ، وهنا أتى دور الجليس ، فأنا كنت لا أصلي وبدأت أشعر بالحرج من تهاوني بالصلاة فقمت أصلي بجانبه قيام الليل على رغم أنني لم أصلي الفروض ، ولما بدأت بالصلاة صرت أشعر بالراحة والتأثر وحب الخير ،ولكنني فوجئت لما خرجت من السجن بأن أصدقائي ينتظرونني ورجعت معهم قليلاً إلا أنني سرعان ما عدت للتوبة ، وهنا أوجه نصحية لمن يريد التوبة ، فعليه أن لا ييأس ، وأن يستمر حتى ينتصر.
شلة الأصدقاء
هل تبديل الأصدقاء بهذه السرعة كان أمراً سهلاًَ؟
الناس يختلفون والقدرات تختلف ، فبعض الشباب الذين قابلتهم كانوا يقولون إنهم عازمون على التوبة ، ولكن لم يأت الوقت المناسب لإعلانها ، وبعضهم يفضل الغياب عدة أيام وأسابيع عن أصحابه ليفاجئهم بأنه قد أعفى اللحية وقصر الثوب ، وأصبح إنساناً آخر.
رسالة للمفحطين
بعد أن تركت التفحيط سلكت الطريق الصحيح ، لماذا محاضراتك وأشرطتك يسمعها الشباب المتدين فقط ، ما الفائدة التي سيجنيها المتدين إذا سمع كلاماً عن التفحيط وأحواله؟ لماذا لا تكون رسالتك إلى المفحطين؟
أنا أقوم بزيارة المفحطين ، وأقوم بزيارة المدارس والشقق المفروشة ، حتى مقاهي الشيشة أدخلها ، وأكثرهم يعرفونني ، وأحضر للإنكار عليهم ، ودعوتهم ، بل دائماً أذهب إلى ساحات التفحيط وأقابل الشباب هناك وأنصحهم وأتحدث إليهم ، وقد حددت يوم الأثنين من كل أسبوع لزيارة سجن الحائر والجلوس مع المساجين في الانفرادي أو الجماعي لأعالج قضايا الشباب ولأساعدهم في حل مشكلاتهم.
وكثير منهم يأتي إلى باب منزلي يشكو لي من الإدمان والهموم ، بل منهم من حضر إلي ومعه كمية من المخدرات نادماً على ماسبق ،ويتم إتلافها ولا يعرف كيف يتخلص من الإدمان ومن الصحبة ، ونجحت في مساعدة الكثير منهم بالعلاج من الإدمان ، ووقفت معهم خارج السجن حتى انخرطوا في المجتمع ، وأنا ولله الحمد نجح خطابي وتميز لأنه يخاطب هموم الشباب وخصوصياتهم.
أشرطة كاسيت
أصدرت سبعة أشرطة وكانت مبيعاتها كبيرة جداً ، هل هذه الإصدارات من أجل الربح المادي؟
أنا مستعد أن أدفع من جيبي الخاص لأعالج أي شاب مدمن أو يبحث عن الهداية ، وأكون صريحاً معكم فأنا أدفع أقساطاً عن سيارتين ، دفعت قيمتها في سبيل هداية شباب ، وأنا الآن لدي فاتورة كهرباء لشاب قطعت الكهرباء عن منزلهم ولا يملكون المال لتسديدها أنا تحملت ذلك عنهم ، وأشرطتي التي دخلت الأسواق منها ما قدم لوجه الله عز وجل ، ولا أشترط سوى أخذ كمية منها للتوزيع الخيري ، وإذا لم تكف أشتري أشرطتي من مال الخاص ، ولم أتقاض هللة واحدة منها.
عالم التفحيط
كلامك في الأشرطة كان فيه نوع من الجراءة التي لم تعتد عليها الأشرطة الإسلامية ، خصوصاً في سلسلة ، تكلمت فيها عن خفايا المفحطين ونشرت غسيلهم ، ألم تتلق تهديدات أو محاولات اعتداء منهم؟
صاحب المعصية ذليل ، ومن المستحيل أن يأتي أحدهم ليقول لي لماذا تفضح مخططاتي؟ والكثير من المفحطين على علم بأنني أعالج مشكلاتهم وقضاياهم.
نوعية معينة
أنت تذكر أنك متخصص في نوعية معينة من الشباب إلى أي مدى كان تأثيرك عليهم؟
لا أستطيع أن أحكم على ذلك ولا غيري ، الذي يستطيع الحكم هم أولياء أمور المفحطين وضحايا المخدرات الذين - ولله الحمد- لقيت الثناء من الكثير منهم.
في الأشرطة هل أنت داعية أم صاحب تجربة؟
(شيخ) (داعية) (دكتور) كلها مسميات لا تهمني ولا أنظر إليها أنظر إلى عملي.
الشكليات فقط
لكن يا شيخ سلطان ، هناك من يقول أنك تركز فقط على تقصير الثوب وإطلاق اللحية ، ومفهوم التوبة عندك هو في (الكسوة) أليس كذلك؟
إن من يقول ذلك لم يسمع أشرطتي ، وكل هذه الاتهامات مخالفة تماماً لما أدعو إليه. وأنا توجه لي انتقادات كثيرة حول أشرطتي وقد قيل لي " لماذا لا تتكلم عن أهمية تقصير الثوب وإعفاء اللحية؟" ودائماً أقول لهم إن خطابي علاجي ، يتكلم عن سلوكيات خاطئة لفئة معينة ، بعد ترك التفحيط والمخدرات من الممكن الحديث عن تلك الأمور ، فالشخص الغارق على سبيل المثال لا يمكن أن يفهم ما تقوله له ، ولكن بعد الخروج من الغرق تستطيع أن تتفاهم معه.
