ماذا حدث لبرشلونة؟ سؤال تطرحه جماهير الفريق الكتالوني حالياً لمعرفة أسباب الخسائر المتتالية والمفاجئة التي حلت على الفريق في بطولة دوري إسبانيا، وخروجه المهين من بطولة كأس ملك إسبانيا لكرة القدم بعد خسارته القاسية أمام خيتافي بأربعة أهداف مقابل لاشيء في مباراة الإياب. علماً أن برشلونة كان قد فاز ذهاباً 5-2.
المُلاحظ أن أداء فريق برشلونة تدهور بشكل دراماتيكي بعد رحلته القصيرة إلى مصر لمشاركة النادي الأهلي في الاحتفال بمرور مائة عام على إنشائه. وهي المباراة التي انتهت بفوز أبناء الهولندي فرانك ريكارد برباعية نظيفة.
وكانت صفحات الرياضة بالصحف والمجلات الإسبانية قد هاجمت رئيس النادي خوان لابورتا لموافقته على السفر لمصر في هذا التوقيت الحساس من عمر بطولة الدوري الإسباني، إذ كان الصراع على أشده بينه وبين إشبيليه، لكن لابورتا قرر المُضي في الرحلة التي قالت وسائل الإعلام المصرية إنها وضعت في خزينة النادي الإسباني مليوني دولار، فضلاً عن تذاكر السفر ذهاباً وإياباً والإقامة في أحد أكبر الفنادق المصرية، بالإضافة إلى البرنامج الترفيهي عقب المباراة إلى سفح الأهرامات.
وعلى الرغم مما شاهده الجميع من أداء باهت من كلا الفريقين الإسباني والمصري في المباراة، فالأول بات يلعب بتعال واستكبار، والثاني ظهر مرعوباً أمام أشهر نجوم الكرة في العالم رونالدينيو وإيتو وميسي بالرغم من أنهم لم يبدءوا المباراة.
هبوط اللياقة البدنية
في هذا الوقت، بدأت ملامح الإجهاد البدني تحل على البارشا، الذي كان معظم لاعبيه في حالة إجهاد قبل هذه المباراة من كثرة المشاركات المحلية والقارية، علاوة على مشاركة غالبية اللاعبين في المباريات الدولية مع منتخبات بلادهم.
فرونالدينيو شارك في قرابة 103 مباراة قبل لقاء الأهلي المصري مع فريقه ومنتخب بلاده في عام واحد، وأعرب مراراً عن شعوره بالإجهاد، علماً أن اللعب لفريق بحجم برشلونة يتطلب من جميع اللاعبين التركيز النفسي في التدريبات واللقاءات، واللعب دائماً على الفوز ولا بديل سواه، ما يتطلب بذل المزيد من العطاء والجهد داخل الملعب طيلة فترات المباراة.
وهذا الأمر ينطبق كذلك على مشاركة لاعبين من أمثال رونالدينيو وإيتو وديكو وميسي وغيرهم مع منتخبات بلادهم. كل هذا سبب عبئاً ثقيلاً للغاية على نجوم برشلونة في الفترة الأخيرة، فانقلب أداؤهم بشكل حاد من القوة والإمتاع إلى الضعف وتلاشي المتعة التي يترقبها كل عاشق لفريق البارشا ليس في إسبانيا فحسب، بل في العالم أجمع.
وبالفعل، ظهر برشلونة عقب رحلته إلى مصر- والتي ربما لن تنساها جماهير برشلونة إذا ما فقدوا لقب الدوري الذي بات قريباً من عرين ريال مدريد- ضعيفاً خاصة في الشوط الثاني من المباراة التي لعبوا فيها، ما يؤكد على تدني معدل اللياقة البدنية للاعبي الفريق.
ففي مباراة الفريق مع ريال بيتيس المتواضع، على ملعب نو كامب في الأسبوع الرابع والثلاثين من مسابقة دوري الدرجة الأولى الإسباني، افتتح برشلونة التسجيل في الدقيقة الرابعة من ضربة جزاء نفذها رونالدينيو, وظن الجميع أن البارشا في طريقه لنصب سيرك كروي، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وهبط أداء الفريق تماماً في الشوط الثاني حتى نجح رافاييل سوبيس في إدراك هدف التعادل لفريق الضيف قبل انتهاء اللقاء بدقيقتين.
أسوأ الذكريات لبرشلونة
وهذا الهدف ربما يكون أسوأ الذكريات لبرشلونة إذا ما فقد اللقب هذا الموسم، فقد ساعد ريال مدريد على تبوأ الصدارة للمرة الأولى هذا الموسم، وإزاحة برشلونة من الصدارة، كما أنعش آمال إشبيليه الثالث في المنافسة على اللقب.
