اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > منتدى الثقافة العامة
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-08-2014, 09:00 PM   رقم المشاركة : 1
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

اعلام المسلمين

سعيد بن المسيب
الإسلام عزيز بك وبأمثالك أيها الرجل..إنك كالجبل الراسخ، وقفت في وجه الطغاة..علمتنا أن الحقَّ الأعزل قادر على أن يقف في وجه الباطل المدجج
بالسلاح، وأن المؤمن لا تزيده المحن إلا عزة وإيمانًا، أما الظالم فيرجع إلى
الوراء، يتخاذل ويتقهقر، يخشى سيف الحق وعزة الإسلام، فهنيئًا لك يا
سيد التابعين.
بعد مضي سنتين من خلافة الفاروق عمر -رضي الله عنه- ولد (سعيد بن المسيب) في المدينة المنورة؛ حيث كبار الصحابة، فرأى عمر بن الخطاب، وسمع عثمان بن عفان، وعليًّا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى الأشعري، وأبا هريرة..وغيرهم، فنشأ نشأة مباركة، وسار على نهجهم، واقتدى بأفعالهم، وروى عنهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج بنت الصحابي الجليل أبي هريرة، فكان أعلم الناس بحديثه.
وهبه الله في نشأته الباكرة ذكاءً متوقدًا، وذاكرة قوية، حتى شهد له كبار الصحابة والتابعين بعلو المكانة في العلم، وكان رأس فقهاء المدينة في زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء، وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وهو المقدم في الفتوى بالمدينة آنذاك- إذا سئل عن مسألة صعبة في الفقه، كان يقول: سلوا سعيدًا فقد جالس الصالحين.
ويقول عنه قتادة: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام منه، ويكفي ابن المسيب فخرًا أن الخليفة العادل (عمر بن عبد العزيز) كان أحد تلاميذه، ولما تولى عمر إمارة المدينة لم يقض أمرًا إلا بعد استشارة سعيد، فقد أرسل إليه عمر رجلاً يسأله في أمر من الأمور، فدعاه، فلبي الدعوة وذهب معه، فقال عمر بن عبد العزيز له: أخطأ الرجل، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك.
وعاش سعيد طيلة حياته مرفوع الرأس، عزيز النفس، فلم يحنِ رأسه أبدًا لأي
إنسان، حتى ولو ألهبوا ظهره بالسياط، أو هددوه بقطع رقبته، فها هو ذا أمير المدينة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان يأمره بالبيعة للوليد بن عبد الملك، فيمتنع
فيهدده بضرب عنقه، فلم يتراجع عن رأيه رغم علمه بما ينتظره من العذاب، وما إن أعلن سعيد مخالفته حتى جردوه من ثيابه، وضربوه خمسين سوطًا، وطافوا به في أسواق المدينة، وهم يقولون: هذا موقف الخزي!! فيرد عليهم سعيد في ثقة وإيمان: بل من الخزي فررنا إلى ما نريد.
ولما علم عبد الملك بما صنعه والى المدينة لامه وكتب إليه: سعيد..كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده من خلاف، وبعد كل هذا التعذيب الذي ناله سعيد جاءه رجل يحرضه في الدعاء على بني أمية، فما كان منه إلا أن قال: اللهم أعز دينك، وأظهر أولياءك، وأخزِ أعداءك في عافية لأمة محمد
صلى الله عليه وسلم.
صلى (الحجاج بن يوسف الثقفي) ذات مرة، وكان يصلى بسرعة، فلم يتم ركوع الصلاة وسجودها كما يجب، فأخذ سعيد كفًا من الحصى ورماه به، فانتبه الحجاج لذلك واطمأن وتمهل في صلاته، وكان ذلك قبل أن يتولى الحجاج الإمارة، ورفض سعيد أن تكون ابنته أعظم سيدة في دولة الخلافة الإسلامية؛ وذلك حين أراد الخليفة عبد الملك بن مروان أن يخطب ابنة سعيد لولي عهده الوليد، لكن سعيدًا رفض بشدة، وزوج ابنته من طالب علم فقير.
فقد كان لسعيد جليس يقال له (عبد الله بن وداعة) فأبطأ عنه أيامًا، فسأل عنه وطلبه، فأتاه واعتذر إليه، وأخبره بأن سبب تأخره هو مرض زوجته وموتها، فقال له: ألا أعلمتنا بمرضها فنعودها، أو بموتها فنشهد جنازتها، ثم قال: يا عبد الله تزوج، ولا تلق الله وأنت أعزب، فقال: يرحمك الله ومن يزوجني وأنا فقير؟ فقال سعيد: أنا أزوجك ابنتي، فسكت عبد الله استحياء، فقال سعيد: مالك سكت، أسخطًا وإعراضًا؟ فقال عبد الله: وأين أنا منها؟ فقال: قم وادع نفرًا من الأنصار، فدعا له فأشهدهم على النكاح (الزواج)، فلما صلوا العشاء توجه سعيد بابنته إلى الفقير ومعها الخادم والدراهم والطعام، والزوج لا يكاد يصدق ما هو فيه!!
وحرص سعيد على حضور صلاة الجماعة، وواظب على حضورها أربعين سنة لم يتخلف عن وقت واحد، وكان سعيد تقيًّا ورعًا، يذكر الله كثيرًا، جاءه رجل وهو مريض، فسأله عن حديث وهو مضطجع فجلس فحدثه، فقال له ذلك الرجل: وددت أنك لم تتعن ولا تتعب نفسك، فقال: إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع، ومن احترامه وتوقيره لحرمات الله قوله: لا تقولوا مصيحف ولا مسيجد، ما كان لله فهو عظيم حسن جميل، فهو يكره أن تصغر كلمة مصحف، أو كلمة مسجد أو كل كلمة غيرهما تكون لله تعالى إجلالا لشأنها وتعظيمًا.
ومرض سعيد، واشتد وجعه، فدخل عليه نافع بن جبير يزوره، فأغمى عليه، فقال نافع: وَجِّهوه، ففعلوا، فأفاق فقال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى القبلة..أنافع؟ قال: نعم، قال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة والله لا ينفعني توجيهكم فراشي، ولما احتضر سعيد بن المسيب ترك مالاً، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها ديني، ومات سعيد سنة ثلاث أو أربع وتسعين من الهجرة، فرحمه الله رحمة واسعة.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:00 PM   رقم المشاركة : 2
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

