للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 257
" من قرأ القرآن فليسأل الله به , فإنه سيجيء أقوام يقرءون القران يسألون به الناس " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 461 :
أخرجه الترمذي ( 4 / 55 ) وأحمد ( 4 / 432 - 433 و 439 ) عن سفيان عن الأعمش عن خيثمة عن الحسن عن # عمران بن حصين # أنه مر على قارىء يقرأ , ثم سأل , فاسترجع ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
وقال الترمذي : " وقال محمود ( يعني شيخه ابن غيلان ) : هذا خيثمة البصري الذي روى عنه جابر الجعفي , وليس هو خيثمة بن عبد الرحمن , هذا حديث حسن , وخيثمة هذا شيخ بصري يكنى أبا نصر " .
قلت : قال فيه ابن معين : ليس بشيء . وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " , وقال الحافظ : " لين الحديث " .
قلت : والحسن هو البصري وهو مدلس وقد عنعنه , لكن أخرجه أحمد ( 4 / 436 ) من طريق شريك بن عبد الله عن منصور عن خيثمة عن الحسن قال : " كنت أمشي مع عمران بن حصين , أحدنا آخذ بيد صاحبه , فمررنا بسائل يقرأ القرآن ... " الحديث نحوه .
قلت : وشريك هذا هو القاضي , وهو سييء الحفظ فلا يحتج به , لاسيما مع مخالفته لرواية سفيان . وإنما حسن الترمذي هذا الحديث مع ضعف إسناده لما له من الشواهد الكثيرة , وذلك اصطلاح منه نص عليه في " العلل " التي في آخر " السنن " فقال ( 4 / 400 ) : " وما ذكرنا في هذا الكتاب " حديث حسن " , فإنما أردنا حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب , ولا يكون الحديث شاذاً , ويروى من غير وجه نحو ذلك , فهو عندنا حديث حسن " .
ومن الغرائب أن يخفى قول الترمذي هذا على الحافظ ابن كثير , فإنه لما ذكره في " اختصار علوم الحديث " عن ابن الصلاح تعقبه بقوله ( ص 40 ) : " وهذا إذا كان قد روي عن الترمذي أنه قاله , ففي أي كتاب له قاله ?!" .
فقد عرفت في أي كتاب له قاله , فسبحان من لا تخفى عليه خافية .
ثم إن الحديث نقل الشوكاني ( 5 / 243 ) عن الترمذي أنه قال بعد إخراجه : " هذا حديث حسن , ليس إسناده بذاك " .
وليس في نسختنا منه هذا : ليس إسناده بذاك . والله أعلم . ثم رأيتها في نسخة بولاق من " السنن " ( 2 / 151 ) .
أما شواهد الحديث , فهي عن جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة وهاك بعضها : " تعلموا القرآن , وسلوا الله به الجنة , قبل أن يتعلمه قوم , يسألون به الدنيا , فإن القرآن يتعلمه ثلاثة : رجل يباهي به , ورجل يستأكل به , ورجل يقرأه لله " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 258
" تعلموا القرآن , وسلوا الله به الجنة , قبل أن يتعلمه قوم , يسألون به الدنيا , فإن القرآن يتعلمه ثلاثة : رجل يباهي به , ورجل يستأكل به , ورجل يقرأه لله " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 463 :
رواه ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 74 ) عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي الهيثم عن # أبي سعيد الخدري # أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : وهذا سند ضعيف , من أجل ابن لهيعة , فإنه سييء الحفظ , لكنه لم يتفرد به كما يأتي فالحديث جيد . وأبو الهيثم اسمه سليمان بن عمرو العتواري المصري .
والحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 9 / 82 ) لأبي عبيد في " فضائل القرآن " عن أبي سعيد وصححه الحاكم , وأقره الحافظ عليه , ولم أجده الآن في " المستدرك " , ولعله من غير طريق ابن لهيعة .
وله طريق أخرى عند البخاري في " خلق أفعال العباد " ( ص 96 ) والحاكم ( 4 / 547 ) وأحمد ( 3 / 38 - 39 ) وابن أبي حاتم كما " في تفسير ابن كثير " ( 3 / 128 ) عن بشير بن أبي عمرو الخولاني أن الوليد بن قيس التجيبي حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يخلف قوم من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً , ثم يكون قوم يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم , ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر قال بشير : فقلت للوليد : ما هؤلاء الثلاثة ? قال : المنافق كافر به , والفاجر يتأكل به , والمؤمن يؤمن به " .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " , ووافقه الذهبي .
