قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 379 :
أخرجه البخاري ( 4 / 77 , 13 / 174 , 258 ) ومسلم ( 9 / 155 ) ومالك ( 3 / 84 ) والنسائي ( 2 / 184 ) والترمذي ( 4 / 373 ) والطيالسي في " مسنده " ( 2 / 204 ) وأحمد ( 3 / 292 , 306 , 307 , 365 , 385 , 392 , 393 ) عن # جابر بن عبد الله # . " أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أقلني بيعتي , فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي , فأبى ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي , فأبى , فخرج الأعرابي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " . فذكره .
وقال الترمذي : " حديث حسن " .
وله شاهد من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية ( فما لكم في المنافقين فئتين ) قال : " رجع ناس من أصحاب النبي يوم أحد ( وفي رواية : من أحد ) , فكان الناس فيهم فريقين , فريق منهم يقول : اقتلهم , وفريق يقول : لا , فنزلت هذه الآية ( فما لكم في المنافقين فئتين ) , فقال : " إنها طيبة , وإنها تنفي الخبث , كما تنفي النار خبث الحديد " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 218
" إنها طيبة , وإنها تنفي الخبث , كما تنفي النار خبث الحديد " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 380 :
أخرجه البخاري ( 4 / 77 - 78 , 8 / 206 ) ومسلم ( 9 / 155 - 156 ) والترمذي ( 4 / 89 - 90 ) وأحمد ( 6 / 184 / 187 , 188 ) من طريق عبد الله ابن يزيد وهو الخطمي عن # زيد بن ثابت # .
وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
قال العلماء : خبث الحديد : وسخه وقذره الذي تخرجه النار منها .
قال القاضي : الأظهر أن هذا مختص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم , لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه إلا من ثبت إيمانه , وأما المنافقون وجهلة الأعراب فلا يصبرون على شدة المدينة ولا يحتسبون الأجر في ذلك كما قال ذلك الأعرابي الذي أصابه الوعك : " أقلني بيعتي " . هذا كلام القاضي . وهذا الذي ادعى أنه الأظهر ليس بالأظهر , لحديث أبي هريرة المتقدم بلفظ : " لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها .." فهذا والله أعلم في زمن الدجال كما جاء في الحديث الصحيح الذي ذكره مسلم في أواخر الكتاب في " أحاديث الدجال " : أنه يقصد المدينة فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج الله بها منها كل كافر منافق . فيحتمل أنه مختص بزمن الدجال , ويحتمل أنه في أزمان متفرقة . كذا في " شرح مسلم " للنووي ( 9 / 154 ) .
وأقول : بل الأظهر أن ذلك كان خاصاً بزمنه صلى الله عليه وسلم لحديث الأعرابي المتقدم , وفي بعض الأوقات لا دائماً لقول الله عز وجل ( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ) , والمنافق خبيث بلا شك كما قال الحافظ , بل هو المراد صراحة في حديث زيد بن ثابت , فعلى هذا فقوله في هذه الأحاديث " تنفي " ليست للاستمرار , بل للتكرار , فقد وقع ذلك في زمنه صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وسيقع أيضاً مرة أخرى في زمن الدجال كما في حديث أنس المشار إليه , وإلى هذا مال الحافظ في " الفتح " ( 4 / 70 ) وختم كلامه بقوله : " وأما ما بين ذلك فلا " .
فهذا هو الراجح بل الصواب , والواقع يشهد بذلك . والله أعلم .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 219
" كان يقبلني وهو صائم وأنا صائمة . يعني عائشة " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 381 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 374 ) وأحمد ( 6 / 179 ) من طريقين عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله يعني ابن عثمان القرشي عن # عائشة # رضي الله عنها مرفوعاً .
قلت : وهذا سند صحيح على شرط البخاري .
ثم أخرجه أحمد ( 6 / 134 , 175 - 176 , 269 - 270 , 270 ) وكذا النسائي في " الكبرى " ( ق 83 / 2 ) والطيالسي ( 1 / 187 ) والشافعي في " سننه " ( 1 / 260 ) والطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 346 ) والبيهقي ( 4 / 223 ) وأبو يعلى في " مسنده " ( 215 / 2 ) من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم به بلفظ : " أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلني , فقلت : إني صائمة ! فقال : وأنا صائم ! ثم قبلني " .