سعيد بن جبير
وُلِدَ سعيد بن جبير في زمن خلافة الإمام على بن أبي طالب - رضي الله عنه- بالكوفة، وقد نشأ سعيد محبًّا للعلم، مقبلاً عليه، ينهل من معينه، فقرأ القرآن على
ابن عباس، وأخذ عنه الفقه والتفسير والحديث، كما روى الحديث عن أكثر من عشرة من الصحابة، وقد بلغ رتبة في العلم لم يبلغها أحد من أقرانه، قال
خصيف بن عبد الرحمن عن أصحاب ابن عباس: كان أعلمهم بالقرآن مجاهد وأعلمهم بالحج عطاء، وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبير.
وكان ابن عباس يجعل سعيدًا بن جبير يفتي وهو موجود، ولما كان أهل الكوفة يستفتونه، فكان يقول لهم: أليس منكم ابن أم الدهماء؟ يعني سعيد بن جبير، وكان سعيد بن جبير كثير العبادة لله، فكان يحج مرة ويعتمر مرة في كل سنة، ويقيم
الليل، ويكثر من الصيام، وربما ختم قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام، وكان سعيد بن جبير مناهضًا للحجاج بن يوسف الثقفي أحد أمراء بني أمية، فأمر الحجاج بالقبض عليه، فلما مثل بين يديه، دار بينهما هذا الحوار:
الحجاج: ما اسمك؟
سعيد: سعيد بن جبير.
الحجاج: بل أنت شقي بن كسير.
سعيد: بل أمي كانت أعلم باسمي منك.
الحجاج: شقيتَ أنت، وشقيتْ أمك.
سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
الحجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى.
سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا.
الحجاج: فما قولك في محمد.
سعيد: نبي الرحمة، وإمام الهدى.
الحجاج: فما قولك في على بن أبي طالب، أهو في الجنة أم في النار؟
سعيد: لو دخلتها؛ فرأيت أهلها لعرفت.
الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟
سعيد: لست عليهم بوكيل.
الحجاج: فأيهم أعجب إليك؟
سعيد: أرضاهم لخالقي.
الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟
سعيد: علم ذلك عنده.
الحجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي.
سعيد: إني لم أحب أن أكذبك.
الحجاج: فما بالك لم تضحك؟
سعيد: لم تستوِ القلوب..وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين
تأكله النار.
وهب سعيد حياته للإسلام، ولم يَخْشْ إلا الله، ولد في الكوفة، يفيد الناس بعلمه النافع، ويفقه الناس في أمور دينهم ودنياهم، فقد كان إمامًا عظيمًا من أئمة الفقه في عصر الدولة الأموية، حتى شهد له عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- بالسبق في الفقه والعلم، فكان إذا أتاه أهل مكة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء (يقصد سعيد بن جبير).
كان سعيد بن جبير يملك لسانًا صادقًا وقلبًا حافظًا، لا يهاب الطغاة، ولا يسكت عن قول الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، فألقى الحجاج بن يوسف القبض عليه بعد أن لفق له تهمًا كاذبة، وعقد العزم على التخلص منه، لم يستطع الحجاج أن يسكت لســانه عن قول الحق بالتـهديد أو التخويف، فقد كان سعيد بن جبير مؤمنًا قوي الإيمان، يعلم أن الموت والحياة والرزق كلها بيد الله، ولا يقدر عليه أحد سواه.
اتبع الحجاج مع سعيد بن جبير طريقًا آخر، لعله يزحزحه عن الحق، أغراه بالمال والدنيا، وضع أموالا كثيرة بين يديه، فما كان من هذا الإمام الجليل إلا أن أعطى الحجاج درسًا قاسيًا، فقال: إن كنت يا حجاج قد جمعت هذا المال لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح، وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت.
لقد أفهمه سعيد أن المال هو أعظم وسيلة لإصلاح الأعمال وصلاح الآخرة، إن جمعه صاحبه بطريق الحلال لاتـِّقاء فزع يوم القيامة..{يوم لا ينفع مال ولا بنون
إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء:88-89].
ومرة أخرى تفشل محاولات الحجاج لإغراء سعيد، فهو ليس من عباد الدنيا ولا ممن يبيعون دينهم بدنياهم، وبدأ الحجاج يهدد سعيدًا بالقضاء عليه، ودار هذا المشهد بينهما:
الحجاج: ويلك يا سعيد!
سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار.
الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟
سعيد: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة.
الحجاج: أتريد أن أعفو عنك؟
سعيد: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عُذر.
الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه.
فلما خرجوا ليقتلوه، بكي ابنه لما رآه في هذا الموقف، فنظر إليه سعيد وقال له: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ وبكي أيضًا صديق له، فقال له سعيد: ما يبكيك؟
الرجل: لما أصابك.
سعيد: فلا تبك، كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} [الحديد:22] ثم ضحك سعيد، فتعجب الناس وأخبروا الحجاج، فأمر بردِّه، فسأله الحجاج: ما أضحكك؟
سعيد: عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك.
الحجاج: اقتلوه.
سعيد: {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين} [الأنعام: 79].
الحجاج: وجهوه لغير القبلة.
سعيد: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: 115].
الحجاج: كبوه على وجهه.
سعيد: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55].
الحجاج: اذبحوه.
سعيد: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده
ورسوله، خذها مني يا حجاج حتى تلقاني بها يوم القيامة، ثم دعا سعيد ربه فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.
ومات سعيد شهيدًا سنة 95هـ، وله من العمر سبع وخمسون سنة، مات ولسانه رطب بذكر الله.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:01 PM   رقم المشاركة : 3
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

الحسن البصري
يروى أن رجلاً اغتابه، فما كان منه إلا أنه أرسل له بطبق من الحلوى قائلاً له: بلغني أنك نقلت حسناتك إلى ديواني وهذه مكافأتك!!
إنه (الحسن البصري بن أبي الحسن يسار) وكنيته (أبو سعيد) ولد في المدينة
عام واحد وعشرين من الهجرة، كان أبوه من سبي (ميسان) من بلاد فارس، سكن المدينة وبها أعتق، وتزوج بمولاة أم سلمة -رضي الله عنها- (خيرة) فكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تبعث أم الحسن البصري لتقضي لها الحاجة، وتترك (الحسن) فيبكي وهو طفل فترضعه أم سلمة، وتخرجه إلى أصحاب رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وهو صغير فكانوا يدعون له، فأخرجته إلى عمر -رضي الله عنه- فدعا له وقال: (اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس).
تعلم في مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحفظ القرآن في العاشرة من
عمره، وتتلمذ على أيدي كبار الصحابة في مسجد الرسول -صلى الله عليه
وسلم- روى الحديث عن علي وعثمان وعبد الله بن عمرو وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، ثم رحل إلى البصرة، فكان فقيهها وعالمها، وشيخ القراء فيها، أقبل الناس عليه يتلقون عنه العلم، ويأخذون منه الحكمة، فقد كان موضع إعجاب العلماء والتلاميذ، فقد قال أنس بن مالك: سلوا الحسن، فإنه حفظ ونسينا، وقال عنه أحد تلاميذه: ترددت على مجلس الحسن عشر سنين، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك.
وكانت حلقته في المسجد يدرس فيها الحديث والفقه وعلوم القرآن واللغة، وكان من تلاميذه من يصحبه للحديث، ومنهم من يصحبه للقرآن، ومنهم من يصحبه للبلاغة واللغة، وكان دائمًا ينصح تلاميذه قائلاً: إذا طلب الرجل العلم فينبغي أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره.
لقد نذر الحسن البصري حياته لله تبارك وتعالى، فكان همُّه الأول النصح
والإرشاد، فأقبل عليه طلاب العلم إقبالاً عظيمًا، فذاع صيته، واتسعت حلقاته بالمسجد حتى لقِّب بـ(إمام البصرة)..لازمته ظاهرة البكاء والخشية من الله، وعندما سئل عن ذلك قال: (نضحك ولا ندري، لعل الله قد اطلع على أعمالنا، فقال لا أقبل منكم شيئًا) وسجَّل له التاريخ على صفحاته البيضاء موقفه من الحجاج بن
يوسف، وقد كـان الحسـن البصــري من أشد الناس وأشجعهم، وكان (المهلب بن أبي صفرة) إذا قاتـل عدوًّا يجعله في مقدمة الجيش.
وكان الحسن البصري يعتبر أن حياة القلب وسلامته طريق الإيمان الحق، وفي ذلك كان يراسل أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في هذا الشأن فيقول له: (سلام
عليك، أما بعد فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات، فأجابه عمر: (سلام عليك كأنك بالدنيا ولم تكن، وكأنك بالآخرة لم تزل).
وجلس الحسن ذات يوم في مسجد البصرة الكبير يفسر قوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} [الحديد: 16] ثم وعظ الناس وعظًا بليغًا حتى أبكاهم، وكان من بينهم شاب يقال له (عتبة) فقام وقال أيها الشيخ: أيقبل الله تعالى الفاسق الفاجر مثلي إذا تاب؟ فقال الحسن: نعم، يقبل توبتك عن فسقك
وفجورك، فلما سمع الشاب ذلك صاح صيحة وخرَّ مغشيًّا عليه، فلما أفاق دنا الحسن البصري منه وقال له:
أيا شاب لرب العرش عاصـــــي
أتدري ما جزاء ذوي المعاصـــي
سعير للعصاة لها زفيـــــــــر
وغيظ يوم يؤخذ بالنواصــــــي
فإن تصبر على النيران فاعصــــه
وإلا كن عن العصيان قاصـــــي
وفيم قد كسبت من الخطايــــا
رهنت النفس فاجـهر في الخـــلاصِ
فخرَّ الشاب مغشيًّا عليه، ثم أفاق، فسأل الحسن: هل يقبل الرب الرحيم توبة لئيم مثلي؟ فقال الحسن: هل يقبل توبة العبد الجافي إلا الرب المعافي؟! ثم رفع رأسه، ودعا له؛ فأصلح الله حال الشاب.
ومن أقواله لتلاميذه: لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاثة: أنه لم يشبع بما جمع، ولم يدرك ما أمل، ولم يحسن الزاد لما قدم عليه، يابن آدم إنما أنت
أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك، الفقيه هو الزاهد في الدنيا، البصير بدينه المداوم على عبادة ربه، تفكر في الله ساعة خير من قيام ليلة، يا عجبًا من ضاحك ومن ورائه النار، ومن مسرور ومن ورائه الموت.
وقال ناصحًا تلميذًا له:
إذا جالستَ العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت، ولا تقطع على أحد حديثه وإن طال حتى يمسك.
وفارق الحسن دنيا الناس سنة 110 هـ عن نحو ثمان وثمانين سنة، وكانت جنازته مشهودة، صلوا عليه عقيب الجمعة، وشيعه خَلْق كثير.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:01 PM   رقم المشاركة : 4
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