قلت : ورجاله ثقات غير أن الوليد هذا لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي , لكن روى عنه جماعة , وقال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " , فحديثه يحتمل التحسين , وهو على كل حال شاهد صالح .
وللحديث شواهد أخرى تؤيد صحته عن جماعة من الصحابة لابد من ذكرها إن شاء الله تعالى .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 259
" اقرءوا فكل حسن , وسيجىء أقوام يقيمونه كما يقام القدح , يتعجلونه , ولا يتأجلونه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 464 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 132 - الطبعة التازية ) : حدثنا وهب بن بقية , أخبرنا خالد عن حميد الأعرج عن محمد بن المنكدر عن # جابر بن عبد الله # قال : " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ونحن نقرأ القرآن , وفينا الأعرابي والعجمي , فقال " فذكره .
وأخرجه أحمد ( 3 / 397 ) : حدثنا خلف بن الوليد حدثنا خالد به . ووقع فيه خالد بن حميد الأعرج . وهو تصحيف .
قلت : وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , غير وهب ابن بقية فمن رجال مسلم وحده , وتابعه خلف بن الوليد ولا بأس به في " المتابعات " .
وتابعه أسامة بن زيد الليثي عن محمد بن المنكدر به .
أخرجه أحمد ( 3 / 357 ) وإسناده حسن .
وله شاهد من حديث سهل بن سعد الساعدي قال : " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقترئ , فقال : " الحمد لله كتاب الله واحد , وفيكم الأحمر , وفيكم الأبيض , وفيكم الأسود , اقرؤوه .. " الحديث .
أخرجه أبو داود وابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1876 ) عن عمرو بن الحارث ( زاد الأول منهما : وابن لهيعة ) عن بكر بن سوادة عن وفاء بن شريح الصدفي عن سهل بن سعد به إلا أنه قال : " يتعجل أجره , ولا يتأجله " . قلت : ورجاله ثقات رجال مسلم باستثناء ابن لهيعة - غير وفاء هذا , فلم يوثقه غير ابن حبان , ولم يرو عنه سوى بكر هذا , وزياد بن نعيم , ولهذا قال الحافظ فيه " مقبول " ولم يوثقه .
ورواية ابن لهيعة , قد أخرجها الإمام في " المسند " ( 3 / 146 , 155 ) من طريقين عنه به إلا أنه جعله من مسند أنس بن مالك , لا من مسند سهل , ولعل ذلك من أوهامه , فإنه معروف بسوء الحفظ , وقال في رواية " عن وفاء الخولاني " وفي الأخرى " عن أبي حمزة الخولاني " . فإن كان حفظه , فهذه فائدة عزيزة لا توجد في التراجم , فقد نسبه خولانياً وكناه بأبي حمزة , وهذا مما لم يذكر في ترجمته من " التهذيب " وغيره . نعم أورده ابن أبي حاتم في " الكنى " فقال : ( 4 / 2 / 361 ) : " أبو حمزة الخولاني , سمع جابراً . روى عنه بكر بن سوادة . قال أبو زرعة : هو مصري لا يعرف اسمه " .
وأورده في " الأسماء " فقال ( 4 / 2 / 49 ) : " وفاء ( في الأصل : وقاء بالقاف ) بن شريح الصدفي , روى عن سهل ابن سعد ورويفع بن ثابت , روى عنه زياد بن نعم وبكر بن سوادة " .
قلت : والظاهر أنهما واحد إذا صحت رواية ابن لهيعة . والله أعلم .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 260
" اقرءوا القرآن , ولا تأكلوا به , ولا تستكثروا به , ولا تجفوا عنه , ولا تغلوا فيه " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 465 :
أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 10 ) وأحمد ( 3 / 428 , 444 ) والطبراني في " الأوسط " ( 1 / 142 / 2 , 170 / 2 - من " زوائد المعجمين " ) وابن عساكر ( 9 / 486 / 2 ) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن ( و في رواية : حدثنا ) زيد بن سلام عن أبي سلام ( ولم يقل الطبراني : عن أبي سلام ) عن أبي راشد الحبراني عن # عبد الرحمن بن شبل الأنصاري # أن معاوية قال له : إذا أتيت فسطاطي فقم فأخبر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره والسياق لأحمد , ورواه الطبراني في " الكبير " أيضاً كما في " المجمع " ( 4 / 73 ) : وقال : " ورجاله ثقات " .