وفي هذا الحديث رد للحديث الذي رواه محمد بن الأشعث عن عائشة قالت : " كان لا يمس من وجهي شيئاً وأنا صائمة " .
وإسناده ضعيف كما بينته في " الأحاديث الضعيفة " رقم ( 962 ) .
والحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 4 / 123 ) باللفظ الثاني للنسائي .
وللشطر الثاني منه طريق آخر عن عائشة رضي الله عنها , يرويه إسرائيل عن زياد عن عمرو بن ميمون عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وأنا صائمة " .
أخرجه الطحاوي بسند صحيح , وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي , وأما زياد فهو ابن علاقة . وقد أخرجه أحمد ( 6 / 258 ) من طريق شيبان عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون قال : سألت عائشة عن الرجل يقبل وهو صائم ? قالت : " وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم " .
قلت : وسنده صحيح , وشيبان هو ابن عبد الرحمن التميمي البصري , وهو على شرط مسلم , وقد أخرجه في " صحيحه " ( 3 / 136 ) من طرق أخرى عن زياد دون السؤال وزاد " في رمضان " وهو رواية لأحمد ( 6 / 130 ) .
وفي أخرى له ( 6 / 292 ) من طريق عكرمة عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم , ولكم في رسول الله أسوة حسنة " .
وسنده صحيح , وعكرمة هو البربري مولى ابن عباس وقد سمع من عائشة وقد روى أحمد ( 6 / 291 ) عن أم سلمة مثل حديث عائشة الأول . وسنده حسن في " الشواهد " .
والحديث دليل على جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان , وقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من أربعة أقوال أرجحها الجواز , على أن يراعى حال المقبل , بحيث أنه إذا كان شاباً يخشى على نفسه أن يقع في الجماع الذي يفسد عليه صومه , امتنع من ذلك , وإلى هذا أشارت السيدة عائشة رضي الله عنها في الرواية الآتية عنها " .. وأيكم يملك إربه " بل قد روى ذلك عنها صريحاً , فقد أخرج الطحاوي ( 1 / 346 ) من طريق حريث بن عمرو عن الشعبي عن مسروق عنها قالت : ربما قبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وباشرني وهو صائم ! أما أنتم فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف . وحريث هذا أورده ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 263 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , بل جاء هذا مرفوعاً من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم يقوي بعضها بعضاً , بعضها عن عائشة نفسها , و يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " ولكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيخ , ليس على سبيل التحديد بل التمثيل بما هو الغالب على الشيوخ من ضعف الشهوة , وإلا فالضابط في ذلك قوة الشهوة وضعفها , أو ضعف الإرادة وقوتها , وعلى هذا التفصيل نحمل الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها , فإن بعضها صريح عنها في الجواز مطلقاً كحديثها هذا , لاسيما وقد خرج جواباً على سؤال عمرو بن ميمون لها في بعض الروايات . وقال : ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) وبعضها يدل على الجواز حتى للشاب , لقولها " وأنا صائمة " فقد توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرها ( 18 ) سنة , ومثله ما حدثت به عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو صائم , فقالت له عائشة ما منعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها ? فقال : أقبلها وأنا صائم ?! قالت : نعم .
أخرجه مالك ( 1 / 274 ) وعنه الطحاوي ( 1 / 327 ) بسند صحيح .
قال ابن حزم ( 6 / 211 ) : " عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها , وكانت أيام عائشة هي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة " .
وهذا ومثله محمول على أنها كانت تأمن عليهما , ولهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 4 / 123 ) بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق النسائي : " .. فقال : وأنا صائم , فقبلني " : " وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة والتقبيل لا للتفرقة بين الشاب والشيخ , لأن عائشة كانت شابة , نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فرق من فرق " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 220
" كان يقبل وهو صائم , ويباشر وهو صائم , وكان أملككم لإربه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 384 :
أخرجه البخاري ( 4 / 120 - 121 فتح ) ومسلم ( 3 / 135 ) والشافعي في " سننه " ( 1 / 261 ) وأبو داود ( 2 / 284 - عون ) والترمذي ( 2 / 48 - تحفة ) وابن ماجه ( 1 / 516 و 517 ) والطحاوي ( 1 / 345 ) والبيهقي ( 4 / 230 ) وأحمد ( 6 / 42 - 126 ) من طرق عن # عائشة # به .
وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
وفي الحديث فائدة أخرى على الحديث الذي قبله , وهي جواز المباشرة من الصائم , وهي شيء زائد على القبلة , وقد اختلفوا في المراد منها هنا , فقال القري : " قيل : هي مس الزوج المرأة فيما دون الفرج وقيل هي القبلة واللمس باليد " .
قلت : ولا شك أن القبلة ليست مرادة بالمباشرة هنا لأن الواو تفيد المغايرة , فلم يبق إلا أن يكون المراد بها إما القول الأول أو اللمس باليد , والأول , هو الأرجح لأمرين :
الأول : حديث عائشة الآخر قالت : " كانت إحدانا إذا كانت حائضاً , فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت : وأيكم يملك إربه " .
رواه البخاري ( 1 / 320 ) ومسلم ( 1 / 166 , 167 ) وغيرهما .
فإن المباشرة هنا هي المباشرة في حديث الصيام فإن اللفظ واحد , والدلالة واحدة والرواية واحدة أيضاً , وكما أنه ليس هنا ما يدل على تخصيص المباشرة بمعنى دون المعنى الأول , فكذلك الأمر في حديث الصيام , بل إن هناك ما يؤيد المعنى المذكور , وهو الأمر الآخر , وهو أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد فسرت المباشرة بما يدل على هذا المعنى وهو قولها في رواية عنها : " كان يباشر وهو صائم , ثم يجعل بينه وبينها ثوبا يعني الفرج " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 221
" كان يباشر وهو صائم , ثم يجعل بينه وبينها ثوبا . يعني الفرج " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 385 :
أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 59 ) : حدثنا ابن نمير عن طلحة بن يحيى قال : حدثتني عائشة بنت طلحة عن # عائشة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 201 / 2 ) .
قلت : وهذا سند جيد , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , ولولا أن طلحة هذا فيه كلام يسير من قبل حفظه , لقلت : إنه صحيح الإسناد , ولكن تكلم فيه بعضهم , وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .
قلت : وفي هذا الحديث فائدة هامة وهو تفسير المباشرة بأنه مس المرأة فيما دون الفرج , فهو يؤيد التفسير الذي سبق نقله عن القاري , وإن كان حكاه بصيغة التمريض ( قيل ) : فهذا الحديث يدل على أنه قول معتمد , وليس في أدلة الشريعة ما ينافيه , بل قد وجدنا في أقوال السلف ما يزيده قوة , فمنهم راوية الحديث عائشة نفسها رضي الله عنها , فروى الطحاوي ( 1 / 347 ) بسند صحيح عن حكيم بن عقال أنه قال : سألت عائشة : ما يحرم علي من امرأتي وأنا صائم ? قالت : فرجها وحكيم هذا وثقه ابن حبان وقال العجيلي : " بصري تابعي ثقة " .
وقد علقه البخاري ( 4 / 120 بصيغة الجزم : " باب المباشرة للصائم , وقالت عائشة رضي الله عنها : يحرم عليه فرجها " .
وقال الحافظ : " وصله الطحاوي من طريق أبي مرة مولى عقيل عن حكيم بن عقال .... وإسناده إلى حكيم صحيح , ويؤدي معناه أيضاً ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن مسروق : سألت عائشة : ما يحل للرجل من امرأته صائماً ? قالت . كل شيء إلا الجماع " .
قلت : وذكره ابن حزم ( 6 / 211 ) محتجاً به على من كره المباشرة للصائم , ثم تيسر لي الرجوع إلى نسخة " الثقات " في المكتبة الظاهرية , فرأيته يقول فيه ( 1 / 25 ) : " يروي عن ابن عمر , روى عنه قتادة , وقد سمع حكيم من عثمان بن عفان " .