عبد الملك بن مروان
نظر إليه أبو هريرة -رضي الله عنه- وهو غلام، فقال: هذا يملك العرب!!
في مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولد (عبد الملك بن مروان) في
سنة 24هـ في أول عام من خلافة (عثمان بن عفان) رضي الله عنه، حفظ القرآن الكريم، وسمع أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عمِّه عثمان بن عفان وأبي هريرة، وأم سلمة، ومعاوية، وابن عمر -رضي الله عنهم أجمعين-.
وكثيرًا ما كان عبد الملك في طفولته المبكرة يسأل أباه وعمه ومن حوله من الصحابة عن سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيجيبونه بما يثير دهشته، ويزيد من إعجابه بعظمة الإسلام، ولكنه وهو في العاشرة من عمره رأى مقتل خليفة المسلمين (عثمان بن عفان) فترك ذلك أثرًا حزينًا في نفسه، لكنه تعلم منه الدرس، وهو أن يتعامل مع المعتدين والمشاغبين بالقوة والحزم.
ثم لازم الفقهاء والعلماء حتى صار فقيهًا، سئل ابن عمر -رضي الله عنه- ذات مرة في أمر من أمور الدين فقال: (إن لمروان ابنًا فقيهًا فسلوه) وقال الأعمش: كان فقهاء المدينة أربعة: سعيد بن المسيب وعروة وقبيصة بن ذؤيب وعبد الملك بن
مروان، وكان لا يترك الصلاة في المسجد، حتى سمي حمامة المسجد لعبادته ومداومته على تلاوة القرآن.
نال عبد الملك في حداثته إعجاب الجميع لتمسكه بمبادئ الإسلام، يحكي أن معاوية جلس يومًا ومعه سعيد بن العاص -رضي الله عنه- فمرَّ بهما عبد الملك، فقال معاوية: لله در هذا الفتى ما أعظم مروءته؟ فقال سعيد: يا أمير المؤمنين إن هذا الفتى أخذ بخصال أربع وترك خصالاً ثلاثًا: أخذ بحسن الحديث إذا حَدَّث، وحسن الاستماع إذا حُدِّث، وحسن البِشْر إذا لقي، وخفة المئونة إذا خولف، وترك من القول ما يعتذر منه، وترك مخالطة اللئام من الناس، وترك ممازحة من لا يوثق بعقله ولا مروءته).
وخرج عبد الملك من المدينة في ربيع الآخر سنة 64هـ عند حدوث الفتنة واضطراب الأمر بالشام وظهور عبد الله بن الزبير بمكة والحجاز وإعلان نفسه خليفة للمسلمين، ولم تكد تمضِ ستة أشهر حتى تولى أبوه مروان الخلافة، لكنه لم يستمر سوي عشرة أشهر حتى توفي، فخلفه في رمضان من عام 65هـ عبد الملك بن مروان وأقبل عليه كبراء بني أمية وأمراء الجنود ورؤساء القوم وكبار رجال الدولة
فبايعوه.
وحين تولى عبد الملك خلفًا لأبيه لم يكن في يده غير الشام ومصر فقط، وهكذا كانت الأخطار تحيط بدولته من كل جانب في الداخل، فوجد الدولة الإسلامية منقسمة تسودها الفتن والاضطرابات، فهناك ابن الزبير في الحجاز، ودولة بني أمية في الشام، والخوارج الأزارقة بالأهواز، والخوارج (النجدات) بجزيرة العرب، والشيعة بالكوفة في العراق، وفي الخارج كانت الروم تكيد له، وتنتهز فرصة الانقسام لتغير على الحدود في الشمال والغرب، تهديدات من كل اتجاه، فأدرك (عبد الملك) أنه لابد من توحيد الجهود الإسلامية ضد الأعداء، وبدأ في تجهيز الجيوش، وأحسن معاملة قواده وحاشيته، يكرمهم، ويعطف عليهم، ويزورهم إذا مرضوا، ويحضرهم مجالسه، ويعاملهم كأصدقاء، فكان ذلك من أكبر عوامل نجاحه وانتصاره.
وبحلول عام 74هـ اجتمعت كلمة الأمة بعد خلاف طويل، وانتهى النزاع حول الخلافة، حتى سمي هذا العام بعام الوحدة، وتمت البيعة لعبد الملك من الحجاز والعراق، كما تمت له من قَبْلُ في الشام ومصر، وجاءته أيضًا من خراسان، واستردت الدولة الإسلامية مكانتها وهيبتها وسيادتها على الأعداء، واتسعت حدودها بعد أن أضاف إليها عبد الملك أقاليم جديدة؛ حيث أرسل جنوده ففتحوا بعض بلاد المغرب وتوغل فيها.
واتبع عبد الملك سياسة الحزم والشدة، فكان قوي الإرادة والشخصية؛ لذلك قالوا: (كان معاوية أحلم وعبد الملك أحزم) وقال أبو جعفر المنصور: كان عبد الملك أشدهم شكيمة وأمضاهم عزيمة، وكان عبد الملك حريصًا على نزاهة من يعملون في دولته.. بلغه ذات يوم أن أحد عماله قبل هدية، فأمر بإحضاره إليه، فلما حضر قال له: أقبلتَ هدية منذ وليتك؟ قال: يا أمير المؤمنين بلادك عامرة وخراجك
موفورة، رعيتك على أفضل حال.. قال: أجب عما سألتك.. قال: نعم قد
قبلت؛ فعزله عبد الملك.
ولم يكن عبد الملك رجل سياسة فحسب، ولكنه كان أديبًا يحب الأدباء، ويعقد المجالس الأدبية، وينتقد ما يلْقَى عليه من الشعر انتقادًا يدل على ذوق أدبي رفيع، وقد أظهر عبد الملك براعة في إدارة شئون دولته وتنظيم أجهزتها مثلما أظهر براعة في إعادة الوحدة إلى الدولة الإسلامية، فاعتمد على أكثر الرجال في عصره مهارةً ومقدرةً وأعظمهم كفاءةً وخبرةً مثل الحجاج بن يوسف الثقفي وبشر بن مروان وعبد العزيز بن مروان وتفقد عبد الملك أحوال دولته بنفسه، وتابع أحوال عماله وولاته، وراقب سلوكهم، وأنجز أعمالاً إدارية ضخمة دفعت بالدولة الإسلامية أشواطًا على طريق التقدم.
فهو أول من ضرب الدنانير وكتب عليها القرآن، فكتب على أحد وجهي الدنانير (قل هو الله أحد) وكتب على الوجه الآخر: محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق، ونقلت في أيامه الدواوين من الفارسية والرومية إلى العربية، وهو ما يُعرف في التاريخ بـ(حركة تعريب الدواوين).
ورغم شدة وحزم عبد الملك فإنه كان رقيق المشاعر، يخشى الله ويتضرع إليه، خطب ذات مرة، فقال: (اللهم إن ذنوبي عظام، وهي صغار في جنب عفوك يا
كريم فاغفرها لي) وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قيل له: كيف تجدك؟ فقال: أجدني كما قال الله تعالي: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} [الأنعام: 94].
ومات عبد الملك سنة 86 من الهجرة، وعمره 60 سنة، وصلى عليه ابنه الوليد.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:02 PM   رقم المشاركة : 5
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