قلت : وهو كما قال , بل هو إسناده صحيح , رجاله كلهم رجال مسلم غير أبي راشد الحبراني بضم المهملة وسكون الموحدة , وهو ثقة , روى عنه جماعة من الثقات , وقد ذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة العليا التي تلي الصحابة .
وقال العجلي : " تابعي ثقة , لم يكن في زمانه بدمشق أفضل منه " .
وذكره ابن حبان في " الثقات " . وقال الحافظ في " التقريب " : " قيل اسمه أخضر , وقيل النعمان , ثقة من الثالثة " .
قلت : فلا يقبل بعد هذا قول ابن حزم فيه ( 8 / 196 ) : " وهو مجهول " وأعل الحديث به , فإنه لا سلف له في ذلك , وقد وثقه هؤلاء الأئمة .
ولهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 82 ) بعد أن عزاه لأحمد وأبي يعلى : " وسنده قوي " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 261
" هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 466 :
رواه ابن شاهين في " الترغيب " ( 262 / 1 - 2 ) عن محمد بن مصفى أنبأنا ابن أبي فديك قال : حدثني طلحة بن يحيى عن # أنس بن مالك # قال : " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء , فغسل وجهه مرة ويديه مرة , ورجليه مرة مرة وقال : هذا وضوء لا يقبل الله عز وجل الصلاة إلا به , ثم دعا بوضوء فتوضأ مرتين مرتين , وقال : هذا وضوء من توضأ ضاعف الله له الأجر مرتين ثم دعا بوضوء فتوضأ ثلاثاً وقال : هكذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم والنبيين قبله , أو قال : هذا ..." فذكره .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات , وفي بعضهم خلاف , ولكنه منقطع , فإن طلحة بن يحيى وهو ابن النعمان بن أبي عياش الزرقي لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة , بل ولا عن التابعين .
والحديث ذكره الحافظ في " التلخيص " ( ص 30 ) من رواية ابن السكن في " صحيحه " عن أنس به . وسكت عليه , وليس بجيد , إذا كان عنده من هذا الوجه المنقطع .
لكن للحديث شواهد كثيرة يرتقي بها إلى درجة الحسن إن لم نقل الصحة , وهي من حديث ابن عمر , وله عنه طريقان , ومن حديث أبي بن كعب وزيد ابن ثابت وأبي هريرة وعبيد الله بن عكراش عن أبيه . وقد خرجتها في إرواء الغليل " ( رقم 85 ) فلا داعي للإعادة , وقد أشار الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 73 - طبع المكتبة التجارية ) إلى تقوية الحديث بقوله : " وله طرق يشد بعضها بعضاً " .
وقد ذكره من حديث ابن عمر , وزيد بن ثابت وأبي هريرة فقط ! وساقه بلفظ : " توضأ صلى الله عليه وسلم على الولاء ثم قال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " .
فقوله " على الولاء " مما لا أصل له في شيء من الطرق التي ذكرها , ولا فيما زدنا عليه من الطرق الأخرى ! ومثله قول الشيخ إبراهيم بن ضويان في " منار السبيل " ( 1 / 25 ) " توضأ صلى الله عليه وسلم مرتبا وقال ..." ! والحديث مع أنه لم يذكر فيه الترتيب صراحة فلا يؤخذ ذلك من قوله فيه " فغسل وجهه مرة , ويديه مرة ورجليه مرة , وقال هذا .. " لما اشتهر أن الواو لمطلق الجمع فلا تفيد الترتيب , لاسيما والأحاديث الأخرى التي أشرنا إليها لم يذكر فيها أعضاء الوضوء , بل جاءت مختصرة بلفظ " توضأ مرة مرة , ثم قال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " .
ومن الواضح , أن الإشارة بـ ( هذا ) هنا إنما هو إلى الوضوء مرة مرة كما أن الإشارة بذلك في الفقرتين الأخريين إنما هو للوضوء مرتين مرتين والوضوء ثلاثاً ثلاثاً . فلا دلالة في الحديث على الموالاة , ولا على الترتيب والله أعلم .
وليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب .
وقول ابن القيم في " الزاد " ( 1 / 69 ) : " وكان وضوؤه صلى الله عليه وسلم مرتباً متوالياً لم يخل به مرة واحدة البتة "
غير مسلم في الترتيب , لحديث المقدام بن معدي كرب قال : " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ , فغسل كفيه ثلاثاً , ثم غسل وجهه ثلاثاً , ثم غسل ذراعيه ثلاثاً , ثم مضمض واستنشق ثلاثاً , ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما , وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً " .
رواه أحمد ( 4 / 132 ) وعنه أبو داود ( 1 / 19 ) بإسناد صحيح .
وقال الشوكاني ( 1 / 125 ) : " إسناده صالح , وقد أخرجه الضياء في " المختارة " .
فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يلتزم الترتيب في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته والله أعلم .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 262
" كان إذا أصبح قال : اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور وإذا أمسى قال : اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 468 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 1199 ) : حدثنا معلى قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن # أبي هريرة # قال : فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , ومعلى هو ابن منصور الرازي احتج به البخاري أيضاً في " صحيحه " , وقد توبع فقال أبو داود ( 2 / 611 - طبع الحلبي ) حدثنا موسى بن إسماعيل : حدثنا وهيب به , إلا أنه قال : " وإليك النشور " في دعاء المساء أيضاً . ورواه ابن حبان في " صحيحه " ( 2354 ) من طريق عبد الأعلى بن حماد حدثنا وهيب به . إلا أنه قال : " وإليك المصير وإليك النشور " جمعهما معاً في دعاء الصباح ! ولعله سهو من بعض النساخ .
وتابعه حماد وهو ابن سلمة : أخبرني سهيل به , دون دعاء المساء وقال : " وإليك المصير " بدل " وإليك النشور " .
أخرجه أحمد ( 2 / 354 - 522 ) .
ورواه آخران عن سهيل به من قوله صلى الله عليه وسلم وأمره , وهو الحديث الآتي بعده :
" إذا أصبحتم فقولوا : اللهم بك أصبحنا , وبك أمسينا , وبك نحيا , وبك نموت ( وإليك النشور ) , وإذا أمسيتم فقولوا : اللهم بك أمسينا , وبك أصبحنا , وبك نحيا , وبك نموت , وإليك المصير " .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 263
" إذا أصبحتم فقولوا : اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت ( وإليك النشور ) وإذا أمسيتم فقولوا : اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 469 :
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 440 ) : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد العزيز ابن أبي حازم عن سهيل عن أبيه عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : وهذا سند جيد , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير يعقوب بن حميد .
قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ربما وهم " .
قلت : وقد توبع على الشطر الأول منه . فقال ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ( رقم 33 ) : أخبرنا أبو محمد بن صاعد , حدثنا محمد بن زنبور حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم به . وفيه الزيادة التي بين القوسين .
قلت : ومحمد بن زنبور صدوق له أوهام كما قال الحافظ , فمتابعته قوية .
ولم يتفرد به عبد العزيز بن أبي حازم , بل تابعه عبد الله بن جعفر أنبأنا سهيل ابن أبي صالح به , وفيه الزيادة .
أخرجه الترمذي في سننه ( 4 / 229 بشرح التحفة ) وقال : هذا حديث حسن .
قلت : وهو كما قال ويعني أنه حسن لغيره كما نص عليه في آخر كتابه وذلك لأن عبد الله بن جعفر هذا هو أبو جعفر المدني والد علي بن المديني وهو ضعيف , ولكن يتقوى حديثه بمتابعة عبد العزيز بن أبي حازم إياه وهو ثقة محتج به في الصحيحين , فلو قال الترمذي " حديث صحيح " لكان أقرب إلى الصواب .
وقد رأيت ابن تيمية قد نقل عنه أنه قال : " حديث حسن صحيح " .
وهذا هو الأولى به , ولكني لم أجد ذلك في نسختنا المشار إليها من الترمذي .
