شروط فوز الاتحاد على الأهلي والقفز إلى نهائي الآسيوية
كتب: الخبير الرياضي
•• هناك ثلاث مزايا يتفرد بها «الاتحاد» عن سائر الأندية في المملكة وربما في منطقة الخليج وفي الدول العربية جمعاء .. وتلك هي:
* القتالية وروح المسؤولية والإصرار منذ بداية أي مباراة وحتى نهايتها.
* وضع سمعة «الاتحاد» أولا وقبل كل شيء فوق كل اعتبار .. بصرف النظر عن الظروف الإدارية أو الفنية أو المالية التي يمر بها.
* احترام مشاعر جماهيره .. وتقدير حضورهم ومؤازرتهم للاعبين حتى في أسوأ الظروف وأقساها داخل وخارج المرمى.
•• ولذلك .. فإننا نشهد وباستمرار أن الفريق قليل التعرض للهزات والانتكاسات بالرغم من الظروف التي يمر بها .. أو تتعرض لها بيئته الداخلية .. وكأن اللاعبين أخذوا عهدا على أنفسهم جيلا بعد جيل أن لا يهتموا بكل ما يقال .. ويجري .. ويدور من حولهم .. بالرغم من أن النادي تعرض كثيرا لحروب داخلية أشد من تلك الحروب التي واجهها من الخارج .. وبالرغم من أنه كان يحول هزيمته بالهدف الأول من أي فريق إلى عاصفة مجنونة تدمر الأخضر واليابس كما يقولون .. حتى أصبح معروفا لدى الفرق الأخرى .. أن الفوز على الاتحاد يمكن أن يتحقق في حالة واحدة .. هي أن تؤخر أي نتيجة تدخل مرماه إلى اللحظات الأخيرة ولا تستفزه بهدف مبكر .. حتى لا يتحول لاعبوه الى «مجانين» يحرثون الملعب .. ويقلبون النتيجة فوق رأس خصومهم في داخله.
•• هذه الخصائص الثلاث .. تظل سمة الاتحاد الأبرز وإن اعتروها بعض التراخي في بعض الأحيان .. أو بعض الغفلة في أحيان أخرى .. أو بعض القصور في أحيان ثالثة لأسباب «لياقية» أو «نفسية» أو «صحية» .. لكن الاتحاد يظل هو الاتحاد المشتعل على الدوام.
•• لكن ما حدث للاتحاد في مباراته الأخيرة أمام الأهلي وجعله يخرج بهدف واحد فقط .. في وقت كان عليه أن يستثمر ظروف لاعبي الأهلي الصحية بشكل أفضل هو أن عوامل عدة قد تضافرت عليه .. جعلته يبدو هزيلا في أدائه العام في الشوط الأول .. وغير فعال بدرجة كافية في الشوط الثاني .. وتحت رحمة المفاجأة حتى آخر لحظة .. بتعادل أو تقدم الأهلي عليه في لمحة بصر .. وتلك العوامل هي:
أولا: تشكيلة الفريق:
حددت المعلومات والتسريبات المبكرة من جانب فريق النادي الأهلي عن إصابة (فيكتور سيموس) و(عماد الحوسني) و(كامل المر) خارطة اللعب الاتحادية .. بدرجة أساسية .. وافترض المدرب (كانيدا) أن اثنين على الأقل من هؤلاء اللاعبين المهمين لن يلعبوا وبالتالي جعله ذلك يلعب بمهاجم واحد في المقدمة ويحشد كل قدراته في منطقة الوسط .. لأنه تخيل أن غياب (فيكتور والحوسني) سوف يريح دفاع فريقه .. وبالتالي فإنه يستطيع الفوز بتشكيلة تعتمد على الوسط .. ولا تحتاج إلى زيادة عددية في هجوم المقدمة كالدفع بـ (هزازي) و(المولد) منذ البداية لمشاغلة الدفاع الأهلاوي وخلخلته واختراقه واستثمار الفجوات الموجودة فيه ولاسيما بغياب (كامل المر) تحديدا.