المأمون بن الرشيد
اليوم يوم الخلفاء.. فقد مات خليفة، وتولى خليفة، وولد خليفة، أما الذي مات فهو الخليفة (موسى الهادي) وأما الذي تولى الخلافة فهو هارون الرشيد، أما الخليفة الذي ولد فهو المأمون، وكان هذا اليوم في سنة 170هـ.
كان المأمون أول غلام يولد للرشيد، وللطفل الأول غالبًا في نفس والده قدر من الإعزاز والمحبة؛ لذلك ظل الرشيد يحب المأمون ويؤثره كل الإيثار، خاصة أنه فقد أمه (مراجل) التي ماتت بعد ولادته بأيام قليلة، فنشأ محرومًا من عطف الأم، وكان الرشيد معجبًا بذكاء ابنه وانصرافه إلى العلم، فحين دخل على المأمون وهو ينظر في كتاب، قال له: ما هذا؟ فأجاب المأمون: كتاب يشحذ الفكرة، ويحسن
العشرة، فقال الرشيد: الحمد لله الذي رزقني من يرى بعين قلبه أكثر مما يرى بعين جسمه.
وكان هارون الرشيد يفتخر دائمًا بخُلُق المأمون وشخصيته، يقول: (إني لأتعرف في عبد الله المأمون حزم المنصور، ونسك المهدي، وعزة نفس الهادي، ولو شاء أن أنسبه إلى الرابع لنسبته، يعني نفسه).
تلقى المأمون العلم على خيرة علماء عصره، فتلقى علم العربية على يد
الكسائي، أحد علماء الكوفة المشهورين في القراءات والنحو واللغة، وتلقى دروس الأدب على يد أبي محمد اليزيدي وهو واحد من خيرة علماء عصره، ودرس المأمون الحديث حتى صار واحدًا من رواته، وسمع منه كثيرون ورووا عنه، وقد ساعدته على رواية الحديث ذاكرته القوية الحافظة التي كانت مضرب المثل، فيحكى أن الرشيد أراد الحج فدخل الكوفة وطلب المحدِّثين (علماء الحديث) فلم يتخلف إلا عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون، فحدثهما (ابن إدريس) بمائة حديث، فقال المأمون: يا عم أتأذن لي أن أعيدها من حفظي؟ فأعادها فعجب ابن إدريس من حفظه.
وشب المأمون وكل اهتمامه كان بقراءة الفقه والتاريخ والأدب والفلسفة وغيرها من العلوم، ولما جاء الوقت لكي يختار الرشيد خليفة للمسلمين من بعده، كان في حيرة من أمره، فقد كان في قرارة نفسه يحب المأمون، ويثق في قدرته على تحمل أعباء الحكم بعده، إلا أن رأيه استقر أخيرًا على أن يكون الأمين وليًّا للعهد، ثم جعل المأمون وليًّا للعهد بعد أخيه.
وبعد موت هارون الرشيد أخذ الأمين البيعة من الناس بالخلافة، ثم أرسل إلى المأمون يدعوه للسمع والطاعة، فأعلن المأمون ولاءه وطاعته لأخيه، غير أن بطانة السوء نجحوا في جعل الأمين يحول ولاية العهد إلى ابنه بدلا من أخيه المأمون، لكن المأمون رفض هذا الأمر واستطاع بمعاونة وزيره الفضل بن سهل وأكبر قواده
طاهر بن الحسين أن يصبح خليفة للمسلمين.
امتاز عصر المأمون بأنه كان غنيًّا بالعلماء الكبار في كل فروع المعرفة من أمثال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسفيان بن عيينة، والفَرَّاء، وغيرهم من كبار
العلماء، وكان يحب العلم والعلماء، ويروي الأحاديث، ويهتم بالفلسفة، ويعمل على تشجيع العلماء والأدباء، فأرسل البعوث إلى القسطنطينية واليونان والهند
وأنطاكية.. وغيرها من المدن للبحث عن مؤلفات علماء اليونان وترجمتها إلى اللغة العربية، وكان يسعى إلى إحضار العلماء الأجانب للاستفادة بعلمهم وخبرتهم، حتى أصبحت بغداد في عصره منارة للعلم.
واهتم المأمون بالشعر اهتمامًا كبيرًا، فكان يعقد مجالس تُنْشَدُ فيها الأشعار، ولم يكن المأمون يحب الشعر فحسب، بل كان شاعرًا رقيق المشاعر؛ ومن شعره في وصف الصديق المخلص:
إِنَّ أَخَاكَ الحَقَّ مَن يَسْعَى مَعَـكْ
وَمــــنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَــــكْ
وَمَنْ إِذَا صَرْفُ الزَّمَانِ صَدَّعَكْ
بَدَّدَ شَمْلَ نَفْسِــــــهِ لِيَنْفَعَــكْ
واشتهر المأمون بكرمه الواسع، وكان يقول: سادة الناس في الدنيا الأسخياء، وكان حريصًا كل الحرص على قراءة كل الشكاوى والمظالم التي تصل إليه، يحققها
بنفسه، وينصف المظلوم من الظالم.
تقدمت إليه امرأة تشكو ابنه العباس، فطلب من وزيره أحمد بن أبي خالد أن يأخذ بيد العباس ويجلسه مع المرأة مجلس الخصوم، وارتفع صوت المرأة وأخذ يعلو على كلام العباس، فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير
المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك، فقال المأمون: دعها يا أحمد فإن الحق أنطقها والباطل أخرسه، ثم قضى لها بحقِّها وأمر لها بنفقة.
وعنف المأمون واحدًا من رجال حاشيته ظلم رجلا فارسيًّا، فقال له: والله لو ظلمت العباس ابني كنت أقل نكيرًا عليك من أن تظلم ضعيفًا لا يجدني في كل وقت، وكان المأمون متسامحًا، يعفو عمن ظلمه أو ناله بسوء، حتى إنه يقول: أنا والله ألذ العفو حتى أخاف أن لا أُؤْجَر عليه، ولو عرف الناس مقدار محبتي للعفو، لتقربوا إلى بالجرائم، ويقول أيضًا: وددت أن أهل الجرائم عرفوا رأيي في العفو ليذهب عنهم الخوف ويخلص السرور إلى قلوبهم، لكنه وإن كان متسامحًا في حق نفسه فإنه لم يكن يتهاون في حق الدين أو الدولة.
وكان لينًا مع الناس حليمًا رفيقًا، يذكر عبد الله بن طاهر وهو واحد من رجاله المقربين قال: كنت عند المأمون فنادى بالخادم: يا غلام.. فلم يجبه أحد، ثم نادى ثانيًا وصاح: يا غلام، فدخل غلام تركي وهو يقول: ما ينبغي للغلام أن يأكل ولا يشرب؟! كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام يا غلام، إلى كم يا غلام؟ فنكس المأمون رأسه طويلاً فما شككت أن يأمرني بضرب عنقه، ثم نظر إليَّ، وقال: يا
عبد الله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه، وإذا ساءت
أخلاقه حسنت أخلاق خدمة، وإنا لا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لتتحسن أخلاق خدمنا.
إلى جانب هذا الحلم الواسع كان المأمون جامعًا لكثير من الفضائل؛ من ذلك تواضعه الشديد لكل من يعرفه، ولقد كان قاضيه (يحيى بن أكثم) في ضيافته، فقام الخليفة المأمون بإحضار ماء له، فاندهش يحيى من ذلك، فكيف يأتي له أمير المؤمنين بالماء ويخدمه وهو جالس في مكانه؟! فلما رأى المأمون علامات الاستفهام على وجه
يحيى قال له: سيد القوم خادمهم.
وعُرِفَ المأمون بذكائه وكثرة علمه، فقد جاءته امرأة، وقالت له: مات أخي، وترك ستمائة (600) دينار، فأعطوني دينارًا واحدًا، وقالوا: هذا ميراثك من أخيك، ففكر المأمون وقال: أخوك ترك أربع بنات، قالت: نعم.. قال: لهن أربعمائة (400) دينار (ثلث الميراث) قالت: نعم، قال: ترك أمًّا، فلها مائة (100) دينار (سدس الميراث) وزوجة لها خمسة وسبعون (75) دينارًا (ثمن الميراث).. بالله ألك اثنا عشر (12) أخًا؟ قالت: نعم.. قال: لكل واحد ديناران، ولك دينار.
وكان المأمون رجاعًا إلى الحق، فقد أمر أن ينادي بإباحة نكاح المتعة، فدخل عليه يحيى بن أكثم، فذكر له حديث علي -رضي الله عنه- بتحريها، فلما علم صحة الحديث، رجع إلى الحق وأمر من ينادي بتحريمها، وقامت في عهده عدة
حروب، فقضى على بعض الثورات، كما جاهد الروم وحاربهم، واستمرت خلافة المأمون عشرين سنة من سنة 198هـ إلى سنة 218 هـ.
لما أحس بدنو أجله قال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه، يا من لا يموت ارحم من يموت.
ومات المأمون بعد حياة حافلة بالخير والعطاء، وهو في الثامنة والأربعين من عمره في مدينة (طرطوس) سنة 218هـ







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:03 PM   رقم المشاركة : 6
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

