الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الأعمال بخواتمها، فالسعيد من ختم له بخير، والشقي البعيد من رحمة الله [ ] من ختم له بسوء، وحُرم من جنة عرضها السماوات والأرض، ولم تسعه رحمة الله [ ] التي وسعت كل شيء، وكل هذا مقضي مقدر بما سبق عليه الكتاب، وحكم به رب العباد، كما ورد في حديث الصادق المصدوق: "فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة [ ] حتى ما يكون بينه و بينها إلاَ ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار [ ] فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار [ ] حتى ما يكون بينه وبينها إلاَ ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة [ ] فيدخلها"، فكل ميسر لما خلق له: "فأما من أعطى و اتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى" ولهذا صح عنه -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالخواتيم".
ما الذي يؤمننا مكر الله، وقد حذرنا ربنا مغبة ذلك؟ وبين أن ذلك خُلُق القوم الخاسرين: "أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلاَ القوم الخاسرون"، ما الذي يؤمننا وقد خاف ذلك أسلافنا الصالحون؟ ما الذي يؤمننا وقد أقلق الخوف من سوء الخاتمة [ ] الأتقياء من المؤمنين؟ ليس لذلك سبب سوى الغفلة [ ] والتفريط والجهل بقدر الله -عز وجل -ورحم الله الحسن البصري حين قال: "المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن"كيف يأمن المؤمن وما من قلب إلاّ وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء ثبته وإن شاء قلبه كما صح في الخبرولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يكثر من قول: "اللهم يا مقلب القلوب [ ] ثبت قلبي على دينك" "اللهم يا مصرف القلوب [ ] صرف قلوبنا على طاعتك".
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: "فالخواتيم ميراث السوابق، وكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق.
وقد قيل إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، يقولون: بماذا يختم لنا؟ وقلوب المقربين معلقة بالسوابق، يقولون: ماذا سبق لنا؟
لمتابعة المقال أضغط هنا