وبناء على هذه الحسابات الخاطئة .. أجرى المدرب تعديلا في منطقة خط الظهر اعتاد عليه في أوقات سالفة ولعب بها واعتقد أنه قد وفق فيها .. عندما استغنى عن «مشعل السعيد» كظهير أيسر .. وأحل محله »المنتشري» وخسر بذلك مرتين .. مرة لأنه قتل المنطقة بثبات الظهير الأيسر وعدم تقدمه على عكس الأدوار التي كان يلعبها «السعيد» المتمرس فيها وفي تنشيط الهجمات من خلالها بقوة .. والمرة الثانية .. عندما عطل منطقة يشغلها بلاعب لا يعتمد كثيرا على قدمه اليسرى .. ولا يجيد اللعب بنفس المستوى والقوة كما لو كان يلعب في منطقة وسط الدفاع إلى جانب أسامة المولد.
•• فعل هذا المدرب لأنه كان يريد خدمات «أحمد عسيري» الأكثر حيوية وتركيزا في نظره في منطقة حساسة لاسيما في ظل معرفته بعدم اكتمال صحة «أسامة المولد» واحتمال معاودة الإصابة له وخروجه في أي لحظة بحيث يعود المنتشري إلى منطقة متوسط الدفاع وينزل «مشعل السعيد» في خانته «كظهير أيسر».
•• لكن ما حدث هو أن الأهلي جازف بإنزال مهاجميه «فيكتور/ والحوسني» رغم إصابتهما .. مما أربك خط الظهر الاتحادي .. بل وجعل مدربه يكلف «العسيري» بمراقبة مهاجم الأهلي «الحوسني» ويلعب معه بطريقة «رجل لرجل» وهي طريقة قديمة تجاوزتها الكرة الحديثة .. واستبدلتها بطريقة اللعب للمنطقة والعمل على حراستها تفاديا لترك ثغرات شديدة في المنطقة التي يتركها المدافع ليتابع مهاجما متحركا وفي كل اتجاه مثل «الحوسني» .. وهذا ما حدث بالفعل إذ استطاع الحوسني أن يجتذب «العسيري» بعيدا عن منطقة وسط الدفاع في مرات عديدة رغم الجهد الخارق والمتميز الذي بذله العسيري للحد من خطورة «عماد».
ولو كان «فيكتور» في وضع صحي جيد لاستغل ثغرات منطقة وسط الدفاع الاتحادي التي تعمد «الحوسني» أن يتركها فيها حتى يتسلل منها «فيكتور» .. لو كان في وضع صحي .. وفي حالة تركيز ذهني أكبر .. لتمكن من الوصول إلى مرمى الاتحاد أكثر من مرة بسهولة .. بدليل تلك الكرة التي خلصها «إبراهيم هزازي» من قدم «الحوسني» في آخر ثانية بعد أن أوشك «عماد» أن ينفرد بالحادس الاتحادي «مبروك زايد» ويودع الكرة في شباكه ويحقق التعادل لفريقه وربما الفوز بعد ذلك.
•• أما الخطأ الثاني الذي تسببتت فيه التشكيلة التي وضعها «كانيدا» ولم يصحح أوضاعها إلا في الربع الساعة الأخير من المباراة .. فهي أنه رهن تقدم وفوز الاتحاد على تعزيز منطقة الوسط .. مستفيدا من وجوة ثلاثة لاعبين مميزين هم: كريري وسوزا وأمبابي بالإضافة إلى محمد نور في الناحية اليمنى وأنس الشربيني في الناحية اليسرى.
هذا التكتل المخيف .. جعل جميع المراقبين يعتقدون قبل المباراة وأثناءها أن الاتحاد قادر على سحق الأهلي لاسيما في ظل فراغ منطقة وسط الأهلي تماما .. وهذا التوقع كان صحيحا .. وإن كان قد حدث العكس تماما .. إذ أدى تكتل عناصر القوة الاتحادية في منطقة الوسط إلى تراخي «سوزا» تماما .. وترك مهامه لكريري .. وبدا وكأنه يلعب تمرينا وليس مباراة حاسمة ومهمة من النواحي النفسية .. والتنافسية واللياقية .. فيما تراجع (أمبابي) كثيرا إلى الخلف في الشوط الأول .. وواصل كريري تحركه على الأطراف لتحريك محمد نور وشربيني وظل «نايف هزازي» معزولا في المقدمة.
