الرد على من أباح كشف الوجه
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من محاضرة:
حجاب المرأة المسلمة
الذي كان قبل الحجاب هو أن الرجل يرى المرأة، والمرأة ترى الرجل فيعرفها وتعرفه، فلما نزل الحجاب أصبحن كالغربان، وأصبحت المرأة لا تُعرف، فلما رأى
عمر رضي الله عنه أم المؤمنين
سودة بنت زمعة قال: قد عرفناك يا
سودة ، وهو لا يرى منها شيئاً، ولكن عرفها من طولها، فقال: قد عرفناك يا
سودة ، فانكفأت راجعة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي يده عرق وهو يتعشى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بالواقعة فأمسك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلته الرحضاء التي تأتيه إذا نزل عليه الوحي، فلما سُرِّى عنه، قال: {إن الله قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن
}، فإذا تسترت المرأة وبعد ذلك عرفت؛ فإن هذا الأمر يكون خارجاً عن استطاعتها، وليس عليها أن تستره، ولذلك قال :
إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] التفسير الصحيح: أنه الزينة الظاهرة، والجمال الظاهر، الذي لا يمكن أن يخفى؛ كأن تكون طويلة، فكيف تقصر نفسها؟! أو نحيفة أو غيره، مما لا يمكن أن تملكه، أما ما تُظْهِر هي فلا، فهناك فرق بين أن تظهره هي وبين ما ظهر، فهو يظهر وهي لا تريد إظهاره.
ثم إن الله تعالى يقول في القواعد من النساء:
وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] سبحان الله!! أذن لهن أن يضعن حجابهن ولباسهن غير متبرجات بزينة، ومع ذلك قال:
وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] ثم سبحان الله! الذي جعل صلاة المرأة في غرفتها أفضل من صلاتها في مسجد بيتها، وصلاتها في مسجد بيتها أفضل من صلاتها في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبين المهاجرين والأنصار وهم أطهر خلق الله؛ فمن يبيح لها أن تخرج في الأسواق، وتخرج إلى الجامعة، وتأتي وهي كاشفة حاسرة؟! وكيف فهمتم هذا؟!
أباح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرجل أن ينظر من المرأة المخطوبة إلى ما يدعوه إلى نكاحها؛ فماذا ينظر؟ وكيف يكون الحجاب هو تغطية الشعر والوجه مكشوف؟! فالخاطب من حيث النظر هو يرى وجهها ويرى كفيها، ليرى ما يدعوه إلى نكاحها، كما بيَّن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وذلك لأن الأصل أن المرأة المسلمة لا يرى منها أي شيء، فلذلك لا بد أن يراها، فإذا خطب وتم الأمر، واتفقوا على الخطبة، فإنها تجلس أمامه، ويرى وجهها وكفيها؛ فمن وجهها يستدل على أشياء، ومن كفيها يستدل على أشياء، بيَّنها وفصَّلها الفقهاء رحمهم الله تعالى، أما إن كان يراها الناس في السوق، وفي المستشفى، وفي الشارع، ومع السوَّاق، ومع كل أحد، وجاء يخطب وقال: نريد أن نراها، فماذا يرى بعد ذلك؟! فهذه أدلة واضحة، والمرأة لمجرد أنها تخرج ولو كانت متحجبة لكن يظهر منها رائحة الطيب، فهذه قد توعدها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوعيد شديد.