ومن أبرز علامات القلق التي تنتاب جماهير برشلونة هي إحساسهم بتباين أداء الفريق خلال شوطي المباراة، وتدهور أداء القوة الضاربة للفريق، وعلى رأسها البرازيلي رونالدينيو الذي لجأ مدربه فرانك ريكارد لإخراجه في الشوط الثاني من مباراة ريال بيتيس بسبب هبوط مستواه البدني والفني.
وكانت جماهير برشلونة تلقت صدمت في مسابقة كأس ملك إسبانيا، حيث لم يتوقع أكثر المتفائلين أن يتمكن فريق خيتافي من معادلة تخلفه في مباراة الذهاب أمام برشلونة بخمسة أهداف مقابل هدفين، بيد أن لاعبي خيتافي استغلوا تخاذل لاعبي برشلونة، واستمرار هبوط معدل لياقتهم البدنية، فتلاعبوا بهم وأجهزوا عليهم برباعية نظيفة أطاحت بالبارشا من البطولة.
14 سبباً للانحدار
والانحدار الرهيب في أداء برشلونة كان محل اهتمام صحيفة "سبورت" الإسبانية التي أشارت إلى أن برشلونة يضيع البطولات الواحدة تلو الأخرى، مطالبة لاعبي الفريق ببذل الجهد لتحقيق نتائج إيجابية في المراحل المتبقية من عمر الدوري.
ورأت الصحيفة أن برشلونة بدا قريب الشبه من ريال مدريد في العامين الماضيين، حيث أضاع لاعبوه البطولات الكبرى في إسبانيا، وأرجعت انحدار أداء برشلونة لأربعة عشرة سبباً أهمها:
- قلة فترات الراحة بسبب مشاركات غالبية اللاعبين في مونديال ألمانيا، كما أن البارشا لعب 57 مباراة رسمية و11 مباراة ودية خلال هذا الموسم قبل المشاركة في المونديال.
- فشل برنامج التأهيل التدريب قبل انطلاق الموسم الحالي، والذي كان في أميركا الشمالية.
- استهتار لاعبي برشلونة في بعض المباريات، ومنها مباراة نهائي كأس السوبر الأوروبي الذي احتفل اللاعبون بالفوز قبل المباراة، ما أدى لخسارتهم أمام إشبيليه 3-صفر.
- التبريرات المتتالية من إدارة النادي لإخفاقات الفريق في بعض المباريات.
- غياب بعض اللاعبين عن الحصص التدريبية خلال الموسم مثل رونالدينيو الذي فضل عمل بعض التدريبات الخاصة بمفرده قللت من قدرته البدنية بعد ذلك.
- إصابة الكاميروني إيتو والأرجنتيني ميسي في فترات كبيرة من الموسم أضعفت خط هجوم الفريق.
- وجود بعض الخلافات بين اللاعبين والتي تجلت في تصريحات إيتو ضد رونالدينينو رداً على تصريحات البرازيلي ضد اللاعب الكاميروني.
- ضعف رؤية الجهاز الفني للفريق في سرعة معالجة فشل الفريق في بعض المباريات.
- ضعف خط الدفاع وعدم وجود مستوى ثابت للمدافعين خلال المباراة.
- فشل الإدارة في إبرام صفقات ناجحة مع لاعبين مميزين في فترة الانتقالات الشتوية.
المشاهد الأخيرة للمسابقة
وبات المشهد في جدول الترتيب في الدوري الإسباني قبل أربعة مراحل فقط على انقضائه على النحو التالي، ريال مدريد في المقدمة للمرة الأولى هذا الموسم برصيد 66 نقطة، يليه برشلونة في المركز الثاني بنفس عدد النقاط، لكن يتفوق فريق العاصمة في مجموع لقاء الفريقين هذا الموسم، ثم يحل إشبيليه ثالثاً برصيد 64 نقطة، وليس بعيداً عن المنافسة فريق فالنسيا الرابع وله 62 نقطة.
وعلى الرغم من أسطورة "لعنة الفراعنة" الشهيرة التي بدأت مع اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون على يد المنقب الإنكليزي هوارد كارتر عام 1922، يبقى اللوم الوحيد على لابورتا من قبل جماهير برشلونة، والصحافة الإسبانية لتخليه عن نصائح خبراء اللعبة الشعبية بالتركيز في البطولة المحلية في هذا التوقيت الحساس، وهو ما لم يفعله حتى باتت البطولة التي كان أقرب الفرق إلى الفوز بها، بعيدة عن متناول لاعبيه في ظل صحوة ريال مدريد القوية.
وشكرا...