هارون الرشيد
أتبكي يا أمير المؤمنين؟! تبكي وأنت الذي تصلى كل يوم مائة ركعة، وتتصدق من مالك الخاص بألف درهم في كل يوم؟! تبكي وأنت الذي عظَّمت حرمات الإسلام، وبالغت في احترام العلماء والوعاظ، وجاهدت في سبيل الله؟!
كان كثير البكاء على نفسه، تسيل دموعه كالسيل إذا وعظ، ولم يذكر له النبي
صلى الله عليه وسلم إلا قال: صلى الله على سيدي.
هناك في مدينة (الري) تلك المدينة القديمة التي تقع في الجنوب الشرقي من
طهران وُلِد هارون الرشيد بن المهدي بن جعفر المنصور في أواخر ذي الحجة
سنة ثمان وأربعين ومائة، وكان أبوه (المهدي) في تلك الأيام أميرًا على الري وخراسان من قبل الخليفة المنصور، ثم أصبح خليفة للمسلمين بعد وفاة
أبيه المنصور.
نشأ هارون تحيطه رعاية والده الذي دربه منذ حياته المبكرة على الحياة
العسكرية، فجعله أميرًا لحملة عسكرية كانت تسمى بالصوائف حيث كانت تخرج للجهاد في الصيف، والشواتي نسبة إلى الشتاء لتهديد العدو البيزنطي وتخويفًا
له، وولاه المغرب كله، ثم عينه والده وليًّا للعهد بعد أخيه الهادي.
تولي الرشيد خلافة المسلمين سنة 170هـ، وسنه خمسة وعشرين عامًا وأصبحت بغداد في عصره من أعظم مدن الدنيا، فريدة في حضارتها وعمارتها، وشمل بعدله القوي والضعيف والعاجز والمريض وذا الحاجة، وازدهرت فترة ولايته بوجود الكثير من أئمة العلم العظام كالإمام مالك بن أنس، والليث بن سعد، والكسائي
ومحمد بن الحسن من كبار أصحاب أبي حنيفة.
وكان يضرب به المثل في التواضع، يحكى أن أبي معاوية الضرير وهو من العلماء المحدثين قال: أكلت مع الرشيد ثم صبَّ على يدي الماء رجل لا أعرفه، فقال الرشيد: تدري من صب عليك؟ قلت: لا. قال: أنا، إجلالاً للعلم.
وجاوزت خشيته من الله الحدود، فكان جسده يرتعد، ويسمع صوت بكائه إذا وعظه أحد من الناس، يحكي أنه جالس (أبا العتاهية) الشاعر، وكلف أحد جنوده بمراقبته، وإخباره بما يقول، فرآه الجاسوس يومًا وقد كتب على الحائط:
إلى ديان يوم الـدين نمضــــي وعند الله يجتمع الخصـــــوم
فأخبر الجاسوس الرشيد بذلك، فبكي وأحضر أبا العتاهية، وطلب منه أن
يسامحه، وأعطاه ألف دينار.
وقال الأصمعي: وضع الرشيد طعامًا، وزخرف مجالسه وزينها، وأحضر أبا العتاهية وقال له: صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا، فقال أبو العتاهية:
فعش ما بدا لك سالمـــًا في ظـل شاهقــة القصـــــور
فقال الرشيد: أحسنت ثم ماذا؟ فقال:
يسعى إليك بما اشتهيـــــت لدى الرواح وفي البكــــــور
فقال: حسن؟ ثم ماذا؟ فقال أبو العتاهية مندفعًا:
فـــإذا النفـــوس تقعقعت في ظل حشرجــــة الصـــدور
فهنــــاك تعلــم موقـنًا مـــا كنت إلا فـي غــــرور
فبكى الرشيد، فزجر أحد الحاضرين أبا العتاهية لأن المقام مقام فرح وسرور، فقال الرشيد: دعه، فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا منه.
وكان كثير الغزو والحج يغزو سنة ويحج سنة، فإذا حج حجَّ معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج قام بالإنفاق على ثلاثمائة رجل ليؤدوا فريضة الحج، ورغم هذه الرقة والشفافية والزهد، كان شجاعًا لا يخاف في الله لومة لائم، غيورًا على
دينه، صلبًا كالحديد في وجه أعداء الله، ففي سنة سبع وثمانين ومائة (187هـ) نقض ملك الروم الهدنة التي كانت بين المسلمين وبين الملكة (ذيني) ملكة الروم، فكتب للرشيد كتابًا يقول فيه: (أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ
(طائر ضخم خيالي) وأقامت نفسها مقام البيدق (الطائر الصغير) فحملت إليك من أموالها أحمالاً لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيني وبينك).
فلما قرأ الرشيد رسالته كتب إليه: (قد قرأت كتابك والجواب ما ترى لا ما تسمع) وسار إليه بجيش كبير حتى فتح مدينة (هرقل) وانتصر عليه انتصارًا عظيمًا، وفي عهده لم يبق في الأسر مسلم، وظل طيلة حياته يحب الجهاد والفتوحات الإسلامية، فغزا الروم، وفتح هرقلة، وبلغ جيشه أنقره، وسار الرشيد نحو خراسان ليغزوها، فوصل (طوس) فمرض بها ومات في ثالث جمادى الآخر سنة ثلاث وتسعين ومائة (193هـ).
مات هارون الرشيد، وود العلماء لو يفتدوه بأنفسهم، يقول الفضيل بن عياض: (ما من نفس تموت أشد على من موت أمير المؤمنين هارون الرشيد، ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره) ويحكي أنه لما احتضر قال: اللهم انفعنا بالإحسان واغفر لنا الإساءة.. يا من لا يموت ارحم من يموت.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:04 PM   رقم المشاركة : 7
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

