الإسلامُ قـولٌ وعَـمَــل عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِِ الثَّقَفِىِّ , قَالَ: قُلْتُ : يَارَسُولَ اللهِ , قُلْ لِى في الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بعدك. قَالَ : قُلْ آمَنْتُ بِالله ثُمَّ اسْتَقِمْ. أخرجه أحمد و مسلم .
مِن مُقتضَى الإسلام ( الإيمانُ اعتقادًا وقولاً ، ثُمَّ الاستقامة ) ، فمِصداقُ الإسلام الاستقامة . (( قُل آمنتُ بالله ، فاستقم )) رواه مُسلِم . فيُعرَفُ صِدقُ الإيمان بالاستقامة . يَدَّعِي البَعضُ صعوبة الاستقامة ، والحقيقةُ أنَّ منشأ ذلك : ضَعف الإيمان بأركان الإيمان الستة ، ولو قَوِيَ إيمانُه ، لاستقام كما أُمِرَ ، ولنَالَ رحمة الله ، وسَعِدَ في دُنياه . لو عَظُمَ حَقُّ الله في نَفسِكَ ، لَمَا عصيتَه ، ولاستقمتَ . فلا تجعل اللهَ أهونَ الناظرين إليكَ ، وتذكَّر عظمةَ اللهِ سُبحانه ، ومُراقبته ، وجنَّته ، وناره . واستهدِ اللهَ يَهديك . مِمَّا يَزيدُ الإيمانَ : تحقيقُ الغايةِ مِن خَلْقِكَ ، وهِيَ عِبادةُ الله وحده . فتكونُ عابدًا له بقلبكَ ولسانكَ وجوارحكَ . وهذه حقيقةُ الاستقامة ؛ لِتَسعدَ في الدَّارين . صِدقُ الاستقامة تقيكَ المُحَرَّمات ، وتقيكَ الانتكاسةَ بسبب الفِتَنِ والشَّهَوَاتِ ، واسأل اللهَ كثيرًا أن يُثبِّتَ قلبَكَ على دِينه ، ( يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دِينك ) . فلا يُؤمَنُ على حَيٍّ مِن الفِتنة . مُستقيمٌ أم مُلتزِم ؟ .. لَفظُ مُستقيم أدقُّ دِلالةً على الاستقامة ، وهو ما دَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ . وتعني : أن تكونَ على ما بُعِثَ به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
تتطلَّبُ الاستقامةُ التَّبَصُّرَ بالعِلم الشرعيِّ ، فيما وَجَبَ عليكَ لله . وللاستقامةِ ظواهِرُ ، كفِعل الطاعاتِ ، واجتناب المنهِيَّاتِ . وليس كما يَدَّعِي البعضُ أنَّها في القلب فقط .
الاستقامةُ : تتعلَّقُ بالأقـوالِ ، والأفعال ، والأحوال ، والنِّيَّاتِ . فالاستقامةُ فيها : وقوعُها للهِ وباللهِ وعلى أمر الله . ولا تنفَكُّ عن بعضها البعض في ذلك كُلِّهِ .