ووجدت بعض المحدثين قد كتب على هامشه " العجلي هو بصري تابعي ثقة " .
ثم ذكر ابن حزم عن سعيد بن جبير أن رجلا قال لابن عباس : إني تزوجت ابنة عم لي جميلة , فبني بي في رمضان , فهل لي - بأبي أنت وأمي - إلى قبلتها من سبيل ? فقال له ابن عباس : هل تملك نفسك ? قال : نعم , قال : قبل , قال : فبأبي أنت وأمي هل إلى مباشرتها من سبيل ? قال : هل تملك نفسك ? قال : نعم , قال : فباشرها , قال : فهل لي أن أضرب بيدي على فرجها من سبيل ? قال : وهل تملك نفسك ? قال : نعم , قال : اضرب . قال ابن حزم : " وهذه أصح طريق عن ابن عباس " .
قال : " ومن طريق صحاح عن سعد بن أبي وقاص أنه سئل أتقبل وأنت صائم ? قال : نعم , وأقبض على متاعها , وعن عمرو بن شرحبيل أن ابن مسعود كان يباشر امرأته نصف النهار وهو صائم . وهذه أصح طريق عن ابن مسعود " .
قلت : أثر ابن مسعود هذا أخرجه ابن أبي شيبة ( 2 / 167 / 2 ) بسند صحيح على شرطهما , وأثر سعد هو عنده بلفظ " قال : نعم وآخذ بجهازها " وسنده صحيح على شرط مسلم , وأثر ابن عباس عنده أيضاً ولكنه مختصر بلفظ : " فرخص له في القبلة والمباشرة ووضع اليد ما لم يعده إلى غيره " .
وسنده صحيح على شرط البخاري .
وروى ابن أبي شيبة ( 2 / 170 / 1 ) عن عمرو بن هرم قال : سئل جابر بن زيد عن رجل نظر إلى امرأته في رمضان فأمنى من شهوتها هل يفطر ? قال : لا , ويتم صومه " .
وترجم ابن خزيمة للحديث بقوله : " باب الرخصة في المباشرة التي هي دون الجماع للصائم , والدليل على أن اسم الواحد قد يقع على فعلين أحدهما مباح , والآخر محظور " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 222
" من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 388 :
أخرجه أبو داود ( 3 / 425 - عون ) وابن حبان في " صحيحه " ( 332 ) من طريق ابن خزيمة عن جرير عن أبي إسحاق الشيباني عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن # حذيفة بن اليمان # مرفوعاً .
قلت : وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , غير زر فمن رجال مسلم وحده . وجرير هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي , وأبو إسحاق هو سليمان بن أبي سليمان الكوفي .
وللحديث شاهد بلفظ : " يجيء صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه "
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 223
" يجيء صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 388 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 333 ) : أخبرنا عبد الرحمن بن زياد الكناني - بالأبلة - حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح : حدثنا شبابة حدثنا عاصم ابن محمد عن محمد بن سوقة عن نافع عن # ابن عمر # مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال البخاري غير الكناني هذا , فلم أجد له الآن ترجمة , لكنه لم يتفرد به , فقد عزاه المنذري في " الترغيب " ( 1 / 122 ) للبزار وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما , وابن خزيمة من طبقة الكناني المذكور فالغالب أنه رواه من غير طريقه , إما عن ابن الصباح مباشرة أو عن غيره , وأما البزار فطريقه غير طريق الكناني قطعاً , فإن في إسناده عاصم بن عمر كما ذكر الهيثمي ( 2 / 19 ) , وقال : " ضعفه البخاري وجماعة , وذكره ابن حبان في " الثقات " .
قلت : وفي " التقريب " : ضعيف .
قلت : ولكنه إن لم يفد في تقوية الحديث كشاهد أو متابع , فهو على الأقل لا يضر والحديث صحيح على كل حال .
وفي الحديث دلالة على تحريم البصاق إلى القبلة مطلقاً , سواء ذلك في المسجد أو في غيره , وعلى المصلي وغيره , كما قال الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 230 ) . قال : " وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها وفي المسجد أو غيره " .