صلاح الدين الأيوبي
يا صلاح الدين.. أيها القائد العظيم.. لقد بعثك الله إلينا لتخَلِّص المسلمين من الذل والهوان.. لتعيد إليهم عِزَّتهم وكرامتهم المسلوبة.. ولتعلِّمهم أن النصر لا يتم إلا بالإيمان بالله ورسوله، وأَنَّ راياتِ الإسلام لن تُرفَع ماداموا متفرقين غير معتصمين بحبل الله.
في سنة 492هـ استولى الصليبيون على بيت المقدس، فقتلوا الأطفال واغتصبوا النساء ومثلوا بالشيوخ، وهدموا المساجد، وأحرقوا البيوت، وذبحوا الآلاف من شباب المسلمين الأبرياء، واقتحموا المسجد الأقصى، وقتلوا كل من احتمى به من
المسلمين، فقتلوا أكثر من سبعين ألفًا من أئمة المسلمين وعلمائهم وعُبَّادهم وزهادهم ممن فارقوا الأوطان، وجاوروا ذلك الموضع الشريف، ليحتموا به ظنًّا منهم أن الصليبيين لن يقتحموا الأماكن المقدسة.
وبعد هذه المذبحة الوحشية التي حدثت في المسجد الأقصى، أمروا الأسرى فغسلوا شوارع المدينة الملطخة بدماء المسلمين، ودموعهم تنهمر من أعينهم، وظل المسلمون ينتظرون مجاهدًا من مجاهدي الإسلام ينقذ بيت المقدس من أيدي الصليبيين، وبعد حوالي 40 سنة من الزمان، وفي سنة 532هـ ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب من أسرة كردية عريقة الأصل، في بلدة صغيرة من بلاد العراق تسمى (تكريت) وتولِّى والده ولاية (تكريت) في نفس الليلة التي وُلِد فيها صلاح الدين؛ لإخلاصه لـ(عماد الدين زنكي) أتابك الموصل.
رحلت أسرة صلاح الدين إلى الموصل، واستقرت بها، وفيها نشأ صلاح الدين ينعم بخيراتها، ولما وصل إلى سن البلوغ، أرسله والده إلى مدرسة المدينة، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وكان صلاح الدين معروفًا بين زملائه بالذكاء الشديد، وهدوء الطبع، وحبه الشديد للمطالعة ودراسة الكتب، ولم يَنْسَ أبوه أن يعلمه الفروسية، ويدربه على استعمال أدوات الحرب، وفنون القتال، فأظهر فيها مهارة حربية كبيرة، أدهشت والده وزملاءه.
كان صلاح الدين يقرأ ويستمع إلى سِيَرِ قادة الحروب من المسلمين الذين يجاهدون في سبيل الله، ويتمني أن يكون واحدًا منهم لينقذ المسلمين من بطش
الصليبيين، استجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه؛ عندما صحب عمه (أسد الدين شيركوه) على رأس حملة أرسلها (نور الدين محمود) وهو ابن عماد الدين زنكي إلى مصر لحمايتها من أطماع الصليبيين، وأظهر صلاح الدين من الشجاعة والثبات والبأس ما أدهش القادة، وتمَّ النصر لجيش عمه (شيركوه) الذي عينه الخليفة الفاطمي (العاضد) وزيرًا له، وأقام صلاح الدين مع عمه في القاهرة.
وشاءت الأقدار أن يموت (شيركوه) في مارس سنة 1169م، فاختار الخليفة الفاطمي صلاح الدين وزيرًا له بدلاً من عمه وهو في الحادية والثلاثين من عمره، فنشر صلاح الدين العدل بين الناس، وتقرَّب إلى الشعب المصري، يعطف على المساكين، ويساعد الفقراء، حتى أحبوه وأعجبوا بشخصيته.
ولما مات الخليفة الفاطمي تولى صلاح الدين حكم مصر، وثبت ملكه؛ فقضى على عناصر الخيانة فيها، وتخلص من القوى التي هددت سلطانه، ونجح في إزالة الخلاف المذهبي بين المسلمين عن طريق القضاء على الخلافة الفاطمية الشيعية ونشر المذهب السني، ورأى صلاح الدين أن الفرصة قد جاءته ليحقق ما كان يتمناه من إنقاذ المسلمين ورد اعتبارهم، وطرد الصليبيين من بيت المقدس، فأعد جيشًا قويًّا، كامل الأسلحة، كثير العدد، ثم قاد الجيش بنفسه، وسار إلى البلاد الخاضعة للصليبيين وأخذ يحررها واحدة بعد أخرى حتى وصل إلى بيت المقدس، فضرب حوله الحصار؛ مما اضطر الصليبيين إلى تسليم المدينة له.
ودخل جيش صلاح الدين بيت المقدس سنة (583هـ- 1188م) تقريبًا، ظافرًا منتصرًا، رافعًا رايات النصر والتوحيد، مكبرًا.. الله أكبر.. الله أكبر، لم يقتل طفلاً أو امرأة أو شيخًا كبيرًا، بل عاملهم بالرحمة والشفقة، وأطلق صلاح الدين سراح الشيوخ والضعفاء، ولم تنهب جيوشه بيتًا من البيوت أو تخرب زرعًا أو تقطع
شجرًا، وحينما جمعت غنائم الحرب وقسمت بين الجنود والقادة، تنازل صلاح الدين عن نصيبه للفقراء من المسيحيين، وجعل الأسرى الذي كانوا من حظِّه أحرارًا.
وبينما كان صلاح الدين سائرًا ذات يوم في بعض طرقات مدينة بيت المقدس قابله شيخ مسيحي كبير السن، يعلق صليبًا ذهبيًّا في رقبته وقال له: أيها القائد العظيم لقد كتب لك النصر على أعدائك، فلماذا لم تنتقم منهم، وتفعل معهم مثل ما فعلوا معك؟ فقد قتلوا نساءكم وأطفالكم وشيوخكم عندما غزوا بيت المقدس، فقال له صلاح الدين: أيها الشيخ.. يمنعني من ذلك ديني الذي يأمرني بالرحمة
بالضعفاء، ويحرم على قتل الأطفال والشيوخ والنساء، فقال له الشيخ: وهل دينكم يمنعكم من الانتقام من قوم أذاقوكم سوء العذاب؟ فأجابه صلاح الدين: نعم..إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء
بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمن أذنب.. فقال الشيخ: نِعْمَ الدين دينكم وإني أحمد الله على أن هداني في أيامي الأخيرة إلى الدين الحق، ثم سأل: وماذا يفعل من يريد الدخول في دينكم؟ فأجابه صلاح الدين: يؤمن بأن الله واحد لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، ويفعل ما أمر الله به، ويبتعد عما نهى الله عنه، وأسلم الرجل وحسن إسلامه، وأسلم معه كثير من أبناء قومه.
وذات يوم كان صلاح الدين يتفقد أحوال جنده؛ فرأى امرأة من الصليبيين تبكي وتضرب على صدرها، فسألها عن قصتها، فقالت: دخل المسلمون في خيمتي وأخذوا ابنتي الصغيرة فنصحني الناس بأن أذهب إليك، وقالوا: إن السلطان صلاح الدين رجل رحيم، فدمعت عينا صلاح الدين، وأمر أحد الجنود أن يبحث عن الصغيرة وعمن اشتراها، ويدفع له ثمنها ويحضرها، فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه، ففرحت الأم فرحًا شديدًا وشكرت صلاح الدين على مروءته وحسن صنيعه.
ولما علمت أوربا بانتصار القائد صلاح الدين ودخوله بيت المقدس جهزوا جيشًا كبيرًا من الفرسان البواسل والقادة الشجعان؛ لاسترداد بيت المقدس من يد
صلاح الدين، ووصلت الجيوش الصليبية إلى بلاد الشام تحت قيادة (ريتشارد قلب الأسد) الذي حاصر عكا ودخلها وغدر بأهلها بعد أن أمنهم، لكنه لم يستطع دخول بيت المقدس، وتحرك ريتشارد في نهاية أكتوبر عام 1191م من (يافا) قاصدًا بيت المقدس، ولكن صلاح الدين حصنها بنفسه، فتراجع ريتشارد وارتفعت الروح المعنوية لدى المسلمين، وتمَّ عقد صلح الرملة بين المسلمين والصليبيين، وكان من شروط الصلح وقف القتال بينهما لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ورجع ريتشارد إلى بلاده يجر أذيال الخيبة.
وبعد أن أتمَّ الله النصر للمسلمين، وخلص بيت المقدس من الصليبيين عاد صلاح الدين إلى مصر بعد أن طال غيابه عنها؛ فبنى المساجد والمدارس، وبنى قلعة فوق هضبة جبل المقطم، وبنى حول القاهرة سورًا عظيمًا من الحجر يحميها من مكائد الأعداء، ثم توجه صلاح الدين يتفقد القلاع والمواقع البحرية، وبعدها توجه إلى دمشق، مارًّا ببيت المقدس، وفي دمشق مرض صلاح الدين واشتد المرض عليه
ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة 589هـ، وبات في غيبوية طويلة لم يفق منها إلا نادرًا، فاستحضر أحد المقرئين ليقرأ عنده القرآن حتى وصل القارئ إلى قوله تعالى: لا إله إلا هو عليه توكلت.. تبسم وجه صلاح الدين، وتهلل وانتقلت روحه إلى رضوان الله، ودفن صلاح الدين في قلعة دمشق إلى أن شيدت له قبة ضريح في شمال (الكلاسة) شمالي جامع دمشق قرب المدرسة العزيزية التي بناها العزيز
عثمان بن صلاح الدين؛ فنقل إليها.
وقد كتب في سيرة صلاح الدين كثير من المؤرخين القدماء والمحدثين مثل: (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) لابن شداد، و(الناصر صلاح الدين) لسعيد عبد الفتاح عاشور.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:04 PM   رقم المشاركة : 8
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