عودة التائبين
لكن ألا تواجهكم مشكلة في أن الكثير من الشباب التائب يعود لما كان عليه؟
هذا يعتمد على الشخص التائب نفسه ، فبعضهم يترك المخدرات للتخلص من مشكلة معينة أو للهروب من واقع ، وهذا أمر يجب على الداعية فهمه وملاحظة مراحل الالتزام ، أهذا الشخص في تحسن أم أنه في نقص مستمر؟ وعلى الدعاة أن لا ييأسوا ، فالداعية لديه التوجيه والإرشاد والهداية تأتي من الله.
الدعاة الشباب
أبو زقم وعمرو خالد وغيرهما من الدعاة يواجهون انتقادات واتهامات عنيفة في كثير من الأحيان ، ما هو السبب؟
قد يكون عند بعض الناس شيء من الحسد والغيرة على أبو زقم وغيره من الدعاة لأن الناس تسمع لنا وتحب أشرطتنا ، وهذه الأمور يقسمها الله بين الناس.
أول محاضرة
هل تذكر أوب محاضرة لك ، كيف تجرأت وأنت حديث عهد بالتفحيط؟
هذه الأشرطة لم تأت في يوم وليلة ، فبعض الناس يعتقد أن سلطان(أبو زقم) تاب بالأمس وأصبح محاضراً اليوم ، ولم يعلموا أنني بعد التوبة جالست العلماء والدعاة وتعلمت على أيديهم وعكفت على دروسهم وقراءة كتبهم ، والعلماء هم من أذنوا لي بذلك ، ففي البداية كنت أتكلم معهم لمدة خمس دقائق مثلاً ، ويسددونني ويصححون أخطائي ، ويوجهونني التوجيه السليم ، وبالتدريج صرت ألقي محاضرات. وشريطي بعنوان (عكسية) يظن من يسمعه أنني تركت التفحيط وأصدرت الشريط في اليوم التالي ، وهذا غير صحيح ، بل استشرت العلماء في ذلك وأخذت منهم الموافقة على كل ما جاء فيه.
جمهورنا كبير
ما السر في كون الحضور لديك ولدى غيرك من الدعاة الشباب أكبر من الحضور لدى العلماء الكبار؟
هذه قضية مؤسفة ، فأنا والله أحزن إذا كان عدد الحضور عند آلافاً ، وعدد الحضور لدى أحد العلماء - الذي أتشرف بالجلوس أمامه متعلماً- قليل. وذلك لأن الناس تميل إلى الذي يتكلم عن قضاياهم ومشكلاتهم ، والمعروف أن القرآن قال الله عنه ( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا) فمجالس العلم قد تكون ثقيلة على بعض النفوس ، ولكن دورنا نحن الدعاة أن نذهب بالشباب إلى مجالس العلماء مثل سماحة المفتي ، ونطلب منهم أن يستفيدوا من علمهم وأن يدرسوا على أيديهم.
ظاهرة صحية
الآن هناك ظاهرة جديدة اسمها ظاهرة (أبو زقم) أي أن كل شاب يلتزم ويتوب يأتي في اليوم الثاني ويلقي محاضرة أو يلقي كلمة في مسجد ، هل هذه الظاهرة صحية؟
المفروض أن أخطاء الناس لا يتحملها (أبو زقم) ، فيجب أن يعلم الناس عن طبيعة المحاضر ، من هم علماؤه الذين أذنوا له بالدعوة ، وعلى يد من طلب العلم الشرعي؟ ودائماً أقول للشباب الملتزم: عليكم أن تلتحموا بالعلماء وأن تطلبوا العلم على أيديهم. وبعضهم هداه الله حين أوصيته بعدم الاستعجال بالدعوة يظن أنني أحسده ، أو يظن أنني أغار منه ، وهذه النصائح في مصلحته.
الخطاب الدعوي
كثيراً ما نسمع أناساً ينتقدون أبا زقم لأنه امتهن الخطاب الدعوي ، فلغة الكلام ليست بمستوى الدعوة ،وبأسلوب المفحطين وليست بأسلوب الدعاة؟
حين أذهب إلى مجتمعات الشباب في محاضراتي وغيرها ، أرمي في كلامي شفرات وكلمات لا يفهمها إلا المفحطون والمدمنون ، وإذا رأيتهم تفاعلوا معها أعلم بذلك أن فيهم هذه الأمور ، وخطابي موجه لعمر معين وفئة معينة ، وغيرهم لا يفهمها ولا يفهم أبعادها ، فأنا لا أوجه كلامي لطلبة العلم أو مشايخ ، وأنا أعطيك مثالاً ، لو أنا طالباً جامعياً جلس بين طلاب الصف الأول الابتدائي ، ثم سمع المدرس يردد على الطلاب (آ، أو، أي ، حا ، حو ، حي) لقال إن هذا المدرس جاهل. نفس الأمر في المحاضرات ، ولله الحمد طريقتي هذه أسفرت عن نتائج مذهلة ، وأنا أعمل مرشداً دينياً في مستشفى الأمل ، وأرى التحسن والتفاعل معي أكثر من غيري ، وأرى المرضى أيضاً يطلبونني ، حتى أن بعضهم كانوا يمازحونني ويقولون لي ( افتح مستشفى خاصاً بك لكي ترتاح) ، فعلى الناس الذين ينتقدونني أن لا يتمسكوا بسلبية أو جزئية معينة.