قلت : وهو الصواب , والأحاديث الواردة في النهي عن البصق في الصلاة تجاه القبلة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرها , وإنما آثرت هذا دون غيره , لعزته وقلة من أحاط علمه به . ولأن فيه أدباً رفيعاً مع الكعبة المشرفة , طالما غفل عنه كثير من الخاصة , فضلاً عن العامة , فكم رأيت في أئمة المساجد من يبصق إلى القبلة من نافذة المسجد !
وفي الحديث أيضاً فائدة هامة وهي الإشارة إلى أن النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط إنما هو مطلق يشمل الصحراء والبنيان , لأنه إذا أفاد الحديث أن البصق تجاه القبلة لا يجوز مطلقاً , فالبول والغائط مستقبلاً لها لا يجوز بالأولى , فمن العجائب إطلاق النووي النهي في البصق , وتخصيصه في البول والغائط ! ( إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 224
" الصوم يوم تصومون , والفطر يوم تفطرون , والأضحى يوم تضحون " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 389 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 37 - تحفة ) عن إسحاق بن جعفر بن محمد قال : حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن # أبي هريرة # أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
وقال الترمذي : " هذا حديث غريب حسن " .
قلت : وإسناده جيد , رجاله كلهم ثقات , وفي عثمان بن محمد وهو ابن المغيرة ابن الأخنس كلام يسير .
وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق له أوهام " .
وعبد الله بن جعفر هو ابن عبد الرحمن بن المسور المخرمي المدني وهو ثقة روى له مسلم .
وإسحاق بن جعفر بن محمد هو الهاشمي الجعفري , وهو صدوق كما في " التقريب " وقد تابعه أبو سعيد مولى بني هاشم وهو ثقة من رجال البخاري قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي به , دون الجملة الوسطى : " والفطر يوم تفطرون " .
أخرجه البيهقي في " سننه " ( 4 / 252 ) .
وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة , فقال ابن ماجه ( 1 / 509 ) : " حدثنا محمد بن عمر المقرىء حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به دون الجملة الأولى .
وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير محمد بن عمر المقرىء ولا يعرف كما في " التقريب " وأرى أنه وهم في قوله " محمد بن سيرين " وإنما هو " محمد بن المنكدر " هكذا رواه العباس بن محمد بن هارون وعلي بن سهل قالا : أنبأنا إسحاق بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة به .
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 257 - 258 ) .
وهكذا رواه محمد بن عبيد وهو ابن حساب ثقة من رجال مسلم عن حماد ابن زيد به .
أخرجه أبو داود ( 1 / 366 ) : حدثنا محمد بن عبيد به .
وهكذا رواه روح بن القاسم وعبد الوارث ومعمر عن محمد بن المنكدر به .
أخرجه الدارقطني وأبو علي الهروي في " الأول من الثاني من الفوائد " ( ق 20 / 1 ) عن روح .
وأخرجه البيهقي عن عبد الوارث .
وأخرجه الهروي عن معمر قرنه مع روح , رواه عنهما يزيد بن زريع , و قد خالفه في روايته عن معمر يحيى بن اليمان فقال : عن معمر عن محمد بن المنكدر عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره دون الجملة الأولى أيضاً .
أخرجه الترمذي ( 2 / 71 ) والدارقطني ( 258 ) .
وقال الترمذي : " سألت محمداً - يعني البخاري - قلت له : محمد بن المنكدر سمع من عائشة ? قال : نعم , يقول في حديثه سمعت عائشة . قال الترمذي : وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه " .
قلت : كذا قال الترمذي , وهو عندي ضعيف من هذا الوجه , لأن يحيى ابن اليمان ضعيف من قبل حفظه , وفي " التقريب " : " صدوق عابد , يخطىء كثيراً وقد تغير " قلت : ومع ذلك فقد خالفه يزيد بن زريع وهو ثقة ثبت فقال عن معمر عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة , وهذا هو الصواب بلا ريب , أنه من مسند أبي هريرة , ليس من مسند عائشة , وإذا كان كذلك فهو منقطع لأن ابن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة كما قال البزار وغيره , وإذا كان كذلك فلم يسمع من عائشة أيضاً لأنها ماتت قبل أبي هريرة وبذلك جزم الحافظ في " التهذيب " , فهو منقطع على كل حال . وقد روى حديث عائشة موقوفاً عليها , أخرجه البيهقي من طريق أبي حنيفة قال . حدثني علي بن الأقمر عن مسروق قال : " دخلت على عائشة يوم عرفة فقالت : اسقوا مسروقاً سويقاً , وأكثروا حلواه , قال : فقلت : إني لم يمنعني أن أصوم اليوم إلا أني خفت أن يكون يوم النحر , فقالت عائشة : النحر يوم ينحر الناس , والفطر يوم يفطر الناس " .
قلت : وهذا سند جيد بما قبله .
فقه الحديث
قال الترمذي عقب الحديث : " وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث , فقال : إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس " . وقال الصنعاني في " سبل السلام " ( 2 / 72 ) : " فيه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس , وأن المتفرد بمعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره , ويلزمه حكمهم في الصلاة والإفطار والأضحية " .
وذكر معنى هذا ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " ( 3 / 214 ) , وقال : " وقيل : فيه الرد على من يقول إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز له أن يصوم ويفطر , دون من لم يعلم , وقيل : إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته أنه لا يكون هذا له صوماً , كما لم يكن للناس " .
وقال أبو الحسن السندي في " حاشيته على ابن ماجه " بعد أن ذكر حديث أبي هريرة عند الترمذي : " والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل , وليس لهم التفرد فيها , بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة , ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة , وعلى هذا , فإذا رأى أحد الهلال , ورد الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور , ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك " .
قلت : وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث , ويؤيده احتجاج عائشة به على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر , فبينت له أنه لا عبرة برأيه وأن عليه اتباع الجماعة فقالت : " النحر يوم ينحر الناس , والفطر يوم يفطر الناس " .
قلت : وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم , وإبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم من الآراء الفردية , فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد - ولو كان صواباً في وجهة نظره - في عبادة جماعية كالصوم والتعبيد وصلاة الجماعة , ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم كان يصلي بعضهم وراء بعض وفيهم من يرى أن مس المرأة والعضو وخروج الدم من نواقض الوضوء , ومنهم من لا يرى ذلك , ومنهم من يتم في السفر , ومنهم من يقصر , فلم يكن اختلافهم هذا وغيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد , والاعتداد بها , وذلك لعلمهم بأن التفرق في الدين شر من الاختلاف في بعض الآراء , ولقد بلغ الأمر ببعضهم في عدم الإعتداد بالرأي المخالف لرأى الإمام الأعظم في المجتمع الأكبر كمنى , إلى حد ترك العمل برأيه إطلاقاً في ذلك المجتمع فراراً مما قد ينتج من الشر بسبب العمل برأيه , فروى أبو داود ( 1 / 307 ) أن عثمان رضي الله عنه صلى بمنى أربعاً , فقال عبد الله بن مسعود منكراً عليه : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين , ومع أبي بكر ركعتين , ومع عمر ركعتين , ومع عثمان صدراً من إمارته ثم أتمها , ثم تفرقت بكم الطرق فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين , ثم إن ابن مسعود صلى أربعاً ! فقيل له : عبت على عثمان ثم صليت أربعاً ?! قال : الخلاف شر . وسنده صحيح . وروى أحمد ( 5 / 155 ) نحو هذا عن أبي ذر رضي الله عنهم أجمعين .
