اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > المنتدى الإسلامي
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-2019, 02:03 PM   رقم المشاركة : 1
رضا البطاوى
رائدي ذهبي
الملف الشخصي






 
الحالة
رضا البطاوى غير متواجد حالياً

 


 

تابع تفسير سورة البقرة

"وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون"قوله وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة "يفسره قوله بسورة ص"إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين"فالخليفة هو البشر من الطين وجاعل تعنى خالق كما بسورة ص والمعنى وقد قال إلهك للملائكة إنى خالق فى الأرض إنسان وهذا يعنى أن الله أخبر الملائكة أنه سيخلق بشر فى الأرض ليعيش فيها والسبب أن يظهر الذى داخلهم من اعتراض على خلقه له وقد سمى الله البشر خليفة لكونه يخلف بعضه بعضا فى البلاء وقوله "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"يعنى قالت الملائكة :يا رب أتخلق فى الأرض من يظلم فيها ويسيل الدماء ؟يبين الله لنا أن الملائكة مخيرون وليسوا مسيرين لأن المسير لا يملك حق الإعتراض ،وقوله "ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "يعنى وقالت الملائكة ونحن نعمل بأمرك أى نطيع حكمك ،يبين الله لنا أن الملائكة بلغت من جرأتها على الله أن تمدح نفسها أمامه وتذكره بتسبيحها أى تقدسيها له ومعنى القول ألا نكفيك يا رب بتسبيحنا أى تقدسينا له؟وبالطبع هذا يعنى أنهم يملون على الله ما يفعله وما لا يفعله وهذا خطأ عظيم أراد الله أن يعرفهم به حتى يرتدعوا فيما بعد عنه ،وقوله" قال إنى أعلم ما لا تعلمون"يفسره قوله بنفس السورة "إنى أعلم غيب السموات والأرض "فالذى لا تعلمه الملائكة هو الغيب ومعنى القول قال الله إنى أعرف الذى لا تعرفون ،وهذا يعنى أن الله يخبر الملائكة أن لا وجه لإعتراضهم لأنهم يجهلون ما يعلمه ومعنى الآية وقد قال خالقك للملائكة إنى خالق فى الأرض إنسانا قالوا أتخلق فى الأرض من يضيع عدلها ويسيل الدماء ونحن نعمل بأمرك أى نطيع حكمك قال إنى أعرف الذى لا تعرفون ونلاحظ هنا أن الخطاب محذوف وهو يا محمد أو يا أيها النبى والواجب ذكره لأن ما قبله يخاطب الناس ومن ثم لابد من فاصل بينهما
"وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤنى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "قوله وعلم آدم الأسماء كلها "يفسره قوله بسورة الرحمن "الرحمن خلق الإنسان علمه البيان "وقوله بسورة العلق"علم الإنسان ما لم يعلم"فآدم(ص)هو الإنسان والأسماء كلها هى البيان هى الذى لم يكن يعلم وهو الكتابات وقراءتها والمعنى وعرف آدم (ص)قراءة الألفاظ المكتوبة كلها ،وقوله ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤنى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "يعنى ثم أظهر المكتوبات على لوح للملائكة فقال أخبرونى بمنطوقات هؤلاء إن كنتم عادلين فى اعتراضكم على خلق آدم(ص)وقد أراد الله بهذا أن يثبت للملائكة كون الإنسان أفضل مما تصوروا فعرض أى وضع أمامهم الكلمات مكتوبة على سبورة ثم قال هيا أخبرونى بنطق كل كلمة مكتوبة إن كنتم على حق فى اعتراضكم على خلق آدم(ص)ومما ينبغى قوله أن المقصود بالأسماء ليس أسماء الملائكة لأن الله خاطب الملائكة فأشار إلى الكلمات بكلمة هؤلاء ولو كان المقصود الملائكة لقال لهم انبؤنى بأسمائكم وهو الذى لم يحدث ومعنى الآية وعرف الإنسان قراءة المكتوبات كلها ثم أظهرهم للملائكة فقال أخبرونى بنطق هؤلاء إن كنتم عادلين.
"قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "قوله "قالوا سبحانك "يعنى قالوا الطاعة لحكمك والمستفاد من القول هو إقرار الملائكة بوجوب التسبيح وهو طاعة حكم الله وقوله "لا علم لنا إلا ما علمتنا "يعنى لا معرفة لنا إلا الذى عرفتنا وهذا القول منهم يدل على إقرار الملائكة بجهلهم كما يدل على أن الله لم يعلم الملائكة الكتابة والقراءة كما يدل على أن مصدر المعرفة هو الله وقوله "إنك أنت العليم الحكيم "يعنى قالوا إنك أنت الخبير القاضى بالحق فهم يقرون بكون الله عليما حاكما بالعدل ومعنى الآية قالوا الطاعة لحكمك لا معرفة لنا إلا الذى عرفتنا إنك أنت العارف الحاكم بالعدل .
"قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أنى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "قوله "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم "يعنى قال الله يا إنسان أخبر الملائكة بنطق المكتوبات ،وهذا يعنى أن الله طلب من آدم(ص)إخبار الملائكة بنطق الكلمات التى كتبها لهم على اللوح وقوله "فلما أنبئهم بأسمائهم "يعنى فلما أخبرهم بألفاظ مكتوباتهم،وقوله "ألم أقل لكم أنى أعلم غيب السموات والأرض "يفسره قوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض"فالغيب هو السر والمعنى قال الله للملائكة ألم أخبركم أنى أعرف سر السموات والأرض ،وقوله وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "يفسره قوله بسورة النحل"والله يعلم ما تسرون وما تعلنون"فما يبدون هو ما يعلنون وما يكتمون هو ما يسرون والمعنى وأعرف الذى تظهرون والذى كنتم تخفون ،والقول من الله هو إخبار للملائكة أنه عرف ما كانوا يخفون من اعتراض على خلق الإنسان ومن ثم فعليهم أن يعرفوا أنه يعرف كل شىء مهما كان خفيا ومن ثم فلا شىء يخفى عليه ومعنى الآية قال يا إنسان أخبرهم بمنطوقات مكتوباتهم فلما أخبرهم قال ألم أحدثكم أنى أعرف سر السموات والأرض وأعرف الذى تعلنون وما كنتم تسرون .
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "يفسر الآية قوله بسورة الأعراف "ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين"فمعنى أبى أى استكبر أى كان من الكافرين هو أنه لم يكن من الساجدين ومعنى الآية وقد قلنا للملائكة أطيعوا آدم(ص)فأطاعوهإلا إبليس عصى أى استعظم نفسه أى كان من المخالفين لحكم الله ،ويتبين من القول أن الله طلب من الملائكة السجود لآدم(ص)أى تكريم آدم(ص)فما كان من الجميع إلا أن استجابوا لأمر الله فأطاعوه بطاعة أمره عدا واحد هو إبليس الذى أبى أى رفض السجود وفسر الله هذا بأنه استكبر أى ظن نفسه أعظم من آدم(ص)وفسر هذا بأنه من الكافرين وهم العاصين لأمر الله .
"وقلنا لآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "قوله "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا منها رغدا حيث شئتما"يفسره قوله بسورة طه"أن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى"فأكل الرغد هو عدم الجوع والعرى والظمأ والتعب فالرغد هو وجود الطعام والشراب والكساء والصحة فى المسكن ومعنى القول هو وقلنا يا إنسان أقم أنت وامرأتك فى الحديقة وتمتعا منها تمتعا حيث أردتما ،وهذا يبين لنا أن شرط سكن الحديقة هو الأكل منها من أى مكان فيها ،وقوله "ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين"يعنى ولا تذوقا ثمر هذه النبتة فتصبحا من الكافرين ،وهنا يبين الله للزوجين أن الشرط الثانى لسكن الجنة هو عدم القرب أى الأكل من ثمار شجرة معينة حددها لهم لأن من يأكل منها أى يتذوقها يكون ظالما أى من الكافرين أى العصاة لأمر الله ومن ثم يستحق العقاب وهذه الشروط هى أول الأحكام التى قررها الله على البشر ليعملوا بها ومن ثم تكون الجنة دار اختبار فى تلك المرحلة الزمنية وليست دار قرار دائم ومعنى الآية وقلنا يا إنسان أقم أنت وامرأتك بالحديقة وتمتعا منها تمتعا حيث أردتما ولا تذوقا هذا الثمرة فتصبحا من الكافرين .
"فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين "قوله "فأزلهما الشيطان عنها"يفسره قوله بسورة الأعراف"فوسوس لهما الشيطان"فمعنى الزل هو أن الشيطان وسوس لهما بالأكل منها فاستجابا للوسوسة فأكلا من الشجرة المحرمة ومعنى القول فأوقعتهما الشهوة فى أكل ثمر الشجرة ،والشيطان المقصود به هنا هو الشهوة فى نفس الإنسان وهى القرين وقد وعدتهما بالبقاء ملكين أى أن يكونا خالدين إذا أكلا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "وقوله "فأخرجهما مما كانا فيه "يعنى فطردتهما من الجنة التى كانا فيها ،وهذا يبين لنا أن الشهوة تسببت فى خروج الأبوين أى طردهما من الجنة عن طريق الوسوسة لهما بالأكل وطاعتهما لها ،وقوله "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو"يفسره قوله بسورة طه"قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو "فهنا الهبوط لاثنين هما الأبوين والمعنى اخرجا من الجنة كلكم بعضكم لبعض كاره،يبين الله هنا أنه طلب من الأبوين آدم (ص)وزوجته الخروج من الجنة عقاب لهم على الأكل من ثمر الشجرة المحرمة ،وقوله "ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين "يعنى ولكم فى الأرض مسكن ونفع إلى وقت معلوم ،يبين الله هنا للأبوين أن البشر لهم فى الأرض وهى المكان الذى هبطا من الجنة إليه مستقر أى مكان للسكن أى مكان للحياة كما بين لهما أن للبشر متاع إلى حين أى نفع من الأرض يتمثل فى الطعام والشراب والكساء والدواء وغيرهم من منافع الأرض إلى وقت محدد هو وقت موت كل واحد منهم مصداق لقوله بسورة هود"ويمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى "فالحين هو الأجل المسمى ومعنى الآية فأوقعتهما الشهوة فى إثم الأكل فطردتهما من الجنة التى كانا فيها وقلنا اخرجوا منها بعضكم لبعض باغض ولكم فى الأرض مسكن ونفع إلى أجل مسمى.
"فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم "قوله "فتلقى آدم من ربه كلمات "يفسره قوله بسورة الأعراف"قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "فإلقاء آدم (ص)للكلمات معناه إقراره بذنبه واستغفاره مع زوجته لله والمعنى فقال آدم (ص)لإلهه استغفارات وهذا يعنى أن آدم (ص)عرف ذنبه فطلب من الله الغفران هو وزوجته فكانت النتيجة "فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم "والذى يفسره قوله بسورة طه"ثم اجتباه ربه وتاب عليه وهدى"فالله تاب على آدم (ص)أى هداه واصطفاه ومعنى القول فغفر الله له إنه قابل الاستغفار النافع لعباده ،وهذا يبين لنا أن الله قبل دعاء آدم (ص)الذى يستغفر فيه لذنبه لكونه توابا أى يقبل توبة وهو استغفار العباد لذنوبهم أى لكونه رحيما أى نافعا لعباده المستغفرين ومعنى الآية فقال آدم (ص)لخالقه استغفارات فغفر الله له ذنبه إنه هو الغفور النافع للمستغفرين .
"قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "قوله "قلنا اهبطوا منها جميعا "يعنى اخرجوا من الجنة كلكم ويقصد الله بالجميع هنا آدم (ص)وزوجته لأن إبليس خرج من الجنة عند عصيانه أمر السجود لآدم(ص)وقوله "فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"يفسره قوله بسورة طه"فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى"فمن اتبع الهدى وهو الحق فلا خوف عليه أى لا يحزنون أى كما بسورة طه "لا يضل "أى" لا يشقى" والمراد لا عقاب عليهم ومن ثم فهم يفرحون ولا يحزنون وهذا هو عدم الشقاء أى الضلال وهو العذاب فإما يجيئنكم منى وحى فمن أطاع وحيى فلا عقاب عليهم أى لا يعذبون ويدلنا هذا القول على أن الله أخبر الأبوين أنه سينزل عليهم وحى أى هدى أى شريعة يثيب الله من يتبعها فلا يعاقبه ومعنى الآية قلنا اخرجوا منها كلكم فحتما يوحى لكم منى دينى فمن أطاع دينى فلا عقاب له أى ليسوا يعذبون .
"والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "يفسر الآية قوله بسورة المائدة "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم"فالنار هى الجحيم ويفسره قوله بسورة الزخرف "إن المجرمين فى عذاب جهنم خالدون"فالذين كفروا أى كذبوا هم المجرمين والنار هى عذاب جهنم ويفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدون يعنى ماكثين أى باقين فيها للأبد ومعنى الآية والذين عصوا حكم الله أى جحدوا وحى الله أولئك أهل النار هم باقون .
"يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون "قوله "يا بنى إسرائيل "يعنى يا أولاد يعقوب (ص)فالله يخاطب من هم نسل يعقوب (ص)بن إسحاق(ص)،وقوله "اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم"يفسره قوله بعده "وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم "فذكر النعمة هو الوفاء بالعهد أى طاعة الميثاق والمعنى أطيعوا رسالتى التى أرسلت لكم أى اتبعوا ميثاقى أحقق ميثاقكم ،يطالب الله هنا بنى إسرائيل بذكر نعمته أى الوفاء بعهده أى بطاعة وحيه وذلك حتى يوفى بعهدهم أى يحقق ميثاقهم والمراد حتى يعطيهم ثوابهم الذى أخذه على نفسه حين واثقهم وهو نصرهم فى الدنيا والأخرة ،وقوله "وإياى فارهبون"يفسره قوله فى نفس السورة "وإياى فاتقون"فرهبة الله هى تقواه ومعنى القول ووحدى فخافون ،فالله يطالبهم بخوفه أى بخوف عذابه ومن يخاف من العذاب يطيع المعذب حتى يبعد عنه العذاب ومعنى الآية يا أولاد يعقوب أطيعوا رسالتى التى أرسلت لكم أى اتبعوا حكمى أعطيكم ثوابى الذى وعدتكم أى وحدى خافوا من عذابى بطاعة حكمى .
"وأمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا وإياى فاتقون "قوله "وأمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم "يفسره قوله بسورة الأحقاف "إنا سمعنا كتابا من بعد موسى مصدقا لما بين يديه "فالذى يصدق ما مع بنى إسرائيل هو المصدق لما بين يدى التوراة والمعنى وصدقوا بالذى أوحيت مشابها للذى عندكم وهو التوراة ،وقوله "ولا تكونوا أول كافر بعده "ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا "فالكفر بوحى الله هو شراء الثمن القليل وبيع آيات الله ويفسره قوله بسورة النحل"ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا "فآيات الله هى عهده والمعنى ولا تصبحوا أسبق مكذب للوحى أى لا تأخذوا بعهد الله متاعا فانيا ،وقوله "وإياى فاتقون"يفسره قوله بسورة العنكبوت"فإياى فاعبدون"فتقوى الله هى عبادته هى رهبته كقوله السابق"وإياى فارهبون"ومعنى الآية وصدقوا بالذى أوحيت مطابقا للذى عندكم من التوراة أى لا تصبحوا أسبق مكذب بالوحى أى لا تأخذوا بوحى الله متاعا قصير الأمد أى وحدى فإعبدون .
"ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "قوله "ولا تلبسوا الحق بالباطل "يفسره قوله بسورة الأنعام "وليلبسوا عليهم دينهم "فالحق هو الدين الذى يتم إلباسه ثوب الباطل ويفسره قوله بعده "ولا تكتموا الحق"فكتم الحق هو إلباس الحق ثوب الباطل حتى لا يعلمه الناس والمعنى ولا تخلطوا العدل بالظلم أى لا تسروا العدل عن الناس ،وقوله "وأنتم تعلمون"يعنى وأنتم تعرفون جزاء من يفعل ذلك وهو النار ومعنى الآية ولا تخلطوا حكم الله بحكم الشيطان أى لا تخفوا حكم الله فى حكم الشيطان وأنتم تعرفون جزاء من يفعل هذا وهو النار .
"وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين "قوله "وأقيموا الصلاة "يفسره قوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"فالصلاة هى الدين والمعنى وأطيعوا دين الله وقوله "وآتوا الزكاة "يعنى وافعلوا الخير وقوله "واركعوا مع الراكعين"يفسره قوله بسورة التوبة "وكونوا مع الصادقين "فالراكعين هم الصادقين ومعنى الآية وأطيعوا الدين أى افعلوا الخير أى اتبعوا مع المتبعين لحكم الله.
"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون "قوله "أتأمرون الناس بالبر "يفسره قوله بسورة البقرة"قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند الله"فأمر الناس بالبر هو تحديثهم بما فتح الله على بنى إسرائيل وهو الوحى المنزل على رسلهم (ص)والمعنى هل تدعون الخلق إلى اتباع الحق ؟وقوله "وتنسون أنفسكم "يفسره قوله بسورة المائدة "وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به"فنسيان النفس هو الدخول بالكفر والخروج به والمعنى وتتركون أنفسكم لا تتبع الحق ،وقوله وأنتم تتلون الكتاب "يفسره قوله بسورة الجمعة "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها "فتلاوة الكتاب هى حمل أى العلم بالتوراة وتفسيرها الصحيح والمعنى وأنتم تعرفون التوراة ،وقوله "أفلا تعقلون"يفسره قوله بسورة الذاريات"أفلا تبصرون "فتعقلون هى تبصرون والمعنى أفلا تتبعون الحق ومعنى الآية هل تدعون الخلق إلى اتباع الحق وتتركون أنفسكم لا تتبعه وأنتم تعرفون عقاب التاركين لإتباعه أفلا تفهمون ؟
"واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "قوله "واستعينوا بالصبر والصلاة "يفسره قوله بسورة الأعراف"استعينوا بالله واصبروا"فالاستعانة بالصبر أى الصلاة هى الاستعانة بالله والمراد الانتصار على الشيطان بطاعة حكم الله والمعنى واستنصروا بطاعة حكم الله أى باتباع وحى الله والصلاة هى الدين أى الوحى كما بقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"الذى يفسره قوله بسورة البقرة "ويقيمون الصلاة "وقوله "وإنها لكبيرة "يفسره قوله بسورة الشورى "كبر على المشركين ما تدعون إليه"فالاستعانة بالله أمر كبير أى ثقيل على نفوس المشركين وقوله "وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "يفسره قوله بسورة البقرة "وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله"فالخاشعين هم الذين هداهم الله والمعنى وإن الاستعانة بطاعة حكم الله لثقيلة إلا على الطائعين ومعنى الآية واستنصروا بطاعة حكم الله أى اتباع وحى الله وإن طاعة حكم الله لمكروهة إلا من الطائعين .
"الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون "يفسره قوله بسورة العنكبوت "من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت "وقوله بسورة لقمان"وهم بالأخرة هم يوقنون"فالظن بملاقاة الله هو رجاء لقاء الله هو اليقين بحدوث الأخرة والظن بملاقاة الله يفسره ما بعده وهو الرجوع إلى الله ومعنى الآية هو الخاشعين الذين يوقنون أنهم داخلوا جنة ربهم أى أنهم إلى رحمة خالقهم عائدون .
"يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين "قوله "يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم "يفسره قوله بسورة البقرة "خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه "وقوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله "فذكر نعمة الله هو ذكر ما فى الميثاق هو ذكر آلاء الله وهى أحكامه والمعنى يا أولاد يعقوب (ص) اتبعوا رسالتى التى أوحيت لكم ،وقوله "وأنى فضلتكم على العالمين "يفسره قوله بسورة الدخان"ولقد اخترناهم على علم على العالمين "فتفضيل الله لبنى إسرائيل على الناس هو اختيارهم من بين الناس بطاعتهم لعلم وهو حكم الله والمعنى وأنى اخترتكم من الناس ومعنى الآية يا أولاد يعقوب أطيعوا رسالتى التى أرسلت لكم وأنى اخترتكم بطاعتكم لرسالتى من الناس ،وهذا يعنى أن تفضيل بنى إسرائيل على الناس سببه طاعتهم لعلم الله وهو وحيه وهذه الآية وما بعدها ليس خطابا لبنى إسرائيل فى عصر النبى(ص) وإنما هو حكاية لما حدث منهم ومعهم عبر عصور مختلفة كعصر موسى(ص).
"واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون "قوله "واتقوا يوما" يفسره قوله بسورة لقمان"واخشوا يوما "فإتقاء الله وهو إتقاء عذابه يوم القيامة هو خشية نار هذا اليوم كما فى قوله بنفس السورة "واتقوا النار"والمعنى وابتعدوا عن عذاب يوم القيامة بطاعة حكم الله ،وقوله لا تجزى نفس عن نفس شيئا"يفسره قوله بسورة الدخان"يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"فعدم جزاء النفس عن النفس الأخرى هو عدم إغناء المولى وهو النفس عن المولى وهو النفس الأخرى عذابا والمعنى يوم لا يتحمل مخلوق عذاب مخلوق غيره وقوله"ولا يقبل منها شفاعة "يفسره قوله بسورة البقرة "ولا تنفع شفاعة "فالشفاعة وهى الإعتذار بالكلام لا تقبل أى لا تنفع عند الله والمعنى ولا يرضى الله حديثا ينصر الكافر ،وقوله "ولا يؤخذ منها عدل "يفسره قوله بسورة الحديد"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا "فالله لا يأخذ أى لا يقبل عدل أى فدية أى مال مقابل إخراج المنافقين والكفار من النار والمعنى ولا يقبل من الكافر مال وقوله"ولا هم ينصرون"يفسره قوله بسورة البقرة "ولا هم ينظرون"فالكفار لا ينصرون أى لا ينظرون أى لا يرحمون ومعنى الآية ابتعدوا عن عذاب يوم القيامة بطاعة حكم الله يوم لا يتحمل مخلوق عذاب مخلوق أخر ولا يرضى الله مناصرة للكافر ولا يقبل من الكافر مال لإخراجه من النار ولا هم يرحمون .
"وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبنائكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم "قوله "وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب"يفسره قوله بسورة الدخان"ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين من فرعون"وقوله بسورة طه"يا بنى إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم "ففرعون هو عدو القوم وسوء العذاب هو العذاب المهين والمعنى وقد أنقذناكم من قوم فرعون يذيقونكم أشد العقاب ،وقوله "يذبحون أبنائكم ويستحيون نساءكم"يفسره قوله بسورة الأعراف "يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم "فذبح الأبناء هو قتلهم والمراد أن سوء العذاب يتمثل فى قتل الأولاد واستحياء النساء وهو استعبادهن وهو خدمتهن لقوم فرعون فى كل شىء بالغصب والمعنى يقتلون أولادكم ويستخدمون إناثكم وقوله"وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم"يفسره قوله بسورة الدخان"وأتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين"فالعظيم هو المبين والمعنى وفى هذا العذاب اختبار من إلهكم كبير ومعنى الآية وقد أنقذناكم من قوم فرعون يذيقونكم أقسى الآلام يقتلون أولادكم ويستعبدون إناثكم وفى العذاب اختبار من خالقكم كبير .
"وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون "قوله وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم"يفسره قوله بسورة الشعراء"فانفلق كل فرق كالطود العظيم"فتفريق البحر هو فلقه لجانبين كالجبال الكبيرة ويفسره قوله بسورة الأعراف "وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر"فإنجاء بنى إسرائيل هو مجاوزتهم البحر أى عبورهم له والمعنى وقد فلقنا لكم البحر فأنقذناكم وقوله" وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون"يفسره قوله بسورة الإسراء"فأغرقناه ومن معه جميعا"وقوله بسورة الشعراء"فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون "فإغراق الله لفرعون وقومه كان وبنى إسرائيل يرونهم والمعنى وأهلكنا قوم فرعون وأنتم ترون هلاكهم ومعنى الآية وقد جعلنا لكم البحر طريقا فأنقذناكم وأهلكنا قوم فرعون وأنتم ترون هلاكهم أمام أعينكم .
"وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون "قوله وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة "يفسره قوله بسورة الأعراف"وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر"وقوله بسورة مريم"وناديناه من جانب الطور"فالمواعدة هى تعيين وقت للوجود فى الجبل والأربعين ليلة هى الثلاثين مضاف إليها العشرة والمعنى وقد عينا لموسى (ص)للبقاء بالجبل أربعين ليلة وقوله"ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون "يفسره قوله بسورة النساء"ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات"فالقوم عبدوا العجل من بعد ما ظهرت لهم الآيات المعجزات على يد موسى (ص)وكذلك آيات الوحى وفسر الله العجل بأنه عجل جسد له خوار أى ذهب له صوت ومعنى الآية وقد حددنا لموسى (ص)فى الجبل أربعين يوما ثم عبدتم العجل من بعد ما جاءكم بالبينات وأنتم كافرون ،وهنا يبين الله لهم أنهم عبدوا العجل رغم أنهم يعرفون حرمة ذلك من الوحى
"ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون"يفسر الآية قوله بسورة الأعراف"إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحياة الدنيا وكذلك نجزى المفترين والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وأمنوا إن ربك لغفور رحيم"فقد تاب الله على القوم لأنهم تابوا عندما قالوا كما بسورة الأعراف"ولما سقط فى أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين"وفسر الله عفوه عنهم بأنه تاب عليهم فقال بسورة المائدة "وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم"وفسر قوله "لعلكم تشكرون"بقوله بنفس السورة "لعلكم تتقون"فالشكر هو التقوى هو طاعة حكم الله ومعنى الآية ثم غفرنا لكم من بعد استغفاركم لعلكم تطيعون حكم الله.
"وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم"قوله "وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل"يعنى وقد قال موسى (ص)لأهله :يا أهلى إنكم أهلكتم أنفسكم بعبادتكم العجل وهذا يعنى أن سبب ظلم القوم لأنفسهم أى إهلاكهم أنفسهم فى النار هو عبادتهم للعجل وقوله "فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم "يعنى فعودوا إلى دين الله فاذبحوا بعضكم ذلكم أفضل لدى خالقكم ،وهذا يعنى أن طريقة التوبة أى التطهر من عبادة العجل هى قتل القوم لبعضهم أى ذبحهم لبعضهم البعض وليس هناك أفضل من هذه التوبة حيث يدخل فاعلها والمفعول به الجنة بعد موتهما مباشرة ،وقوله "فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم "يعنى فغفر لكم إنه الغفور النافع ،يبين الله للقوم أنه تاب عليهم أى غفر لهم ذنبهم بأنه خفف حكم التوبة عن طريق القتل للتوبة عن طريق الاستغفار فاستغفروا لذنبهم والله هو التواب أى قابل التوب أى الاستغفار وهو الرحيم أى النافع للمستغفرين ومعنى الآية وقد قال موسى لشعبه يا شعبى إنكم أهلكتم ذواتكم بعبادتكم العجل فعودوا إلى دين خالقكم فاذبحوا بعضكم ،الذبح أفضل أجر لكم فى حكم خالقكم فخفف عنكم إنه هو الغفور النافع .
"وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون "يفسر قوله "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة "المعنى وقد قلتم يا موسى(ص)لن نصدق برسالتك حتى نشاهد الله عيانا،وقوله "فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون"يفسره قوله بسورة الأعراف"فلما أخذتهم الرجفة "فالصاعقة هى الرجفة أى الزلزلة والمعنى فأماتتكم الزلزلة وأنتم ترونها ومعنى الآية وقد قلتم لموسى (ص)لن نصدق برسالتك حتى نشاهد الرب عيانا فأهلكتكم الرجفة وأنتم تشاهدون حدوثها ،وهذا يعنى أن القوم اشترطوا على موسى (ص)للإيمان أن يريهم الله عيانا فلم يجد مفر من أن يعلمهم الله درسا بعد أن أوحى له أنه يريد تلقينهم الدرس كما علمه عندما طلب الرؤية .
"ثم بعثكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون "معنى القول ثم أعادكم للحياة من بعد هلاككم لعلكم تطيعون،هنا يبين الله للقوم أنه بعثهم والمراد أعادهم للحياة مرة أخرى بعد هلاكهم فى الرؤية والسبب هو أن يشكروه أى يطيعوا حكمه المنزل عليهم .
"وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "قوله "وظللنا عليكم الغمام" يعنى ووضعنا فوق رءوسكم السحاب،وهنا يذكر الله القوم أنه وضع فوقهم غمامة تحميهم من وهج الشمس فى صحراء التيه ،وقوله "وأنزلنا عليكم المن والسلوى "يعنى وخلقنا لكم المن وهو السلوى بدليل أن القوم سموهم طعاما واحدا فقالوا بسورة البقرة "لن نصبر على طعام واحد "والمن أى السلوى هو عند الناس طائر ،وقوله "كلوا من طيبات ما رزقناكم "يفسره قوله بسورة البقرة "كلوا واشربوا من رزق الله "فالطيبات هى رزق الله والمعنى تناولوا من حسنات الذى أعطيناكم ،وقوله "وما ظلمونا "يفسره قوله بسورة آل عمران "ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا"فالقوم لم يظلموا الله أى لم يضروه بأى شىء وقوله "ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"يفسره قوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون "فظلم القوم لأنفسهم هو إهلاكهم لأنفسهم ومعنى الآية ووضعنا فوقكم السحاب وخلقنا لكم المن أى السلوى ،تناولوا من أحسن الذى أعطيناكم ،وما أضرونا ولكن كانوا ذواتهم يضرون .
"وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين "قوله "وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية "يفسره قوله بسورة الأعراف"وإذا قيل لهم اسكنوا هذا القرية "وقوله بسورة المائدة "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة "فدخول القرية هو سكن الأرض المقدسة والمعنى وقد قلنا أقيموا فى هذه البلدة ،وقوله "فكلوا منها حيث شئتم رغدا"يعنى فانتفعوا منها حيث أقمتم فيها تمتعا،وقوله "وادخلوا الباب سجدا"يعنى وافتحوا البلد طائعين فالله طلب من القوم أن يفتحوا الباب وهو القرية أى البلد المقدسة سجدا أى طائعين لأمر الله بالفتح وقوله "وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم "يفسره قوله بسورة آل عمران "يغفر لكم ذنوبكم "وقوله بسورة الأنفال"ويكفر عنكم سيئاتكم"فتكفير السيئات أى الذنوب هو غفران الخطايا وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يستغفروا لذنوبهم حتى يغفرها لهم أى يترك عقابهم عليها والمعنى وقولوا غفرانك نترك عقابكم على جرائمكم وقوله "سنزيد المحسنين "يفسره قوله بسورة المائدة "فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين "فزيادة المحسنين هى دخولهم الجنات والمعنى وسنرحم المطيعين لنا ومعنى الآية وقد قلنا لبنى إسرائيل اسكنوا هذه البلدة فتمتعوا فيها حيث أقمتم فيها تمتعا واسكنوا البلد طائعين للأمر وقولوا غفرانك نترك عقابكم على سيئاتكم أى سنرحم المسلمين .
"فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون"قوله "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم "يعنى فقال الذين كفروا غير حطة التى قيلت لهم وهذا يبين لنا أن القوم بدلا من أن يقولوا حطة أى غفرانك قالوا قولة أخرى ليست فى معناها ومن أقوال الناس فيها :أنهم قالوا حبة فى حنطة والله أعلم بصحة هذا من كذبه ،وقوله "فأنزلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون"يفسره قوله بسورة الأعراف"فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون "فأنزلنا تعنى أرسلنا ويفسقون تعنى يظلمون والمعنى فبعثنا عليهم عذابا من السحاب بسبب الذى كانوا يكفرون أى يعملون من الظلم ومعنى الآية فقال الذين كفروا بحكم الله قولة غير حطة التى قيلت لهم فأرسلنا لهم عذابا بالذى كانوا يعملون من الكفر .
"وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين "قوله "وإذ استسقى موسى قومه"يعنى وقد طلب الماء من موسى (ص)أهله وهذا يعنى أن بنى إسرائيل طلبوا من موسى (ص)السقيا وهى ماء الشرب وقوله "فقلنا اضرب بعصاك الحجر "يعنى فأمرنا موسى (ص)أن ضع عصاك على الجبل وهو الحجر فكانت النتيجة "فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا "الذى يفسره قوله بسورة الأعراف"فإنبجست منه اثنتا عشرة عينا "فانفجرت أى انبجست أى خرج من الجبل اثنا عشر نهرا وهذا يعنى أن نتيجة الضرب على الجبل بالعصا هى خروج اثنا عشر نهرا أى عينا أى مجرى لماء الشرب وقوله "قد علم أناس مشربهم "يعنى قد عرف كل سبط أى عائلة نهرهم وهذا يعنى أن الله حدد لكل سبط أى عائلة من الأسباط الاثنى عشر نهرا ليشربوا منه وحدهم دون بقية العائلات وقوله "كلوا واشربوا من رزق الله "يفسره قوله بسورة الأعراف "كلوا من طيبات ما رزقناكم "فرزق الله هو الطيبات "والمعنى تناولوا الطعام والشراب من عطاء الله ،وقوله "ولا تعثوا فى الأرض مفسدين "يفسره قوله بسورة الأعراف"ولا تتبع سبيل المفسدين "فالعثو بالفساد فى الأرض هو اتباع سبيل أى دين المفسدين ويفسره قوله بسورة الأعراف"ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها"فالعثو هو الفساد فى الأرض والمعنى ولا تصبحوا فى البلاد ظالمين ومعنى الآية وقد طلب الشرب من موسى (ص)أهله فأوحينا له ضع عصاك على الجبل فخرج من الجبل اثنا عشر نهرا قد عرفت كل عائلة نهرها فتناولوا طعامكم وشرابكم من عطاء الله و لا تصبحوا فى البلاد كافرين بحكم الله .
"وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون "قوله "وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد"يفسره قوله بسورة البقرة "وأنزلنا عليكم المن والسلوى"فالطعام الواحد هو المن أى السلوى والمعنى وقد قلتم لموسى (ص)لن نطيق صنفا واحدا من الطعام باستمرار،وقوله "فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها "يعنى فاطلب من خالقك أن يعطى لنا من الذى تخرج التربة من البقول والقثاء والفاكهة والعدس والبصل ،وهذا يعنى أنهم يطلبون من موسى (ص)أن يدعو ربه لهم وليس ربهم لأنهم لم يقولوا إلهنا فلو كان إلههم فى أنفسهم لدعوه هم والمطلوب من رب موسى (ص)أن يعطيهم من نبات الأرض وهى الأرض الزراعية البقل وهو أنواع البقول والقثاء وهو كل ثمرة لها جلد بداخله لب يؤكل والفوم وهو الفاكهة والعدس وهو رمز فصيلة الحبوب والبصل وهو كل نبات له ثمرة لها ورقات متراكبة ،وقوله "قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير "يعنى قال موسى (ص)هل تتركون الذى لا تتعبون فى زراعته وتطلبون الحسن الذى تتعبون فى زراعته أو جلبه ،وقوله "اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم "يعنى اذهبوا لمصر فلكم هناك الذى تطلبون ،وهذا معناه أن المحاصيل المطلوبة لا يمكن خروجها فى أرض التيه كما أن الأرض المقدسة محرمة عليهم ومن ثم لا توجد جهة مفتوحة لهم لأخذ الزرع سوى الذهاب لمصر وهم يخشون الرجوع مرة أخرى للعذاب ،وقوله وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله "يفسره قوله بسورة آل عمران"ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة "فالقوم فرض الله عليهم الذلة وهى المسكنة وهو الهوان والضعف فى أى مكان يسكنوا فيه وقد أتبع الله ذلك العقاب الدنيوى بأنهم باءوا بغضب من الله أى عادوا بعقاب من الله هو دخول النار والمعنى فرض عليهم الهوان أى الضعف فى كل مكان وعادوا بعقاب من الله فى الأخرة والسبب"ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون"والمعنى الذلة الدنيوية وغضب الله سببه أنهم كانوا يعصون أحكام الله ويذبحون الرسل(ص)بغير ذنب ارتكبوه أى بالذى خالفوا أحكام الله أى بالذى كانوا يكفرون ومعنى الآية وقد تحدثتم مع موسى (ص)فقلتم لن نطيق أكلا واحدا فاطلب من إلهك يطلع لنا مما تخرج التربة من بقولها وقثائها وفاكهتها وعدسها وبصلها قال أتتركون الذى هو أقرب لكم وتطلبون الذى هو حسن اذهبوا لمصر فإن لكم الذى طلبتم وفرض عليهم الهوان أى الضعف وعادوا بعقاب من الله والسبب أنهم كانوا يكذبون بأحكام الله ويذبحون الرسل(ص)بغير جرم ارتكبوه أى بما خالفوا أحكام الله أى بما كانوا يعصون وحى الله .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون "يفسر الآية قوله بسورة الكهف "وأما من أمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى "فالأجر هو جزاء الحسنى ويفسرها قوله بسورة الزمر"وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون "فعدم الخوف عليهم يعنى عدم مس السوء وهو العذاب لهم ومعنى الآية إن الذين صدقوا برسالة النبى(ص)واليهود والنصارى والخارجين على أديان القوم منهم من صدق بحكم الله ويوم القيامة وفعل حسنا فلهم ثوابهم لدى إلههم أى لا عقاب عليهم أى لا يعذبون ،وهذا يعنى أن الذين صدقوا برسالة النبى(ص)والمصدقين الذين هادوا من بنى إسرائيل والمصدقين من النصارى وهم أتباع المسيح(ص)والصابئين وهم أتباع الرسل الأخرين الذين خرجوا على أديان أقوامهم لهم عند الله الأجر وهو الجنة ومن ثم لا عقاب عليهم أى لا عذاب يقع عليهم .
"وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون "قوله "وإذ أخذنا ميثاقكم "يفسره قوله بسورة البقرة "وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله"فالميثاق المأخوذ هو عبادة الله وحده والمعنى وقد فرضنا عبادتنا عليكم وقوله "ورفعنا فوقكم الطور"يفسره قوله بسورة الأعراف"وإذ نتقنا الجبل فوقهم "فالله نتق أى رفع أى وضع جبل الطور على رءوس بنى إسرائيل والمعنى ووضعنا على رءوسكم جبل الطور وقوله خذوا ما أتيناكم بقوة "يفسره قوله بعده"واذكروا ما فيه"فالأخذ بالقوة للذى أتاه الله لهم هو ذكر الذى فيه وفسره بقوله بسورة البقرة "خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا"فسماع المأتى هو ذكره والمعنى وأطيعوا الذى أعطيناكم بعزم أى بتصديق له أى اتبعوا الذى فيه من الأحكام وقوله لعلكم تتقون "يفسره قوله بسورة النور"لعلكم تفلحون"فتتقون تعنى تفلحون والمعنى لعلكم ترحمون ومعنى الآية وقد فرضنا عبادتنا عليكم ووضعنا على رءوسكم جبل الطور أطيعوا الذى أوحينا لكم بتصديق له أى اتبعوا الذى فيه من الأحكام لعلكم تفلحون ،وهذا يعنى أن الله فرض على القوم عبادته وهى طاعة حكمه وهو واضع فوق رءوسهم جبل الطور والسبب هو أن يطيعوه لعلهم يرحمون بسبب طاعتهم إياه .
"ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين"معنى الآية ثم عصيتم ميثاق الله من بعد فرضه عليكم فلولا نعمة من الله أى رأفته بكم لكنتم من المعذبين فى النار،وهذا يعنى أن القوم عصوا أحكام الميثاق بعد أن أوجبه الله عليهم ولولا فضل أى رحمة الله بهم نتيجة توبتهم لكانوا من الخاسرين أى المعذبين فى النار وهذا معناه أنهم دخلوا الجنة .
"ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين "يفسره قوله بسورة الأعراف"وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم "فالاعتداء فى السبت هو صيد الحيتان فى يوم السبت وكلمة خاسئين يفسرها قوله بسورة المؤمنون"اخسئوا فيها "أى أقيموا بها ومن ثم فمعناها مقيمين أى باقين والمعنى ولقد عرفتم الذين عصوا منكم أمر عدم الصيد فى السبت فقلنا لهم أصبحوا قردة باقين ،وهذا يعنى أن الله بعد أن تركهم يصطادون مرات كثيرة فى السبت أنزل عليهم عقاب ممثل فى أن يظلوا قردة فى أجسامهم حتى مماتهم .
"فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين "يعنى فعاقبناها عبرة لمن فى حاضرها ومن بعدها أى ذكرى للمسلمين ،وهذا يعنى أن الله جعل عقاب المعتدين فى السبت نكال أى موعظة أى عبرة لما بين يديها أى لمن يعيش فى عصرها من المسلمين ولما خلفها أى ولمن يأتى بعدهم من الناس وهم المتقين وهم المسلمين







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سورة البقرة رضا البطاوى المنتدى الإسلامي 0 03-03-2019 02:08 PM
تابع تفسير سورة آل عمران3 رضا البطاوى المنتدى الإسلامي 0 02-03-2019 02:20 PM
تابع تفسير سورة النساء1 رضا البطاوى المنتدى الإسلامي 0 23-02-2019 02:24 PM
تابع تفسير سورة المائدة 2 رضا البطاوى المنتدى الإسلامي 0 20-02-2019 02:43 PM
تفسير الآية 35 من سورة البقرة رانيا المنتدى الإسلامي 15 17-01-2012 04:38 PM



الساعة الآن 04:50 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت