الشوق والتشوق ، كان قديما ، ولم يعد في قواميس الحالة الراهنة ، كان قديما لأنه يتواصل بالعهود
والمواثيق ، وكان لايحتاج إلى التواصل بالوسائل الحديثة ، بما يسمى التلفون والجوال والإيميل
والشات ، كل هذه المخترعات الحديثة أطفأت حرارة الشوق ،بل زرعت في حنايا الصدور الملل
والحنق والكره والقطيعة .
كيف ذلك سأجيب ياعمر ، فلا تستعجل الجواب ،عندما يتصل الحبيب على الحبيب من مكان قريب
أوبعيد ، سيجد الرد أين كنت ؟ وماذا تفعل ومع من ؟ ولماذا لاترد على اتصالى ؟
وإذا جاءت هذه الأسئلة الشخصية سوف تعكـر المزاج بين الحبيب والمحبوب ، وتفسر بالتدخل غير
المباشر في تصرفاتنا الشخصية ، في السابق كان التواصل بين القلوب والعيون والسمع والبصر كل
هؤلاءالبشر عندهم تشوق جاد ووفي تصدقه العشرة والعشيرة وشعور الحبيب تجاه الحبيب . بتشوق
ينبض بالحياة الصادقة لالشيئ مادي بحت ، وإنما لتواصل القلوب مع القلوب فأي شوق تتحدث عنه
الآن ياعمر .
الشوق اليوم كتب بالحروف على الأوراق وأفرغ المضمون وتوابع العاطفة بقارعة
النسيان والتذكر ، ولافرق بين القرب والبعد ولابين الصحة والمرض لأن كل واحدمن هذه المعانى رديف
صاحبه ، في النفع والضرر
وإن يقل قائل ، كعمر لازال الناس هم الناس والأحاسيس هي الأحاسيس فلا فرق بين بنى البشر ،حول
هذه الأحاسيس ، ولا تستطيع ياعبدلى أن تترجم وتفسر حسب مايمليه عليك خيالك الأدبي ونظرتك
الضيقة ؟
حول مايجري الآن وإلا لمسحنا أشواقنا ولذنا بالصمت والتكتم حول مانعانيه من أحاسيس
النفس البشرية ولمسخنا بالكلية عن معنى الإنسانية الخالدة .
أنا معك ياعمر ، لازال الناس بأحاسيسهم ولكنني أأكد لك أنها لم تكن بحرارة الماضي ولا بتواصله مع
الأرحام والأقارب ، ولا مع الديار وأطلال الدمن ومراتع الصبا .
ولايعرف الشوق إلا من يكابده .. ولا الصبابة إلا من يعانيها
وبرغم تشوقي إليك برغم الوسائل الحديثة ..تقبل مروري على أعتاب التشوق .