سيف الدين قطز
ازداد خطر التتار، وأصبحت مصر مهددة بغزوهم بعد أن نزل (هولاكو) قائد التتار بجيوشه إلى بغداد في سنة 656هـ، فقتل مئات الألوف من أهلها، ونهبوا
خزائنها، وقضوا على الخلافة العباسية، ثم قتلوا الخليفة المستعصم بالله وأفراد
أسرته، وكبار رجال دولته.
امتد زحفهم إلى بلاد الجزيرة، واستولوا على (حرَّان) و(الرُّها) و(ديار بكر) ونزلوا على (حلب) في سنة 658هـ، فاستولوا عليها، ووصلوا إلى دمشق، فهرب سلطانها (الناصر يوسف بن أيوب) ثم دخلوا المدينة بعد أن استسلم أهلها، وواصل التتار زحفهم، فوصلوا إلى (نابلس) ثم إلى (الكرك) وبيت المقدس، وتقدموا إلى (غزة) دون أن يقاومهم أحد، ولم يبْقَ غير اليمن والحجاز ومصر، التي كان يتولى عرشها في ذلك الوقت المنصور على بن عز الدين أيبك، وكان صغيرًا لم يتجاوز عمره خمس عشرة سنة، ولم يكن قادرًا على تحمل أعباء الملك في هذه الظروف العصيبة؛ لذلك طلب علماء الإسلام من قطز أن يتولى العرش مكانه؛ لإنقاذ مصر والبلاد الإسلامية من خطر التتار.
ووصلت رسالة إلى قطز من زعيم التتار (هولاكو) وكانت الرسالة مليئة بالتخويف والتهديد، ومن بين ما جاء فيها: (... فلكم بجميع البلاد معتبر وعن عزمنا
مزدجر، فاتعظوا بغيركم، وأسلموا إلينا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء
فتندموا، ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى ولا نرق لمن شكا، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم
بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تأويكم، وأي طريق ينجيكم، وأي بلاد تحميكم؟!).
جمع قطز الأمراء بعد أن استمع إلى الرسالة، واتفق معهم على قتل رسل هولاكو فقبض عليهم واعتقلهم وأمر بإعدامهم، ثم علق رءوسهم على (باب زويلة) كان هذا التصرف من جانب قطز يعني إعلانه الحرب على التتار، فجمع القضاة والفقهاء والأعيان لمشاورتهم وأخذ رأيهم في الجهاد، وفي دار السلطنة بقلعة الجبل حضر العالم الكبير الشيخ (عز الدين بن عبد السلام)، والقاضي (بدر الدين السنجاري) قاضي الديار المصرية، واتفق الجميع على التصدي للتتار والموت في سبيل الله.
خرج قطز يوم الاثنين الخامس عشر من شعبان سنة 658هـ بجميع عسكر
مصر، ومن انضم إليهم من عساكر الشام والعرب والتركمان .. وغيرهم من قلعة الجبل، فنادى في القاهرة وكل أقاليم مصر، يدعو الناس إلى الجهاد في سبيل الله والتصدي لأعداء الإسلام، وجمع الأمراء، وطلب منهم أن يساعدوه في قتال
التتار، لكنهم امتنعوا عن الرحيل معه، فقال لهم: (يا أمراء المسلمين.. لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين).
وقبل المسير جمع (قطز) قادته، وشرح لهم خطورة الموقف، وذكرهم بما وقع من التتار من الخراب والتدمير وسفك الدماء، وطلب منهم وهو يجهش بالبكاء أن يبذلوا أرواحهم وأنفسهم في سبيل إنقاذ الإسلام والمسلمين، ولم يتمالك القادة أنفسهم فأخذوا يبكون لبكائه، ووعدوه أن يضحوا بكل شيء لنصرة الإسلام.
وخرج قطز لملاقاة التتار خارج مصر، ولم يقف موقف المدافع، وذلك لإيمانه بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وحتى يرفع معنويات رجاله، ويثبت لأعدائه أنه لا يخافهم ولا يرهبهم، وتحرك قطز من مصر في شهر رمضان سنة 658هـ، ووصل مدينة (غزة) وكانت فيها بعض جموع التتار بقيادة (بيدرا) الذي فوجئ بهجوم أحد كتائب المماليك بقيادة بيبرس أحد قواد قطز الشجعان، لتتحقق بشائر النصر، ويستعيد قطز (غزة) من التتار، وأقام بها يومًا واحدًا، ثم اتجه شمالا نحو سهل البقاع بلبنان حيث التتار بقيادة (كَتُبْغَا) الذي فشل في إنقاذ التتار الذين هزمهم المسلمون في غزة.
وكان قطز رجلا عسكريًّا من الدرجة الأولى، فهو يعد لكل شيء عدته، فقد أرسل حملة استطلاعية استكشافية تحت قيادة الأمير (ركن الدين بيبرس) وكان قائدًا ذا خبرة واسعة بالحروب، لكي تجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن التتار، عن قوتهم وعددهم وسلاحهم، وبعد أن انتهى (بيبرس) من استطلاع الأخبار اشتبك مع التتار في مكان يسمى (عين جالوت) وظل القتال مستمرًّا حتى وصل قطز مع قواته إلى ميدان المعركة الفاصلة.
وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان من سنة 658هـ، دارت معركة حاسمة بين الطرفين، واقتحم قطز صفوف القتال، وتقدم جنوده وهو يصيح:
(وا إسلاماه.. وا إسلاماه) يضرب بسيفه رءوس الأعداء، ويشجع
أصحابه، ويطالبهم بالشهادة في سبيل الله، واشتدت المعركة، فأخذ قطز يصرخ أمام جيشه: (وا إسلاماه.. وا إسلاماه.. يا الله.. انصر عبدك قطز على التتار) وقتل فرس قطز، وكاد يتعرض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه، فنزل له عن فرسه، فسارع قطز إلى قيادة رجاله، ودخل دون خوف في صفوف الأعداء حتى ارتبكت
صفوفهم، ولجأ القائد العظيم إلى حيلة ذكية؛ فقد أخفى بعض قواته من المماليك بين التلال؛ حتى إذا زادت شدة المعركة، ظهر المماليك من كمائنهم، وهاجموا التتار بقوة وعنف.
وكانت هناك مزرعة بالقرب من ساحة القتال، فاختفى فيها مجموعة من جنود
التتار، فأمر (قطز) جنوده أن يشعلوا النار في تلك المزرعة، فاحترق من فيها من التتار، وبدأ المسلمون يطاردون التتار، حتى دخل قطز دمشق في أواخر شهر رمضان المبارك، فاستقبله أهلها بالفرح والسرور، ولم تمضِ أسابيع قليلة، حتى طهرت بلاد الشام من التتار، فخرج من دمشق عائدًا إلى مصر، وفي طريق عودته انقض عليه عدد من الأمراء وقتلوه حسدًا منهم وحقدًا على ما أكرمه الله به من نصر، وذلك يوم السبت السادس عشر من ذي القعدة سنة 658هـ، ودفن في المكان الذي قتل
فيه، وحزن الناس عليه حزنًا شديدًا.







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:05 PM   رقم المشاركة : 9
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

عبد الحميد الثاني
(لن يستطيعوا أخذ فلسطين إلا عند تشريح جثتي وساعتها يأخذونها بلا ثمن، أما وأنا على قيد الحياة فلا).
في سنة 1258هـ-1842م ولد السلطان عبد الحميد ونشأ وترعرع في دار الخلافة العثمانية التي كانت محط أنظار المسلمين، كانت لهم نعم العون والسند، يجتمعون تحت رايتها، ويحتمون بها من شرور أعداء الإسلام.
ومرت الأيام، وآن لـ(عبد الحميد الثاني) أن يتحمل المسئولية في وقت كانت تحيط فيه الأخطار بالدولة من كل جانب، بعد أن أصدر شيخ الإسلام في دار الخلافة العثمانية فتواه التاريخية بعزل السلطان (مراد الخامس) وتعيين شقيقه الأصغر
عبد الحميد الثاني خليفة على المسلمين.
وقبل أن يباشر السلطان مهامه الجديدة صلى لله تعالى ركعتين شكرًا في جامع
(أبي أيوب الأنصاري) وهناك تسلم من شيخ الإسلام سيف عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه- وهو سيف الخلافة، وبدأ موكب السلطان الجديد يسير في شوارع العاصمة (استنبول).. تنثر الزهور، وتنشر الرياحين من شرفات المنازل ابتهاجًا بالسلطان الجديد، حتى إذا مرَّ الموكب بقبر والد السلطان ومقابر أجداده
الفاتحين، نزل السلطان عبد الحميد ليدعو لهم بالرحمة والمغفرة وفاء وعرفانًا.
وبدأ السلطان عبد الحميد الثاني بداية طيبة تدل على اعتزازه بدينه الإسلامي وفخره بتعاليمه، فكان أول ما أصدره من قرارات أن أقرَّ الدستور الذي يكفل المساواة بين جميع الناس من خلال المجالس الشرعية، كما أصدر أوامره بحرية القضاء لتكون كلها نافذة من خلال النظام الإسلامي للدولة، فظل الإسلام في عهده منبع القوانين ودستورها، كما عرف السلطان للعلماء حقهم، فكان لا يقطع أمرًا دونهم، ويحرص على استشارتهم والأخذ بآرائهم.
وقد حاول اليهود عن طريق زعيمهم الماكر (هرتزل) استمالة السلطان عبد الحميد الثاني، حتى يسمح لهم بإقامة وطن لليهود في فلسطين (بيت المقدس)، فعرضوا عليه مبلغًا ضخمًا في ذلك الزمان البعيد يقدر بثلاثة ملايين من الجنيهات بالإضافة إلى دفع مبلغ كبير للدولة العثمانية -سنويًّا- مقابل أن يصدر السلطان عبد الحميد قرارًا يسمح فيه لليهود بالهجرة إلى فلسطين والتوطن فيها، وهنا قال السلطان عبد الحميد قولته الخالدة التي سجلها التاريخ بمداد من ذهب: (لست مستعدًّا لأن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد، فهي ليست ملكي بل هي ملك لشعبي، روي ترابها
بدمه، وليحتفظ اليهود بأموالهم، ولن يستطيعوا أخذ فلسطين إلا عند تشريح
جثتي، وساعتها يأخذونها بلا ثمن، أما وأنا على قيد الحياة.. فلا).
واستمرت مكائد اليهود، فحاول هرتزل، أن يقدم عرضًا مغريًّا جديدًا
للسلطان، فلقد كانت الدولة العثمانية مدينة لأوروبا بمبلغ كبير من المال، وعرض اليهود تسديد هذه الديون مقابل تحقيق طلبهم، ولكن السلطان كان أثبت جأشًا وأقوى عزيمة عندما قال: (إن الديون ليست عارًا، ولكن العار أن أبيع أرضًا
لليهود، فليحتفظ اليهود بأموالهم، فالدولة العثمانية لا يمكن أن تحتمي وراء حصون بنيت بأموال أعداء المسلمين).
واستمرت الدسائس والحيل الخبيثة، ففي عام 1902م طلب هرتزل من السلطان أن يسمح له بإنشاء جامعة عبرية في فلسطين يديرها أساتذة من بني صهيون، فرفض السلطان هذا العرض أيضًا، لأنه يعلم أن هذه الجامعة سوف تكون بداية لاحتلال الأرض، فأنكر جميع رسائلهم ورفض قبول هداياهم.
وعند ذلك عمل اليهود على تأليب أوروبا وروسيا ضد السلطان عبد الحميد، فقامت الثورات على الحدود، وأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية، وتنكرت أوروبا للمعاهدات المعقودة معها، فوقفت إلى جوار روسيا في حربها ضد السلطان
عبد الحميد.
وفي نفس العام ثار المسيحيون في (تكريت) بتحريض من البابا، وكان السلطان يحارب ومن ورائه قلوب المسلمين تدعو له، ورغم هزيمته فإن القادة والجنود العثمانيين أظهروا شجاعة فائقة شهد بها الأعداء الأوربيون، ولكن لم تشغل هذه الأحداث السلطان عبد الحميد عن الإصلاحات الداخلية في شتى أنحاء الدول العثمانية؛ فنشر التعليم المدني بجميع مراحله وأنواعه، وأنشأ جامعة (استنبول)
سنة 1885م والتي كانت تعرف أولا باسم (دار الفنون) كما أنشأ دورًا للمعلمين ومعاهد فنية ومدارس ابتدائية وثانوية مدنية، واهتم بالتعليم العسكري، وأنشأ المكتبات ومدرسة خاصة لتخريج الدعاة.
كما توسع في إنشاء الخطوط الحديدية ليسهل الحج وذلك بتقصير مدة الرحلة وليجعله في متناول الجميع، واستخدم البرق كوسيلة جديدة للمراسلة، وتبنى مشروع الجامعة الإسلامية، وسار فيه سيرًا مباركًا، وعمل على إعادة الهيبة إلى الخلافة كما كانت في عهودها الأولى، وكان دائمًا يدعو المسلمين إلى الاتحاد، كما كان حريصًا كل الحرص على نشر هذا الأمر بين المسلمين جميعًا في كل البلاد الإسلامية.
لكن اليهود ظلوا يعملون ضده في الخفاء، فسلطوا عليه إعلامهم، واتهموه في حياته الخاصة، وشهروا به وبأسرته، وساهموا في إنشاء جمعية (الاتحاد والترقي العثمانية) التي قامت بثورة عسكرية استمرت عامًا كاملاً من سنة 1908 حتى سنة 1909 ونجحت بعدها في سلب الخلافة من السلطان عبد الحميد، وقررت نفيه إلى (سالونيك) في إبريل سنة 1909م.
وظل عبد الحميد الثاني في منفاه حتى لقي ربه سنة 1918م بعد أن أدار شئون الدولة العثمانية لمدة أربعة وثلاثين عامًا، فكان من أطول سلاطين الدولة العثمانية
حكمًا، كما كان من أكثر السلاطين الذين تمَّ الافتراء عليهم زورًا وبهتانًا.
1







