[frame="8 10"][CENTER]قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى {إني والجن والإنس في نبإ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي خيري إلى العباد نازل وشرهم إلى صاعد أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي ، من أقبل إلي تلقيته من بعيد ومن أعرض عني ناديته من قريب ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد ومن أراد رضاي أردت ما يريد ومن تصرف بحولي وقوتي ألنت له الحديد ، أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري أهل زيادتي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي إن تابوا إلي فأنا حبيبهم فإني أحب التوابين وأحب المتطهرين لم يتوبوا إلي فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب}{1}
من فضل الله علينا أنه جعل التوبة أقرب إلينا من أنفاسنا التي تتردد في أجسامنا فمهما فعل المرء وارتكب من الخطايا إذا رجع في أي نفس وقال يا ربَّ تبت إليك يقول في الحال وأنا قبلت لأنه عز وجل كما قال في قرآنه: {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222
بل قالَ الله تَبَارَكَ وتعَالى: {يا ابنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى ما كانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي ، يا ابنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَت ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي ، يا ابنَ آدَمَ إنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً}{2}
وقد جعل الله من فضله أياماً خصّصها للمغفرة ومن هذه الأيام يوم عاشوراء يوم العاشر من شهر الله المحرم فقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاء يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيةَ}{3}
إذا اهتم فيه الإنسان بالطاعات وصامه لله وقضى يومه في التوبة والإنابة لحضرة الله ولذلك فالحبيب صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يصوم هذا اليوم ويقول {يكفر الله به السنة التي قبلها}{4}
عمل سهل يسير وأجر كبير
ولما وجد اليهود يصومون هذا اليوم لأنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم واليوم الذي نجا الله فيه موسى ومن معه من فرعون وملأه فنادى وقال لأصحابه: خالفوا اليهود ، وقال كما أخبر حبر الأمة عبد الله بن عباس رضى الله عنهما : {لَئِنْ بَقِيتُ إِلَىٰ قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ والعاشر}{5}
فعليكم بصيام التاسع والعاشر ، واضرعوا فيه إلى الله وسلوا الله فيه مطلوبكم بصدق وقولوا جميعاً: تبنا إلى الله ورجعنا إلى الله وندمنا على ما فعلنا وعلى ما قلنا وعزمنا على أننا لا نعود إلى ذنب أبداً وبرئنا من شرور أنفسنا وسيئات أقوالنا وقبائح أعمالنا وكل شئ يخالف دين الإسلام والله على ما نقول وكيل والله على ما نقول شهيد
{1} رواه البيهقي والحاكم عن معاذ والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداءبإختلافات ونقصان أوزيادة ، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين لإبن القيم الجوزية
{2} سنن الترمذي عن أنس بن مالك
{3} رواه البيهقي في سننه عن أبي قتادة ورواه مسلم في صحيحه عن يحيي بن يحيي
{4} أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء، برقم 683
{5} رواه البيهقي في سننه وابن أبي الجعد في سننه عن ابن عباس