أصعب اللحظات حينما يتحدث الإنسان عن قلبه ..عن ألمه ..عن مبضع الجرح والجرّاح...و التجاعيد والغضون العميقة اللتين تملآن وجه الخفجي ، تلك المحافظة القابعة في أقصى شمال شرق السعودية.
هذه المحافظة تلاحقني في ليلي ، وفي صمتي وحتى طفولتي، حتى رسمت لها إطارا لا استطيع الخروج منه .
أقسى الأمور التي تواجهني في حياتي أن أكتب عن الخفجي . . ولا أبالغ في ذلك . . لأنه من الصعب أن يكتب شخص عن ذاته ، عن مكان طفولته ومرتع الشباب ، لكن ليس هنالك ما يدعوا للانبهار والاعجاب في هذه المحافظة . . لذا تجدك مرغما على جرح حياء الخفجي . . ولا غير !
،
ولا تود أن تختلف هذه المحافظة الصغيرة مع جارتها الشمالية ( الكويت ) بشيء ، تتفقنان في المصير والمسير، تجلى ذلك في عدة مناسبات ، منها غزو الكويت ، الحرب على العراق ـ وتعايشان الان الجارتان ( المدينة والدولة ) نفس المصير ، الناس عطشى في كل مكان تذهب إليه.
وايتات المياه الصالحة للسقيا تتخاطفك ذات اليمين وذات الشمال ، ولا تعلم هل أنت من أهل اليمين ، أم من أهل الشمال ؟؟!!
أكثر من 10 أعوام والتصليحات والصيانات المتتالية تجري في محطة الخفجي لتحلية المياه المحلاة الوحيدة التي تسقي أهالي الخفجي دون غيرهم ، وانقطاعات المياه تأخذ نصف العام
هل يعقل ذلك ؟؟!!
أين الصيانات السابقة ؟؟!!
وهل بالفعل أجريت صيانات ؟؟!!
وأين ذهب المال أيها الرجال ؟؟!!
ستنهمر الأسئلة كالمطر .وستصرخ حتى ينشق حلقك ولن يجاوبك سوى الصدى .
إنه الفساد الذي ينتشر كالسحاب تماما .
طالما غاب الحسيب ، ونام الرقيب . . ولا ملامة !
قبل ثلاثة أعوام من الان ، طالعنا المهندس عبدالله الحصين وزير المياه والكهرباء بالصحف المحلية ، قوله " أود أن أزف لأهالي الخفجي بشرى رصد ميزانية لصيانة محطة الخفجي ، تنهي معاناتهم مع المياه ، وستنتهي المشكلة أواخر هذا العام" . . كنت أظن .إنها نهاية المعاناة .
أشكي مَن لِمَن ؟؟!!
الحصين للحصين ، أم الماء للماء ؟!
الناس هنا طيبون للغاية، لا يريدون من الماء سوى الوضوء عن عفن الدنيا ، ومن حيث الرغيف يكون الاتجاه ، يخشون التطاول حتى على المحافظ ، وكأنهم يعيشون بعصور طافحة بالحجارة، وتناسوا بأن لكل مسؤول . . مسؤول !!
الناس هنا لا يعرفون من الشكوى سوى إلى الله ، وكأنهم لا يعلمون إنه الحق الذي كفلته لهم الدولة . . لكنه الفساد
آآآه يا لقلبي . . ويا لصبركم !