فليتأمل في هذا الحديث وفي الأثر المذكور أولئك الذين لا يزالون يتفرقون في صلواتهم , ولا يقتدون ببعض أئمة المساجد , وخاصة في صلاة الوتر في رمضان , بحجة كونهم على خلاف مذهبهم ! وبعض أولئك الذين يدعون العلم بالفلك , ممن يصوم ويفطر وحده متقدماً أو متأخراً عن جماعة المسلمين , معتداً برأيه وعلمه , غير مبال بالخروج عنهم , فليتأمل هؤلاء جميعاً فيما ذكرناه من العلم , لعلهم يجدون شفاء لما في نفوسهم من جهل وغرور , فيكونوا صفاً واحداً مع إخوانهم المسلمين فإن يد الله مع الجماعة .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 225
" إذا ولج الرجل في بيته فليقل : اللهم إني أسألك خير المولج , وخير المخرج , بسم الله ولجنا , وبسم الله خرجنا , وعلى الله ربنا توكلنا , ثم ليسلم على أهله " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 394 :
أخرجه أبو داود في " سننه " ( رقم 5096 ) عن إسماعيل : حدثني ضمضم عن شريح عن # أبي مالك الأشعري # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : وهذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات , وإسماعيل هو ابن عياش , وهو صحيح الحديث عن الشاميين , وهذا منها , فإن ضمضم وهو ابن زرعة بن ثوب شامي حمصي .
وشريح هو ابن عبيد الحضرمي الحمصي ثقة , فالسند كله شامي حمصي .
( تنبيه ) الحديث كما ترى من أوراد دخول البيت , وبذلك ترجم له أبو داود , فأورده في " باب ما جاء فيمن دخل بيت ما يقول " وفي مثله أورده النووي وصديق خان وغيرهما . وقد وهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث جعل الحديث من أوراد الدخول إلى المسجد فإنه قال في " الرد على الأخنائي " ( ص 95 ) : وعن محمد بن سيرين : كان الناس يقولون إذا دخلوا المسجد : صلى الله وملائكته على محمد , السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته , بسم الله دخلنا , وبسم الله خرجنا , وعلى الله توكلنا , وكانوا يقولون إذا خرجوا مثل ذلك .
قلت : فقال ابن تيمية بعد أن ذكر هذا : قلت : هذا فيه حديث مرفوع في " سنن أبي داود " وغيره أنه يقال عند دخول المسجد : اللهم إني أسألك خير المولج ...
وعزاه مخرجه فضيلة الشيخ اليماني لسنن أبي داود و لم يتنبه لهذا الذي نبهنا عليه .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 226
" لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 395 :
رواه الروياني في " مسنده " ( 227 / 2 ) : أنبأنا نصر بن علي : أنبأنا , أبي , أنبأنا شداد ابن سعيد عن أبي العلاء قال : حدثنى # معقل بن يسار # مرفوعاً . قلت : وهذا سند جيد , رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شداد بن سعيد , فمن رجال مسلم وحده , وفيه كلام يسير لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن , ولذلك فإن مسلماً إنما أخرج له في الشواهد وقال الذهبي في " الميزان " : " صالح الحديث "
وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .
وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير .
والحديث قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 66 ) : " رواه الطبراني , والبيهقي , ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح " .
وقد روي مرسلاً من حديث عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يقرع الرجل قرعاً يخلص إلى عظم رأسه خير له من أن تضع امرأة يدها على رأسه لا تحل له , ولأن يبرص الرجل برصاً حتى يخلص البرص إلى عظم ساعده خير له من أن تضع امرأة يدها على ساعده لا تحل له " .
أخرجه أبو نعيم في " الطب " ( 2 / 33 - 34 ) عن هشيم عن داود بن عمرو أنبأ عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي .
قلت : وهذا مع إرساله أو إعضاله , فإن هشيماً كان مدلساً وقد عنعنه .
( المخيط ) بكسر الميم وفتح الياء : هو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوهما .
وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له , ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس دون شك , وقد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر وفيهم بعض أهل العلم , ولو أنهم استنكروا ذلك بقلوبهم , لهان الخطب بعض الشيء , ولكنهم يستحلون ذلك , بشتى الطرق والتأويلات , وقد بلغنا أن شخصية كبيرة جداً في الأزهر قد رآه بعضهم يصافح النساء , فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام .
بل إن بعض الأحزاب الإسلامية , قد ذهبت إلى القول بجواز المصافحة المذكورة , وفرضت على كل حزبي تبنيه , واحتجت لذلك بما لا يصلح , معرضة عن الاعتبار بهذا الحديث , والأحاديث الأخرى الصريحة في عدم مشروعية المصافحة , وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى برقم ( 526 و 527 ) .