اجرى العلماء البريطانيون تجارب جديدة على الشرايين التي استنبتها الباحثون في جامعة درام البريطانية العام الماضي ووجدوا انها تقوم بعملها بشكل جيد. و قد اقترح الباحثون استنادا الى هذه التجارب ان تدخل الشرايين الجديدة حقل التطبيق العملي عاجلا. وسوف تلعب هذه الشرايين دورا بارزا في خفض الاختلاطات الناتجة عن عمليات القلب وتزيد من فرص شفاء المرضى بشكل سريع. يواجه الطب دائما مشكلة إنقاذ أرواح الأفراد الذين يتعرضون لانسداد في شرايين القلب أو للجلطات القلبية. ويستخدم جراحو القلب عادة عمليات المجازة القلبية لمساعدة المرضى على إطالة حياتهم.
وواقع الحال أن العلماء هذه الأيام نجحوا في استنبات أوعية تشبه الشرايين باستخدام الخلايا الجذعية المستمدة من ذات الشخص، إلا أن العلماء الاميركيون تحدثوا أخيرا عن نجاحهم في استنبات الشرايين من خلايا غير جذعية، ومن الخلايا العضلية بالضبط. واعلنت هذه النتائج العام الماضي من قبل فريق العمل الذي تترأسه لورا نيكلاسون من جامعة ديوك في دارام في نورث كارولينا. وكان هذا الفريق الأميركي نجح عام 1999 في استنبات شرايين الخنزير إلا أنها لم تكن ملائمة للشرايين البشرية بسبب سرعة تموت خلاياها.
وحسب معطيات الباحثين أنفسهم فقد عمدوا هذه المرة إلى استخدام «خدعة» مستمدة من الأبحاث السرطانية في ابتكارهم الجديد. ونجح هذا العمل المركب بين الاستنبات والبحث السرطاني في إنتاج خلايا بشرية سرمدية تقريبا. زرع الباحثون في البداية شريحة صغيرة جدا من الخلايا العضلية في انبوب مكرسكوبي دقيق لكنه مصنوع من مادة بوليمرية تتحلل لوحدها بعد فترة. وتشبة طبقات الانبوب وطبقة العضلات بنية جدران الشرايين البشرية تقريبا.
نقلوا بعدها الانبوب الصغير إلى مفاعل بيولوجي حيث جرى تزويد الخلايا العضلية بما تحتاجه من المواد الضرورية في أجواء تشبه أجواء نمو خلايا الجنين داخل الرحم. وبعد أسابيع ذاب الجدار الصناعي للانبوب وترك ما يشبه الشريان عمل العلماء على تزويده ببطانة من خلايا الاندوثيليوم ليحولونه إلى شريان أشبه بالحقيقي تماما.
ويقول الباحثون أن جدار الشريان الجديد يختلف عن بقية جدران الأوعية الدموية المستنبتة بطرق أخرى لأنهم زودوا خلاياه هذه المرة بجين النمو. ويعتبر هذا الجين أهم مكونات إنزيم يعمل على وقف موت الخلايا.وهذا يعني أن بإمكان هذه الخلايا أن تعيش لفترة غير محددة طالما وصلها ما يكفي من المواد المغذية.
ويواجه العلماء هنا ضرورة كبح نشاط جين النمو قبل زرع الشريان عند الإنسان بهدف قطع دابر النمو المتواصل والمشوه للشريان. كما ينبغي عليهم الآن الانتظار لفترة 12الى13 اسبوعا كي يصل نمو الشريان إلى الطول والسمك المطلوبين وهي فترة يرونها طويلة, ولا بد من تسريعها استجابة للطلب على الشرايين المزروعة مستقبلا. وتبقى أمام العلماء مهمة أخرى لا تقل أهمية وهي اختبار موقف الجسم البشري من الشريان المزروع وما إذا كان سيقاومه أو يرفضه.
وإذا كان عمل لورا نيكلاسون وفريقها قد تركز على طريقة استنبات شرايين القلب الضرورية بدلا من المجازة فإن فريقا آخر من العلماء الاميركيين يعمل على التصدي لأمراض الأوعية الدموية، وخصوصا تراكم التكلسات في جدرانها، عن طريق استخدم لقاح ما يحتوي على البروتين. وتحدث الباحثون في لوس انجليس عن نوع من العلاج الذي يضمن بقاء الأوعية خالية من التكلسات.
وتم تطوير هذا النوع من اللقاح في مركز سيدارس ـ سيناي في لوس انجليس. وجرب العلماء اللقاح حتى الآن على الفئران فقط وظهر من النتائج أنه أعان الفئران في تقليص عملية تراكم التكلسات نسبة 70%. ويتكون اللقاح من بروتين صناعي يتدخل في ميكانزم التراكم ويمنعه. ولا يتوقع العلماء أن ينتقلوا إلى تجريب اللقاح على الإنسان قريبا وسيركزون في البداية على معرفة أعراضه الجانبية الممكنة ومضاعفاته، هذا رغم أن التجارب على الفئران لم تتكشف عن مضاعفات تذكر حسب تقدير العلماء.