هذي القصيده
كانت عندي زمان ... بصوت منشد ...
( أبوراتب ) ... في بداية التسعينات
قمه في الروووووعه ....
طبعا كاتب القصيده ...
كان يكتب قصيدته وهو سجين ...
إليكم كلماتها ...
أبـــــــتـــــــاه
أبتاه ماذا قد يخط بناني ..... والحبل والجلاد ينتظراني
هذا الكتاب إليك من زنزانة ..... مقرورة صخرية الجدرانِ
لم تبق إلا ليلة أحيا بها ..... وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في ..... هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل ..... والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فانشد راحتي ..... في بضع آياتٍ من القرانِ
والنفس بين جوانحي شفافة ..... دب الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أؤمن بالإله ولم ..... أذق إلا أخيراً لذة الإيمانِ
شكراً لهم أنا لا أريد طعامهم ..... فليرفعوه فلست بالجوعانِ
هذا الطعام المر ما صنعته لي ..... أمي ولا وضعوه فوق خوانِ
كلا ولم يشهده يا أبتي معي ..... أخوان لي جاءاه يستبقانِ
مدوا إلي به يداً مصبوغة ..... بدمي وهذه غاية الإحسانِ
والصمت يقطعه رنين سلاسل ..... عبثت بهن أصابع السجانِ
ما بين أونة تمر وأختها ..... يرنو إلي بمقلتي شيطانِ
من كوة بالباب يرقب صيده ..... ويعود في أمن إلى الدورانِ
ثم يقول عن الحارس ( المسلم )
أنا لا أحس بأي حقد نحوه ..... ماذا جناه فتمسه إضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي ..... لم يبد في ظمأ إلى العدوانِ
لكن إن نام عني لحظة ..... ذاق العيال مرارة الحرمانِ
فلربما وهو المروع سحنة ..... لو كان مثلي شاعراً لرثاني
أو عاد من يدرى إلى أولاده ..... وذُكّرَ صورتي لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها ..... معنى الحياة غليظة القضبانِ
قد طالما شارفتها متأملاً في ..... السائرين على الأسى اليقظانِ
فأرى وجوماً كالضباب مصوراً ..... ما في قلوب الناس من غليانِ
نفس الشعور لدى الجميع وإنما ..... كتموا وكان الموت في إعلاني
ويدور همس في الجوانح ما الذي ..... في الثورة الحمقاء قد أغراني
أو لم يكن خيراً لنفسي أن أرى ..... مثل الجموع أسير في إذعانِ
ما ضرني لو قد سكت وكلما ..... غلب الأسى بالغت في الكتمانِ
هذا دمي سيسيل مطفئاً ..... ما ثار في جنبي من نيرانِ
وفؤادي الموار في نبضاته ..... سيكف من غده عن الخفقانِ
والظلم باق لن يحطم قيده ..... موتي ولن يودى به قربانِ
ويسير ركب البغي ليس يضيره ..... شاة إذا اجتثت من القطعانِ
هذا حديث النفس حين تشف ..... عن بشريتي وتمور بعد ثوانِ
وتقول لي إن الحياة لغاية ..... أسمى من التصفيق للطغيانِ
أنفاسك الحرى وإن هي أخمدت ..... ستظل تغمر أفقهم بدخانِ
وقروم جسمك وهو تحت سياطهم ..... قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله ..... ودم الشهيد هنا سيلتقيانِ
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا ..... لم يبق غير تمرد الفيضانِ
ومن العواصف ما يكون هبوبها ..... بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في وجهه ..... أمر يثير حفيظة البركانِ
وتتابع القطرات ينزل بعده ..... سيل يليه تدفق الطوفانِ
فيموج يقتلع الطغاة مزمجراً ..... أقوى من الجبروت والسلطانِ
أنا لست أدري هل ستذكر قصتي ..... أم سوف يعدوها رحى النسيانِ
أو أنني سأكون في تاريخنا ..... متآمراً أم هادم الأوثانِ
كل الذي أدريه أن تجرعي ..... كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلباً ..... غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوي الحياة كريمة لا قيد لا ..... إرهاب لا استخفاف بالإنسانِ
فإذا سقطُت سقطُت أحمل عزتي ..... يغلي دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح وأضاء ..... نور الشمس كل مكانِ
واستقبل العصفور بين غصونه ..... يوماً جديداً مشرق الألوانِ
وسمعت أنغام التفاؤل ثرة ..... تجري على فم بائع الألبانِ
واتى يدق كما تعود بابنا ..... سيدق باب السجن جلادانِ
وأكون بعد هنيهة متأرجحاً ..... في الحبل مشدوداً إلى العيدانِ
ليكن عزاؤك إن هذا الحبل ..... ما صنعته في هذي الربوع يدانِ
نسجوه في بلد يشع حضارة ..... وتضاء منه مشاعل العرفانِ
أو هكذا زعموا وجئ به إلى ..... بلدي الجريح على يد الأعوانِ
أنا لا أريدك أن تعيش محطماً ..... في زحمة الآلام والأشجانِ
إن ابنك المصفود في أغلاله ..... قد سيق نحو الموت غير مدانِ
فاذكر حكايات بأيام الصبا قد ..... قلتها لي عن هوى الأوطانِ
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى ..... تبكي شباباً ضاع في الريعانِ
وتكتم الحسرات في أعماقها ..... ألماً تواريه عن الجيرانِ
فاطلب إليها الصفح عني إنني ..... لا ابتغي منها سوى الغفرانِ
مازال في سمعي رنين حديثها ..... ومقالها في رحمة وحنانِ
أبنى إني قد غدوت عليلة ..... لم يبق لي جلد على الأحزانِ
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن ..... بنت الحلال ودعك من عصيانِ
كانت لها أمنية ريانة ..... يا حسن أمال لها وأمانِ
غزلت خيوط السعد مخضلاً ولم ..... يكن انتفاض الغزل في الحسبانِ
والآن لا أدرى بأي جوانح ..... ستبيت بعدي أم بأي جنانِ
هذا الذي سطرته لك يا أبي ..... بعض الذي يجري بفكر عانِ
لكن إذا انتصر الضياء ومُزقت ..... بيد الجموع شريعة القرصانِ
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي ..... من كان في بلدي حليف هوانِ
وإلى لقاء تحت ظل عدالة ..... قدسية الأحكام والميزانِ
هذه القصيد كما نقلت عن الراوي وجدت على جدار زنزانه كانت معدة للمحكوم عليهم بالاعدام فى السجن الحربى
ودمتم بود