وعندما تزيد الطاقة عن حدها الطبيعي .. وتتضارب الأدوار .. ويعتمد كل لاعب على الآخر .. وتفتقر منطقة الهجوم إلى الدعم المطلوب .. فإن الهجوم يسجل عجزاً تاما وسط سلبية تكتل عناصر وسط فوق الحاجة بدليل أن الوسط لم يحاول أن يهدف على المرمى الأهلاوي أبدا .. وحتى المرات القليلة التي وجه فيها سوزا وأمبابي الكرة إلى مرمى «المعيوف» فإنها كانت كرات ضعيفة .. وتفتقد التركيز .. ولم تحقق للفريق أي عائد.
وبمعنى آخر .. فإن تضخم الوسط الاتحادي أفقده القيام بأدوار هامة كانت كفيلة بإخراج الأهلي من الملعب بسلة أهداف تزيد على الثلاثة فلا هو حرك الأجنحة .. ولا هو مول مهاجم المقدمة .. ولا هو باغت المرمى الأهلاوي بتهديفات خطيرة .. ولا هو ساند خط الظهر بصورة مدروسة عند ارتداد الهجمة الأهلاوية إلى مرماهم.
ثانيا: أخطاء التكتيك:
وبالرغم من اكتشاف المدرب «كانيدا» أن المعلومات الأهلاوية المبكرة قد ظللته .. إلا أنه لم يعد النظر سريعا في تغيير خطة اللعب .. وتكتيكاته داخل الملعب .. وظل يلعب بطريقة (4/3/3) حتى بعد انكشاف عجز «فيكتور» عن أداء دوره كاملا .. وتحركات الحوسني المفتوحة .. وارتباك منطقة وسط دفاع الأهلي .. وضعف وسطه المتناهي.
•• فلقد كان عليه وبسرعة فائقة أن يعيد توزيع الأدوار ويسحب أحد لاعبي الوسط وتحديدا (محمد نور) الذي كان تائها منذ البداية وحتى النهاية وكان تحركه بمثابة زيادة عدد ولياقته دون مستوى المجهود المطلوب لمباراة قوية .. ويعوضه بدعم هجوم المقدمة بـ«فهد المولد» إلى جانب «نايف» ويستفيد من تحرك إبراهيم هزازي في خط الظهر الإيمن وقيامه بأدوار هجوم فاعلة .. ويوكل مهمة تغطيته خلفا إلى «أحمد عسيري» على أن يكلف «كريري» أو «أمبابي» بالعودة في حالة الهجمة المرتدة إلى خط الظهر لمساندة أسامة المولد .. ويحقق في هذه الحالة التوازن المطلوب بين الخطوط الثلاثة الدفاع والوسط والهجوم ويضمن تحقيق أكبر عدد من الأهداف.
•• لكن ما حدث هو .. أن الخطة ظلت كما بدأ بها المدرب واستمرت حتى بعد انكشاف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي .. وظل نور يجري دون كرة .. ويلعب بالسمعة ويشكل بذلك زيادة عددية غير مبررة في منطقة متضخمة أصلا.
•• وبدلا من أن يتم تغيير نور عمد المدرب إلى استبعاد «سوزا» الذي كان هو الآخر ضيف شرف على هذه المباراة .. وهو تغيير وإن كان منطقيا للاعب لم يؤد دوره .. إلا أن بقاءه مع إنزال «المولد» وتكليفه سوزا بتمرير كرات قاتلة له ولنايف كانت كفيلة بتحقيق المستوى المنشود .. وزيادة «غلة» الاتحاد من الأهداف .. وبالذات عندما يطالبه المدرب بأن يكون محورا متقدما وخلف المهاجمين مباشرة يساعدهم على خلخلة دفاع الأهلي .. ومباغتة مرماه بكراته القوية .. واستغلاله لسرعة الشربيني في المنطقة اليسرى .. واستلام وتسلم كراته إلى مهاجمي المقدمة والاستفادة بصورة أفضل من كراته العرضية التي كانت لا تجد أحدا في انتظارها لعدم قدرة نايف هزازي في أن يكون في كل مكان .. وفي المكان المناسب في الوقت المناسب.