والله أعلم .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 264
" إذا أويت إلى فراشك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة , من غضبه وعقابه , ومن شر عباده , ومن همزات الشياطين , وأن يحضرون " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 470 :
أخرجه ابن السني ( رقم 238 ) من طريق أبي هشام الرفاعي حدثنا وكيع بن الجراح حدثنا سفيان عن # محمد بن المنكدر # قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه أهاويل يراها في المنام فقال " فذكره .
قلت : وهذا سند رجاله ثقات غير أبي هشام هذا واسمه محمد بن محمد بن يزيد الرفاعي العجلي قال الذهبي في " الضعفاء " : " قال البخاري : رأيتهم مجمعين على ضعفه " .
واتهمه عثمان ابن أبي شيبة بأنه يسرق حديث غيره فيرويه على وجه الكذب , انظر " التهذيب " .
وإذا كان كذلك , فلعل أصل الحديث ما رواه مسدد : حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن محمد بن محمد بن يحيى بن حبان .
" أن خالد بن الوليد رضي الله عنه كان يؤرق , أو أصابه أرق فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتعوذ عند منامه بكلمات الله التامة .. " الحديث .
أخرجه ابن السني أيضاً ( رقم 736 ) , ورجاله ثقات غير شيخه علي بن محمد ابن عامر فلم أعرفه .
لكن يشهد له حديث محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع : بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة ... " الحديث بالحرف الواحد , وزاد : " قال : فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه , ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه " .
أخرجه أبو داود ( 2 / 239 ) والحاكم ( 1 / 548 ) وأحمد ( 2 / 181 ) واللفظ له من طرق صحيحه عن ابن إسحاق به . ورواه الترمذي ( 4 / 266 ) من طريق إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق به , بلفظ : " إذا فزع أحدكم في النوم فليقل : أعوذ بكلمات الله التامة . الحديث بتمامه مع الزيادة . وكذا أخرجه ابن السني ( 745 ) من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق به . ثم قال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب " .
قلت : لكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه في جميع الطرق عنه , وهذه الزيادة منكرة عندي , لتفرده بها . والله أعلم .
وجملة القول : أن الحديث بهذا الشاهد حسن وقد علقه البخاري في " أفعال العباد " ( ص 88 طبع الهند ) : قال أحمد بن خالد حدثنا محمد بن إسحاق به مثل لفظ ابن عياش .
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 265
" كان إذا رأى ما يحب قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات , وإذا رأى ما يكرهه قال : الحمد لله على كل حال " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 472 :
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 422 ) وابن السني ( رقم 372 ) والحاكم ( 1 / 499 ) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا زهير بن محمد عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية بنت شيبة عن # عائشة # قالت : فذكره .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " .
وأقره الذهبي فلم يتعقبه بشيء , وفي ذلك نظر , لأن زهير بن محمد هذا وهو التميمي الخراساني ثم الشامي متكلم فيه .
فقال الحافظ في " التقريب " : " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها , قال البخاري عن أحمد : كأن زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر ! وقال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه " .
قلت : وهذا من رواية الشاميين عنه وهو الوليد بن مسلم , ثم إن هذا كان يدلس تدليس التسوية , ولم يصرح بالتحديث في بقية رجال السند , فهذه علة أخرى .
ومن ذلك تعلم خطأ تصحيح الحاكم إياه ومثله قول البوصيري في " الزوائد " : " إسناده صحيح ورجاله ثقات " ! ومثله قول النووي في " الأذكار " وإن أقره شارحه ابن علان ( 6 / 271 ) : " رواه ابن ماجه وابن السني بإسناد جيد " ! كل ذلك ذهول عما بيناه من علة الحديث من هذا الوجه .
نعم وجدت للحديث شاهدا من رواية أبي هريرة بلفظ : " كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمدان يعرفان : إذا جاءه ما يكره قال : الحمد لله على كل حال , وإذا جاءه ما يسره قال : الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم , بنعمته تتم الصالحات " .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 157 ) من طريق الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة . وقال : " غريب من حديث محمد , والفضل الرقاشي , لم نكتبه إلا من هذا الوجه " .
قلت : وهو ضعيف من أجل الرقاشي هذا , وهو الفضل بن عيسى فإنه متفق على تضعيفه وقال الحافظ في " التقريب " : " منكر الحديث " .
وقد رواه ابن ماجه ( 2 / 423 ) من طريق أخرى عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة مرفوعاً مختصراً بلفظ : " كان يقول : الحمد لله على كل حال , رب أعوذ بك من حال أهل النار " .
وهذا ضعيف أيضاً , قال في " الزوائد " : " موسى بن عبيدة ضعيف , وشيخه محمد بن ثابت مجهول " .
قلت : وقد اختلط بعض هذا الحديث من هذه الطريق بحديث عائشة في " الجامع الصغير " للسيوطي , فإنه أورد حديث عائشة فيه من رواية ابن ماجه بزيادة في آخره وهي " رب أعوذ بك من حال أهل النار " ! وتبعه على ذلك بعض المعلقين على كتاب " الكلم الطيب " لابن تيمية ! والسبب في ذلك أن حديث أبي هريرة عند ابن ماجه عقب حديث عائشة , فاختلط على السيوطي حديث بحديث , فوجب التنبيه على ذلك .
بقي شيء واحد , وهو هل يصلح حديث الرقاشي شاهداً لهذا الحديث ? ذلك مما أنا متوقف فيه الآن , ويخيل إلي أن للحديث شاهداً أو طريقاً آخر ولكن لم يحضرني الساعة , فنظرة إلى ميسرة .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 474 :
أخرجه الترمذي ( 4 / 276 ) والحاكم ( 1 / 538 ) وأحمد ( 1 / 153 ) عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال : " أتى عليا رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي فأعني , فقال # علي # رضي الله عنه : ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه الله عنك ? قلت : بلى , قال : قل " فذكره .
وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " .
وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي .
قلت : والصواب أنه حسن الإسناد , كما قال الترمذي , فإن عبد الرحمن بن إسحاق هذا وهو عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة العامري القرشي مولاهم مختلف فيه , وقد وثقه ابن معين والبخاري .
وقال أحمد : "صالح الحديث " .
وقال أبو حاتم : " يكتب حديثه , ولا يحتج به , وهو قريب من ابن إسحاق صاحب المغازي , وهو حسن الحديث , وليس بثبت , وهو أصلح من الواسطي " .
وقال النسائي وابن خزيمة : " ليس به بأس " .
وقال ابن عدي : " في حديثه بعض ما ينكر ولا يتابع عليه , وهو صالح الحديث كما قال أحمد " .
وقال الدارقطني : " ضعيف " .
وقال العجلي : " يكتب حديثه , وليس بالقوي " .
ولخص ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " " صدوق " .
وقد أخرج له مسلم في " الشواهد " .
وقد وقع اسمه في الترمذي " عبد الرحمن بن إسحاق " غير منسوب إلى قريش فظن شارحه المبارك فوري رحمه الله أنه الواسطي الذي سبقت الإشارة إليه فقال : " هو الواسطي الكوفي المكنى بأبي شيبة " .
قلت : وهو عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد بن الحارث أبو شيبة الواسطي الأنصاري ويقال : الكوفي ابن أخت النعمان بن سعد , فهذا ضعيف اتفاقاً وليس هو راوي هذا الحديث , فإنه أنصاري كما رأيت , والأول قرشي , والذي أوقع المبارك فوري في ذلك الوهم أمور .
أولاً : أنه لم ينسب قرشياً كما سبق .
ثانياً : أنهما من طبقة واحدة .
ثالثاً : أنه رأى في ترجمته من " التهذيب " أنه روى عن سيار أبي الحكم وعنه أبو معاوية , وهو كذلك في هذا الحديث . ولم ير مثل ذلك في ترجمة الأول .
ولكنه لو رجع إلى ترجمتها في " الجرح والتعديل " لوجد عكس ذلك تماماً في سيار فإنه ذكره في شيوخ الأول , لا في شيوخ هذا . فلو رأى ذلك لم يجزم بأنه الثاني بل لتوقف , حتى إذا ما وقف على الزيادة التي وقفنا عليها في سنده وهي ( القرشي ) إذن لجزم بما جزمنا نحن به وهو أنه العامري الحسن الحديث .