بالقلم الأحمر ..عجلة الحياة ودهاليز التقنية
تنهدا بارتياح وهما يقولا: حمداً لله انقطع النت والكهرباء أيضاً، أي نعمة تفوق تلك النعمة! أخيراً سأحظى بجلسة عائلية على ضوء الشموع!
ياغافلاً عجلة الحياة والأيام تدور بشكل سريع جداً، والعولمة تدخل لكل شيء في حياتنا، ويتحول العالم فعلاً لقرية صغيرة، وصار التواصل عبر الشبكات الاجتماعية والنت يفوق التواصل على أرض الواقع..
صارت الألعاب خلف الشاشة، والصداقات خلف الشاشة أيضاً، والدراسة والثقافة، وأحياناً كثيرة تتم الأعمال من خلف هذه الشاشة السحرية أيضاً، صار الأمر أشبه بنافذة تطل على العالم وتفتح عوالم جديدة ما كنا نتخيل أننا سنعيشها، ويحمل ذلك الغث والثمين، الصالح والطالح، الخير والشر... ككل شيء بهذه الدنيا بالتأكيد!
لكن مقابل هذا كله، نجد نوافذ قد أغلقت!! وصار الأسهل على المرء أن يتواصل خلف الشبكة ويضع القناع الذي يحبه ويرتضيه، عن أن يتواصل حقيقة على أرض الواقع ويصعب عليه أن يختار الوجه الذي يريد الظهور به أمام الناس! صار من الأسهل أن يفتح كل منا جواله وشاشته ليبنى عالماً من اختياره، يجعله يعيش منعزلاً عمن حوله تقريباً!
وللأسف صار من المألوف جداً أن تجدهم كلهم يحتضنون أجهزتهم بكل زياراتهم واجتماعاتهم، فيكونون معاً بأجسادهم فقط.
ليست التكنولوجيا فقط هي المتهمة، بل كل شيء بهذه الحياة يجعلنا نجري وننسى لماذا نجري مع الوقت، فنجد أنفسنا منهكين لا نجد وقتاً لأنفسنا، لكننا نغفل الهدف الذي نطلبه، فننسى لم جرينا وبنفس الوقت نعجز عن التوقف أو التلفت!
بهذه الحالة دوماً أخشى من ارتطام قوي يوقظنا، ارتطام لا بد منه مع هذه الأحوال، والخوف لو أتى متأخراً بعد أن يفوت الأوان لإصلاحه أو تداركه.
أحياناً كثيرة تتحول الوسائل لغايات، ويطول الطريق لأننا انشغلنا بزواياه.. فاستفيدوا من كل تقدم التقنية وتطور وسائل الاتصال، لكن انتبهوا ألا تجعلوا العالم الافتراضي بديلاً عن العالم الواقعي الذي يحتاجكم فعلاً!
فما قيمة المحرك دون سيارة تسير به؟
وما قيمة أفكار لا تعمر الأرض، ولا تساهم بتقدم أمتنا؟
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَمتنا وزدنا علما