سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 237
" كان إذا صلى الفجر أمهل , حتى إذا كانت الشمس من ههنا - يعني من قبل المشرق - مقدارها من صلاة العصر من ههنا - من قبل المغرب - قام فصلى ركعتين ثم يمهل , حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق , مقدارها من صلاة الظهر من ههنا - يعني من قبل المغرب - قام فصلى أربعاً , وأربعاً قبل الظهر إذا زالت الشمس , وركعتين بعدها , وأربعاً قبل العصر , يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين , والنبيين , ومن تبعهم من المسلمين , " يجعل التسليم في آخره " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 421 :
أخرجه أحمد ( رقم 650 / 1375 ) وابنه ( 1202 ) والترمذي ( 2 / 294 , 493 - 494 ) والنسائي ( 1 / 139 - 140 ) وابن ماجه ( 1 / 354 ) والطيالسي ( 1 / 113 - 114 ) وعنه البيهقي ( 2 / 273 ) والترمذي أيضاً في " الشمائل " ( 2 / 103 - 104 ) من طرق عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال : " سألنا # علياً # عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار , فقال : إنكم لا تطيقونه , قلنا : أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا , قال : " فذكره .
وقال الترمذي : " حديث حسن , وقال إسحاق بن إبراهيم : أحسن شيء روي في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم , في النهار هذا . وروي عن عبد الله بن المبارك أنه كان يضعف هذا الحديث .
وإنما ضعفه عندنا - والله أعلم - لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه عن عاصم بن ضمرة عن علي , وهو ثقة عند بعض أهل العلم " .
قلت : وهو صدوق كما قال الحافظ في " التقريب " . وقد وثقه ابن المديني وغيره وقال النسائي : " ليس به بأس " , فهو حسن الحديث .
والزيادة التي في آخره للنسائي .
وروى منه أبو داود ( 1 / 200 ) وعنه الضياء في " المختارة " ( 1 / 187 ) من طريق شعبة عن أبي إسحاق به الصلاة قبل العصر فقط لكنه قال : " ركعتين " وهو بهذا اللفظ شاذ عندي لأنه في المسند وغيره من هذا الوجه باللفظ المتقدم " أربعاً " . وكذلك في الطرق الأخرى عن أبي إسحاق كما تقدم .
ومثل هذا في الشذوذ أن بعض الرواة عن أبي إسحاق قال : " قبل الجمعة " بدل " قبل الظهر " كما أخرجه الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد كما قال العراقي والبوصيري في زوائده ( 72 / 1 ) , ولم يتنبها لشذوذه , كما نبهت عليه في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " . والله أعلم .
فقه الحديث :
دل قوله " يجعل التسليم في آخره " . على أن السنة في السنن الرباعية النهارية أن تصلى بتسليمة واحدة , ولا يسلم فيها بين الركعتين , وقد فهم بعضهم من قوله " يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين - ومن تبعهم من المؤمنين " أنه يعني تسليم التحلل من الصلاة . ورده الشيخ على القاري في " شرح الشمائل " بقوله : " ولا يخفى أن سلام التحليل إنما يكون مخصوصاً بمن حضر المصلى من الملائكة والمؤمنين . ولفظ الحديث أعم منه حيث ذكر الملائكة والمقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين إلى يوم الدين " .
ولهذا جزم المناوي في شرحه على " الشمائل " أن المراد به التشهد قال : " لاشتماله على التسليم على الكل في قولنا : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " .
قلت : ويؤيده حديث ابن مسعود المتفق عليه قال : " كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على الله قبل عباده , السلام على جبريل , السلام على ميكائيل , السلام على فلان , فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل علينا بوجهه فقال : إن الله هو السلام , فإذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل : التحيات لله ... السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض .... "
قلت : وهذه الزيادة التي في آخر الحديث , تقطع بذلك , فلا مجال للاختلاف بعدها فهي صريحة في الدلالة على ما ذكرنا من أن الرباعية النهارية من السنن لا يسلم في التشهد الأول منها . وعلى هذا فالحديث مخالف لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " .
وهو حديث صحيح كما بينته في " الحوض المورود في زوائد منتقى ابن الجارود " رقم ( 123 ) يسر الله لنا إتمامه , ولعل التوفيق بينهما بأن يحمل حديث الباب على الجواز . وحديث ابن عمر على الأفضلية كما هو الشأن في الرباعية الليلية أيضاً .
والله أعلم .