•• صحيح أن وسط الاتحاد عمل بصورة أفضل نتيجة تحرك «أمبابي» وزيادة تركيز كريري بعد خروج سوزا .. لكن الأكثر صحة هو أن خطة المدرب في تضخيم منطقة الوسط على حساب هجوم المقدمة كانت خاطئة منذ البداية .. وعندما خفض المدرب من هذا التكتل واستبدله بمهاجم صريح يتمتع بتلك المهارة والذكاء والسرعة تحرك الوسط وتحركت المقدمة وجاء الهدف .. وكان يجب أن يحدث هذا بعد ربع ساعة من بدء الشوط الأول وليس قبل ربع ساعة من انتهاء المباراة.
ثالثا: اللياقة غير المكتملة:
وكما أن عددا من لاعبي الأهلي كانوا مصابين وكان إنزالهم مجازفة أو اضطراراً .. فإن الاتحاد أيضا لم يخل من الإصابات .. وغامر هو الآخر بإنزال أسامة المولد .. وهزازي .. رغم عدم جاهزيتهما .. وتلك مشكلة خطيرة عندما يدفع الفريقان الطبيان في الفريقين بلاعبين أقل جهوزية مجاراة للحالة النفسية واعتمادا على السمعة .. ودون حساب للصحة العامة للاعب ولجهوزيته اللياقية أيضا.
•• وقد كان على المدربين أن يختارا اللاعب الجاهز صحيا .. وليس اللاعب الأجهز نفسيا .. وقد دفعت المباراة ثمن مشاركة لاعبين غير مؤهلين لخوض مباراة كسر عظم .. وبدا المستوى العام متهالكا ولا يليق بالفريقين .. بالرغم من وجود عناصر ممتازة على الخط كان يمكنها أن تقوم بالواجب وبنفس الأدوار وبصورة أفضل .. مقابل أن نواصل إعداد وتجهيز لاعبينا الكبار للمباراة الثانية.
•• وما حدث الآن هو .. أننا لم نستفد من أكثر النجوم في المباراة الأولى لرفع مستوى الحرارة والرقي الفني فيها .. كما أننا قد نفقدهم في المباراة الأخيرة والحاسمة يوم الأربعاء القادم أيضا .. وتلك خسارة كبيرة للفريقين وللجماهير .. ولمباراة الحسم أيضا.
لكن المؤمل هو .. أن تكون المباراة السابقة بكل ما حفلت به من أخطاء سببا في معالجة أوجه الخلل والقصور والإعداد بصورة أفضل للمباراة الأكثر أهمية.
•• وإذا نجح الاتحاد في معالجة أخطائه الفنية وواجه النقص اللياقي عند بعض لاعبيه .. ولعب بخطة أكثر توازنا وتخلص من عقدة اللاعب النجم ولعب باللاعب الجاهز فإنه يستطيع أن يواصل مسيرته إلى الآسيوية .. وذلك ممكن ومتاح بالنسبة له .. ربما أفضل قليلا من الأهلي .. وإن كانت إمكانات الأهلي في تصحيح الأخطاء ومعالجة الفجوات وتطوير مستوى الأداء هي الأكبر حتى الآن.
•• لكن الشيء المؤكد هو .. أن الفريقين الكبيرين سيلعبان مباراة أفضل بكل المقاييس لأن الأخطاء التي حفلت بها المباراة السابقة كانت ناشئة عن حسابات مغلوطة .. وبطء في التعامل مع المباراة وفق مجرياتها .. وحيرة في اختيار الأفضل .. بالرغم من أن سمعة الناديين ومشاعر جماهيرهما هي التي يجب أن تحدد من يلعب .. ومن يستعد .. ومتى يتم التغيير .. وهل يتم التغيير للاعب أو الخطة .. أو للاعب والخطة في آن معاً .. وذلك ما نتوقع عدم تكراره .. وإمتاعنا بمباراة كبيرة .. يمتلك أدواتها الفريقان وتستحقها جماهيرهما بصرف النظر عن حضور جماهير اتحادي أقل إلى أرض الملعب.
•• وإن كنت أعتقد أن هذا العنصر سيكون لصالح الاتحاد وليس ضده .. لأن اللاعبين سوف لن يشعروا بالضغط النفسي الذي كانوا يشعرون به لوجود جماهيرهم الغفيرة معهم في المباراة السابقة وانتظارها منهم الفوز ومطالبتهم بالتفوق أيضا.