رد مع اقتباس
قديم 02-08-2014, 09:05 PM   رقم المشاركة : 10
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

جعفر الصادق
استقبلت المدينة المنورة مولودًا من ذرية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ولد (جعفر الصادق بن محمد الباقر) وكان ذلك سنة 80هـ.
نشأ جعفر في داصر الهجرة النبوية الشريفة، معتزًّا بنسبه؛ فجده لأبيه هو الإمام
على بن أبي طالب -رضي الله عنه- وجده لأمه صديق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الخليفة (أبو بكر الصديق).
استمع جعفر لنصائح والده الذي أخذ يقول له: (إياك والكسل والضجر، فإنهما مفتاح كل شر، إنك إن كسلتَ لم تؤدِّ حقًّا، وإن ضجرتَ لم تصبر على حق، إن طلب العلم من أداء الفرائض خير من الزهد) واستجاب جعفر لنصائح والده، فحفظ القرآن الكريم وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفهمهما فهمًا
جيدًا، فلما بلغ جعفر مبلغ الشباب، ورأى آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلافهم مع الدولة الأموية، وشاهد عمه زيدًا قتيلا؛ بكى وحزن عليه حزنًا
شديدًا، ورأى أن خير ما يقاوم به هذا الظلم هو كلمة الحق التي تنير طريق الناس وتحركهم للدفاع عن المظلومين.
فقد تعلم من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن طلب العلم ونشره جهاد في سبيل الله، بل إنه فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأن الله تعالى جعل للعلماء مكانة بين الأنبياء والشهداء؛ فاهتم جعفر بعلوم الطبيعة والكيمياء والفلك والطب والنبات والأدوية إلى جانب دراسته للقرآن والحديث والفقه، وظل جعفر يدرس ويقرأ في كل العلوم؛ حتى أشرفت دولة بني أمية على الزوال؛ فأرسل إليه المؤيدون لآل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينتهز الفرصة، ويأتي على الفور ليتولى خلافة المسلمين، ولكنه لم يشعر بقبول تجاه هذه الرسالة؛ فأحرقها!!
لقد كان يشعر أنه بعلمه أقوى من أي ملك على وجه الأرض، ومضى الإمام جعفر الصادق يتعلم العلم ويعلمه الناس في تواضع فريد، يسأله الناس فيجيب دون كبر أو خيلاء، سأله أحد الناس: لقد قال الله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60] فما بالنا ندعوه فلا يجيب؟! فقال الإمام جعفر الصادق: لأنك تدعو
من لا تعرف.
وأحب الناس جعفر الصادق والتفوا حوله، فاغتاظ الخليفة المنصور، وحاول أن يحرج الإمام جعفر الصادق؛ فأمر أبو حنيفة (الفقيه المشهور) أن يهيئ له مسائل شدادًا يناقشه فيها، فقال أبو حنيفة: فهيأت له أربعين مسألة، والتقى الإمامان في حضرة الخليفة المنصور، فلم يلْقِ أبو حنيفة مسألةً إلا أجاب عنها الإمام جعفر الصادق، فقال أبو حنيفة في النهاية: (إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس) لأن جعفر الصادق كان يجيب عن كل مسألة بما أجاب به كل الفقهاء السابقون ثم يأتي برأيه.
وكان الإمام جعفر الصادق حليمًا لا يغضب؛ كان له غلام كسول يحب
النوم، فأرسله يومًا في حاجة، فغاب، وخشي الإمام أن يكون الغلام قد أصابه مكروه، فخرج يبحث عنه، فوجده نائمًا في الطريق، فجلس عند رأسه، وأخذ يوقظه برفق حتى استيقظ، فقال له ضاحكًا: تنام الليل والنهار؟! لك الليل ولنا النهار.
ولم يخش الإمام جعفر الصادق أحدًا إلا الله، فها هو ذا يقول للخليفة المنصور عندما سأله: لماذا خلق الله الذباب؟ بعد أن تضايق الخليفة من ذبابة كانت تحط على وجهه ولم يفلح في إبعادها، فقال الإمام: (ليذل به الجبابرة).
وأقام الإمام في المدينة وقد جاوز الستين يعلم الناس ويفقههم، وفي الثامنة والستين من عمره سنة 148هـ توفي الإمام جعفر الصادق، فحزن الخليفة المنصور عليه حزنًا شديدًا وقال: توفي سيد الناس وعالمهم، وبقية الأخيار منهم، إن جعفرًا ممن قال الله فيهم: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [ فاطر: 32 ].







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من اعلام الاسلام لحظه الم المنتدى الإسلامي 14 22-07-2013 10:14 PM
ضعف المسلمين , ضعفاء المسلمين ندى المنتدى الإسلامي 4 28-05-2013 03:27 PM
خطوات ارسال بطاقة اعمال ايفون - طريقة ارسال بطاقة اعمال ايفون بالصور سـَمآ ♪ :: منتدى الاتصالات:: 16 06-04-2012 01:31 AM
][][ من اعلام الاسلام ][][ ][][ SiCK_LOvE ][][ المنتدى الإسلامي 4 29-12-2006 04:04 PM



الساعة الآن 12:38 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت