في مهب الريح
تعصف بنا في بعض الأحيان ..
هموم كثير .. شكوك كثيرة .. توترات كثيرة ..
نفقد خلالها توازننا الداخي ..
ونحس بأن الكون < يناصبنا > العداء ..
وأن الأحياء كل الأحياء يقفون ضدنا ..
وأن كل شيء في هذة الحياة .. يحاربنا ..
وفي أحيان أخرى .. تتبدل هذه الحال ..
فنحس أن كل من .. وما حولنا .. يحضننا ..
يحتفي بنا ..
يغرقنا بالسعادة .. بالمزيد من الأحلام المنعشة .. والآمال الكثيرة ..
وكأن الدنيا .. كل الدنيا .. تهتف لنا : أهلا ..
غريب هذا الإنسان ..
وغريبة أطواره .. وتقلباته ..
لكن الأغرب من الإنسان هو :
ضربات الزمن القاسية .. في الغالب ..
أو مفاجآتها السارة في بعض الأحيان ..
فنحن نعيش كالريشة في مهب الريح ..
تعصف بنا الأهواء تارة ..
ويسكن السلام دواخلنا .. مرة أخرى ..
ثم لا تلبث الحال أن تتغير إلى ناقوس حاد .. يرن في آذاننا ..
يزلزل مشاعرنا ..
ويدمر سعادتنا ..
ويحولنا - فجأة - إلى < شبح > تتقاذفة الأنواء وترمي به في كل اتجاه ..
ولو سأل الإنسان نفسه : لماذا هو كذلك ..
لماذا هو < كالريشة > ..
لماذا هو كالسراب الطائر ..
لوجد إجابة واحدة هي :
أنه مهزوز داخله ..
لا يعرف الاستقرار طريقا إلى عالمه الداخلي ..
والسبب في هذا .. يرجع إليه .. وليس إلى الدنيا ..
يرجع إلى < عبثيته > ..
إلى عدم وجود هدف محدد في حياته ..
إلى عدم توفر قناعة ورضا كامنين لديه بما كتب له ..
إلى عدم محافظة على ما تحت يده ..
بل وتطلعه باستمرار إلى ما تحت يد الآخرين ..
إلى نهمه .. وأنانيته .. ومزاجيته ..
إلى تطلعه للفوز بكل الناس ..
بكل الأشياء .. بكل الرغبات .. والآمال .. والطموحات ..
لكنه عندما يحاسب على أفعاله .. على نزواته العاصفة .. على قراراته المجنونة .. على تشبعاته اللامحدودة ..
فإنه يتحول إلى حالة مرضية محزنة ..
وإلى ريشة في مهب الريح ..
بعد أن يكون قد فقد كل شيء ..