من حسرات التعلل إلى مسرات التوكل
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي المسلم : تعيش في قلقٍ و تأنيب ضميرٍ و تقول لو أني فعلت كذا لكان كذا , و لو سهرت الليالي لأصبحت عَلَماً و أستاذا , و لو عملت في التجارة ما كنت الآن شحاذا , و لو ما ذهبت إلى تلك البقعة ما نفذ المرض في جسمي نفاذا , و مصائبي التي أعيشها الآن بسبب ذاك و هذا , فاعلم يا أخي أنك إن عرفت ربك و وثقت به و عملت مخلصاً له بما تستطيع , آخذاً بالأسباب غير متعلق قلبك بها بل بربك القدير السميع , مستسلماً له راضياً بتدبيره و عطائه , موقناً بالفوز و بحكمته , فأنت قد اتصفت بخلق التوكل , العالي الرفيع .
أخي المسلم : لن تضمن النجاة من كربات الآخرة و الفوز بنعيمها أو إنجاز عملٍ دنيوي إلا إذا أخذت بجميع الأسباب , و الأسباب كثيرة و العمر قصير و القدرات ضعيفة , فأنى لك بعد هذا أن تنجز عملاً أو تبلغ نجاحاً أو تحصل مالاً أو ثروة أو عرضاً دنيوياً أو يكون لك الفوز بالجنة و النجاة من النار , و إنما هي عطايا من الله لنا برغم عظيم تقصيرنا , في الدنيا بلاء و اختباراً و في الآخرة جوداً و إحساناً , و هذه العطايا يجب ألا تدفعنا إلى التراخي و التواكل و إلا حَرَمنا من بيده أمرنا , و أصبح ذلك عرة في حقنا , بل علينا النشاط ما أمكننا , مخلصين له الدين و بالأسباب غير متعلقة قلوبنا , عارفين عظمة و قدرات ربنا , واثقين من حكمته , مطمئنين لتدبيره , موقنين بالنجاة و الفوز على يديه , لا بعلومنا و أسبابنا , نرى الخير في كل ما يأتينا منه و لو كان كدراً في أيامنا و ليالينا , و بين يديه نستسلم و أمرنا له قد سلمنا و فوضنا , نرضى بما يقسم لنا في معيشتنا و دنيانا و آخرتنا , فكيف لا و نحن عليه توكلنا و وكيلاً لأمرنا رضينا , و نفوسنا لتهدأ و خواطرنا لِتَطِب , أليس الله مولانا و به ثقتنا و رجاؤنا , فلا هَمّ بعد ذلك و لا نكد , و لا حسرة و لا كَبَد , بل صفاء لحياتنا و نشاطاً بما يرضيه , نسعد في حياتنا و بعد مماتنا .
أخي المسلم : كما ترى فإن خلق التوكل هو من أشرف أخلاق المسلم , فيه التذلل لله و التوحيد له و نبذ الشرك بنوعيه الأكبر و الأصغر و فيه الإخلاص و معرفة الله عزوجل و الثقة به و بتدبيره و اليقين بحكمته و الرضا بقضائه و الاعتراف بأفضاله و أنعمه , و هو فرض و واجب على كل مؤمن و مسلم , و هو يجعلك من أحباء الله عزوجل , فسارع إليه , تعلمه و تخلق به تكن من سعداء الدارين .
- إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الأنفال
- وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) المجادلة
- وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) يونس
- رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (9) المزمل
- فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران
- وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) المزمل
- ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم (49) الأنفال
- فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) النحل
- وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) العنكبوت
- لو أنكم توكلون على الله تعالى حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا .
الراوي : عمر بن الخطاب – المحدث : الألباني في صحيح الجامع – خلاصة حكم المحدث : صحيح
- قال عمرو بن أمية يا رسول الله أُرسل ناقتي أو أتوكل قال قيدها و توكل